سنكسار اليوم التاسع من شهر هاتور المبارك
1. نياحة الأب القديس الأنبا إسحق
بابا الإسكندرية الحادي والأربعين.
2. اجتماع مجمع نيقية المقدس المسكوني.
1ـ في هذا اليوم من سنة 679 م تنيَّح الأب العظيم القديس الأنبا إسحق بابا الإسكندرية الحادي والأربعون.
قد وُلِدَ هذا الأب في البرلس من أبوين غنيين خائفين الله. رُزقا به بعد زمانٍ طويلٍ من زواجهما. ولمَّا قدَّماه إلى المعمودية رأى الأسقف الذي تولى عماده صليباً من نور على رأسه. فوضع يد الصبي على رأسه وتنبأ عليه قائلاً: أنه سيؤتمن على كنيسة الله. ثم قال لأبويه: اعتنيا به فإنه إناءٌ مختارٌ لله.
ولمَّا كبر قليلاً علَّماه الكتابة والآداب المسيحية والعلوم الكنسيَّة. وكان يُكثر من قراءة أخبار القديسين فتشبَّعت نفسه بسيرتهم الطاهرة، ومالت إلى الرهبنة. فترك أبويه وقصد برية القديس مكاريوس، وترهَّب عند الأنبا زكريا الإيغومانوس، وكان ملاك الرب قد سبق فأَعلَم الأب الشيخ بقدومه. فقبِلَهُ فرحاً وفي أحد الأيام رآه أحد الشيوخ القديسين في الكنيسة فتنبأ عليه قائلاً: سيؤتمن هذا على كنيسة المسيح.
وحدث أن طلب الأب البطريرك في ذلك الوقت راهباً ليكون كاتباً له وكاتمـاً لســره. فأثنـى الحاضـرون على هـذا الأب الفاضـل إســحق. فدعـاه وأعطاه كتاباً يكتبه. فأفسده عمداً حتى يُخلي الأب سبيله، لأنه كان زاهداً مجد الناس. فلما علم الأب بقصده قال له: حسناً كتبت فلا تبرح هذا المكان.
ولمَّا تيقَّن أن الأب البطريرك لن يُخلي سبيله، استخدم ما له من العلم والكتابة وظهرت فضائله. ففرح به البطريرك جداً، ولكن لشغفه بالوحدة، عاد بعد حين إلى البرية.
ولما دنت وفاة البابا يوحنا، طلب من السيد المسيح أن يُعرِّفَهُ بمن يجلس بعده على كرسي الكرازة. فقيل له في الرؤيا إنَّ تلميذك إسحق هو الذي يجلس بعدك. فأوصى الشعب عنه مُعلِناً بأن جلوس إسحق على الكرسي بعده هو أمر إلهي.
فلمَّا تبوأ هذا الأب على الكرسي المرقسي استضاءت الكنيسة وأخذ في تجديد كنائس كثيرة، منها كنيسة القديس مرقس الإنجيلي، والقلاية البطريركية، وقد قاسى شدائد كثيرة. وأقام على الكرسي ثلاث سنين ونصف سنة. تنيَّح بعدها بسلام.
صلاته تكون معنا. آمين.
2ـ وفي هذا اليوم أيضاً من سنة 325 ميلادية اجتمع الآباء الثلثمائة وثمانية عشر بمدينة نيقية في عهد مُلك قسطنطين المَلِك البار. وكان منهم رؤساء الأربعة كراسي، وهم: الأنبا الكسندروس بابا الإسكندرية التاسع عشر. وقد صحب معه أثناسيوس رئيس شمامسته وسكرتيره الخاص. واسطاسيوس أسقف أنطاكية. ومكاريوس أسقف أورشليم. أمَّا سيلفستروس أسقف رومية فإنه لكِبر سنه لم يحضر وأرسل اثنين من الكهنة نيابة عنه.
وكان سبب اجتماع المجمع هو محاكمة أريوس الذي كان قساً بالإسكندرية وجدَّف على ابن الله ربنا يسوع المسيح قائلاً: إنه لم يكن مسـاوياً لله أبيه في الجوهر. وإنه كان هناك وقتٌ لم يكن فيه الابن. فاستقر رأي رؤساء الكنيسة على عقد المجمع. وكان بين هؤلاء الآباء القديسين مَن هو في منزلة الرسل قادراً على إقامة الموتى، وإبراء الأسقام وعمل الآيات العظام. وفيهم من عُذِّب في سبيل الإيمان. ومنهم من سُملت عيناه، أو قُطِعت يداه ورجلاه، أو قُلعت أضراسه، أو كُسِّرت أسنانه، أو نُزِعت أظافره أو كُسِّرت أضلاعه. وكان من بينهم القديس المُجاهِد بفنوتيوس أُسقف الصعيد الذى عُذِّب كثيراً أيام دقلديانوس، إذ قَلعوا عينه اليُمنى وحرقوا لحم ساقه اليُسرى. وربطوه بالسلاسل وأخذوه إلى مقاطع الرخام. ولذلك دُعِيَ بالشهيد في الكهنة، وكان شيخاً قديساً محبوباً من الله والناس. وقد أجرى الله على يديه معجزات كثيرة حدثت بتوسلاته وصالح دعواته.
ولمَّا اجتمع الآباء جلسوا على الكراسى المُعدَّة لهم. ثم جاء الملك البار قسطنطين وسلَّم عليهم مبتدئاً بالقديس بفنوتيوس الأسقف إذ احترمه إحتراماً عظيماً حتى أنه قبَّل بإكرام أثار جراحه. ثم وضع أمامهم قضيب المُلك وسيفه قائلاً لهم : أن لكم هذا اليوم سُّلطان الكهنوت والمملكة لتحِلُّوا وتربطوا كما قال السيِّد. فمَن أردتم نفيه أو إبقاءه فلكم ذلك.
وحدث أن كثيرين من الذين أنار الروح القدس عقولهم، كانوا يعِدُّون المُجتمعين فيجدونهم ثلثمائة وتسعة عشر أُسقفاً، وإذ عدُّوا الكراسي المنظورة يجدونها ثلثمائة وثمانية عشر. وبذلك تم قول السيِّد المسيح :" لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثةٌ باسمي فهُناكَ أكونَ في وسطهم ". (1)
واستحضروا أريوس وطلبوا منه اقراره بالإيمان. فجدّف وقال: كان الآب حيـث لم يـكن الابن. فلمَّا أفهمـوه ضلاله ولم يرجع عن رأيه، حَرَمُوه هو ومن يشـاركه رأيه واعتقاد. ثم وضعوا دسـتور الإيمان المسـيحي وهـذا نصَّهُ:
1ـ نؤمن بإله واحد الله الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، ما يُري وما لا يُرى.
2ـ ونؤمن بربٍّ واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حقّ من إله حقّ، مولود غير مخلوق،
مساو للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء.
3ـ هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسَّد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس.
4ـ وصُلِب عنَّا على عهد بيلاطس البنطي، تألم وقبر.
5ـ وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب.
6ـ وصعد إلىالسموات وجلس عن يمين الآب.
7ـ وأيضاً يأتي في مجده ليَدين الأحياء والأموات، الذي ليس لمُلكه انقضاء.
وبعد ذلك لمَّا اجتمع مجمع المائة والخمسين بمدينة القسطنطينية لمحاكمة مقدونيوس عدو الروح القدس، كمَّلوا بقية هذا الدستور فقالوا:
8ـ نعم نؤمن بالروح القدس، الرب المُحيي المُنبثق من الآب، نسجُد له ونُمجِّده مع الآب والابن، الناطق في الأنبياء.
9ـ وبكنيسة واحدة مُقدَّسة جامعة رسولية.
10ـ ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا.
11ـ وننتظر قيامة الأموات.
12ـ وحياة الدهر الآتي.
ومنعوا من أن يُزاد عليه أو يُنقص منه، وأمروا كافة المؤمنين بقراءته: كهنةً وشعباً وشيوخاً وصبياناً ونساءً ورجالاً. وأن يُتلى في القداسات والصلوات.
وبعدما حرم آباء مجمع نيقية أريوس وأبعدوه عن الكنيسة ووضعوا دستور الإيمان، أصدروا قرارات أُخرى فيما يلي:
أولاً: فيما يختص فيما بميليتس أُسقف أسيوط الذي قاوم رئيسه القديس بطرس الشهيد البابا الإسكندري. فقد قرر المجمع حقوق بطريرك الإسكندرية على مرءوسيه في القوانين 5 و6 و7.
ثانياً: حسم النزاع الذي كان بين أساقفة أفريقيا وآسيا الصغرى، وبين أسقف رومية حول معمودية الهراطقة. فقرر أن المعمودية التي يُجريها الهراطقة باطلة، بخلاف ما كان يراه أُسقف رومية وأتباعه.
ثالثاً: حدد يوم عيد القيامة إذ قرر أن يكون يوم الأحد الذي يلي البدر حيث يكون فيه فصح اليهود، حتى لا يُعيِّدوا قبل اليهود أو معهم وأناطوا بابا الإسكندرية في تبليغ جميع الكنائس عن اليوم الذي يقع فيه العيد، وذلك لشهرة بطاركة الإسكندرية بسعة العلم والدقة في حساب المواقيت. وثبَّتوا الكنيسة. وأقاموا منار الدين. ثم انصرفوا إلى كراسيهم.
بركة صلواتهم تكون معنا. ولربنا المجد دائماً أبدياً. آمين.