المقدمة
رساله يعقوب من الكاثيلكون
تلقب الكنيسة الرسائل السبع (يعقوب / رسالتى بطرس / رسائل يوحنا الثلاث / يهوذا) بالرسائل الجامعة (الكاثوليكون) أى أن الرسائل موجهة لكل المسيحيين فى كل مكان.
وذلك غالباً لأنها لم تكتب لشخص معين أو كنيسة معينة أو مدينة معينة (كما هو الحال فى رسائل بولس الرسول) وذلك بإستثناء رسالتى يوحنا الثانية والثالثة، ولكن لصغرها يمكن إعتبارها إمتداداً للرسالة الأولى، خاصة وأنهما يحملان نفس الطابع والأسلوب. ولقد سميت الرسائل السبعة هذه بإسم رسائل الكاثوليكون منذ القرون الأولى.
*يلاحظ أن هناك تشابهاً بين الرسائل وبعضها وعلى وجه الخصوص :-
أ)رسالة بطرس الأولى ويعقوب.
ب)رسالة بطرس الثانية ويهوذا.
ت)بين رسائل يوحنا الثلاث.
*فى كل قداس،وفى كثير من الصلوات يقرأ فصل من رسائل البولس وفصل من الكاثوليكون.
من هو يعقوب كاتب الرسالة ؟
ورد فى العهد الجديد 3 أشخاص باسم يعقوب.
1. يعقوب بن زبدى :- (مت 10 : 2) وهو أحد الإثنى عشر تلميذاً، وهو أخو يوحنا الإنجيلى. ولا يمكن أن يكون هو كاتب الرسالة، إذ قتله هيرودس أغريباس سنة 44 م (أع 12 : 1). وحتى ذلك الوقت لم تكن قد تأسست الكنائس المسيحية بشكل يسمح بكتابة رسائل لها، ولا كان قد حدث التشتيت الذى ذكره الكاتب، ولا ظهرت البدع التى أوردها.
2.يعقوب بن حلفى :- (مت 10 : 3) وهو من الإثنى عشر.
3.يعقوب أخو الرب :- (غل 1 : 19) أى ابن خالته. وهو كاتب الرسالة.
وهناك أبحاث كثيرة لتحقيق ما إذا كان يعقوب بن حلفى هو نفسه أخو الرب.
اذه فكاتب الرساله هو اما ان يكون يعقوب اخو الرب او ابن حلفى وهناك احتمالات ان يكون الاتنين واحد .
من هو يعقوب أخو الرب؟
1.ذكر يوحنا فى (يو 7 : 5) "أن إخوته أيضاً لم يكونوا يؤمنون به"، وربما كان يعقوب أخو الرب من غير المؤمنين بالمسيح فى أثناء فترة خدمة المسيح على الأرض، ثم آمن به بعد القيامة. أو أنه لم يكن يؤمن به فى بداية خدمته ثم آمن به.
2.ظهر له المسيح بعد القيامة (1 كو 15 : 7) + (أع 10 : 41).
3.رسم أسقفاً على أورشليم وبقى فيها حتى يوم إستشهاده.
4. وضع قداساً لا زال الأرمن يصلون به حتى الآن.
5.كان نذيراً من بطن أمه، فكان لا يشرب خمراً ولا مسكراً ولا يحلق شعره، ويقتات بالبقول. ودعى بيعقوب البار إذ كان محباً للعبادة.
6.من كثرة ركوعه للصلاة كانت ركبتاه كركبتى جمل.
7.كان اليهود فى بداية الأمر يهابونه جداً ويتهافتون على لمس ثيابه. وفى أحد المرات جاءوا به إلى جناح الهيكل لكى يشهد ضد المسيح فقال لهم "إن يسوع الآن جالس فى الأعالى عن يمين الآب، وسيدين الناس". فلما سمعوه يقول هذا صرخ البعض قائلين "أوصنا لإبن داود". فحنق عليه الكتبة والفريسيون، وثاروا ضده وهم يقولون "لقد ضل البار". ثم طرحوه من فوق إلى أسفل. أما هوإذ وقع إنتصب على ركبتيه طالباً الغفران لهم فأسرعوا برجمه، ثم أتى صباغ وضربه بمدقة على رأسه فإستشهد للحال نحو سنة 62 م. ودفن فى موضع إستشهاده بالقرب من الهيكل. ويقول المؤرخ يوسيفوس أن من أسباب خراب أورشليم أن أهلها قتلوا يعقوب البار فنزل عليهم غضب الله.
8.فى حوالى سنة 52 م رأس المجمع الأول فى أورشليم بخصوص دخول الأمم للإيمان. وقد أعلن القديس يعقوب قرار المجمع (أع 15).
9.دعاه بولس الرسول أحد أعمدة الكنيسة، وذكره قبل بطرس ويوحنا (غل 2 : 9).
10.طالما أنه لم يغادر أورشليم فقد كتب الرسالة من أورشليم.
فعلا شخصيه يظهر انها كانت عظيمه جدا وكمان هندوق اللزه فى رسالته الموحاه.
زمن كتابة الرسالة
كتبت فى وقت إضطهاد اليهود للكنيسة (أع 4 : 1 + 5 : 17). وقبل الإضطهاد الرومانى أيام دومتيان وتراجان.
وكتبت قبل تشتيت اليهود عقب سقوط أورشليم. لذلك يرجح البعض أنها كتبت سنة 60 أو سنة 61 م فى الوقت الذى إنتشرت فيه الضلالات التى فندها الرسول فى هذه الرسالة.
لمن كتبت الرسالة
كتبت إلى " الإثنى عشر سبطاً الذين فى الشتات " فمن هم هؤلاء الذين فى الشتات ؟
1- اليهود الذين فى الشتات
هؤلاء اليهود الذين فى الشتات هم الذين تشتتوا بعد سبى بابل. وهؤلاء عاشوا فى أماكنهم وصارت لهم مجامع (يصلون فيها ويقرأون التوراة فقط ولكن الذبائح كانت لا تقدم سوى فى هيكل أورشليم، لذلك كانوا يذهبون إلى أورشليم فى الأعياد والمواسم).
وكانت هذه المجامع هى التى يبدأ منها الرسل وتلاميذ المسيح كرازتهم فى البلاد التى يذهبون للكرازة فيها مثل بولس الرسول (راجع سفر الأعمال).
ولكن لماذا يكتب يعقوب لليهود. كان المسيحيون فى أوائل عهدهم يشعرون أنهم إمتداد لليهودية، مجرد طريق جديد أو طائفة جديدة أو شيعة من شيع اليهود، طائفة مستنيرة عرفت المسيح. وكانوا فى أوائل عهدهم بعد حلول الروح القدس عليهم يذهبون إلى الهيكل للصلاة، ويعيشون وسط اليهود معتبرين أنهم منهم أو إمتداد لهم حتى حدث الإضطهاد اليهودى لهم وبدأ الإنفصال. وبهذا الفكر فيعقوب ربما كتب لليهود الذين يشعر أنهم من دمه وعظامه لعلهم يؤمنون بالمسيح، وهو يعتبرهم أنهم فى طريقهم ليعرفوا الحقيقة كما عرفها هو.
ومن المعروف أن الهيئات اليهودية التى كانت مبعثرة فى دول حوض البحر المتوسط هى التى عرفت بالشتات.
2- المسيحيين من أصل يهودى
من المؤكد أن يعقوب قصد المسيحيين الذين من أصل يهودى برسالته هذه. ولذلك نجده يلجأ للإستعانة بشواهد من العهد القديم (إيليا وأيوب، بل فى بعض النصوص هناك تشابه مع أسفار الحكمة وإبن سيراخ من الأسفار القانونية الثانية) والمسيحيين الذين آمنوا من اليهود تشتتوا هم أيضاً نتيجة رفض اليهود لهم.
والله إستغل هذا التشتيت فى إنتشار المسيحيية وإمتداد الكرازة. ونلاحظ أن هناك من اليهود الذين أتوا يوم الخمسين وآمنوا عادوا إلى موطنهم وصاروا مسيحيو الشتات.
3- إلى المسيحية واليهود
مادام يعقوب يفهم أن المسيحية هى إمتداد لليهودية، فهو حين يكتب لا يفكر هو لمن يكتب، ففى نظره أنهم واحد. والحقيقة هى كذلك فلا يوجد دين إسمه اليهودية ودين آخر إسمه المسيحية، بل إن اليهودية كانت الرموز والمسيحية هى المرموز إليه. المسيحية هى تكميل لليهودية "ماجئت لأنقض الناموس بل لأكمل" فالله لا يناقض نفسه. شعب الله بدأ باليهودية (الأسباط الإثنى عشر رمز لليهودية أو لبداية الكنيسة، ونقول رمز لأن إبراهيم وإسحق ويعقوب وأيوب لم يكونوا من الأسباط الإثنى عشر، لكنهم كانوا من شعب الله)، وإستمر شعب الله فى المسيحية، وكل من لم يؤمن بالمسيح من اليهود خرجوا من جسد الكنيسة، خرجوا من كونهم شعب الله. ويطلق بولس الرسول على شعب الله فى العهدين لقب إسرائيل الله (غل 6: 16).
وعموماً فالمسيحيون الأن هم فى الشتات فى هذا العالم، غرباء فيه، بعيدون عن موطنهم السماوى.
غاية الرسالة
1- تشجيع المسيحيون ليحتملوا الضيق والأضطهاد الذى يعانون منه على يد اليهود، والكشف عن مفهوم الألم والتجارب فى ضوء صليب الرب المتألم.
2- تشجيعهم على الثبات فى الإيمان بالرب إيماناً عملياً.
3- توضيح مفهوم الإيمان الحى وإرتباطه بالأعمال، والرد على الهرطقات التى ظهرت فى ذلك الوقت قائلة أن الإيمان والنعمة كافيين للخلاص بدون أعمال، أو أنه لا أهمية للأعمال. وشرح الرسول أن المسيحى المؤمن عليه واجبات، وأن ما يُظهر الإيمان الحقيقى هو الأعمال الصالحة. وغالباً كان رد الرسول هنا فى هذه النقطة رداً على هرطقات ظهرت نتيجة فهم خاطئ لرسالة بولس الرسول لأهل رومية.
4- إظهار خطورة بعض الخطايا التى يظنها البعض تافهة.