- وكان آدم وحواء إجتماعيين، يتعاونان معاً..
حينما كان آدم وحده في
الجنة، وجد التعاون والألفة بين جميع حيوانات الأرض " وأما لنفسه، فلم يجد
معيناً نظيره" (تك 2: 21). وصعد هذا الإشتياق، أو هذا الإحتياج إلى الله "
فأرقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام. فاخذا واحدة من أضلاعه، وملأ مكانها
لحماً. وبنى الرب الإله الضلع التي آخذها من آدم إمراة، وأحضرها إلى آدم" (
تك 2: 21، 22).
وشعر آدم بهذه الرابطة القوية التي تربطه بحواء، إنها جزء منه، بينهما
رابطة دم ولحم وعظم. " فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامى، لحم من لحمى. هذه
تدعى إمرأة، لأنها من إمرء أخذت" (تك 2: 23).
ونحن نعجب من هذه المعرفة التى كان لآدم:
* كيف عرف أن حواء، قد أخذت من لحمه ومن عظامه، بينما كان في سبات..؟! هل
أخبره الله بما حدث، في ظل علاقة المحبة بينه وبين الله؟ أم كان هذا اللون
من المعرفة، من ضمن مواهبه في ذلك الوقت، الذي خلق فيه بوضع فائق
للطبيعة..؟!
* كما أننا نعجب بأدم إذ أنه أعطى حواء إسماً له دلالة وله عمق، فسماها إمرأة، أنها من إمرء أخذت.
وفيما بعد.. بعد الخطية، حينما ولدت إمراته إبناً، أعطاها إسماً آخر: "ودعا
آدم إسم إمراته حواء، لأنها أم كل حى" (تك 3: 20). إنها حكمة إتصف بها آدم
في إطلاق الأسماء. ولعله إستخدام هذه الحكمة ذاتها في تسمية الحيوانات
والطيور وكل ذوات الأنفس الحية.
ليت أحد المتخصصين في علوم اللغات، يبحث مع بعض المتخصصين في علوم الحيوان،
السر الذي يكمن وراء أسماء الحيوانات، والحكمة التي بها أطلق آدم كل إسم
على صاحبة..
* كان آدم أيضاً يعمل في الجنة ويحفظها (تك 3: 15). فمن أين أوتى آدم هذه
المعرفة بشئون كل النباتات الموجودة في الجنة، أتراه أيضاً لون من الكشف
الإلهى، أو كانت معرفة آدم من نوع فائق لمعرفتنا؟!
7-وقد خلق آدم وحواء بعد أن أعد الله لهما كل شئ.
خلقهما في اليوم
السادس، كقمة لمخلوقاته كلها. وخلقهما بعد أن خلق من أجلهما كل شئ كما في
القداس الغريغورى. من أجلهما أعد السماء لهما سقفاً، ومهد لهما الأرض كى
يمشيا عليها . رتب لهما قوانين الفلك، ووضع لهما الشمس لضياء النهار، القمر
لإضاءة الليل . ونظم لهما الطبيعة وأجواءها، وخلق لهما النبات لطعامهما، والحيوانات لخدمتهما. وأخيراً خلقهما، ليتمتعا بهذه الطبيعة كلها.
وعندما تنتهى فترة إقامة البشرية على الأرض، ويأتى الرب على السحاب، ليأخذ
باقى البشر، ويسكن الإنسان فى الأبدية، حينئذ سيزول هذه الأرض وهذه السماء
اللتان خلقهما الله، لراحة الإنسان ههنا. إذ سيزوا غرضهما بإنتقال الإنسان
إلى جوار الله في أورشليم السمائية.
ما أعظم قيمة هذا الإنسان، الذي من أجله خلق الله كل شئ. آدم صورة الله،
أعظم كائن على الأرض في أيامه، نائب الله، المسلط منه على كل الخليقة
الأرضية..
8-وكان آدم وحواء سعيدين، يعيشان في جنه:
خلق الله جنه جميلة،
لكى يحيا فيها هذا الإنسان سعيداً " غرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً.
ووضع هناك آدم الذي جبله" (تك 2: 8). ويشرح سفر التكوين بعض تفاصيل هذه
الجنة، فيقول "وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل،
وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يخرج من عدن
ليسقى الجنة" (تك 2: 9، 10).
كان آدم سعيداً هو وحواء داخل الجنة. لم يكن هناك ما ينقصهما، ولم يكن هناك
ما يعكر صفوهما كان كل شئ حولهما جميلاً وعاشا في اليوم السابع، اليوم
قدسه الرب، واتخذه للراحة، له وهما.
وهذه الطبيعة الجميلة الهادئة النقية التي خلقها الله لآدم وحواء، يقول عنها الكتاب " ورأى الله كل ما عمله، فإذا هو حسن جداً" (تك 1: 31).