ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: كيف أن المسيح يسأل ؟ : لقداسة البابا شنودة الثالث الأحد مايو 20, 2012 9:54 am | |
| كيف أن المسيح يسأل ؟
سؤال:
هل يتفق مع لاهوت المسيح، أنه يسأل ليحصل على معلومات؟!
+ فعندما أقام لعازر من الموت، سأل "أين وضعتموه"؟ (يو11: 34).
+ وفى معجزة إشباع الجموع، سأل "كم رغيفاً عندكم"؟ (مر6: 38).
+ وفى معجزة شفاء المرأة نازفة الدم، سأل قائلاً "من الذى لمسنى"؟ (لو8: 45).
+ كذلك سأل التلاميذ "من يقول الناس إنى أنا..؟ وأنتم من تقولون إنى أنا؟" (مت16: 13، 15).
وأسئلة أخرى كثيرة من هذا النوع.. وقد فسّر البعض ذلك، بأنه كإنسان لم يكن عارفاً بكل شئ. لأن المعرفة بكل شئ ليست من اختصاص البشر. فهل هذا التفسير صحيح؟.
الجواب:
كلا، فليس كل سؤال بقصد طلب المعرفة. إن الله فى العهد القديم سأل قايين "أين هابيل أخوك؟" (تك4: 9) ولم يكن قصده أن يعرف أين هابيل. بدليل أنه قال لقايين بعد ذلك (حينما أنكر): "صوت دم أخيك صارخ إلىّ من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك" (تك4: 10، 11). وبنفس الوضع سأل الرب آدم قائلاً "أين أنت؟" هل أكلت من الشجرة التى أوصيتك أن لا تأكل منها"؟ (تك3: 9، 11). ولم يكن قصد الرب من السؤال أن يعرف.. إنما بالسؤال أعطى لآدم فرصة أن يعترف بما فعله. وفى علم البيان – فى أدب اللغة – كثيراً ما يخرج الإستفهام من معناه الأصلى إلى معان أخرى كثيرة: فمثلاً حينما يقول الشاعر مستهيناً بمن هدده:
فّدّع الوعيدّ فما وعيدك ضائرى أطنين أجنحة الذباب يضيرُ
قطعاً هو لا يقصد أن يسأل: هل طنين أجنحة الذباب يمكنه أن يضر أحداً؟! بل المقصود بالإستفهام هنا التحقير والازدراء.
+ وكذلك حينما يقول الشاعر معتزاً بنسبه:
وأبى كسرى علا أيوانه أين فى الناس أب" مثل أبى
هو لا يقصد بلا شك إجابة عن سؤاله (أين؟)، إنما يقصد بالسؤال الإفتخار، وأنه لا يجد من يماثل أباه فى العظمة. وعلى هذا النحو، كان السيد المسيح يسأل وهو يعرف ! ولم يكن مطلقاً يسأل لكى يعرف!
+ فحينما قال عن جسد لعازر المدفون "أين وضعتموه؟"، لم يكن يقصد معرفة مكان القبر. فالذى كان يعرف مكان روح لعازر التى فارقت جسده، ويعرف أن يأمرها بالرجوع إلى جسدها فترجع.. أكثير عليه أن يعرف أين دفنوا الجسد؟! بل المقصود بسؤاله: هيا بنا إلى المكان الذى فيه وضعتم الجسد.. وهذا هو الذى حدث بعد سؤاله. وحينما قال لتلاميذه: من يقول الناس إنى أنا؟ إنما كان يريد أن يفتح معهم هذا الموضوع، لكى يخبروا بما فى قلوبهم وأفكارهم. ويقودهم إلى الإيمان السليم ويطوبهم عليه.. لأن السيد المسيح بلا شك، كان يعرف ما يقوله الناس عنه. ومن غير المعقول أن تكون معرفته أقل من معرفة تلاميذه! فيسأل تلاميذه ليعرف منهم! وإن كان يعرف ما يدور فى أفكار الناس.. كما عرف ما دار فى أفكار الكتبة، حينما قال للمفلوج "مغفورة لك خطاياك" (مر2: 5- 8).. وإن كان قد عرف ما كان يجول فى نفس سمعان الفريسى، لما وقفت الخاطئة عند قدمى الرب باكية، وبدأت تبل قدميه بالدموع وتمسحهما بشعر رأسها (لو7: 38- 40).. أفكثير عليه أن يعرف ما يقوله الناس بألسنتهم؟! ولكنه سأل – لا لكى يعرف – إنما لكى يصل بتلاميذه إلى حقيقة الإيمان به..
+ وفى معجزة إشباع الجموع، لما سأل ماذا عندهم من الخبز؟ لم يكن يقصد أن يعرف، إنما قصد إعلان ذلك القليل الموجود عندهم (خمس خبزات).. لكى تثبت عند الناس مقدار البركة التى حلّت. لأنه لو لم يُعرف ما عندهم، ربما ظن البعض أن عندهم مؤن كثيرة مخزونة، منها قد أخذوا ما أشبع الجموع وما تبقى. وعندما سأل: من لمسنى؟ (لو8: 45). كان يريد أن يشرح للناس أن قوة قد خرجت منه لتشفى المرأة. وبسؤاله "جاءت المرأة مرتعدة، وخرّت أمامه وأخبرته قدام الجميع لأى سبب لمسته، وكيف برئت فى الحال" (لو8: 47). | |
|