يتساءل البعض فى بعض المنتديات
إن كانت المعمودية شرط لنكون مستحقين الخلاص الموهوب على عود الصليب،
فكيف خلص اللص اليمين بدون معمودية؟
و للإجابة أقول:
بالنسبة لخلاص اللص اليمين فكنيستنا تسلمه لنا فى طقس الجمعة العظيمة عند قراءة أمانة اللص اليمين إذ نقول:
من رأى لصاً آمن بملك مثل هذا اللص؟!
أيها اللص الطوباوى،
ماذا رأيت و ماذا أبصرت
حتى إعترفت بالمسيح المصلوب بالجسد؟!
ما رأيت المسيح الإله متجلياً على طور طابور
فى مجد أبيه،
بل رأيته معلقاً على الاقرانيون.
التلميذ أنكر، و اللص صرخ قائلاً:
أذكرنى يا رب متى جئت فى ملكوتك ...
من هنا نرى عدة أشياء ميزت إيمان اللص عن غيره
إذ إنه لم يؤمن بالسيد المسيح صانع المعجزات، و لا مشبع الجموع، ولا من أقام الميت، ولا من أخرج الشياطين، و لا بالسيد المسيح المعلم فى المجامع و على جبل الموعظة، و لا بالسيد المسيح المتجلى على الجبل.
بل
إن اللص آمن فى وقت كان يسخر فيه رؤساء الكتبة و الفريسيين من السيح المسيح قائلين:
خلص آخرين و أما نفسه فلم يقدر أن يخلصها
(مت 27: 42).
لقد آمن اللص اليمين بشخص مصلوب كله جراحات من أعلى رأسه إلى إخمص القدمين.
لقد آمن بشخص يبدو لمن حوله كمن لا حول له و لا قوة.
و لكنه آمن حينما أبصر إضطراب الطبيعة كلها من أجل هذا المصلوب بالجسد،
لقد آمن لأسباب لا نعرفها
و لكن فى ظروف كلنا يعرفها و يعرف أن التلاميذ هربوا،
و أن بطرس أنكر معلمه،
و أن يهوذا الاسخريوطى خان سيده.
لذلك فاللص اليمين حالة فريدة فى الايمان،
و حالة صعب أن تتكرر.
من الطبيعى أن أؤمن بالله فى قوته،
من الطبيعى أن أعلن إيمانى حينما أرى قوة الله و مجده.
أما أن أؤمن بالله الظاهر فى الجسد و هو فى أضعف صورة له حسب الناسوت
فهذا إيمان معجزى لا يتكرر.
و إن كان بولس الرسول قد قال
"لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها بموته"
(في 3: 10)
فاللص اليمين طبق هذه الآية حرفياً إذ إنه كان مصلوباً بالفعل مع السيد المسيح، و لقد شاركه آلامه.
و من حيث المعمودية
فلقد كانت معمودية اللص اليمين فى دمه كما كانت معمودية الكثير من الشهداء الذى استشهدوا حينما رأوا معجزات تحدث أثناء عذابات الشهداء المسيحيين
فكان الأباطرة و الولاة
يأمرون بأن تؤخذ رؤوسهم أجمعين ساعة إيمانهم كما نقرأ فى سيرة إستشهاد أمير الشهداء مار جرجس، و سيرة الشهيد بقطر، و سيرة شهداء كثيرين.
فكانت معمودية هؤلاء الشهداء الذين آمنوا قبل إستشهادهم مباشرة فى دمائهم.
كذلك أيضاً معمودية اللص اليمين كانت فى دمه المسفوك ساعة أن أعلن إيمانه بالسيد المسيح.
و لذلك يقول لنا معلمنا بولس الرسول
"أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته "
(رو 6: 3).
و المعمودية هى موت مع السيد المسيح و القيامة معه، إذ إننا جميعا بالمعمودية صرنا
"مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضاً معه"
(كو 2: 12).
و اللص اليمين مات مؤمناً مع موت السيد المسيح بالجسد، و قام معه كما وعده مخلصنا على الصليب إنه فى نفس اليوم يكون معه فى الفردوس
(لو 23: 43).
لذلك فشرط المعمودية متحقق فى اللص اليمين،
علاوة على شرط الايمان،
أضف إلى ذلك
أن هذا الايمان معجزى كما شرحت سابقاً،
و لقد قال عنه القديس أغسطينوس
"إن السيد المسيح خلص اللص لئلا ييأس أحد، و جعله وحيداً لئلا يطمع أحد".
و ذلك
حتى لا يقول قائل إنى سأعيش كما يحلو لى و سأختطف الفردوس بكلمة أقولها قبل موتى فأعلن إيمانى بالسيد المسيح مخلصاً و غافراً للخطايا فأصير سارقاً للفردوس كما فعل اللص اليمين.
يجب أن ندرك أن الله ليس بساذج حتى ننصب عليه و نحيا كما يحلو لنا و ليس كوصاياه، ثم نضحك عليه بكلمة قبل الموت.