الجمعة 25 من شهر يناير سنة 2013 م
أحسن الله إنقضاءه وأعاده علينا وعليكم وانتم فى هدوء واطمئنان
مغفوري الخطايا والآثام ، من قبل مراحم الرّب ترحمني وترحمكم
يا آبائي وأخوتي ، آمين
نياحة القديس دوماديوس أخى مكسيموس
( 17 طــوبة)
في هذا اليوم تذكار القديسين الجليلين مكسيموس وأخيه دوماديوس . وكان
أبوهما "الندينيانوس" ملك الروم رجلا خائف الله قويم المعتقد ، فرزقه هذين
القديسين. وكانا منذ صغرهما مثل الملائكة قي الطهر والقداسة ، ملازمين
الصلاة ومطالعة الكتب المقدسة . ولما تحقق لهما زوال هذا العالم وكل مجده ،
قررا تركه وعزما علي العيشة الرهبانية . فطلبا من أبيهما ان يسمح لهما
بالذهاب إلى مدينة نيقية ، ليصليا في مكان اجتماع المجمع المقدس المسكوني
الاول ، الذي انعقد سنة 325 م ، ففرح أبوهما وأرسل معهما حاشية من الجند
والخدم كعادة أولاد الملوك . ولما وصلا أمرا الجند ان يرجعوا إلى أبيهما
ويقولوا له انهما يريدان ان يمكثا هناك أياما . ثم كشفا أفكارهما لأحد
الرهبان القديسين من انهما يريدان لباس الإسكيم المقدس . فلم يوافقهما علي
ذلك خوفا من أبيهما ، وأشار عليهما ان يذهبا إليه وظلا عنده حتى تنيح .
وكان قبل نياحته قد البسهما شكل الرهبنة ، وعرفهما بأنه رأي في رؤيا الليل
القديس مقاريوس وهو يقول له أوص ولديك ان يأتيا إلى بعد نياحتك ويصيرا لي
بنينا . ثم قال لهما : أنني كنت اشتهي ان انظر هذا القديس بالجسد ، ولكنني
قد رايته بالروح . فبعد نياحتي امضيا إليه بسلام . وقد انعم الله عليهما
بموهبة شفاء المرضي ، وشاع ذكرهما في تلك البلاد وخصوصا بين التجار
والمسافرين ، وتعلما صناعة شراع ( قلوع ) السفن. فكانا يقتاتان بثمن ما
يبيعان منها ويتصدقان علي الفقراء والمساكين بما يفضل عنهما . وذات يوم رأي
أحد حجاب أبيهما شراع إحدى السفن مكتوبا عليه " مكسيموس ودوماديوس " ،
فاستفسر من صاحب السفينة فقال له : هذا اسم أخوين راهبين ، كتبته علي
سفينتي تبركا ، لكي ينجح الله تجارتي . ثم أوضح له أوصافهما بقوله ، ان
أحدهما قد تكاملت لحيته والأخر لم يلتح بعد ، فعرفهما الحاجب واخذ الرجل
وأحضره أمام الملك . ولما تحقق منه الأمر أرسل إليهما والدتهما والأميرة
أختهما . فلما تقابلتا بالقديسين وعرفتاهما بكتا كثيرا . ورغبت أمهما ان
يعودا معها فلم يقبلا، وطيبا قلب والدتهما وأختهما . وبعد ذلك بقليل تنيح
بطريرك رومية ، فتذكروا القديس مكسيموس ليقيموه بدلا عنه . ففرح والده بذلك
. ولما وصل هذا الخبر إلى القديس مكسيموس وأخيه ، تذكرا وصية أبيهما
الانبا أغابيوس ، فغير الاثنان شكلهما ، وقصدا طريق البحر الأبيض. وكانا
إذا عطشا يبدل الله لهما الماء المالح بماء عذب، وتعبا كثيرا من السير حتى
أدمت أرجلهما، فناما علي الجبل وقد أعياهما التعب ، فأرسل الله لهما قوة
حملتهما إلى برية الاسقيط ، حيث القديس مقاريوس، وعرفاه انهما يريدان
السكني عنده . ولما أراهما من ذوي التنعم ، ظن انهما لا يستطيعان الإقامة
في البرية لشظف العيشة فيها . فأجاباه قائلين : ان كنا لا نقدر يا أبانا
فأننا نعود إلى حيث جئنا . فعلمهما ضفر الخوص ثم عاونهما في بناء مغارة
لهما . وعرفهما بمن يبيع لهما عمل أيديهما ويأتيهما بالخبز . فأقاما علي
هذه الحال ثلاث سنوات ، لم يجتمعا بأحد ، وكانا يدخلان الكنيسة لتناول
الأسرار الإلهية وهما صامتين ، فتعجب القديس مقاريوس لانقطاعهما عنه كل هذه
المدة ، وصلي طالبا من الله ان يكشف له أمرهما وجاء إلى مغارتهما حيث بات
تلك الليلة . فلما استيقظ في نصف الليل كعادته للصلاة ، رأي القديسين
قائمين يصليان ، وشعاع من النور صاعدا من أفواهها إلى السماء ، والشياطين
حولهما مثل الذباب ، وملاك الرب يطردهم عنهما بسيف من نار . فلما كان الغد
البسهما الإسكيم المقدس وانصرف قائلا : صليا عني فضربا له مطانية وهما
صامتين . ولما اكملا سعيهما وأراد الرب ان ينقلهما من أحزان هذا العالم
الزائل . مرض القديس مكسيموس فأرسل إلى القديس مقاريوس يرجوه الحضور . فلما
أتي إليه وجده محموما فعزاه وطيب قلبه . وتطلع القديس مقاريوس وإذا جماعة
من الأنبياء والقديسين ويوحنا المعمدان وقسطنطين الملك جميعهم قائمين حول
القديس إلى ان اسلم روحه الطاهرة بمجد وكرامة . فبكي القديس مقاريوس وقال :
طوباك يا مكسيموس . أما القديس دوماديوس فكان يبكي بكاء مرا ، وسال القديس
مقاريوس ان يطلب عنه إلى السيد المسيح لكي يلحقه بأخيه . وبعد ثلاثة ايام
مرض هو ايضا ، وعلم القديس مقاريوس فذهب إليه لزيارته . فيما هو في طرقه
رأي جماعة القديسين الذين كانوا قد حملوا نفس أخيه ، حاملين نفس القديس
دوماديوس وصاعدين بها إلى السماء . فلما آتي إلى المغارة وجده قد تنيح ،
فوضعه مع أخيه الذي كانت نياحته في الرابع عشر من هذا الشهر . وأمر ان يدعي
الدير علي اسمهما فدعي دير البراموس نسبة إليهما ، وهكذا يدعي إلى اليوم .
صلاتهما تكون معنا امين .
وفى هذا اليوم أيضـــا
نياحة القديس الأنبا يوساب الأبح أسقف جرجا
( 17 طــوبة)
في مثل هذا اليوم من سنة 1826 م تنيح الاب العالم الجليل الانبا يوساب ،
أسقف جرجا وأخميم المعروف بالابح . وقد ولد ببلدة النخيلة من أبوين غنيين
محبين للفقراء . ولما بلغ من العمر 25 عاما أراد والداه ان يزوجاه فلم يقبل
، ولميله إلى الحياة الرهبانية قصد عزبة دير القديس أنطونيوس ببلدة بوش .
وأقام هناك مدة ظهر فيها تواضعه وتقواه ، الأمر الذي جعل رئيس الدير يوافق
علي إرساله إلى الدير . ولما وصل استقبله الرهبان فرحين نظرا لما سمعوه عنه
من الفضيلة التي تحلي بها ، وعن كثرة بحثه وتأملاته في الأسفار المقدسة ،
وبعد قليل البسوه ثياب الرهبنة . ولما وصل خبره إلى الاب البطريرك الانبا
يوحنا السابع بعد المائة ، استدعاه وأبقاه لديه ، وإذ تحقق ما كان يسمعه
عنه من التقوى والعلم ، دعا الأباء الأساقفة وتشاور معهم علي إقامته أسقفا
علي كرسي جرجا . أما هو فاعتذر عن قبول هذا المنصب لكثرة أعبائه ، فرسموه
رغما عنه . ولما وصل إلى مقر كرسيه ، وجد شعبه وقد اختلط به الهراطقة ،
فسعي في لم شمله ، وبني له كنيسة واجتهد في تعليمه ، ورد الضالين ، وهداية
كثيرين من الهراطقة . ووضع عده مقالات عن تجسد السيد المسيح ، وفسر كثيرا
من المعضلات الدينية ، والآيات الكتابية ، وحث شعبه علي أبطال العادات
المستهجنة ، التي كانت تجري أثناء الصلاة في الكنيسة وخارجها. كما افلح في
إبطال المشاجرات والمخاصمات التي كانت تحدث من المعاندين للحق . وكان رحوما
علي الفقراء ، ولم يكن يأخذ بالوجوه ، ولم يحاب في القضاء ، ولم يقبل رشوة
. أما ما كان يتبقى لديه فكان يرسله إلى الاخوة الرهبان بالأديرة ، ولم
يكن يملك شيئا إلا ما يكسو به جسده ، وما يكفي لحاجته. ولم ينطق بغير الحق ،
ولم يخش باس حاكم ، ورعي شعبه احسن رعاية . ولما أراد الله انتقاله من هذا
العالم ، مرض عدة ايام ، فضي بعضها بكرسيه والبعض الأخر بقلاية الاب
البطريرك الانبا بطرس التاسع بعد المائة ، ثم توجه إلى ديره بالبرية ، ففرح
به الرهبان وهناك انتهت حياته المباركة ، واسلم روحه الطاهرة بيد الرب
الذي احبه . وكانت مدة حياته إحدى وتسعين سنة . منها خمس وعشرون قبل
الرهبنة ، وإحدى وثلاثون بالدير وخمس وثلاثون بكرسي الأسقفية .
صلاته تكون معنا
ولربنا المجد دائما ابديا امين .