منتدى كنيسة مارجرجس بالمدمر
باباوات باسم كيرلس  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا باباوات باسم كيرلس  829894
ادارة المنتدي باباوات باسم كيرلس  103798
منتدى كنيسة مارجرجس بالمدمر
باباوات باسم كيرلس  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا باباوات باسم كيرلس  829894
ادارة المنتدي باباوات باسم كيرلس  103798
منتدى كنيسة مارجرجس بالمدمر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 باباوات باسم كيرلس

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
جورج يوحنا
نائب المدير
نائب المدير
جورج يوحنا


عدد المساهمات : 639
تاريخ التسجيل : 14/07/2011

باباوات باسم كيرلس  Empty
مُساهمةموضوع: باباوات باسم كيرلس    باباوات باسم كيرلس  I_icon_minitimeالإثنين يوليو 18, 2011 4:43 am

البابا كيرلس الأول
(القديس كيرلس الكبير | القديس الأنبا كيرلس عامود الدين)
( 412 - 444 م)
المدينة الأصلية له:الأسكندرية الاسم قبل البطريركية:كيرلسالدير المتخرج منه:دير أبو مقار تاريخ التقدمة:20 بابه 128 للشهداء - 17 أكتوبر 412 للميلاد تاريخ النياحة:3 أبيب 160 للشهداء - 27 يونيو 444 للميلاد مدة الإقامة على الكرسي:31 سنة و8 أشهر و10 أيام مدة خلو الكرسي:شهرا واحدا محل إقامة البطريرك:المرقسية بالإسكندرية محل الدفن:كنيسة بوكاليا الملوك المعاصرون:ثيؤدوسيوس الثاني
باباوات باسم كيرلس  Divider-3
+ هو ابن أخت البابا ثاوفيلس البطريرك الـ23، تربى عند خاله في مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، ثم أرسله خاله إلى دير القديس مقار في البرية فتتلمذ على أيدى الشيوخ الرهبان القديسين خمس سنوات... ثم رسمه خاله شماساً وعينه واعظاً وجعله كاتباً له.
+ ولما تنيَّح البابا ثاوفيلس أجلسوا هذا الأب مكانه في 20 بابه سنة 128 للشهداء، فاستضاءت الكنيسة بتعاليمه.
+ رد على مفتريات الإمبراطور الكافر يوليانوس في مصنفاته العشرة.
+ رأس المجمع المسكونى بمدينة أفسس (كان مكوناً من مئتى أسقف) وناقش نسطور بطريرك القسطنطينية والذي أنكر أن العذراء هي والدة الإله، وبين له ضلال بدعته.
+ ومن أعماله الخالدة شرح الأسفار المقدسة. ولما أكمل سعيه مرض قليلاً وتنيَّح بسلام بعد أن أقام على الكرسي المرقسى إحدى وثلاثين سنة وثمانية شهور وعشرة أيام.
تعيد الكنيسة بنياحته في الثالث من شهر أبيب.
صلاته تكون معنا آمين.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
السيرة كما ذكرت في كتاب السنكسار
استشهاد القديس كيرلس عمود الدين البابا الـ24 (3 أبيب)
في مثل هذا اليوم من سنة 160 ش (27 يونية سنة 444 م) تنيَّح الأب العظيم عمود الدين ومصباح الكنيسة الأرثوذكسية القديس كيرلس الأول البابا الإسكندري والبطريرك الرابع والعشرون.

باباوات باسم كيرلس  Www-St-Takla-org___Saint-Pope-Cyril-The-Great-02

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Great of Alexandria, Coptic pope, modern Coptic icon
صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس البابا كيرلس الكبير بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
كان هذا القديس ابن أخت البابا ثاؤفيلس البطريرك الـ23 وتربي عند خاله في مدرسة الإسكندرية وتثقف بعلومها اللاهوتية والفلسفية اللازمة للدفاع عن الدين المسيحي والأيمان الأرثوذكسي القويم وبعد أن نال القسط الوافر من هذه العلوم، أرسله خاله إلى دير القديس مقار في البرية فتتلمذ هناك علي يد شيخ فاضل اسمه صرابامون وقرأ له سائر الكتب الكنسية وأقوال الآباء الأطهار وروض عقله بممارسة أعمال التقوى والفضيلة مدة من الزمان.
ثم بعد أن قضي في البرية خمس سنوات أرسله البابا ثاؤفيلس إلى الأب سرابيون الأسقف الفاضل فازداد حكمة وعلما وتدرب علي التقوى والفضيلة. وبعد ذلك أعاده الأسقف إلى الإسكندرية ففرح به خاله كثيرا ورسمه شماسا وعينه واعظا في الكنيسة الكاتدرائية وجعله كاتبا له فكان إذا وعظ كيرلس تملك قلوب سامعيه ببلاغته وفصاحته وقوة تأثيره ومنذ ذلك الحين اشتهر بكثرة علمه وعظم تقواه وقوة تأثيره في تعليمه.
ولما تنيَّح خاله البابا ثاؤفيلس في 18 بابه سنة 128 ش (15 أكتوبر سنة 412 م) أجلسوا هذا الأب خلفه في 20 بابه سنة 128 ش (17 أكتوبر سنة 412 م) فاستضاءت الكنيسة بعلومه ووجه عنايته لمناهضة العبادة الوثنية والدفاع عن الدين المسيحي وبدأ يرد علي مفتريات الإمبراطور يوليانوس الكافر في مصنفاته العشرة التي كانت موضع فخر الشباب الوثنيين بزعم أنها هدمت أركان الدين المسيحي. فقام البابا كيرلس بتفنيدها بأدلته الساطعة وبراهينه القاطعة وأقواله المقنعة وطفق يقاوم أصحاب البدع حتى تمكن من قفل كنائسهم والاستيلاء علي أوانيها ثم أمر بطرد اليهود من الإسكندرية فقام قتال وشغب بين اليهود والنصارى وتسبب عن ذلك اتساع النزاع بين الوالي وهذا القديس العظيم الذي قضت عليه شدة تمسكه بالآداب المسيحية وتعاليمها أن يقوم بنفسه بطلب الصلح مع الوالي الذي رفض قبول الصلح ولذلك طال النزاع بينهما زمانا.
ولما ظهرت بدعة نسطور بطريرك القسطنطينية الذي تولي الكرسي في سنة 428 م في أيام الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني الذي أنكر أن العذراء هي والدة الإله.. اجتمع لأجله مجمع مسكوني مكون من مائتي أسقف بمدينة أفسس في عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني الشهير بالصغير فرأس القديس كيرلس بابا الإسكندرية هذا المجمع وناقش نستور, وأظهر له كفره وهدده بالحرم والإقصاء عن كرسيه أن لم يرجع عن رأيه الفاسد وكتب حينئذ الإثنى عشر فصلا عن الإيمان المستقيم مفندا ضلال نسطور وقد خالفه في ذلك الأنبا يوحنا بطريرك إنطاكية وبعض الأساقفة الشرقيين منتصرين لنسطور ولكنهم عادوا إلى الوفاق بعد ذلك وانتصر كيرلس علي خصوم الكنيسة وقد وضع كثيرا من المقالات والرسائل القيمة شارحا ومثبتا فيها " أن الله الكلمة طبيعة واحدة ومشيئة واحدة وأقنوم واحد متجسد " وحرم كل من يفرق المسيح أو يخرج عن هذا الرأي ونفي الإمبراطور نسطور في سنة 435 م إلى البلاد المصرية وأقام في أخميم حتى توفي في سنة 440 م.
ومن أعمال البابا كيرلس الخالدة شرح الأسفار المقدسة ولما أكمل سعيه مرض قليلا وتنيَّح بسلام بعد أن أقام علي الكرسي الإسكندري إحدى وثلاثين سنة وثمانية شهور وعشرة أيام صلاته تكون معنا. آمين.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
معلومات إضافية

هو ابن أخت البابا ثاؤفيلس، ولهذا اعتنى بتربيته وتعليمه، فأدخله أولا المدرسة اللاهوتية بالإسكندرية فدرس العلوم الفلسفية التي تلزم لكل من يقوم مدافعا عن الدين المسيحي ضد الهراطقة والمبتدعين. ثم أرسله إلى جبل النطرون إلى برية القديس أبى مقار ليتتلمذ لسيراسيون الحكيم، فأقام هناك خمس سنين يقرأ الكتب الإلهية حتى برع في فهم الأسفار المقدسة، فاستدعاه خاله إلى الإسكندرية وبقى معه في قلايته يقرأ بين يديه، ورسمه شماسا وكلفه بالوعظ، فحاز إعجاب سامعيه وكان موضع فرح جميع الكهنة والعلماء حتى أنهم إذا تكلم يشتهون أن لا يسكت لحلاوة ألفاظه.

باباوات باسم كيرلس  Www-St-Takla-org___Saint-Pope-Cyril-The-Great-01

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Great of Alexandria, Coptic pope, modern Coptic icon
صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس البابا كيرلس الكبير بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
ولما خلى الكرسي المرقسى بوفاة البابا ثاؤفيلس انتخبه الشعب والإكليروس لتبوء الكرسي المرقسي خلفاً لخاله في هاتور سنة 412 ش حسب جدول ابن العسال - سنة 129 ش حسب تاريخ أنبا ساوريرس - وسنة 412 م في عهد ثيئودوسيوس قيصر الصغير.
وعندما تولى البابا كيرلس كرسي المرقسية كان في مدينة الإسكندرية كثيرون من الهرطقة واليهود الذين عظمت شوكتهم وصار لهم نفوذ عظيمة، فبدأ هذا البطريرك جهاده باضطهاد النوفاسيين أتباع نوفا سيانوس الهرطوقي، الذين كانوا يريدوا أن يحلو النار من خطاياهم، فنصحهم وأوضح لهم سوء معتقدهم الذي يجعل الله عديم الرحمة، فلما أبوا ألزمهم بالخروج من المدينة وطرد أساقفتهم.
وهذه الحوادث حدثت في بدء رئاسة البابا كيرلس ثم اشتعل بعدها بوضع مقالات وميامر وفي الرد على يوليانوس الملك الكافر الذي وضع عشرة كتب ضد الدين المسيحي، وكانت موضع فخر الوثنين الذين اعتقدوا بأن هذه المقالات ستقوم ضد أركان المسيحية فأخذ البطريرك في الرد عليها وطفق يفندها حتى قضى عليها.
+ ورغم انشغال الأنبا كيرلس بالكتابة والتعليم فإنه وجد الفرصة سانحة لإعادة النظر في الحكم الذي كان قد صدر ضد يوحنا ذهبي الفم. ذلك لأنه كان يعلم أن سلفه الأنبا ثاؤفيلس كان قد ندم على الحكم الذي حكم به على ذلك الحبر القسطنطيني الكبير، فرفض أن يسافر إلى القسطنطينية في المرة الثانية لحضور المجمع الذي أيد حكم النفي على ذهبي الفم. وكانت بداية الحديث الذي فاه به وهو على وشك الانتقال من هذا العالم وعلى مجمع الأنبا كيرلس مجمع الكرازة المرقسية، أن ألغى حكم الحرم ضد ذهبي الفم ونظمه في عداد الآباء الذين تذكر أسمائهم في صلاة المجمع في كل قداس.
+ ولم يكد الأنبا كيرلس ينتهي من الرد على مقالات يوليانوس الجاحد حتى فوجئ بظهور نسطور بطريرك القسطنطينية المنافق الذي ابتدع هرطقة شنيعة مفادها إنكار ألوهية السيد المسيح له المجد.

باباوات باسم كيرلس  Www-St-Takla-org___Saint-Pope-Cyril-The-Great-03

St-Takla.org Image: Saint Cyril the Great Coptic Pope of Alexandria - Pope Kirellos El Kabir
صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية، قداسة البابا القديس كيرلس الكبير، عمود الدين بابا الإسكندرية
وابتدأ فيها بإنكار كون السيدة العذراء مريم والدة الإله، قائلا "إني أعترف موافقا أن كلمة الله هو قبل كل الدهور، إلا أنى أنكر على القائل بأن مريم والدة الله، فذلك عين البطلان لأنها كانت امرأة، والحال أنه من المستحيل أن يولد الله من امرأة. ولا أنكر أنها أم السيد المسيح إلا أن الأمومة من حيث الناسوت" وبذلك قسم هذا المبدع السيد المسح إلى شخصين معتقداً أن الطبيعة الإلهية لم تتحد بالإنسان الكامل وإنما ساعدته في حياته فقط. فامتدت بدعته حتى وصلت إلى رهبان مصر فتأثر بعضهم من براهينه.
وأرادوا أن يقلعوا عن تسمية العذراء بوالدة الإله.
وحالما طرقت هذه الأخبار أذن البابا كيرلس، أسرع وكتب في رسالة عيد الفصح يفند هذه البدعة شارحا كيف أن اتحاد اللاهوت بالناسوت أشبه باتحاد النار والحديد: فالحديد لا يصاغ ما لم يكن متحداً بالنار وحين يطرقه الحداد يقع الطرق على الحديد وحده دون النار مع كونها متحدة به، وهذا الاتحاد بين النار والحديد اتحاد لا يشوبه اختلاط ولا امتزاج ولا تغير. فالنار تظل محتفظة بطبيعتها النارية والحديد يظل محتفظا بطبيعته الحديدية، وعلى هذه الصورة اتحد نار اللاهوت بمادة الناسوت.
وانتشرت هذه الرسالة في جهات عديدة حتى وصلت إلى القسطنطينية وتداولها المصريون فيها، وبواسطتها تعزى الشعب القسطنطيني وثبت في الإيمان المستقيم.
واستمرت محاولات القديس كيرلس مع نسطور بإرسال عدة رسائل يقنعه فيها بالإقلاع عن غوايته، ولكن نسطور احتقر رسائل القديس ولم يقتنع بها. ولما رأى القديس كيرلس أن القيصر يدافع عن نسطور ويحامى عنه، كتب إليه رسالة يوضح له فيها ضلال نسطور، وكتب أيضا رسائل أخرى لبعض أفراد العائلة القيصرية شارحا فيها سر التجسد، مبدءا لهم من حقيقة الإيمان والأضرار الناشئة للدين المسيحي من بدعة نسطور، كذلك أرسل إلى كليسنينوس أسقف رومية موضحا له حقيقة نسطور وكيف أنه قد حاد عن الإيمان المستقيم. فلما وقف أسقف رومية على الحقيقة عقد مجمعا حكم فيه على نسطور بأنه هرطوقى مبتدع وكان قرار المجمع تهديدا لنسطور لكي يقلع عن ضلاله، ولذلك كتب إليه أسقف رومية يقول: "إذا لم ترفض واضحا وثيقة هذا التعليم المضل ولم تعتقد الاعتقاد الصحيح بسيدنا يسوع المسيح في مدة عشرة أيام، فأنا أفصلك من شركتي وأقطع كل علاقة معك" وأرسل هذا القرار إلى القديس كيرلس ليعلم نسطور به.
فعقد البابا كيرلس مجمعا من أساقفة الكرازة المرقسية تداول معهم كل ما دار بينه وبين نسطور، ثم صدر قرار المجمع بالإجماع على التمسك بدستور الإيمان الذي سَنَّهُ مجمع نيقية وقد وضع الأنبا كيرلس مقدمة هي: "نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة مريم والدة الإله"...
ولا تزال الكنيسة القبطية تردد هذه المقدمة حتى الآن قبل تلاوة قانون الإيمان.
كذلك وضع البابا كيرلس اثني عشر بنداً يشمل كل بند فيها على قضية وحرم كل من يعمل بخلاف ذلك، وكلف نسطور بأن يوقِّع عليها، فرفض. ولم يكتف بالإقلاع عن التوقيع على رسالة المجمع الإسكندري، ولكنه نجح أيضا في استثارة الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير الذي كان صديقا لنسطور، إلى حد دفع الإمبراطور أن يبعث بإنذار إلى الأنبا كيرلس. كذلك جذب نحوه يوحنا الأنطاكى أسقف إنطاكية، فقرر أن يناصر المبتدع وأن يستعدى مدرسته الإنطاكية على المدرسة الإسكندرية.
__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جورج يوحنا
نائب المدير
نائب المدير
جورج يوحنا


عدد المساهمات : 639
تاريخ التسجيل : 14/07/2011

باباوات باسم كيرلس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: باباوات باسم كيرلس    باباوات باسم كيرلس  I_icon_minitimeالإثنين يوليو 18, 2011 4:43 am

67- البابا كيرلس الثاني
( 1078 - 1092 م)


المدينة الأصلية له : اقلاقة بحيرة
الاسم قبل البطريركية : جرجس
الدير المتخرج منه : دير قبريوس (قنوبوس) - صومعة سنجار
تاريخ التقدمة : 22 برمهات 794 للشهداء
تاريخ النياحة : 12 بؤونه 808 للشهداء
مدة الإقامة على الكرسي : 39 سنة
مدة خلو الكرسي : 6 أيام
محل إقامة البطريرك : دير متراس بالأسكندرية
محل الدفن : المرقسية بالأسكندرية
الملوك المعاصرون : هيرقل الأول - الثاني - عمر - عثمان - على - حسن بن على - معاوية


+ ترهب بصومعة سنجار، ونظراً لعلمه وتقواه انتخبوه بطريركاً في 22 برمهات سنة 794 ش.
+ شن بعض الأساقفة عليه عصا الطاعة وقصدوا خلعه وعقدوا مجمعاً من 47 أسقفاً لذلك، ولما علم الحاكم الفاطمى بهذا الشقاق دعا الأساقفة إلى بستانه الكبير وخاطبهم بكلام شديد أنطقه الله على لسانه... وهكذا تم الصلح بينهم.
+ قضى هذا البابا على الكرسي أربع عشر سنة وشهرين وثلاثة عشر يوماً ثم تنيَّح بسلام في 12 بؤونه سنة 808 ش.
بركة صلاته تكون معنا آمين.



معلومات إضافية

كانت حبرية هذا البابا الجليل في خلافة الخليفة الفاطمى المستنصر، وفي عهد بن الجمالى الذي كان متصرفا في شئون البلاد بشكل فعلى، وكان يغلب عليه أنه مسيحي من بلاد الصقلي أهل (جنوب روسيا) وكان الخليفة قدا استحضره من سوريا وخلع عليه عدة ألقاب منها (أمير الجيوش)، حيث كان شجاعا قويا حسن التصرف.

وقد نعمت مصر أيامها بالسلام والهدوء، لأن الجمالى وفر وسائل الأمن والعدالة، وكان يهدف إلى جعل مصر دولة قوية تنعم بالرخاء، فنمت الزراعة والتجارة، حيث تنازل للزراع عن ضرائب ثلاث سنين مضت كانت متأخرة عليهم، فزاد إنتاجهم، كما ازدهرت العلوم والفنون وروح الابتكار، وكان واسع الفكر يعرف قيمة الوحدة الوطنية فأعطى الأقباط حريتهم فنبغوا في كل أحوالهم.

وكان أعظم إنجاز معماري في عهده هو سور القاهرة العظيم، ونفذ المهندسون رغبته وقد جعلوا لهذا السور ثلاثة أبواب هي باب الفتوح وباب النصر وباب زويلة، وكان المتولي عمارة هذه الأسوار راهب قبطي يدعى يوحنا (يؤنس) وهو الذي اشرف على تصميمها. وقد أقيمت بعيدة عن الأسوار القديمة فأعطت القاهرة اتساعا أكثر.

ووسط استتاب الأمن كلف بدر الجمالى الأقباط بتنظيم الدواوين وتشكيلها..



رسامة البابا كيرلس:

كان راهبا متوحدا باسم جرجس من البحيرة، وسيم بطريركا بقرار من مجمع انعقد في الدار البطريركية، مؤلَّف من الأساقفة وأراخنة الشعب القبطي، وقوبلت رسامته بالارتياح من كل دوائر الحكم والشعب مسلمين ومسيحيين.

وبعد أن تمت مراسم الرسامة بالإسكندرية في 22 برمهات سنة 792 الموافق 1078 م سار في ركب إلى القاهرة قاصدا كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بجزيرة الروضة، وكان في استقباله الأنبا يعقوب أسقف مصر والشيخ أبو الفضل يحيى بن إبراهيم "متولي الأبواب" (رئيس الشرطة) وديوان الصناعة، وأرسل إليه حصاناً أبيضاً ليركبه البابا الذي سار في موقف مهيب من الشرطة وحفظة الأمن وعبر النيل إلى مصر، وكان في استقباله على الشاطئ جمهور كبير، وسار موكبه هذا إلى قصر الخليفة، فخف إلى استقباله مأمون الدولة (الأستاذ) الذي أخذه من يده بمفرده إلى مكان جلوس الخليفة، وكان الخليفة جالسا مع أفراد أسرته ومعهم زجاجات الطيب فصمخوه منه، وطلبوا منه البركة فصلى لهم، وفرحوا به كثيرا، ثم غادر القصر في بهجة وسرور متوجها إلى قصر بدر الجمالي، حيث استقبل استقبالا حسنا أيضا ودعى لهم، وأمر بدر الجمالي والي مصر بالخروج معه إلى حيث يريد، وأن راعيه ويقدم له الخدمات طيلة وجوده في مصر، حيث نزل في الكنيسة المعلقة، ثم انتقل إلى كنيسة السيدة العذراء بحارة الروم.

وقد أجرى الله على يديه أيامها معجزة، حيث لما بدأ الصوم الكبير قصد دير أبى مقار، وبينما كان يصلى قداس خميس العهد وكان وعاء الميرون المقدس موضوعا فسكب الميرون على يديه وعلى المذبح من تلقاء ذاته، فكان إعلان بركة للجميع. كما تبادل السنوديقا (رسالة الشركة والوحدة في الإيمان) مع بطريرك الانطاكى.



ماذا حدث في النوبة:

قامت المناوشات في تلك الفترة بين ولاة منطقة أسوان وبين ملوك النوبة، إذ لم تكن العلاقات حسنة بينهما، إلا أن بدر الجم إلى رأى أن السلام أفضل، واظهر هذا الملوك النوبة الذين استجابوا له، خاصة وان ملكهم (سلمون) المسيحي كان يحب أن ينهى حياته في أحلى الأديرة العربية، فتنازل لجرجس ابن أخته عن الحكم وذهب إلى دير أبو نوفر السايح ليعيش، ولما دخل إلى الأراضي العربية سارع والى أسوان واسمه أسعد الدولة إلى تسلمه أسيرا، إلا أن بدر الجمالي رفض هذا ودعاه ليعيش في أديرة مصر وبعث له الحرس ليرافقه إلى القاهرة ليقابل الخليفة الذي زاد من احترامه له، وأعد له منزلا مؤقتا ظل يعيش فيه إلى أن مات ودفن في دير الأنبا رويس في ظاهر القاهرة، مما كان مظهرا طيبا للروابط بين مصر والنوبة. واستغل الخليفة هذه الروابط الحسنه بين البلدين وعقد فيها معاهدات صداقة وتجارة، كما أنعم على البابا بأموال لإصلاح الأديرة والكنائس.



علاقة الأقباط بكنيسة الحبشة:

رسم الأنبا كيرلس مطرانا على الحبشة باسم الأنبا ساويرس، وكان ابن أخت المطران المتوفي، وكان هذا بديلا لشخص كان يدعى (كوريل أو كيريل) "كيرلس" اغتصب الكهنوت وادعى الأسقفية في الحبشة دون رسامة، فلما وصل المطران الشرعى ساويرس لقى مقاومة من كوريل هذا، ولما فشل كوريل جمع أموالا كثيرا من الأحباش وحاول الهرب بها، ولكنه قُبِضَ عليه وسيق إلى أمير الجيوش بدر الجمالى، فحاكمه وقتله بالسيف في عام 860 شهداء.

إلا أن المطران ساويرس وجد عناء في التعامل مع الأحباش، لأنه وجد فيهم عادات خاطئة أراد أن يمنعهم عنها فغضبوا منه، مثل زواج السراري والإماء، وكانت حجتهم في هذا العهد القديم وإبراهيم أبى الأنبياء، فاستعان بالبطريرك الأنبا كيرلس فأرسل البابا خطابا رعويا رسميا إلى الملك وحاشيته يمنعهم عن هذه العادة.



الكنيسة القبطية في عهده:

لم تعش الكنيسة هادئة كما كان مقدراً لها، ولكن رغم ما قام به الأنبا كيرلس الثاني من إصلاحات منها:

- رسم أساقفة من الرهبان الصالحين للإيبارشيات الشاغرة.

- دأب على التعليم حيث تعلم هو أولاً لأنه لم يكن متعلما، ثم دفعه هذا إلى تعليم الشعب ودراسة الكتب المقدسة والتفاسير المستقيمة بدلا من بلبلة الأفكار.

- رمم الكثير من البيع والأديرة، وكانت علاقته بالحاكِم والإدارة ممتازة.

فرغم هذا انفجرت الكنيسة من الداخل بفعل الأساقفة بزعامة الأسقف يوحنا بن الظالم الذي كان موجودا أيام البابا السابق خرستوزولوس وأثار أيامه الكثير من الحوادث، عاد أيام هذا البابا واقلق الأمة القبطية. فقد اتخذ هذا الأسقف (وكان أسقفاً لسخا) مع أربعة أساقفة آخرين وهم: اخوه أسقف سمنود - يوحنا أسقف دميرة - خائيل أسقف ابى صير - مقارة أسقف القيس، ومعهم شماس يدعى أبو غالب أحد أعيان مصر، وتواطئوا على عزل البطريرك.

فكتبوا إلى البطريرك معربين عن استيائهم من بعض الرجال المحيطين به وطلبوا إبعادهم، إلا أنه لم يبعد سوى واحد فقط، فعادوا إليه يعاتبوه فرفض، وكان في ديوان الخليفة آنذاك رجل مسموع ألكلمه اسمه أبو زكريا يحيى بن مقاره، وكان شيخا وقورا عاقلا ذا كلمة مسموعة لدى الجميع، وتدخل هذا الرجل للصلح إلا ان أسقف سخا لم يكتف بهذه المصالحة، وطلبوا دفع الأمر إلى بدر الجمالي، وفعلا كتبوا له تقريرا بالطعن في حق البابا كيرلس الثاني مدعين عليه بدعاوى توجِب عزله، وأوصلوا إليه هذه الشكوى عن طريق البستاني بسبب الذي كان مسيحياً، وكان البطريرك آنذاك في رحلة رعوية في الأقاليم لافتقاد الخدمات في الكنائس وتدشين الجديد من البيع.

فلما أطلع بدر الجمالي على هذه الشكوى -وكان يجل البابا- رأى انه ليس من حقه البت فيها وحده، وإنما رأى عقد مجلس من أساقفة الوجهين القبلي والبحري وكبار رجال الأمة برياسة بدر الجمالي في الإسكندرية في قصره هو، فقبل دعوته سبعة وأربعون شخصاً، وكان الوزير يستهدف السلام حيث قال لهم: "كونوا جميعا برأي واحد، وليكن ولاءكم لكبيركم خالصاً، وتمسكوا بكلام المسيح حين أوصى تلاميذه بأن لا يكنزوا لهم كنوزا في الأرض.. كان يجدر بكم ترك المنابذة لأنكم المثال في التسامح حتى يقتدي بكم الشعب الذي ترشدونه". وطلب منهم أن يطلبوا الصفح من البابا، فتصافح الجميع أمامه. كما أمر بقطع رأس البستاني الذي سعى بالشر منه بطريركه، فخجل الأساقفة من تأنيب بدر الجمالي لهم ورجعوا إلى كنيسة أبى سيفين وأقاموا قداسا استفناراً عمّا عملوه وتناولوا من البابا.



قام البابا كيرلس الثاني بعد ذلك بالإصلاحات آلاتية:

نشر القوانين الكنسية على الشعب ليعرفها ويعمل بها، ووضع أربعة وثلاثين ماده دارت حول:

أ- عدم تقاضى رشوة لقاء الأعمال الكهنوتية ومن يفعل هذا لا تقبل رياسته للكهنوت ولا يكون بيننا إلا كالوثني والعشار.

ب- أي قس أو أسقف يرفض قبول خاطئ تائب فليُقطَع لأنه خالَف قول السيد المسيح.

ج- يجب على كل أسقف أن يتفقد جميع البيع والأديرة الواقعة تحت سلطانه، وان يحافظ على أدواتها وريعها ونظافتها وعمارتها .

د- يجب على كل أسقف أن يعرف حال كهنته في مختلف الكنائس والجهات الخاصة له، وان يفحص أمورهم في عملهم، وفي القداسات التي يقيمونها، وفي قراءة الكتب التي يفرضون على أنفسهم تلاوتها .

ه- يجب على الأسقف أيضا أن يتعهد كهنته وشعبه بالتعاليم الإلهية التي تخلصه وتخلصهم من خطاياهم، فكل نفس من أنفس الرعية مطلوبة من راعيها.

و- رتب الأنبا كيرلس بعد ذلك بالتفصيل واجبات الأسقف نحو الفقراء والمعوزين، ونحو الرهبان الذين يجب أن يقضوا العمر كله في البرية ما لم يطلب خلاف ذلك .

ز- يجب أن يكف الكهنة والعلمانيون الالتجاء إلى غير حكم البيعة.

واسترسل البابا في قوانينه، فبين اهمية الصوم ووجوب التمسك به، وتطرق إلى ضرورة تدقيق الكهنة واستعمال سر الذبيحة، فلا يعقدونه إلا في ظل سلامته وشرعيته، وأوصى الشعب بضرورة احترام الكهنة والأساقفة، "ويجب على أبناء المعمودية توفير المذابح المقدسة والهياكل الطاهرة وتزيينها" وفي عهد هذا البابا تم ترميم كنيسة القيامة بالقدس والتي كان الحاكم بأمر الله قد احرقها وأرسل مندوبين عن الكنيسة القبطية لتكريسها في موسم القيامة من عام 800 شهداء 1084 م

– كما كرسوا كنيسة بناها احد الأقباط وهو منصور التلبانى هناك. وفي سنه 1092 لم يقضي فترة الصوم الكبير في دير الأنبا مقاره وإنما اكتفي بالذهاب إلى دير الشمع غرب طموه ثم إلى كنيسة الملاك ميخائيل في جزيرة الروضة، ثم عاد إلى كنيسة السيدة العذراء المعلقة ليحتفل بعيد القيامة المجيد، ولم تكد الخمسين المقدسة تنهى حتى بلغ نهايته واسلم روحح الطاهرة بعد أن قضى أربعة عشر سنه وستة أشهر على الكرس المرقسى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جورج يوحنا
نائب المدير
نائب المدير
جورج يوحنا


عدد المساهمات : 639
تاريخ التسجيل : 14/07/2011

باباوات باسم كيرلس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: باباوات باسم كيرلس    باباوات باسم كيرلس  I_icon_minitimeالإثنين يوليو 18, 2011 4:44 am

75- البابا كيرلس الثالث (ابن لقلق)
( 1235 - 1243 م)


المدينة الأصلية له : الفيوم
الاسم قبل البطريركية : داود الفيومي
تاريخ التقدمة : 23 بؤونه 951 للشهداء - 17 يونيو 1235 للميلاد
تاريخ النياحة : 14 برمهات 959 للشهداء - 10 مارس 1243 للميلاد
مدة الإقامة على الكرسي : 7 سنوات و8 أشهر و23 يوما
مدة خلو الكرسي : 7 سنوات و6 أشهر و28 يوما
محل إقامة البطريرك : المعلقة بمصر
محل الدفن : الشمع بالجيزة
الملوك المعاصرون : الملك الكامل - العادل الثاني - الصالح - المعظم


+ رسم هذا الأب في الثالث والعشرين من شهر بؤونه سنة 951 ش.
+ في أيامه اجتمع مجمع من سائر أساقفة الكرازة المرقسية ووضعوا قانوناً شاملاً للكنيسة، وكان الشيخ الأجل العلامة الصفي بن العسال كاتباً لهذا المجمع.
+ قيل عنه أنه لم يرسم أسقفاً ولا كاهناً ولا شماساً إلا بالسيمونية.
+ أقام على الكرسي المرقسى سبع سنين وثمانية أشهر وثلاثة وعشرين يوماً ثم تنيَّح بسلام بدير الشمع في الرابع عشر من شهر برمهات سنة 959 ش.
صلاته تكون معنا آمين.



السيرة كما ذكرت في كتاب السنكسار

نياحة البابا كيرلس أبن لقلق (14 برمهات)

في مثل هذا اليوم من سنة 959 ش الموافق 0 1 مارس 1243 تنيَّح الأب القديس الأنبا كيرلس الخامس والسبعون من باباوات الكرازة المرقسية، المعروف بابن لقلق. وقد رسم هذا الأب في الثالث والعشرين من شهر بؤونة سنة 951 للشهداء (17 يونية 1235 م). وحصلت معارضات في اختياره أولا، وأخيرا انتهى الإجماع عليه. وفي أيام هذا الأب اجتمع مجمع من سائر أساقفة الكرازة المرقسية ووضعوا قانونا شاملا للكنيسة. وكان الشيخ الاجل العلامة الصفي ابن العسال كاتبا لهذا المجمع. وأقام هذا الأب على الكرسي البطريركي سبع سنين وثمانية أشهر وثلاثة وعشرين يوما . وتنيَّح بدير الشمع في سنة 959 للشهداء. (10 مارس 1243 م). صلاته تكون معنا. آمين



معلومات إضافية

بعد نياحة البابا يؤانس السادس، ظل الكرسي البطريركي شاغرا مدة عشرين سنه تقريبا، بسبب الظروف التي أحاطت بالبلاد من جراء الحروب الصليبية، وبسبب خلافات الأقباط فيما بينهم في شأن من يصلح للبطريركية.

- ظهر ثلاث مرشحين للبطريركية لكل منهم فريق من الأراخنة يناصرونه، واستعملوا أساليب رخيصة في الدعاية لهم بعيدة عن أوامر الكنيسة وتقاليدها، وكان هؤلاء المرشحون هم: القس بولس البوشى - القس داود بن لقلق الفيومي - الأرشيدياكون أبو شاكر بطرس ناظر كنيسة أبو سرجه بمصر القديمة. التجأ فريق آبى شاكر بطرس إلى وسائل غير مشروعة، وقدموا مبالغ طائلة لبيت المال والسلطان نفسه، ومع ذلك لم ينجحوا فيما أرادوا، أما القس بولس البوشى والقس داود بن لقلق، فظلا متلازمين يشتركان ويتعاونان في وضع الكتب الدينية دفاعا عن الدين، وظل القس داود بن لقلق طوال هذه المدة مثابرا في اغتنام كل فرصة تواتيه للوصول إلى تحقيق مأربه وهو كرسي البطريركية، أما القس بولس البوشى فلما رأى المنازعات على أشدها، وأخذت شكلا يتنافى مع الدين، سحب نفسه من هذه المنافسة كما انسحب الأرشيدياكون بطرس، وهكذا أخلا الميدان للراهب القس داود بن لقلق الفيومي.



من هو ابن لقلق؟

كان من الفيوم حيث العديد من الأديرة، وكانت هذه الأديرة مأهولة في القرن العاشر بالرهبان، فانخرط داود في احدها. ولعله كان باسم دير القديس بقطر، وكان من زملائه في هذا الدير الراهب بولس البوشى. رسم داود قسا وخدم بإحدى كنائس الفيوم، وما لبث أن حدث خلاف شديد بينه وبين كهنة هذه الكنيسة، وقام -بسبب هذه المنازعات- أكابر المسلمين في المدينة واعتقلوه فضا للمشاكل ليستب الأمن، لكنه ما لبث أن أُطلِق سراحه بواسطة احد أراخنة الكنيسة المدعو أبو الفتوح نشئ الخلافة، المعروف بابن الميقاط، واحضره إلى القاهرة واسكنه معه بداره، وكان ذلك في حياة البابا يؤانس السادس، ومنذ ذلك الحين توطدت العلاقة بين داود بن لقلق ونشئ الخلافة أبو الفتوح، وكان للراهب ابن لقلق تعاليم تخالف تعاليم الكنيسة.

وفي تلك الآونة تنيَّح مطران الحبشة وسعى الراهب داود أن يرسم بدله، وقدم مائتي دينار للملك العادل ليصدر أمره للبطريرك برسامته، فأرسل الملك رسولا من قبله للبطريرك يحمل له هذا الأمر الملكي، لكن البطريرك اعتذر في لباقة عن إجابة هذا الطلب، لأن الراهب داود لا يصلح للمنصب بسبب مشاكل إيمانية لأنه يقول أقوال الروم الملكانيون، وأن ذهابه إلى الحبشة قد يجلب مكاره كثيرة، ولما سمع الملك ذلك عدل طلبه، ورسم البطريرك مطرانا آخر على الحبشة، وكان فعلا ابن لقلق يقلد الكاثوليك في أقوالهم ولباسهم.

- كان القصد الأكبر للراهب ابن لقلق هو نشئ الخلافة أبو الفتوح، بينما كان تضرره في أن يستولي ابن الفتوح بالسلطان الملك الكامل ابن الملك العادل، ورغم محاولات أبو الفتوح فلم ينجح في ترشيحه، فلجأ ابن لقلق إلى وسيلة أخرى بأن أرسل إلى كراسي الآباء الأساقفة بالوجه البحري وإلى أسقف طنبدى في الوجه القبلى، فاجتمع سبعة أساقفة فأكرمهم وطلب إليهم كتابة تكريز للراهب داود بأنه يصلح بطريركا.

- وتصادف أن الملك الكامل خرج من القاهرة في نزهة صيد إلى الإسكندرية، فبعد بحرا ورأى صومعة راهب حبيس (متوحد) هناك واقف تحتها وصاح عليه فكلمه ودعا له، فشكى الملك له من وجع في قلبه، فصلى له الراهب الحبيس على ماء وزيت طيب وقال له "إذا أدهنت موضع الوجع فاعلم الشافي" (أي اعلم أن الشافي هو الله). وفعلا شفي الملك وأصبحت مودة بينهما، فلما كثر النزاع حول ابن لقلق تذكر الملك الكامل الراهب الحبيس بأبيار، وقال للأساقفة أنا أمر أن يكون حبيس أبيار بطرككم وأنا أرضاه لكم، وكتب في الحال إلى وإلى الغربية أن يأتيه بهذا الحبيس إلى القاهرة.

- فلما سمع نشئ الخلافة أبو الفتوح بذلك الخبر اتفق مع الأمير فخر الدين عنان وزير الملك الكامل على أن يقولوا للسلطان عن الراهب الحبيس بأبيار انه يسأل مولانا السلطان ألا يزعجوه ولا ينزلوه من صومعته، وانفذوا رسلا أرجعوه ثانية إلى ابيار بعد أن كان وصل إلى قليوب.

- سمع بهذا الخبر احد الأقباط ويدعى السعد بن صدقة وكان من الأراخنة، فغار غيرة الرب واخذ جماعة من الناس، ووقف للسلطان وقاوم منشئ الخلافة في رسامة الراهب ابن لقلق وقال للملك الكامل انه يصانع المال حتى يتقدم علينا، وقد دفع للملك العادل ما كثر حتى نأمر البطريرك أن يجعله مطرانا ولم يصلح، فهل يحل الله لك أن تجعله علينا بطريركا يفسد ديننا، ويجعل قبط مصر كلهم روما، ويخرجها من أيدي المسلمين، فأرسل الملك الكامل إلى والى مصر رسالة يقول فيها إن أنت مكنت أبا الفتوح وأصحابه أن يقيموا بطريركا يغدر بي شنقتك.

- قام أبو الفتوح بمحاولة أخيرة لرسامة ابن لقلق، فانتهز فرصة خروج الملك العادل إلى الإسكندرية واستأذنه في رسامة ابن لقلق، فقال له: اجعله بطريركا والحق به إلى الإسكندرية ولا تبطئ، وبالفعل استعد داود بإثبات كهنوته وخرج مع الأساقفة وابو الفتوح إلى الكنيسة المعلقة ليرسموه بطريركا، فاتصل البعض بوالي مصر فركب وجماعة من جنده وجاء إلى الكنيسة المعلقة، وفرقوهم وفرَّ ابن لقلق وخرج الأساقفة قاصدين كراسيهم، ومنذ ذلك الوقت لم يعد نشئ الخلافة يتحدث في أمر رسامة ابن لقلق.

- يأس ابن لقلق من رسامته بطريركا وسكن احد الأديرة الغربية من القاهرة وهو دير القديس فيلوثاوس المعروف بدير النسطور، الذي كان يشرف عليه احد أعوانه، وطال الحال بمصر دون بطريرك حتى لم يبقى من الأساقفة سوى أسقفين بالوجه البحري وأسقفين بالوجه القبلي، وخلت كنائس كثيرة من الكهنة، حتى أن مدينة الإسكندرية وبرية شيهات لم يبقى لهم إلا كاهن واحد، ونفذ الميرون أيضاً حتى اضطرت أغلب الكنائس أن تأخذ بواقي الميرون ويجعلونه في المعمودية، كما اضطرت بعض الكنائس في القرى إلى استخدام زيت الغاليلاون بدل الميرون.

- اخيرا بواسطة راهب يدعى عاماد، اتفق مع الراهب أول أن يدفع ألف دينار ويمنه بها لبيت المال، وكان الملك الكامل بالإسكندرية واتفقوا معه أن تتم رسامة الراهب ابن لقلق بطريركا بالإسكندرية باسم كيرلس الثانى وذلك بواسطة يد أسقفين أحدهما أسقف اشمون طناح (أشمون الشرقية) والثانى أسقف بلج، وكان ذلك يوم 16 يونيو 1235 في كنيسة أنبا شنودة خارج المدينة، وكانت الرسامة يوم الأحد الثاني 23 يونيه بكنيسة سوتير (المخلص).

- ومن الأخطاء الكثيرة التي تؤخذ على كيرلس الثالث لجوءه إلى سيمونية في الرسامات الكهنوتية وكان قد تقرر عليه أن يدفع اثنى عشر ألف بندقى لبيت المال (حوالي 3000 دينار) وكان لا يملك منها شيئا، فلجا إلى السيمونية لسداد هذا المبلغ، وهو بطبيعة الحال خطأ واضح، أما السبب فإن هذا البطريرك رُسِمَ بطريقة غير شرعية ولا تقرها قوانين الكنيسة، وقبل عنه انه لم يرسم أسقفا أو كاهنا أو شماسا إلا بالسيمونية، ورسم عددا كبيرا من الأساقفة لأن معظم الكراسي الأسقفية كانت خالية، وقيل انه في اقل من سنه رسم أكثر من 40 أسقفا وعدداً لا يُحصى من القسوس والشمامسة، وكان عذره الذي يقدمه دائما إزاء هذا النقد هو جميع ما يجب دفعة من المال للسلطان، وبسبب السيمونية ابتعد عنه أكثر مَنْ كانوا ملتصقين به، حتى نشئ الخلافة نفسه، وقد تعرض لإهانات وحبس بسبب التصرفات التي أنكرها عليه الجميع.

- كما حدثت بعض المشاكل والاحتكاكات من جانب عامة الناس بسبب مسجد كان ملاحقا للكنيسة المعلقة، وتعمد مؤذِّن المسجد مضايقة البطريرك، بل كسروا القلاية البطريركية وسرقوا بعض الأواني الفضية، فذهب جمع غفير من المسلمين إلى الأمير جمال الدين بن يغمر نائب السلطان وشكوا إليه، وقالوا: أيا مولانا هل تغلق المساجد وتفتح الكنائس؟! فأجابهم: هذا حديث لا يُسمَع، بل أن الجميع تفتح أبوابها، ومن أراد المسجد يطلع إليه إلا أنه لا يؤذى احد، ولا يتعرض أحداً لآخر، أما هؤلاء النصارى فهم رعية السلطان، وانتم أدرى بذلك، وأن هذا المسجد فقير وأنا أقوم به، إلا أن المقدس فأنا لا أمكن احد منه" وكان النصارى مع إخوانهم المسلمين في سلام وهدوء.

- ظل البطريرك كيرلس الثالث سائرا في خطته السيمونية حتى فج الشعب من تصرفاته، واجتمع جماعة من الاراخنة واتفقوا على مناقشته في تصرفاته، وذهبوا إلى الكنيسة المعلقة، ودار بينهم حوار وحديث ساخن وقالوا له (إلى متى تفعل هذه الأشياء التي جعلتها مرسبة بين الأمراء والشعوب، فسألهم (وما هي هذه الاشياء التي تتضررون منها) قالوا له أخذك السيمونية على الكهنوت، فلما سمع هذا احتج بسداد أموال السلطان، فأجابوه: ومَنْ أوجب عليك أن تقرر للسلطان شيئا ما كان معين عليك أن تدخل فيه، ولم تُطرَح عليك البطريركية بالقوة، بل أنت الذي قدمت رشوة في سبيلها، واغتصبتها لك وقضيت فيها إلى اليوم مدة تسعة وعشرين شهرا حصل الخراب في أعمال كنيستنا على يديك، أجابهم البطريرك أنى لم أخرب كنيستكم بل عمرتها، فما كان فيها سوى أسقفين وأصبح عددهم اليوم خمسين أسقفا، كما أصبح عدد الكهنة لا يُعَد ولا يُحصى، قالوا له أن الأساقفة هم الآخرون يأخذون السيمونية، فرد عليهم ومن يرضى بهذا للأساقفة، لو بلغني أن أسقفا اخذ السيمونية لمنعته، وختموا حديثهم معه بان يكتب إلى الأساقفة بمنع السيمونية.

- وفي سبيل جمعه لمزيد من الأموال أمر أن تتبع جميع الأديرة للبطريركية، بعد أن كان كل أسقف مسئول عن ديره، كما أنشا مطرانية قبطية على بيت المقدس وبلاد الشام، ورسم لها أسقفا يرعى شئون الأقباط هناك باسم باسيلوس، وكان هؤلاء هو أول بطريرك يرسم أسقفا للقدس.

- وإزاء تصرفات هذا البطريرك تقدم إليه البعض بمطالب للإصلاح في مقدمتها: إيمان الأقباط وأبطال السيمونية، لكنه لم يبال بها ولم يغير من طريقته، فطالبوه بعقد مجمع مقدس، ولما اجتمع الأساقفة مع البطريرك، حضر إلى القاهرة أربعة عشر أسقفا منهم اغلبهم من الوجه البحرى، واجتمعوا بالبطريرك في كنيسة حارة زويلة في 3 سبتمبر 1238 م، ووضعوا قرارات وقعوا عليها وحرموا من يحيد عنها وهى المعروفة بقوانين كيرلس بن لقلق، وتبدأ هذه القرارات بإقرار الإيمان الأرثوذكسى المحدد بواسطة المجامع المسكونية الثلاثة الأولى نقية والقسطنطنية وافسس، وآباء الكنيسة وقوانين الرسل والمجامع المقبولة، وبعد ذلك وضعت في أربعة كتب:

- الكتاب الأول يتعلق بنظام إدارة البطريركية

- الكتاب الثاني يشمل النشر الكامل لعوايد وطقوس ونظام البيعة

- الكتاب الثالث يتكلم عن الأوقاف والصدقات

- الكتاب الرابع يتناول موضوعات طقسية.

هذه القرارات والكتب وضعت بين عامي 1238 – 1239 وقدا أضيف إليها كتاب خامس بعد ذلك، ويشمل ما اتفق عليه في مجمع زويلة مع بعض إضافات، وقد اشتهر باسم "اتفاق المعلقة".

خرج الأساقفة وعادوا إلى كراسيهم بعد انتهاء مجمع زويلة، لكن البابا كيرلس الثالث بعد أن حدد الأنظمة التي تتبع في إدارة شئون الكنيسة وموافقته عليها هو والأساقفة المجتمعين معه لم يقم بتنفيذها، فعقد له في 8 سبتمبر 1240 مجلس في قلعة صلاح الدين بحضور الوزير معين الدين بن الشيخ والأساقفة وشيوخ الرهبان والأراخنة وبعض المسلمين الذين حضروا مع الوزير، وقد تقرر في هذا الاجتماع بحضور كيرلس الثالث أن تسير الأمور في الكنيسة على نحو ما سبق تقريره في مجمع زويلة وأضافوا إليه ما يأتي:

- أن يلازم القلاية البطريركية أسقفان عالِمان هما القمص بولس البوشى الذي تقرر رسامته أسقفا على مصر، والثاني احد الأساقفة العلماء بالوجه البحري وحددوا أسماءهم، ويعمل البطرك معهما في كل ما يتعلق بشئون الكنيسة الادارية.

- أن تتولى كل كنيسة بمصر والقاهرة والإسكندرية إدارة أوقافها.

- أن تختصر القوانين التي وضعت في سنتي 1238، 1239 بالاتفاق مع البطريرك والأساقفة الحاضرين، وتكتب عدة نسخ وتوزع على الكراسي للسير بمقتضاها.

- فيما يتعلق بالرهبان الذين يخدمون في كنائس العالم، يستمر بالخدمة مَنْ كان موجودا منهم حتى نياحة البابا يؤنس السادس بشروط معينة.

- وحدثت في أواخر أيام كيرلس بن لقلق عدة مشاحنات بسبب تجاور مسجد وكنيسة المعلقة، واعتدى المسلمون على حائط الكنيسة المجاور للمسجد، وحدثت بلبلة كبيرة بسبب ذلك، وكان المسلمون يصعدون إلى ظهر قلاية البطريرك ويؤذنون ويكبرون، وحدثت أحداث مؤسفة نتيجة لذلك، وعلى الرغم من الأمير احضر قوما منهم وعنّفهم بشدة كما حبس والى مصر جماعة منهم إلا أنهم لم يهدأوا.

- نصح أسقف مصر التقي أنبا بولس البوشي البطريرك بأن يلجأ إلى حياة الوحدة أملاً في الهدوء، ولمراجعة تصرفاته والبعد عن العالم وعن الاحتكاك بالناس، مما يهيئ له الرجوع إلى الصواب في أواخر حياته، حتى تتساوى أعماله بمواهبه النادرة المثال، كما قال فيه أبو شاكر بطرس المعروف بابن الراهب في كتابه التاريخ (انه كان رجلا بارعا ذا فنون كثيرة، إلا انه كان يحب جمع المال واخذ السيمونية، ولهذا عصت عليه أقوام وأهانوه وعقدوا له المجالس، وقد فلح الأنبا بولس البوشى في إقناع البطريرك بذلك، فاعتزال في دير الشمع بالجيزة حتى نياحته في 10 مارس 1243 ودفن بهذا الدير.

وقد عاصر من الملوك الأيوبين: الملك الكامل - العادل - الصالح - المعظم.

ومن المؤلفات التي حفظت له كتاب المعلم والتلميذ، ولما تنيَّح استولى السلطان على جميع مخلفاته، وظل الكرسي البطريركي بعده شاغرا نحو سبع سنوات ونصف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جورج يوحنا
نائب المدير
نائب المدير
جورج يوحنا


عدد المساهمات : 639
تاريخ التسجيل : 14/07/2011

باباوات باسم كيرلس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: باباوات باسم كيرلس    باباوات باسم كيرلس  I_icon_minitimeالإثنين يوليو 18, 2011 4:47 am

110- البابا كيرلس الرابع (أبو الإصلاح)
( 1853 - 1862 م)


المدينة الأصلية له:الصوامعه مركز أخميم الاسم قبل البطريركية:داود الدير المتخرج منه:دير أنبا أنطونيوس تاريخ التقدمة:28 بشنس (11 بؤونه؟) 1570 للشهداء - 17 يونيو 1854 للميلاد تاريخ النياحة:23 طوبه 1577 للشهداء - 30 يناير1861 للميلاد مدة الإقامة على الكرسي:6 سنوات و7 أشهر و13 يوما مدة خلو الكرسي:سنة واحدة و4 أشهر و16 يوما محل إقامة البطريرك:المرقسية بالأزبكية محل الدفن:كنيسة مارمرقس بالأزبكية الملوك المعاصرون:عباس الأول - سعيد باشا
باباوات باسم كيرلس  Divider-3
+ ترهب بدير الأنبا أنطونيوس سالكاً طريق النسك الزائد والصلاة الحارة.
+ رسمه البابا بطرس الجاولي قساً وعينه رئيساً لدير الأنبا أنطونيوس.
+ أقاموه بطريركاً في 28 بشنس سنة 1571 ش.
+ أنشأ المدرسة القبطية الكبرى بالبطريركية، وفتح مدرسة أخرى في حارة السقايين وشدد في تعليم اللغة القبطية فيهما.
+ اشترى مطبعة كبيرة طبع فيها جملة كتب كنسية.
+ ولما أكمل سعيه المبارك تنيَّح بسلام في 23 طوبه سنة 1577 ش.
صلاته تكون معنا آمين.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
السيرة كما ذكرت في كتاب السنكسار
نياحة البابا كيرلس الرابع ابى الإصلاح ال110 (23 طوبة)
في مثل هذا اليوم تنيَّح الأب العظيم الأنبا كيرلس الرابع بابا الإسكندرية العاشر بعد المائة. وقد ولد هذا الأب ببلدة الصوامعة الشرقية من أعمال جرجا من أبوين تقيين حوالي سنة 1816 م، وأسمياه داود باسم جد أبيه، واعتني والده بتربيته وتعليمه. وفي الثانية والعشرين من عمره قصد دير القديس أنطونيوس لزهده في أباطيل الحياة. وهناك سلك طريق الفضيلة والنسك، مما جعل القس أثناسيوس القلوصني، رئيس الدير وقتئذ أن يلبسه ثوب الرهبنة، فدأب منذ ذلك الحين علي الدرس والمطالعة. وبعد سنتين من ترهبه تنيَّح رئيس الدير، فأجمع الرهبان علي اختيار هذا الأب رئيسا، فرسمه الأنبا بطرس الجاولي البابا المئة والتاسع قسا وعينه رئيسا علي الدير، فاهتم بشئون الدير والرهبان أبلغ اهتمام. وكان حاد الذكاء وعلي قسط وافر من الإلمام بالمسائل الدينية، ولذلك فإنه لما نشب خلاف بين الأحباش في بعض الأمور العقائدية، استدعاه الأب البطريرك الأنبا بطرس الجأولي، وكلفه بالذهاب إلى البلاد الحبشية لفض هذا النزاع. فقام بمهمته خير قيام. وعاد الأب داود من الحبشة في يوم السبت 13 يوليه من سنة 1853 م وكان قد تنيَّح البابا بطرس الجاولي في 15 أبريل سنة 1852 م. وعند الشروع في اختيار خلف له، اختلفت أراء الشعب، فالبعض اختار الأب داود، والبعض اختار غيره. ثم استقر الرأي علي رسامته مطرانا عاما سنة 1853 م. واستمر سنة وشهرين، أظهر خلالها من حسن التصرف ، ما جعله أهلا لأن يقام بطريركا، فتمت رسامته في 28 بشنس سنة 1571 ش ( 1854 م). وقد أفرغ قصارى جهده في سبيل تهذيب الشبان وتعليمهم. فقد إنشاء المدرسة القبطية الكبرى بالبطريركية، وفتح مدرسة أخرى في حارة السقايين وشدد في تعليم اللغة القبطية فيهما، كما اشتري مطبعة كبيرة طبع فيها عدة كتب كنسية. وعموما فان إليه يرجع الفضل في تقدم الأقباط، وقد هدم كنيسة البطريركية القديمة وشيد غيرها، ولكنه لم يتمكن من إتمامها لتغيبه في البلاد الحبشية للمرة الثانية. وكان هذا الحبر العظيم عالما شديد الاعتصام بقوانين الكنيسة، وكان محسنا ذا عناية شديدة بذوي الحاجة ومحبوبا من رعيته، وتنيَّح في 23 طوبة سنة 1577ش (1861 م).
صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما أبديا آمين.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
معلومات إضافية
ولد في عام 1532 ش / 1816 م بقرية نجح أبو رزقالي من الصوامعة سفلاق (الصوامعة الشرقية) أخميم، مديرية جرجا (محافظة سوهاج الآن) وكان اسمه داود بن توماس بن بشوت بن داود، وكان أبوه أميا لا يعرف القراءة والكتابة، إلا أنه اعتنى كثيرا بتعليم ابنه حتى صار ملما بالقراءة باللغتين العربية والقبطية وشئ من الحساب، ولما كبر اشتغل داود مع أبيه بالزراعة، وفي هذه الأثناء اختلط بالعربان المجاورين لقريته، فتعلم منهم الفروسية وركوب الخيل والهجن (الجمال).
ومنذ نشأته لم يعبأ بمهام هذه الحياة كأن العناية كانت تجهزه لعمل أشرف ولغاية أعظم بل كان عفوفاً تقيا ورعا محبا للفقراء، وكان يميل إلى العزلة والتفكُّر في سير القديسين.
ولما بلغ الثانية والعشرين من عمره أحب الرهبنة وعزم على الرحيل من وطنه فمنعه أبواه، ولكنه أصر على الرحيل وانتهز الفرصة وودع أصحابه وهرب سنه 1554 ش إلى دير القديس انطونيوس في الوشن حيث توجه إلى عزبة الدير، وقابل هناك القمص أثناسيوس القوضى رئيس الدير وعرض عليه نيته أن يكون راهبا، فظل فترة تحت الاختبار، ولما نجح في هذا الاختبار انضم إلى رهبان دير الأنبا أنطونيوس بجبل العربة بالصحراء الشرقية.
وقد أظهر محبة كبيرة للرهبان والذكاء والورع والميل لدراسة الكتاب المقدس، وكان يجمع أخوته الرهبان ويقرأ عليهم الكتاب المقدس ويشرحه لهم ويحببهم في دراسته، فسر منه رئيس الدير، ولما ذاع صيته بين الرهبان ووصل إلى آذان البطريرك البابا بطرس السابع، استدعاه إليه، ولما حضر بين يديه رأى فيه ما أكد له نبوغه وعبقريته فباركه ودعا له بالتوفيق وكان ذلك في حضور الأنبا صرابامون أبو طرحة أسقف المنوفية، ورسمه قسا.
وبعد أن قضى الراهب داود سنتين في دير الأنبا انطونيوس تنيَّح القمص أثناسيوس القلوض رئيس الدير عام 1840، وعلى الرغم من حداثة عهد داود بالرهبنة، إلا أن الرهبان اجمعوا على تزكية رئيسا للدير، ورفعوا الأمر إلى البابا بطرس فوافق على ذلك، ومنذ ذلك الحين بدأ يتألق بنور مواهبه، فوضع نظاما للدير حرم به على الرهبان مغادرته إلا لضرورة قاطعة وأخذ في إصلاح أحواله الأدبية والمادية والروحية، وفي نفس الوقت وسع من ثقافته هو بالقراءة والدراسة والإطلاع.
اهتم القس داود بدراسة اللغة العربية نحوا وحرفا، فاكتسب منها ما ضبط ألفاظه، كما عني بتعليم الرهبان، فخصص من العزبة بناحية بوش مديرية بنى سويف، التي كانت مقرا للدير مكانا جمع فيه كثيرا من الكتب بالإضافة إلى ما كان موجودا، ودبَّر حلقات للدرس والمناقشة في الموضوعات الدينية والأدبية والتاريخية على السواء، كما افتتح كتابا في بوش لتعليم الأولاد اللغتين العربية والقبطية.

سفره الأول إلى الحبشة:
اختلف الأحباش في بعض القضايا اللاهوتية والطقسية مع مطرانهم الذي كان البابا بطرس السابع قد رسمه في 20 أغسطس 1815 باسم الأنبا كيرلس، وإذ لم يستطيع الأسقف تقويم رعاياه حسب المفهوم الكنسي حرم عددا منهم، واعتدى بالضرب على الآخرين، فلما سمع البطريرك بذلك كتب إليه يأمره بالإقلاع عن هذا الأسلوب الجاف، وينصحه باستعمال الرأفة والليونة ولكن الأسقف لم ينجح في علاج الموقف، واستمر الوضع هكذا، حتى اغتاله رجل اسمه سبغيدس في مدينة عدوة بالحبشة، فأرسل إليهم البطريرك سنة 1841 مطرانا آخر هو الأنبا اندراوس وكان قد تعلم اللغة الإنجليزية في مدرسة ليدرس الإنجليزية بالقاهرة.
ولما وصل الأنبا أندراوس إلى إثيوبيا وجد المشاكل التي تركها سلفه متفاقمة، فكتب للبطريرك بطرس السابع يشرح له أوجه الخلاف، ويسأله المعونة في تصفية هذه المشاكل، فأرسل إليه القس داود رئيس دير الأنبا انطونيوس وحمله رسالتين واحدة للمطران والأخرى للشعب الاثيوبى (الحبشي) فسافر القس داود الصوامعى سنه 1815 واصطحب معه القس برسوم الانطونى الذي صار فيما بعد مطرانا للمنوفية باسم الأنبا يؤانس، وقد حاول القس داود أثناء وجوده في الحبشة أن يحل المشاكل العقائدية القائمة بين المطران والشعب، وأن يضع حدا حاسما لمشكلة دير السلطان الذي تتنازعه الكنيستان، إلا أنه لم يتوصل إلى تسوية قاطعه في كلا الأمرين، وكان للأسف للقنصل الإنجليزى يداً في هذا النزاع، لدرجة أنه أثار النجاش عليه فأخر موعد عودته إلى مصر وضايقه إلى حد ما، ثم سمح بعد ذلك بالسفر، فعاد إلى القاهرة في 17 يوليو 1852 بعد أن قضى هناك سنه وبضعة أشهر.
وفيما بعد نقم الأحباش على الأنبا اندراوس فأودعوه السجن حيث ظل فيه إلى أن تنيَّح بسلام 1867.

ترشيح القس داود للبطريركية:
كان البطريرك بطرس السابع قد وعد القس داود بترقيته إلى رتبة المطران إذا نجح في تسوية المشكلة الاثيوبية، ولكن داود عاد إلى القاهرة بعد نياحة البابا باثنين وسبعين يوما، ووجد الشعب يعمل لترشيح بطريرك جديد، وقد انقسمت صفوفه إلى ثلاثة أحزاب هي:
الحزب الأول: كان ينادى بترقية الأنبا يوساب أسقف جرجا وأخميم إلى رتبة بطريرك
الحزب الثاني: قال بصلاحية القس داود الصوامعى إلى منصب البطريركية على أساس توصيه البابا الراحل بذلك
الحزب الثالث: رأى أن الأنبا أثناسيوس أسقف أبو تيج هو رجل المهام الصعبة الذي يليق بالموقف الراهن حينئذ.
وقد تزعم أنصار أسقف أخميم الأرخن "جاد افندى شيحة" وآخرون من وجهاء الأقباط الذين عمدوا إلى ترديد شائعة تقول "أن أصحاب الدجل وعلوم المطالع يؤكدون انه لو صار داود بطريركا فسوف يكون قدومه شؤما على الحاكم والمحكومين!!
ولكن هذه الأمور وغيرها لم توهن من عزيمة أنصار القس داود، بل أخذوا يزدادون نفوذاً وعدداً، حتى أصبحوا يمثلون صوت الشعب القبطي برمته، وخدمتهم الظروف بانسحاب الأنبا أثناسيوس من المعركة.
أما أتباع أسقف جرجا فلما رأوا أن فوز مناهضيهم قد أًصبح وشيكا، إدعى عميدهم أنهم اخذوا أمرا شفويا من عباس باشا الأول بتنصيب أسقف أخميم بطريركا وتأهبوا لرسامته يوم الأحد الموافق 10 ابريل 1853، ولكن أنصار القس داود أصرّوا على رسامته رغم وقوف عباس الأول في صف الآخرين خصوصا بعد أن ارجفوه بما قاله الدجالون من أن رسامته مستجلب الخراب على البلاد.
ولما كاد الشقاق يستعلى استعان أنصار القس داود بالمستر ليدر احد مرسلى جمعية التبشير الإنجليزية وطلبوا منه التوسط لدى قنصل انجلترا في مصر لتعليم عباس الأول في قبول القس داود بطريركا، وفعلا كلمه فوعد ولكنه ماطل في وعده حتى قدم من الحبشة قس حبشي ومعه كثير من الهدايا وكتاب من النجاش لعباس باشا، فقابله عباس ومكث الرجل لدية أياما، فأشيع أيامها أن القس داود سار إلى بلاد الحبشة ليستعين هو وأتباعه بالنجاش على الخروج على طاعة عباس، فاستدعى القس داود إلى دار المحافظة واستجوب في شأن هذه الإشاعة على ما كان بينه وبين نجاش الحبشة، وكان الباشا قد أمر أن يذهب به إلى مجلس الأحكام بقلعة الجبل، فكانوا يأتون أمام المجلس كل يوم مرة أو مرتين، ويضيقون عليه الخناق في التحقيق، أما هو فكان هادئا ثابتا يتكلم برزانة وتعقل، فاغتاظ عباس باشا، واشتد غضبه على الأقباط، فأمر بفصل الموظفين منهم من خدمة الحكومة، ونفي الأعيان منهم إلى ستار في السودان ودارفور، وأذل الباقين في مصر كلها وعاشت الكنيسة والشعب في اضطهاد رهيب.
استدعى بعد ذلك كتخدا باشا (في مرتبة رئيس الوزراء الآن) جاد أفندي شيحة وأعلمه برغبة الباشا في اختيار بطريرك غير القس داود، وطلب منه التعجيل في ذلك خشية تدخل القنصل الإنجليزي، فجمع جاد أفندي الأساقفة وعرض الأمر: فكثرت آرائهم وحججهم، في الوقت الذي اتفق فيه حزب أسقف أخميم على تنفيذ رغبتهم بالحيلة. وكانت حيلتهم أنهم يجتمعون ليلا في دير ليرسموه بطريركا، فإذا أصبح الصباح وجد أنصار القس داود أن السهم قد نفذ، فيرضخون مكرهين أمام الواقع، وكما قبل من قيل أن جاد أفندي شيحة قد حصل على أمر شفهي من عباس الأول برسامته.
اجتمع الأساقفة بالدار البطريركية ويتبعهم الغوغاء سرا ومعهم أسقف أخميم وجاد أفندي وبعض أقاربه، وأغلقوا عليهم الأبواب، ووضعوا عليها حراسا، وبدأوا يتممون الرسامة في الداخل سرا، ولكن حيلتهم لم تتم. إذ بينما هم كذلك ظهر أحد العميان العرفان وجعل يطوف في شوارع المسيحيين والحارت والأزقة وينادى أن قوموا من نومكم يا قوم، ففي هذه اللحظة يتممون رسامة أسقف أخميم. وظل ينادى ويصيح حتى استيقظ الناس وانطلقوا مسرعين إلى الدار البطريركية فتصدى لهم الحراس فاقتحموا الأبواب، وكثر الهياج، وكان في البطريركية بعض الأحباش نيام فاستيقظوا وسألوهم الخبر، فأوعزوا إليهم بإخراج الأساقفة من الكنيسة بالقوة، فأمسكوا القس وكسروا أبواب الكنيسة، واخرجوا الأساقفة رغما عنهم، واختلطت الأصوات وتعالى الصياح، واستمر الهياج خارج الكنيسة وداخلها وفي الشوارع المؤدية إليها حتى مطلع الفجر!!
ولما خابت جهود المتشعين (المُناصِرين والذين وراءه) للأسقف جعلوا يختلقون الأقاويل على القس داود، فأشاعوا انه في مدة إقامته بالحبشة تزوج من إمرأة حبشية وله منها ولدان، وكان أصل هذه الإشاعة قسيس حبشي كان مغتاظا منه بسبب ما ذهب إلى الحبشة من أجله، وكان قد أتى ليشي به بهذا القول إلى البطريرك ليعطل رسامته فوجده قد تنيَّح، ولما استقصى الناس عن حقيقة هذا الإشاعة أتضح كذب القس الحبشي.
ورأى القنصل الإنجليزي أن الفتنة كادت تعم، فحذر عباس باشا من سوء العاقبة، وكان الخلاف قد ظل قائما عشرة أشهر، انتهى بتوسيط الحكومة الأنبا كيرلس مطران الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة في الصلح بين الفريقين، ولم يوفَّق أولاً، لكنه أعاد الكرة ونجح أخيرا في إقناع الطرفين برسامة القس داود مطرانا عاما أو مطرانا لبابليون على رأى بعضهم، فإن ثبتت كفاءته قلدوه البطريركية بعدئذ، وان لم تثبت فيظل مطرانا لمصر، ويتجه الأقباط بعد ذلك إلى مرشح آخر، ثم كتبت له تزكية بذلك ووقع عليها كل من: الأنبا صرابامون أسقف المنوفية، الأنبا ابرام أسقف أورشليم، الأنبا باكوبوي (ياكوبوس - يعقوب) أسقف المنيا والاشمونين، الأنبا أثناسيوس أسقف منفلوط، الأنبا مكاريوس أسقف أسيوط، الأنبا يوساب أسقف جرجا واخميم، الأنبا إبرام أسقف قنا وقوص، الأنبا ميخائيل أسقف إسنا، الأنبا اسحق أسقف الفيوم والبهنسا والجيزة.
ومن رؤساء الأديرة: القمص عبد القدوس رئيس دير السريان، والقمص حنا رئيس دير البراموس، والقمص جرجس كاهن دير أبو مقار وإذ كان جماعة الأحباش لا يحبون القس داود ولم يرضوا عن رسامته اجتمعوا مع بعض العامة وبأيديهم العصي ودخلوا الكنيسة قبل إتمام الرسامة، وصاحوا في وجوه المصلين بالسب والشتم، واشتد الهياج، فهرب الأساقفة، وتعقب الأحباش القس داود ليقتلوه فاختفي، ولكن الكتلة كانت قد اتحدت على رسامته مطرانا، فرشم في اليوم الثاني باسم كيرلس وكان ذلك في يوم 10 برمودة 1569 / 1853 م.
وقد لاقى في أيامه هذه أسوأ معاملة وأسوأ مقابلة (فقام خصومه وحالوا بينه وبين إنجاز مصالح الطائفة، واشتدوا عليه شدة بالغة، حتى كان إذا أراد النوم لا يجد لرأسه وسادة ينام عليها، ولا لجبينه فراشا، وإذا جاع لا يقدمون طعاما إلا ما يسمحون به له، وإذا زاره احد لا يسمحون له بلقاؤه، أما هو فكان ساكن البال، رائق الحال لا يألوا جهدا في تأليف القلوب المتفرقة والنفوس المتنافرة، حتى طرحوا الخلاف جانبا، ومنذ ذلك الحين أخذ يباشر أعمال الطائفة.

أعماله بعد الرسامة:
بعد أن استقر الأنبا كيرلس في منصبه كمطران عام لجميع تخوم الكرازة المرقسية بدأ بهمة لا تعرف الكلل في تنفيذ مخططه الإصلاحى دون حساب لما يدور حوله، فوجه اهتمام إلى نشر التعليم بين أبناء شعبه، وكتب في ذلك منشورا مطولا ينتقد فيه طرق تعليم النشئ في الكتاتيب التي يديرها عرفاء فاقِدوا البصر، وجعل يحث الأراخنة والمعلمين وأرباب الحرف على المساهمة في جمع المال لإنشاء المدارس النظامية لتهذيب البنين والبنات ونشر المعارف الصحيحة في كل البلاد، فاستجاب الشعب لرغبته وانهالت العطايا عليه، فبلغ ما جمعه من تبرعات لهذا المشروع 44106 فرشا، وبالطبع كان لهذا المبلغ قيمته في تلك الفترة.
وكان أول عمل باشره هو بناء المدرسة الكبرى للأقباط وكانت إلى فترة وجيزة موجودة في فناء البطريركية القديمة بالدرب الواسع، كما اشترى عدة منازل وهدمها وأقام على أنقاضها مدرسة مسيحية ويقال أنه أنفق في بنائها 600 ألف قرشاً، فكان بناؤها موجبا لإجماع الجميع على اختياره بطريركا، وطلبوا من قنصل انجلترا معاونتهم على ذلك لدى عباس باشا الأول، واخذ فعلا موافقته بحضور الأساقفة ما عدا أسقفي أخميم وأبو تيج ورسم بطريركا ولقب بكيرلس الرابع في 28 بشنس 1570 س / 1854 م.
ومما هو جدير بالذكر أن الذين كانوا يوصَفون بالزايرجة وأصحاب الطوالع الفلكية من مرشحي الأنبا يوساب كما أسلفنا أشاعوا انه لو جاء كيرلس بطريركا فسوف يكون شؤماً على حاكم البلاد، وتلعب الصدفة دورها ويقتل عباس الأول في قصره بينها في 14 يوليو 1854 أي بعد رسامته بطريركا بأربعين يوما فقط، فعمد البعض إلى تصديق هؤلاءالدجالين!

+ وكان من إصلاحاته المبكرة أيضا أن أصدر أيام أن كان مطرانا على مصر منشورا في 23 أغسطس 1853 يوصى فيه بالآتي:
1- منع الكهنة من عمل عقد أملاك عند إجراء الخطوبة حتى تترك فترة للتعارف.
2- تحذير الكهنة من تزويج البنات القاصرات.
3- تحذير تزويج النساء المترملات المتقدمات في السن من الشباب.
4- تحتيم أخذ رضاء وموافقة الزوجين قبل الإكليل المقدس.
ولما تمت رسامته بطريركا باحتفال عظيم قدمت عليه الوفود للتهنئة، أما هو فسعى لجمع قلوب الناس على المحبة وإزالة أسباب النفور حتى تم له ما أراد، ثم عكف على العمل لما فيه رقى الأمة القبطية، فنظم إدارة البطريركية والأوقاف، وأتم بناء المدرسة ليجعل التعليم في متناول الجميع بعد أن كان قاصرا على مدارس الدولة التي كان قد أنشأها محمد على واقتصرت على أبناء الوجهاء، وبعد جلوسه على الكرسي البابوى وسع مساحتها حتى تستوعب أكبر عدد من التلاميذ وافتتحها رسميا بحضور وجهاء الدولة في سنة 1855، وكان يقوم بكل مطالب التلاميذ من دفع مرتبات المدرسين واختارهم من المهرة في تعليم اللغات الحية من عربية وتركية وفرنسية وإنجليزية وإيطالية مع كافة المواد الأخرى التي أقرتها برامج المدارس الحكومية، وجعل فيها التعليم والكتب والأدوات بالمجان.
ومن شدة اهتمامه بها كان يزور غرف التدريس دائما كل يوم مرة أو مرتين، ويستمع لالقاء المدرسين للدروس، ثم أنشأ بالمدرسة قاعة يستقبل فيها الزوار لاسيما الأجانب الذين كان يكلفهم بفحص غرف التدريس وإبداء ملاحظاتهم عليها وما يؤول لنجاحها.
وكان يقوم هو نفسه بإلقاء بعض الدروس التاريخية والأدبية على الطلبة مما يناسب إدراكهم وسنهم، وجعل تعليم اللغة القبطية إجبارياً مع الإشراف على ذلك بنفسه، وإذ رأى أن بعض الطلبة من جهات بعيدة يتكبدون مشقة الحضور إلى المدرسة أنشأ لهم مدرسة بحارة السقايين كان يزورها كل أسبوعين، كما أنشأ بحارة السقايين مدرسة أخرى للبنات فكانت أول لفته في مصر لتعليم البنات، حيث كانت البنات تعانى من قبل من الجهل وعدم العناية بها.

مشكلة في طريق التعليم:
لقد كان إقبال الأقباط -رغم ذلك- على التعليم في مدرسة الأزبكية (الأقباط الكبرى) قليلا، فلم يزد عدد طلبتها على مائة وخمسين طالبا، وكان المشار إليهم في تعليم الأطفال حينئذ جماعة من العرفان، فلما أحسوا بما أجراه البطريرك سعوا يلقون بالفتنة ضده في البر، وجعل هؤلاء العرفاء يوهمون أهالي الأولاد بأن بين البطريرك والوالي عقدا على أن يجند له من الأولاد ألوفاً، وكان إذا وصل الدار البطريركية شيئ من الأدوات المدرسية بكوا وناحوا، وقالوا هذه آلات للحرب وإذ رأى البابا كيرلس الرابع هذا الخطر يتزايد من جراء إشاعات هؤلاء العرفان، بدأ يستميلهم بأن أشركهم في مراحل التعليم الأولى في الدارس التي أنشاها، فلم تمض مدة حتى بدأوا يرتلون بحمده ويستديروا مائة وثمانين درجة!!
ولقد أنجبت المدارس أبناء كثيرين تكلموا باللغات المختلفة، وكانوا من الأقباط المسيحيين منهم عبد الخالق ثروت باشا رئيس الوزراء في العشرينات من هذا القرن، وكان يدعو سنويا كبار القوم ليوزع الجوائز الفاخرة على التلاميذ النابغين تشجيعا لهم وتنشيطا لسواهم.
وقد كلف أحد قسوس الكنيسة الكبرى بالأزبكية (القمص تكلا) وكان يجيد الألحان بأن يختار من بين التلاميذ عددا من ذوى الأصوات الحسنة، وعهد إليه بتعليمهم، وأعد لهم ملابس خاصة ليقوموا بالخدمة في الكنيسة، مما دفع الأهالي للإعجاب بالمشروعات ودفعوا أولادهم على الالتحاق بمدارسة والانتظام فيها.
وبعد قليل تخرج من هذه المدرسة عدد كبير، واتفق إنشاء مصلحة السكك الحديدية بمصر فدخلوها موظفين، وانتشروا في محطاتها، وكانوا يؤدون أعمالهم باللغة الإنجليزية، وعمل بعضهم في البنوك وعند التجار لمعرفتهم باللغات الأجنبية.
كان اهتمامه عظيما باللغة القبطية وإحيائها، فطبع منها عدة كتب، وبدأ الطباعة بلندن، فتعلمها أعضاء الكتبة القبطية، وتكلموا بها، فكانت في آخر أيامه من أهم اللغات التي كان يتكلم بها أبناء المدارس لديه، وقد أنشأ حوالي 12 مدرسة منها مدرسة للبنات علا فيها التدريب المنزلى من طهى ونسيج وخياطة وتطريز وبعض أعمال الخدمة الطبية إلى جانب علوم الدين واللغات.

إصلاحاته الأخرى:
1-وجه عنايته إلى ترميم الكنائس وإعادة ما تخرب منها فأعادها إلى ما كانت عليه، ولما رأى صعوبة تحمل مساكن حارة السقايين والجهات القريبة منها المشاق لحضور الصلاة في الكنيسة المرقسية بالأزبكية سعى لدى سعيد باشا سنه 1572 س ليحصل على إذن ببناء كنيسة في تلك الجهة فصدر له في 5 ربيع الأول 1272 هجرية، فكرس مكانا بمنزل رجل شهرته القيصاوى ليكون كنيسة إلى حين التمكن من بناء جديد، وأقام أول صلاة شكر في تلك الكنيسة وبقيت كذلك إلى أن بنيت الكنيسة الحالية في عام 1881 م.

باباوات باسم كيرلس  Www-St-Takla-org___El-Moalem-Gerges-El-Gohary-01

St-Takla.org Image: Moalem Gerges El Gohary 2-
أما كنيسة البطريركية بالدرب الواسع بالأزبكية فقد وجد مبناها الذي كان قد بناه المعلمان إبراهيم وجرجس الجوهرى ضيقا متواضعا، وأن عمارتها ضعفت ومهدده بالانهيار فقام بهدمها من أساسها ووضع تصحيحا يليق بكاتدرائية كبرى تليق بمركز الرئاسة وترفع من شأن قومه أمام الجاليات الأجنبية، واحتفل بوضع أساسها يوم الخميس 6 مايو 1858 بحضور كثيرين من وجهاء مصر وكبار رجال الدولة إلا انه مات أثناء بنائها فأكملها خليفته وبمثريوس الثاني.

إنشائه للمكتبة:
عقب هذا التقدم والنجاح العلمي والديني، وجه نظره نحو إنشاء مكتبة تجمع الكتب النفيسة، فوجد في الدار البطريركية كثيرا من الكتب المهملة دون عناية، وبها كتب نفيسة للغاية، فجعل يصلح نظمها وتنظيمها ووضعها في مكان خاص بها أخذ يجمع من خزائن الأديرة الكتب الثمينة والسجلات المهمة لوضعها في المكتبة، كما أمر بتصحيح الكثير من كتب الكنيسة، حيث كانت تضم كثيرا من الحشاوي والتخاريف فأصلحها وضبطها.

إنشائه المطبعة:
عندما انتظمت مدارس البنين والبنات التي أنشأها، رأى أن رسالتها لا تكتمل إلا بوجود مطبعة تتولى طبع الكتب المدرسية، وما تحتاج إليه الكنيسة من الكتب الدينية على اختلاف أنواعها، وكانت حتى ذلك الحين تعتمد على الكتب المخطوطة التي حرفها النساخ أو كتبوها بخطوط رديئة تصعب قراءتها، فكلف صديقاً له يدعى رفلة عبيد الرومى بشراء مطبعة من أوربا وفعلا حقق له رفلة رغبته واشترى له مطبعة من إيطاليا، وصلت ميناء بولاق وكان يومها في دير الأنبا انطونيوس بالصحراء الشرقية، فكتب إلى وكيل البطريركية بالقاهرة بأن يستقبلها في زيه الكهنوتي ويكون الشمامسة بملابسهم الكهنوتية، وهم يرددون ألحان الفرح والسرور، ولما عابه البعض على ذلك بعد مجيئه من البرية، أجابهم لو كنت حاضرا فور وصولها لرقصت أمامها كما رقص داود النبي أمام تابوت العهد.
+ قام بتوسيع بعض الأديرة مثل دير السريان، وأرسل من قبله عمالا قاموا بقطع الأحجار من هضبة مجاورة، وزودهم بعربة لنقلها ونقل مواد البناء ومستلزماتها أثناء العمل.
+ نظرا لما كان يعرفه من خطورة بعض الكهنة وتأثير المادة عليهم، بدأ يصلح أحوالهم المعيشية وربط مرتبات شهرية لبعضهم حتى لا تقف المادة عائقا لخدماتهم، وبدأ في عمل مدرسة إكليريكية لتعليمهم.
+ كان راهبا صلبا، ولكنه بجانب عطفه على الرهبان الذين اختاروه رئيسا لهم في الدير إلا أنه كان قاسيا عليهم ليحد من حريتهم، فكان خشنا رسمى (أبو نبوت) فلم يسمح بخروج الراهب من ديره إلا للضرورة.
+ كانت المرأة تعد من سقط المتاع، إلا في مجال الأمومة، فجاء البابا كيرلس الرابع ليغيرها، فأصبحت شريكة الرجل في كل أطوار حياته، وعمل على تعليمها وتهذيبها في مدرسة خاصة بها وكانت الأولى في مصر، وقد اقتدت الحكومة به، ونظرت إليه كرائد اجتماعي وفتحت بعده مدارس البنات، كما حفظ للمرأة كرامتها فلم يكن يسمح بالطلاق إلا لعلة الزنا تطبيقا لمبدأ الإنجيل، كما كان يوصي أولاده المسيحيين بعدم التفريق بين الاثنى والذكر في الميراث فهم سواء لأن الله لا يميز بين روح الرجل وروح المرأة.
+ من الأعمال النافعة التي حققها أنه أقنع الحكومة باستعمال التاريخ القبطي، وقال في ذلك صاحب كتاب التوقيعات الإلهامية (في ابتداء 21 شوال سنه 1271 ه استعملت التواريخ القبطية بحسابات مصر) أي من أول أبيب 1571 شهداء الموافق 7 يوليو 1855، وبقى مستعملا إلى أن أبدل بالتوقيت الإفرنجي من أول ديسمبر 1875 م.
+ ومن تأثيره كذلك أنه نهض باللغة القبطية، وأصلح النطق بحروفها بمساعدة أحد مدرسي اللغة اليونانية في المدرسة العبيدية، فنبغ في مصر وقتها كثيرون كان في مقدمتهم، المعلم عريان جرجس مفتاح - القمص فيلوتاوس إبراهيم عوض - برسوم إبراهيم الراهب - فانوس ميخائيل جرجس - الدكتور إبراهيم بك حلمي من مركز صحة السويس.
+ ولما صدر الفرمان السلطانى في 18 فبراير سنه 1856 بمساواة كل المواطنين والتمتع بكافة الحقوق، قام البابا كيرلس الرابع وتقدم إلى الوالي يطلب منه تطبيق نصوص الفرمان على جميع المصريين فوعده الباشا بذلك، ولكن عندما رآه يماطل في تنفيذه استاء من تهربه وتوجه إلى دير الأنبا انطونيوس ومعه الأنبا كلينيكوس بطريرك الروم الأرثوذكس الذي كانت تربطه به صداقة قويه، ومكثا هناك قرابة ستة أشهر، فانتهز قنصل فرنسا هذا الخلاف وعرض على البطريرك تسوية الأمر بينه وبين أمير البلاد شريطة أن يسمح للرهبان اليسوعيين بتأسيس مراكز تبشيرية في الحبشة إلا أن البابا رفض هذه الوساطة التي لا تتفق ومصلحة الكنيسة.
+ عندما تولى سعيد باشا الحكم واجهته مشاكل متعددة فيها الجيش والتجنيد، فجعل التجنيد إجباريا على كل المصريين، وشن نظاما للاقتراع يدعى بموجبه كل المصريين بلا فارق بينهم لحمل السلاح حتى الأقباط، وقد رحب البابا كيرلس بهذا ليكون القبطي مواطنا لأخيه المسلم ويكون هذا مبررا لرفع الجزية التي كانت تدفع بدعوى الدفاع عن المسيحيين، وان كان الأقباط قد خافوا ووقعوا ضده في هذا، إلا أنه استمر في موقفة وشجع سعيد باشا على هذا، ليكون للمسيحي شرف الجندية وشرف المواطنه كمصرى.

سفره الثانى إلى الحبشة:
وقع في أيام البابا كيرلس الرابع خلاف بين الحكومتين المصرية والحبشية بسبب تعيين الحدود بينها، وقيل أن السلطان عبد المجيد العثمانى هو الذي أوعز إلى سعيد باشا خديوي مصر بأن يرسل بطريرك الأقباط إلى البلاد الحبشة لعقد اتفاق بينه وبين ثيودور ملك الحبشة Tewodros II أو Theodore II الذي كان قد تعدى على بعض نقاط الحدود في إقليم هرر Harrar وحدثت مشاكل للتابعين في ذلك الوقت للحكومة المصرية العثمانية، فجهزت له باخرة، وقام البطريرك بهذه المهمة السياسية بدون أن يدرى به أحد إلا الذين رافقوه في السفر وبعض خدامه، وألفت النظر هنا إلى أن الكنيسة القبطية لا تعمل بالسياسة أصلا ولا تتدخل فيها إلا إذا طلب منها، وأن تنفيذها للسياسة في حدود ما تكلف به فقط ويقود إلى حياتها الدينية كما هو موضوع بها.
وقد سافر البابا كيرلس الرابع رغم أن السفر كانت تعلوه الكآبة ويشوبه التشاؤم من هذه السفرية، وكان يرافقه اثنان من أغوات المنزل (جمع أغا)، فانتهز فرصة طول السفر وتعلم منهم التركية.
ولما علم النجاش بقدومة خرج لملاقاته بموكب حافل على مسيرة ثلاثة أيام من عاصمة مملكته، وطلب منه أن يمسحه ملكا بحضور جميع ملوك الحبشة، وكان في الحبشة بعض من المرسلين الإنجليز المرسلين من (جمعية التبشير بالإنجيل) لبث تعاليم ما رتبه لوثر كينج البروتستانتية بين الأحباش، وقد تقربوا من النجاش بعمل المدافع وصنع الاسلحة لحبشة، وتعليمهم فنون الحرب والقتال، حتى سأل إليهم وأعطاهم الحرية ليجولوا في كل مكان، فكانوا يعبثون بطقوس الكنيسة القبطية، ولم يفلح مطران الحبشة في مقاومتهم، فانتهز فرصة وجود البطريرك ورفع أمرهم إليه، فبعد انقضاء الأفراح طلب البطريرك من النجاش أن يرد لبلاد مصر ما أخذه منها، فأجابه إلى طلبه بسرور زائد، ثم كلمه بشأن المرسلين الإنجليز وطلب منه ترحيلهم، فاعتذر بكونهم يعلمون جنوده فنون الحرب، فأفهمه أن الحال غير داعية للحرب، فأمر النجاش بإخراج المرسلين من بلاده، فحقدوا على البطريرك وعملوا على الانتقام منه.
وكان البطريرك قد بعث يطلب من سعيد باشا أن يسير إليه بعض الصناع والمعلمين، فدس إليه قنصل الإنجليز بأن كيرلس هذا يريد أن يسلم بلاده إلى النجاش، ومازال سعيد باشا حتى قام إلى الخرطوم بجيش عظيم، وفي الوقت نفسه كان الإنجليز يحيكون مكيدة أخرى ضد كيرلس لدى النجاش، فدسوا عليه أنه قدم لطرد الإنجليز الذين كانوا يعدون لك الآلات الحربية ليمكن والي مصر منه، وقد حمل إليه من قبل سعيد باشا كسو (كساء) مسموما إذا ما لبسته قضي عليه! وكان فعلا من بين الهدايا التي قدمها البابا كيرلس للنجاش برنسا مزركشا بالجواهر الكريمة فهاب النجاش الأمر، لاسيما لما علم بقدوم سعيد باشا بجيشه إلى الخرطوم، فأمر بسجن البطريرك وضيق عليه الخناق، وخشية من أن يفلت البطريرك، ويمسح ملكا آخر للحبشة سواه، اصطحبه معه، فكان يسوقه أمامه في كل مكان يحل به محاطا بالحراس وكان إذا جلس يقف أمامه، ويبكته بأغلظ الألفاظ.
تمكن البابا من أن يصل إلى والدة النجاش، وكانت تقية ورعة، وأفهمها بحقيقة الأمر، فتوسلت إلى ولدها من جهته، فسمح له أن يدافع عن نفسه، فتمكن من إقناعه بجليل مقاصده، ومن ثم طلب أن يلبس الثوب الذي ارتاب فيه فلبس البطريرك مدة يومين دون أن يصاب بأذى، ولبسه رجل محكوم عليه بالإعدام مدة ثلاثة أيام فلم يصبه سوء، وكان النجاش قد أمر بحرم البطريرك حيا، فعفي عنه، وأرسل البطريرك إلى سعيد باشا أن نجاحه متوقف على رجوعه من حيث أتى، فرجع سعيد باشا إلى مصر بقواته من الخرطوم، وهنا عرف النجاش حقيقة الموقف، واعتذر للبطريرك على سوء فعلته وذلك برفع حجر على رأسه كعادة الأحباش وكان قد مر أكثر من سنه منذ خرج الأنبا كيرلس من مصر ولم يرد عنه خبر أو يسمع عنه شئ، وكان الناس قد قلقوا عليه كثيرا، وبعد سنه وأربعة اشهر حل مكتوب منه ينبئ بأنه وصل إلى الخرطوم ومعه اثنان من رجال حكومة الحبشة، أحدهما قسيس الملك والثاني وزيره، فسر الشعب بعد أن ظنوا أنه مات، ووصل إلى القاهرة في 17 أمشير 1574 ش وقد استقبل استقبالا عظيما.

نهاية البابا كيرلس:
لم ينسى الإنجليز له موقفه هذا فدبروا له مأساة محزنه لقاء إيعازه للنجاش بطرد تابعيهم من الحبشة، ولم يمكنهم من أخذ السلطان، كما اشتد غيظ الإنجليز عندما علموا أنه ينوى توحيد الكنائس الأرثوذكسية، فبعد رحيل وزير نجاش إلى الحبشة شعر البابا كيرلس بتغير محمد سعيد باشا عليه واتفق انه اصطحب معه بطريركي الروم والأرمن إلى دير القديس انطونيوس كما أسلفنا ترويحا عن أنفسهم، فانتهز القنصل الإنجليزى ودس له عند سعيد باشا بأنه يريد توحيد الكنائس تحت حماية روسيا التي كانت مكروهة من السلطان ومن سعيد باشا، فأرسل سعيد باشا إلى مدير مديرية بنى سويف يأمره بأن يستدعى البطريرك فورا، فاستمهله أياما، فاشتد غيظ سعيد باشا، ويروى التاريخ أنه كان في أحد الأيام أن جاء إلى البابا رسول من قبل محافظ مصر يستدعيه إلى الديوان لأمر لا يتم إلا بحضوره، فلم يقبل الذهاب، وصرف هذا الرسول بالحسنى فعاد إليه مرة ثانية وثالثة، فلم ير البابا بدا من الذهاب، واصطحبة وغاب ساعة وعاد ووجهه يقطر منه العرق، وقد نزلت به حمى، فعرف العلة وأشار بالدواء، فلم يأته حتى أتاه طبيب محمد باشا بأمر منه، وأخذ في علاجه، وظل يعالجه أياما، وقد اشتدت عليه الحمى وعظم مرضه، وفقد الرشد وسقط شعر رأسه ولحيته على وسادته وانحل جسده.. ومات.
ويروى من كانوا حوله، انه لم يقبل السم في القهوة لأنه سمعهم يتكلمون بالتركية وكان يفهمها، ورجع إلى قلايته حزينا، حتى حضر إليه كل من صديقه ربيب الأرمن والخواجة حنا مسرة وأحضرا له طبيبا قالا عنه أنه أمين، ولكنه دس له السم في الدواء، ولما شعر به يمزق أحشاءه من الألم سلم أمره لله وجعل يردد (لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، بل خافوا من يقتل النفس).
وكانت وفاته في ليلة الأربعاء 23 طوبه 1577 ش / 1861 م ودفن بقبره الذي كان قد بناه لنفسه بالكنيسة الكبرى، بعد أن قدم للكنيسة ولمصر كل هذه الأعمال الجليلة والإصلاحات الكبيرة ومن ثم دعي (أبو الإصلاح).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جورج يوحنا
نائب المدير
نائب المدير
جورج يوحنا


عدد المساهمات : 639
تاريخ التسجيل : 14/07/2011

باباوات باسم كيرلس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: باباوات باسم كيرلس    باباوات باسم كيرلس  I_icon_minitimeالإثنين يوليو 18, 2011 4:47 am

112- البابا كيرلس الخامس
( 1874 - 1927 م)


المدينة الأصلية له:تزمنت - بني سويف الاسم قبل البطريركية:يوحنا الدير المتخرج منه:البرموس تاريخ التقدمة:23 بابه 1591 للشهداء - أول نوفمبر 1874 للميلاد تاريخ النياحة:أول مسرى 1643 للشهداء - 7 أغسطس 1927 للميلاد مدة الإقامة على الكرسي:52 سنة و9 أشهر و6 أيام مدة خلو الكرسي:سنة واحدة و4 أشهر و10 أياممحل إقامة البطريرك:المرقسية بالأزبكية محل الدفن:كنيسة مارمرقس بالأزبكية الملوك المعاصرون:إسماعيل باشا - توفيق باشا - عباس باشا الثاني - السلطان حسين - فؤاد الأول
باباوات باسم كيرلس  Divider-3
+ كان راهباً ناسكاً قديساً بدير السيدة العذراء الشهير بالسريان بوادى النطرون ثم انتقل إلى دير البراموس وهناك رسموه قساً ثم قمصاً.
+ ذاعت فضائله من علم وحلم وتقوى، فرسم بطريركاً في 23 بابه 1591 ش.
+ ازدادت الكنيسة في عصره بالقديسين والعلماء مثل الأنبا ابرآم مطران كرسي الفيوم حبيب الفقراء، والإيغومانس فيلوثاؤس ابراهيم رئيس الكنيسة المرقسية الكبرى، والأب العالم الجليل القمص عبد المسيح صليب البراموسى، والشماس حبيب جرجس مدير الكلية الإكليريكية.
+ بذل البابا أقصى جهده في النهوض بشعبه إلى أرقى مستوى، كما اهتم بطبع الكتب الكنسية وتنيَّح بسلام بعد أن قضى على كرسي البطريركية اثنتين وخمسين سنة وتسعة أشهر وستة أيام، وذلك في اليوم الأول من شهر مسرى سنة 1643 ش.
صلاته تكون معنا آمين.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
السيرة كما ذكرت في كتاب السنكسار
نياحة البابا القديس كيرلس الخامس بابا الإسكندرية المائة الثاني عشر (1 مسرى)
وفي مثل هذا اليوم من سنة 1643 ش (7 أغسطس سنة 1927 م) تنيَّح الأب التقي الجليل البابا كيرلس الخامس المائة والثاني عشر من باباوات الكرازة المرقسية. ولد هذا الأب في مدينة تزمنت بمحافظة بني سويف سنة 1831 م من أبوين تقيين فسمياه يوحنا وربياه أحسن تربية وأنشأه علي الآداب المسيحية وكان ذا ميل شديد إلى الدراسة في الكتاب المقدس وأخبار القديسين.

باباوات باسم كيرلس  Www-St-Takla-org__112-Pope-Kirellos-5_01

St-Takla.org Image: Pope Cyril V of Alexandria وفي سنة 1843 م رسم شماسا وهو ابن اثنتي عشرة سنة فقام بخدمة الشماسية خير قيام. ولما كان ميالا بطبعه الفطري إلى الزهد والتقشف وحب الوحدة فقد ترك العالم وقصد دير السيدة العذراء الشهير بالسريان بوادي النطرون، وهناك تتلمذ للأب الشيخ الروحي القمص جرجس الفار أب اعتراف الرهبان وعلم أبوه بمكانه فحضر إليه وأخذه ولكن حب النسك الذي كان متملكا عليه لم يدعه يلبث قليلا فعاد إلى البرية وترهب في دير البرموس سنة 1850 م. فأحسن القيام بواجبات الرهبنة واشتهر بالنسك والعفة والحلم حتى أصبح قدوة صالحة لسائر الرهبان فرسموه قسا سنة 1851 م ثم قمصا سنة 1852 م وكان عدد الدير في ذلك الوقت قليلا جدا وإيراد الدير يكاد يكون معدوما فكان هذا الأب يكد ويجد في نسخ الكتب وتقديمها للكنائس ويصرف ثمنها علي طلبات الرهبان من أكل وكسوة وذاعت فضائله من علم وحلم وتقوي فرسم بطريركا في 23 بابه سنة 1591 ش (أول نوفمبر سنة 1874 م) باحتفال مهيب فوجه عنايته إلى الاهتمام ببناء الكنائس وتجديد الأديرة والعطف علي الفقراء والعناية بشئون الرهبان. وفي سنة 1892 م فضل أن ينفي من أن يفرط في أملاك الرهبان كما نفي معه الأنبا يؤنس مطران البحيرة والمنوفية ووكيل الكرازة المرقسية وقتئذ وبعد ذلك عاد الاثنان من منفاهما بإكرام واحترام زائدين.
وقد ازدانت الكنيسة في عصره بالقديسين والعلماء: منهم الأب العظيم رجل الطهر والوداعة والإحسان الأنبا ابرآم مطران كرسي الفيوم (كتب تاريخه تحت اليوم الثالث من مسرى) هذا الحبر الذي بلغت فضائله حدا بعيدا من الذيوع والانتشار وبلغ من تناهيه في الإحسان علي الفقراء وذوى الحاجات أنه لم يكن يدخر نقودا بل كان كل ما يقدمه له أهل الخير يوزعه علي المحتاجين وله من العجائب التي أجراها في إخراج الشياطين وشفاء المرضي الشيء الكثير.
ومن العلماء الأب اللاهوتي الخطير والخطيب القدير الايغومانس فيلوثاؤس ابراهيم الطنطاوي رئيس الكنيسة المرقسية الكبرى والأب العالم الجليل والراهب الناسك الزاهد القمص عبد المسيح صليب البرموسي الذي كان ملما إلماما تاما باللغات القبطية والحبشية واليونانية والسريانية وقليل من الفرنسية والإنجليزية وقد تحلي بصبر لا يجاري في البحث والتنقيب في ثنايا الكتب الدينية فترك مؤلفات ثمينة تنطق بفضله.
وقد اتخذ البابا كيرلس المرحوم حبيب جرجس الذي كان مديرا للكية الإكليريكية شماسا له: فكرس حياته للكلية ونهض بها وساعد البابا في توسيع مبانيها بمهمشة وكان البابا يزورها ليبارك طلبتها وكان هذا الشماس واعظا قديرا رافق البابا في رحلاته إلى الصعيد والسودان وقام بترجمة الكتب الدينية من اللغات الأجنبية إلى العربية وأصدر مجلة الكرمة لنشر الحقائق الإيمانية بأسلوب إيجابي. وألف كتبا كثيرة منها: كتاب أسرار الكنيسة السبعة وكتاب عزاء المؤمنين وسر التقوى وغيرها وقد علم وربي أجيالا كثيرة من رجال الدين الذين نهضوا بالكنيسة وملئوا منابرها بالوعظ وإصدار المؤلفات الدينية.وقد بذل البابا البطريرك أقصي جهده في النهوض بشعبه إلى أرقي مستوي كما أهتم بطبع الكتب الكنيسة. وتنيَّح بسلام بعد أن قضي علي كرسي البطريركية اثنتين وخمسين سنة وتسعة أشهر وستة أيام .
صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
معلومات إضافية
ولد يوحنا في بلده تزمنت مديرية بنى سويف سنه 1824، وبعد ميلاده بفترة هاجر به أبواه من تزمنت ليستوطنا كفر سليمان الصعيدي (كفر فرج) بمديرية الشرقية ثم توفي والده وهو طفل، فتكفل به شقيقة الأكبر المعلم بطرس، ولما بلغ سن الرشد رسمه الأنبا إبرام مطران القدس شماسا، وكانت تبدو عليه دلائل التقوى والميل إلى الزهد والانقطاع عن العالم، ومحبة الكتب والقراءة، فكان يتجنت أصدقاءه الشبان ويعكف على الروحيات.
ولما بلغ العشرين من عمره أى في سنه 1844 تردد بين أمرين: إما أن ينذر نفسه لله ويعيش بتولا بين الرهبان، او يتزوج ويصبح أب أسرة، إلا أن الوازع الأول تغلب عليه، فقصد دير السريان ولكن أسرته سعت لإرجاعه ورجوه إلا يتركهمـ إلا انه ما لبث أن هرب ليعيش راهبا في دير البراموس.
وكان دير البراموس آنذاك يعانى من الفقر، وكانت إيرادته في أيدي الغير يستغلونها لأنفسهم، حتى أن رهبانه كانوا يقتاتون على الترمس الذي كان مدخراً في الأديرة منذ أيام المعلم ابراهيم الجوهرى، ولذلك كان عدد رهبانه قليل وصلوا إلى أربعة رهبان، اما هو فكان معهم فتتعلم أصول الفضيلة، ومن ثم اتفقت كلمتهم على ترقيته إلى درجة الكهنوت، وكتبت له ترقية ورسم قسا 1845 على يد الأنبا صرابامون أسقف المنوفية في حارة زويلة.
وبعد قليل طلبه الرهبان ليتولى إدارة شئونهم، فتسلم تدبير مجمع الرهبان بدير البراموس فنجح لأنه احتقر نفسه ليرفع الرهبان، وكان يوزع عليهم ما يكسبه من حرفة نسخ الكتب ومن هنا سمى يوحنا الناسخ، وتحسنت أحوال الدير في عهده وزاد عدد رهبانه
ولما فاح عطر سيرته الحسنة، رغبت الأمة القبطية في إحضاره إلى القاهرة وتعيينه في رتبه أعلى فلم يقبل، ولم يسمح كبار الرهبان بأن يتركهم، إلى أن استدعاه البابا ديمتويوس عام 1855 ورسمه إيغومانسا ليكون مساعدا له في الكاتدرائية بالأزبكية، إلا أن الرهبان في البراموس شق عليهم هذا فكتبوا يستعطفون البابا في رجوعه فأرجعه.
القمص يوحنا ودير المحرق:
ثار رهبان دير المحرق على رئيسهم القمص عبد المسيح الهورى سنه 1857 ووفدوا إلى القاهرة برئاسة القمص عبد المسيح جرجس المسعودى طالبه عزل الهورى، ولما حقق البابا كيرلس الرابع في شكواهم ووجدها بسيطة لا تستحق كل هذه الثورة، فلطم زعيمهم على وجهه وأمره بالتوجه إلى دير البراموس، فسار إلى هناك ومعه كل من القمص حنس والقمص ميساك والقمص ميخائيل الاشقاوى وغيرهم
ثم ثار رهبان نفس الدير مرة أخرى في سنه 1870 وعزلوا رئيسهم القمص بولس غبريال الدلجاوى الذي هاجر بعدها إلى دير البراموس سنه 1871 ومعه مجموعة من خلصائه القمامصة، واستقبلهم هناك القمص يوحنا الناسخ، واحبهم ولم يعاملهم كضيوف أتوا ليقيموا بشكل مؤقت بل حسبهم أخوته، لهم كافة الحقوق كرهبان الدير البراموسيون، واشركهم معه في شئون الدير وتنمية موارده المادية والروحية.
حتى انه لما جاء بطريركا فيما بعد لم ينسى هؤلاء الرهبان المهاجرين، بل قدَّر أتعابهم وأفسح لهم مجال الخدمة، فجعل القمص عبد المسيح المسعودى ابا الرهبان دير البراموس، ورفع عددا منهم إلى رتبة الأسقفية.
ترشيح القمص يوحنا للبطريركية:
بعد نياحة البابا ديمتريوس اجتمع الأساقفة مع وجهاء الشعب الأرثوذكس، وقرروا تعيين مطران البحيرة ووكيل الكرازة المرقسية نائبا بطريركيا إلى أن يتفقوا على اخيار بطريرك جديد، إلا أن هذا المطران لم يقنع بهذا المنصب المؤقت بل طمع في المنصب بشكل دائم، فرشح نفسه بطريركا، ولكى يكسب عطف الشعب، شكل لهم مجلسا مليا من أربعة وعشرين عضوا واعتمده من الخديوي بقرار حكومي صدر في 29 يناير 1874.
وكان هذا المطران يخطى بثقة، بل أن وهبة الجيزاوي كبير كتاب المالية انذاك استطاع أن يقنع الخديوي بصلاحيته دون غيره للكرسي البطريركي، فاخذ إسماعيل باشا برأيه، واظهر استعداده له متى اجتمعت كلمه الأقباط عليه.
إلا أن الأساقفة برئاسة الأنبا ايساك أسقف البهسنا والفيوم زاروا وهبه بك هذا في داره، وافهموا انهم اتفقوا جميعا على ترشيح القمص حنا الناسخ البراموس بطريركا، وانهم لن يرضوا غيره بديلا، كما حملوه بلهجة شديدة مسئولية تأخير الرسامة، وما يترتب عليها من سوء العواقب تضر بالأمة القبطية وبالكنيسة والشعب، وقالوا له انه قد مات أساقفة قسقام ومنفلوط وأسيوط وقنا واسنا والخرطوم وإنهم يخشون من تأخر الرسامة أكثر من ذلك فلا يجدون فيما بعد العدد الكافي من الأساقفة لتنصيب البطريرك، وصارت مشكلة بين وهبه بك والأنبا ايساك، وما لبث أن مات وهبه بك من الحزن لما فعل، كما حزن إسماعيل باشا على وهبه بك فارجأ إصدار أمر عال بالرسامة.
الا انه في هذا الوقت كانت الكنيسة الحبشية تعانى من بعض المشاكل التي لا يمكن حلها إلا عن طريق البطريرك، لهذا وسط النجاش قنصل روسيا لكى يتدخل ويعجل برسامة بطريرك في مصر عند الباب العالى في الأستانة، وبعد أن درس الباب العالى القضية في الديوان العثمانى بالأستانة، كتب السلطان يتعجل الخديوي في سيامة البطريرك، فلم يجد إسماعيل باشا بدا من التنفيذ بان اعطى الحكومة امرا بهذا.
وعليه التمس الشعب القبطي رسامة القس يوحنا، طلب من المنام الخديوي عن طريق المجلس الملّي احضاره بمساعدة الحكومة لرسمه بطريركا، فتم ذلك، وكلفت الحكومة مدير البحيرة باحضاره، فحضر القمص يوحنا إلى القاهرة وانتخبه البطاركة والأساقفة الاعيان بطريركا للكرازة المرقسية في 23 بابة 1591، 1 نوفمبر 1874 باحتفال كبير حضره كبار رجال الامه والرؤساء الروحيون وكان ذلك في الكنيسة الكبرى في الأزبكية.

أعمال البابا كيرلس الخامس الإصلاحية:
كثرت أعماله الإصلاحية ومساعدة طبقات شعبه المحتاجة، فشيد تعوزا في كل دير من اديرة القاهرة ومصر القديمة وشيد ثلاثة عشر كنيسة بمصر والخرطوم والجيزة منها: كنيسة مارمرقس بالجيزة 1877، وكنيسة الملاك غبريال بحارة السقايين 1881، وكنيسة العذراء بالفجالة 1884، وجددت كنيسة الملاك البحرى 1895، وشيدت كنيسة العذراء بحلوان 1897 ووضع اساس كنيسة مارمرقس بالخرطوم في 27 مارس 1904، واساس مدرسة بولاق القبطية الصناعة في 25 يونية 1904، وانتظمت في عهده كنيسة الرسولية بطرس وبولس بالعباسية سنه 1912 وكنيسة الشهيدة دميانه ببولاق 1912، ومار مرقس بمصر الجديدة 1922 والعذراء بشارع مسرة بشبرا 1924 وغيرها من الكنائس.
كما بدا أيامه باستكمال الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالأزبكية، ولم يهمل اديرة الراهبات كدير أبو سيفين بمصر القديمة وديرى العذراء ومارى جرجس بحارة زويلة، كما كان يعطف على المتبتلات بهذه الاديرة ويجود عليهم من جيبه الخاص وحسن احوالهم.
أنشا تسع مدارس بالقاهرة والجيزة منها المدرسة الإكليريكية ومدرسة البنات بالأزبكية واشترى السراى الكائنه بمهمشة حيث المدرسة الإكليريكية كما اشترى خمسمائة فدان مما زاد معه ايراد البطريركية وارتفع قدر الامة القبطية في عهده، فانتشرت الحرية، واتسع نطاق العمل وعم العلم، وانشئت مدارس للرهبان.

البابا ومشكلة المجلس الملى:
وفي هذا نعتمد على ما ورد في كتاب يوسف بك منقريوس "القول اليقين في مسالة الأقباط الأرثوذكسين":
"لما ارتقى غبطة البطريرك كرسي البطريركية، وضع مع أعضاء المجلس حسب روايتهم لائحة تقضي بوجوب نظر المجلس في مصالح الكنائس واحوالها وفي المدارس والاوقاف والفقراء والاحوال الشخصية، ورسامة القسس وغير ذلك، والتمس البابا البطريرك من الحكومة التصديق على اللائحة فصدقت عليها بتاريخ 14 مايو سنه 1883، إلا أن هذه اللائحة كانت حبرا على ورق، لأن أعضاء المجلس لم يهتموا بشئ ولم يوجهوا نظرهم للاهتمام بما يستدعى جهادهم، ولبث مجلسهم ينحل شيئا فشيئاً حتى فارق الحياة.
وبعد مدة تحرك بعض أبناء الامة، فطلبوا من غبطة البطريرك تشكيل المجلس فأبى أن يجيبهم بدون تعديل اللائحة وحذف ما فيها مما يخل بالسلطة، فلم يقبلوا بل رفعوا أمرهم إلى الخديوي، وكان وقتئذ توفيق باشا، وعزموا على عقد اجتماع لإعادة الانتخاب، فكتب البابا كيرلس يحيط مجلس النظار علما بالمسألة، وطلب منع ذلك الاجتماع فمُنِع.
ثم استدعى البابا كيرلس المطارنه والأساقفة وكبار القسوس من كل الجهات وعقد بهم مجمعا اكليريكيا، اصدروا فيه قرارا يقضي بضرورة عدم تدخل احد من الشعب في تدبير امور الكنيسة ومتعلقاتها.
وحمل البابا كيرلس ونيافة الأنبا يؤانس مطران الإسكندرية هذا القرار إلى توفيق باشا ورفعاه إليه فوعد بالمساعدة، وقضى البابا بالإسكندرية مدة شهرين ما فتئ فيها أعضاء المجلس يسعون ليحققوا اغراضهم، غير انهم لما قابلوا توفيق باشا ادركوا استحالة عدم فعل شئ بدون رضاء البابا كيرلس، فاكرهوا على ملاطفته ومحاسنته، ولما رجع من الإسكندرية استقبل استقبالا فخما.
وكان المرحوم بطرس غالى باشا باوربا في أثناء هذه الحوادث، وحضر بعد ذلك فالقى إليه توفيق باشا متعالية المسالة وكلفة بحسم هذه المشاكل، فوبخ ابناء الطائفة، وارغمهم على كل الصفح من غبطة البابا، وانتهت المسالة على ما يرام، واهتم البابا بعد ذلك من تلقاء نفسه بتعليم الرهبان ونشر المعارف وتشييد المدارس في البلاد، حتى اصيب بمرض فانطلق إلى دير العريان ترويحا للنفس مدة.
وعقب ذلك تاسست جمعية التوفيق، وحررت نشرة تطلب فيها ضرورة الانفاق من ريع الاوقاف على ترقية المدارس، وتسهيل وسائط التربية العالمية لابناء الامة، فتعرض لهذه النشرة بعضهم يفندها ويكشف أغلاطها، واعقبت النشرة بنشرة أخرى طلب فيها تعيين مرتب للإكليروس القبطي اسوة بإكليروس باقى الطوائف، فأظهر الجميع موافقتهم على هذا الرأى لتاكدهم بانه سر نجاح وتقدم إكليروسنا، ثم كتب نشرة أخرى بطردة اعادة تشكيل المجلس الملى قررت عليها الجمعية الأرثوذكسية واحترم الجدال بين الفريقين مدة ما.
وفي خلال تلك المناظرات استدعى بطرس باشا غالى نيافة الأنبا يؤانس مطران إسكندرية إلى القاهرة وكلفه أن يبلغ غبطة البطريرك بان الامة ترغب في انشاء مجلس ملى، فرد البابا برضاء عن تشكيل مجلس اذا عدلت اللائحة القديمة، فأبى بطرس باشا تغير اللائحة واصر البابا على طلبه، ولما كانت جمعية التوفيق قد تحدت غبطة البابا بكلام لم تضع في الاعتبار فيه مركزه الديني، كتب للديوان الخديوي بطلب منعها فلم يرد عليه، وكان بطرس باشا عازما على السفر إلى اوربا وتقابل مع الخديوي ليأخذ منه إذنا بالسفر فذكر أمامه النزاع الطائفي الحاصل، فأجابه بطرس باشا بأنه لا يمكن أن يهدأ ما لم يشكل المجلس فصدر الامر لبطرس باشا بتاخير سفره ليسعى في تشكيل المجلس.
وابلغ البابا كيرلس هذا القرار سنه وفي مساء ذلك اليوم استدعى نحو خمسمائة نفس من رجال الطائفة بدعوة موقع عليها من بطرس غالي باشا بصفة نائب مجلس الامة لاجراء انتخاب المجلس.
وفي الغد قصد بطرس غالي الدار البطريركية تتبعه عساكر البوليس ومنع الدخول إلى البطريركية وصرف التلاميذ وطرد الخدم وضبطت ابواب الدار البطريركية، فارسل البطريرك يستنجد بالمعية السنية فلم ترد عليه، والناس حيارى لا يعرفون ماذا يتم، وبعد الظهر جاءت جنود اخرى، واقبل محافظ القاهرة وطلب من غبطة البطريرك أن يقبل الرئاسة على الانتخاب فأبى، فقام المحافظ إلى المجلس المعد للانتخاب بالمدرسة الكبرى وافتتح الحفلة باسم الحفرة الفخيمة وبدأ بالانتخاب".
وحدت بعد ظهور نتائج الانتخاب أن اخطر البطريرك الخديوي بان ما حدث كان بغير ارادته ولا يوافق عليه باى حال كان، وانتهز البابا فرصة عيد الاضحى فذهب مع بعض المطارنة لتهنئته سموه بالعيد وأحاطه علما بما جرى، إلا أن الخديوي رفض مقابلتهم وأعلمهم فيما بعد عن طريق ديوانه، أن وقته لا يسمح بمناقشة البطريرك، وان كان له على احد شئ فليدفع شكواه إلى جهات الاختصاص .
اجتمع مجلس أعلى بعد أن اعترفت الحكومة بقانونية انتخابه وحاول اكتساب رضاء البطريرك او التفاهم معه فلم يوفق، فاصدر قرار برفع يد البابا عن المجلس وكافة الشئون الطائفية وعرض هذا القرار على مجلس النظار فوافق عليه في يونية 1892 وعبثاً حاول البطريرك أن يقنع الحكومة بانه المسئول الأول عن ادارة الكنيسة.
راى المجلس بعد إعفاء البطريرك من مهامه أن يقنع احد الأساقفة بقبول رئاسة المجلس وادارة البطريركية، وفاوض في ذلك الأنبا مكاريوس أسقف الخرطوم والنوبة، والأنبا ابرام أسقف الفيوم والجيزة، ولكنهما امتنعا، فاتجهوا إلى الأنبا أثناسيوس أسقف صنبو وقسقام، فسافر إليه مقار باشا عبد الشهيد وعرض عليه هذه المسئولية، فاظهر الأسقف تجاوبا مع المجلس، وبعد التفاهم على نقاط معينة عاد مقار باشا إلى القاهرة، واذاع المجلس بيانا في 26 اغسطس 1892 اعلن فيه نبأ قبول أسقف صبو لمطالب المجلس بالنيابة عن البطريرك .
فلما علم البطريرك بالخطوات التي اتخذها أسقف صبنو وانه الآن في طريقة إلى القاهرة ابرق إلى الأنبا يوساب أسقف بنى سويف وكلفة أن يقابله عند وقوف القطار في بنى سويف ويبلغه حرم البطريرك له وكذلك حرم المجمع المقدس، فنفذ الأسقف أمر البطريرك ولكن الأنبا أثناسيوس لم يعبأ بالحرم وواصل سفره إلى القاهرة وعندما وصل إلى العاصمة توجه مع مرافقته إلى البطريركية، ولكنه المواليد للبطريرك من الكهنة والخدم أوصدوا الأبواب في وجوههم ولم يمكنوهم من الدخول، فتوجه الأسقف إلى منزل عوض بك سعد الله ونزل به ضيفا إلى أن تمكن أتباعه من اقتحام البطريركية، ولكن البابا وقتئذ كان في الإسكندرية فقد عقد مجمعا من الأساقفة وكبار الكهنة وكرر قطع الأنبا أثناسيوس وحرمه.
ولما رأى أعضاء المجلس الملى أن وجود البطريرك بالإسكندرية بجانب الأنبا يؤانس مطران البحيرة ووكيل الكرازة المرقسية يعطل اجراءاتهم اجتمعوا في 31 اغسطس 1892 وشغلوا مجلسا زوجيا من القمص بشاى راعى كنيسة العذراء بحارة زويله والقمص جرجس بشاى كنيسة الدمشيرية والقمص بولس جرجس وكيل قضايا البطريركية، واتفق المجلسان الملى والروحى على إبعاد البطريرك إلى دير البراموس والأنبا يؤانس إلى دير الأنبا بولا، ورفعوا القرار إلى مجلس النظار فاقره سريعا وفي صباح الخميس أول سبتمبر 1892 توجه محافظ الإسكندرية إلى البطريرك وأعلمه بهذا الأمر فقبله البابا عن طيب خاطر ووعد بالسفر في اليوم التإلى، وهكذا كان الامر مع الأنبا يؤانس.
وفي صباح يوم الجمعه 2 سبتمبر 1892، غادر البابا المقر البطريركي بالإسكندرية وتوجه إلى قرية المطرانة من أعمال مركز كوم حماده، كما سافر في نفس الوقت الأنبا يؤانس إلى مدينة بوش ومنها إلى دير الأنبا بولا
وبعد نفي البابا إلى دير البرموس قام أعضاء المجلس الملى بمساعدة رجال الشرطة باقتحام الدار البطريركية، ومكنوا الأنبا أثناسيوس أسقف صبنو من دخولها عنوة، وفي يوم الأحد 4 سبتمبر 1892 تجاسر الأسقف ورفع السرائر المقدسة في الكاتدرائية رغم حرمه من البابا.
وقد وقعت أثناء القداس أمور غير عادية تشاءم منها الكثيرون بان انقلب الصينية فتأثر الشعب.
ولما وجد الغيورون من الشعب أن حالة الكنيسة بعد غياب البطريرك يسير من سيء إلى أسوأ قدموا عرائض استرحام إلى المقام الخديوي، واشترك معهم أساقفة الاقاليم، وبعد مقابلات مع الخديوي ومصطفي باشا فهمى ناظر النظار، اصدر الخديوي امرا خديويا في 20 يناير 1893 بعودة البابا والأنبا يؤانس
وفي يوم السبت 4 فبراير استقبلت الجماهير البطريرك في محطة العاصمة بكل الفرح والبهجة وبعد عشرة أيام من وصوله جاء بطرس باشا لزيارته ومعه الأنبا أثناسيوس والأساقفة والكهنة الذين ساعدوه واعتذروا للبابا على ما صدر منهم فصفح عنهم ومنحهم الحل والبركة ونصحهم إلا يعودوا لمثل ذلك مرة اخرى، ولما رأت الحكومة أن السلام لا يتم في الكنيسة القبطية إلا بترضية البابا والاعتراف بطاقة حقوقه كمسئول أعلى، عادت واصدرت امرا بارجاع الادارة الدينية والمالية إلى غبطته، على أن يتصرف بالطرق الودية حتى تتوحد الصفوف، إكليروساً وشعبا. وعندما ترضت النفوس نسبيا، اتفق البابا مع بطرس باشا على تشكيل المجلس الملى للمرة الرابعة فانتخب الشعب مجلسه من أعضاء ونواب، وصدر مرسوم من الدولة باعتمادهم رسميا في أول مارس 1906، ولكن الهيئة الجديدة اخذت تضرب على النغمة القديمة، فلم ينسجم البابا معها وتنحى عن رآسة المجلس الملى وفوض لإدارة جلساته القمص بطرس عبد الملك رئيس الكتبة المرقسية الكبرى.

رحلات البابا الرعوية:
بعد أن استقرت الاوضاع تفرغ البابا لافتقاد شعبه، فقام برحلات طويله في الوجه القبلى سنه 1954 ورحل إلى أسوان، ثم زار السودان ووضع الحجر الاساسى لكنيسة مارمرقص بالخرطوم، وقام برحلة للسودان مرة أخرى سنة 1909
المؤتمر القبطي:
دعا أعيان الأقباط في الوجهين البحرى والقبلى إلى عقد مؤتمر لبحث مشاكلهم الداخلية والاجتماعية ومساواتهم مواطنيهم في كافة الحقوق الوطنية والادارية، واستقروا أن يكون في اسيوط وخشى البطريرك من وقوع فتنه طائفية يدرها الاستعمار، فكتب للانبا مكاريوس مطران اسيوط يحذره من هذا الامر، وحضَّ في كتابة على استعمال الحكمة والتروي حتى لا يحدث ما لا تُحمَد عقباه. فرد المطران بتعهده بمراقبة الموقف وعدم حدوث شيء.
واجتمع المؤتمرون في مدرسة اخوان ويصا بموافقة وزارة الداخلية، ولكى يعطوا المؤتمر صفة وطنية وضعوا في صدر القائمة صورة الخديوي عباس حلمى الثانى، وافتتح المؤتمر جلسته الأولى برئاسة بشرى بك حنا يوم الاثنين 6 مارس 1911، ثم توالت الجلسات التي تكلم فيها الاستاذ ميخائيل فانوس حيث تكلم عن سلامة الوحدة الوطنية، وكان منهم أيضاً: اخنوخ فانوس - توفيق بك دوس - مرقس حنا - مرقس فهمى - حبيب دوس، الذي طالب بوضع نظام لمجالس المديريات يكفل التعليم للجميع دون التفريق بن اتباع دين آخر.
وبعد انتهاء الاجتماعات توجه بشرى بك حنا وأعضاء لجنة المؤتمر إلى سراى عابدين وقدموا إلى السر تشريعاتى الخديوي نسخه من محاضر الجلسات لرفعها إلى الخديو، وطلبوا أن يتشرفوا بمقابلته شخصيا ليرفعوا إليه مطالبهم ولكن السر تشريعاتى أبلغتهم في 27 مارس 1911 أن صاحب العرش لا يرغب في مقابلتهم لانهم خالفوا اوامر الحكومة.
وقد حاول الاستعمار أن يستغل مطالب المؤتمر لمصالحة، وادعى أن الأقباط يشكون من الاضطهاد ولكن عقلاء الأقباط وعلى رأسهم البابا كيرلس الخامس احتاطوا لهذه اللعبة وزودوا المؤتمر به بالنصائح الوطنية الخالصة حتى يعود الاستعمار بالخسران
وما لبثت أن جاءت نورة 1919 التي شارك فيها المسيحيون وباركها البابا كيرلس الخامس وكان على اتصال مستمر بسعد باشا زغلول، وكان سعد يزوده بين الحين والآخر في البطريركية وشهد له بالوطنية وحب مصر.
البابا وإثيوبيا:
بعد نياحة الأنبا أثناسيوس مطران الحبشة 1876 طلب النجاش من البابا كيرلس الخامس رسامة مطران آخر، وأيضاً طلب بإعادة النظر في التقليد الذي كان يسمح بمطران واحد للحبشة، فقد تطلب النجاش رسامة مطران وثلاثة أساقفة، فرشم لهم البابا أربعة رهبان جعل، أولهم مطرانا لإثيوبيا والثلاثة أساقفة، فزادت من حب الأحباش له ولمصر.
البابا وزعماء مصر:
كان على علاقة ودية قوته بأقطاب السياسة في مصر وفي مقدمتهم الزعيم الوطنى سعد زغلول فكان يزوره ويدعو له بالبركة وبالتوفيق في كل خطواته، كما كان على صلة به مستمرة خاصة بعد قيام ثورة 1919، فجعل من كنائسه منابر للخطباء، وامر القساوسة أن يتعاونوا مع شيوخ الأزهر على توعية المصريين في طلب الاستقلال ووحدة وادى النيل
وعندما تشكل الوفد المصرى برئاسة سعد زغلول وسفره إلى لندن في 11 ابريل 1919 لمفاوضة الإنجليز في الاستقلال، كان من بين أعضائه أربعة من وجهاء الأقباط مثل: سينوت حنا - جورج خياط - ويصا واصف - مكرم عبيد.
وقد ظل البابا مرتبطا بسعد وبالثورة حتى توفي مع سعد زغلول في نفس السنة ونفس الشهر (7 أغسطس 1927) ومات سعد زغلول في 27 من نفس الشهر، وكان البابا قد بلغ السادسة والتسعين من عمره، وزادت عليه الأمراض، وتم تجنيزه ودفنه في مقبرة البطاركة مقبرة القديس استفانوس المجاورة للكنيسة المرقسية الكبرى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جورج يوحنا
نائب المدير
نائب المدير
جورج يوحنا


عدد المساهمات : 639
تاريخ التسجيل : 14/07/2011

باباوات باسم كيرلس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: باباوات باسم كيرلس    باباوات باسم كيرلس  I_icon_minitimeالإثنين يوليو 18, 2011 4:48 am

[url=http://st-takla.org/Pope-Kyrellos-1_.html]البابا كيرلس السادس[/url]
بابا الإسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية ال 116

اسمه عازر، ولد ببلدة طوخ النصارى بدمنهور في مصر في الجمعة 8 اغسطس سنة 1902، ووالده هو يوسف عطا المحب للكنيسة وناسخ كتبها ومنقحها المتفانى في خدمة أمه الأرثوذكسية حريصاً على حِفظ تراثها.
ابتدأ عازر منذ الطفولة المبكرة حبه للكهنوت ورجال الكهنوت فكان ينام على حجر الرهبان.. فكان من نصيبهم ولا سيما وأن بلدة طوخ هذه كانت وقفٌ على دير البراموس في ذلك الوقت ولذلك اعتاد الرهبان زيارة منزل والده لِما عُرِفَ عنه من حُب وتضلع في طقوس الكنيسة.

باباوات باسم كيرلس  St-Takla-org_Coptic-Pope-Kyrillos-Cyril-VI-002

St-Takla.org Image: His Holiness Pope Kirillos VI
بدأ حياة فضلى تشتاق نفوسنا لها متشبها بجيش شهدائنا الأقباط وآباء كنيستنا حماة الايمان الذين ارسوا مبادىء الايمان المسيحى للعالم أجمع المبنية على دراستهم العميقة في الكتاب المقدس فكان عازر مفلحا في جميع طرقه والرب معه؛ لأنه بِقَدر ما كان ينجح روحياً كان ينجح علمياً. إذ بعد أن حصل على البكالوريا، عمل في إحدى شركات الملاحة بالاسكندرية واسمها "كوك شيبينج" سنة 1921 فكان مثال للأمانة والإخلاص ولم يعطله عمله عن دراسة الكتب المقدسة والطقسية والتفاسير والقوانين الكنسيّة تحت إرشاد بعض الكهنة الغيورين.
ظل هكذا خمس سنوات يعمل ويجاهد في حياة نسكية كاملة، فعاش راهبً زاهداً في بيته وفي عمله دون أن يشعر به احد، فكان ينام على الأرض بجوار فراشه ويترك طعامه مكتفياً بكسرة صغيرة وقليلاً من الملح.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
إنطلاق للبرية
اشتاقت نفسه التواقة للعشرة الإلهية الدائمة؛ للانطلاق إلى الصحراء والتواجد فيها، وبالرغم من مقاومة أخيه الأكبر فقد ساعده الأنبا يوأنس البطريرك ال113، وطلب قبوله في سلك الرهبنة في دير البرموس بوادي النطرون، بعد أن قدم استقالته من العمل في يوليو سنة 1927 (تلك التى صدمت صاحب الشركة الذي حاول استبقاءه برفع مرتبه إغراءً منه، ولكن عازر كان قد وضع يده على المحراث ولم يحاول أن ينظر الى الوراء). فأوفد البابا معه راهبا فاضلاً؛ وهو القس بشارة البرموسى (الأنبا مرقس مطران أبو تيج) فأصطحبه إلى الدير وعند وصولهم فوجئوا باضاءة الأنوار ودق الأجراس وفتح قصر الضيافة وخروج الرهبان وعلى رأسهم القمص شنوده البرموسي، أمين الدير لاستقباله، ظناً منهم أنه زائر كبير! وعندما تحققوا الأمر قبلوه على أول درجه في سلك الرهبنة فوراً مستبشرين بمقدمه، إذ لم يسبق أن قوبل راهب في تاريخ الدير بمثل هذه الحفاوة واعتبرت هذه الحادثة نبوة لتقدمه في سلك الرهبنة وتبوئه مركزاً سامياً في الكنيسة.
تتلمذ للأبوين الروحيين القمص عبد المسيح صليب والقمص يعقوب الصامت، أولئك الذين كان الدير عامراً بهم في ذلك الوقت، وعكف على حياة الصلاة والنسك. ولم تمض سنة واحدة على مدة الاختبار حتى تمت رسامته راهباً في كنيسة السيدة العذراء في الدير، فكان ساجداً أمام الهيكل وعن يمينه جسد الانبا موسى الاسود وعن يساره جسد القديس إيسيذوروس. ودعى بالراهب مينا وذلك في السبت 17 أمشير سنة 1644 الموافق 25 فبراير سنة 1928. وسمع هذا الدعاء من فم معلمه القمص يعقوب الصامت قائلاً "سِر على بركة الله بهذه الروح الوديع الهادىء وهذا التواضع والانسحاق، وسيقيمك الله أميناً على أسراره المقدسة، وروحه القدوس يرشدك ويعلمك".
فازداد شوقاً في دراسة كتب الآباء وسير الشهداء، وأكثر ما كان يحب أن يقرأ هو كتابات مار إسحق فاتخذ كثيراً من كتاباته شعارات لنفسه مثل "ازهد في الدنيا يحبك الله"، و"من عدا وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها تبعته وأرشدت عليه". مما جعله يزداد بالأكثر نمواً في حياة الفضيلة ترسماً على خطوات آباءه القديسين وتمثلاً بهم. وإلتحق بالمدرسة اللاهوتية كباقي إخوته الرهبان، فرسمه الأنبا يؤانس قساً في يوليو سنة 1931، وهكذا اهٌله الله أن يقف أمامه على مذبحه المقدس لأول مرة في كنيسة أولاد الملوك مكسيموس ودوماديوس بالدير، كل ذلك قبل أن يتم ثلاث سنوات في الدير. فكان قلبه الملتهب حباً لخالقه يزداد إلتهاباً يوماً بعد يوم، لا سيما بعد رسامته وحمله الأسرار الإلهية بين يديه.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
تَوَحُّده
باباوات باسم كيرلس  St-Takla-org_Coptic-Pope-Kyrillos-Cyril-VI-002اشتاقت نفسه إلى الإنفراد في البرية والتوحد فيها، فقصد مغارة القمص صرابامون المتوحد الذى عاصره مدة وجيزة متتلمذاً على يديه، فكان نعم الخادم الأمين. ثم توجه إلى الأنبا يؤنس البطريرك وطلب منه السماح له بالتوحد في الدير الأبيض وتعميره إن أمكن، وفعلا مضى إلى هناك وقضى فيه فترة قصيرة، ثم أقام فترة من الوقت في مغارة القمص عبد المسيح الحبشي، فكان يحمل على كتفه صفيحة الماء وكوز العدس إسبوعياً من دير البرموس إلى مغارته العميقة في الصحراء حتى تركت علامة في كتفه الى يوم نياحته.
زاره البطريرك الانبا يؤنس عام 1934 وأعجب بعلمه وروحانيته وغيرته، وشهد بتقواه مؤملاً خيراً كبيراً للكنيسة على يديه.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
شهادته للحق
حدث أن غضب رئيس الدير على سبعة من الرهبان وأمر بطردهم فلما بلغ الراهب المتوحد هذا الامر أسرع اليه مستنكراً ما حدث منه، ثم خرج مع المطرودين وتطوع لخدمتهم وتخفيف ألمهم النفسي، ثم توجه معهم إلى المقر البابوي وعندما إستطلع البابا يوأنس البطريرك الأمر أمر بعودتهم إلى ديرهم وأثنى على القديس المتوحد.
إلا أن قديسنا إستأذن غبطته في أمر إعادة تعمير دير مارمينا القديم بصحراء مريوط، ولكن إذ لم يحصل على الموافقة توجه إلى الجبل المقطم في مصر القديمة - الذي نقل بقوة الصوم والصلاة - وإستأجر هناك طاحونة من الحكومة مقابل ستة قروش سنوياً وأقام فيها مستمتعاً بعشرة إلهية قوية وذلك في الثلاثاء 23 يونيو عام 1936. حقا لقد أحب القديس سكنى الجبال كما أحبها آباؤه القديسين من قبل الذين وصفهم الكتاب المقدس بأن "العالم لم يكن مستحقا لهم لأنهم عاشوا تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض" (عب 38:11). "لعظم محبتهم في الملك المسيح" (القداس الإلهي).
وهناك إنصهرت حياته من كثرة الصوم والصلاة والسهر حتى تحولت إلى منار ثم إلى مزار بعد أن فاحت رائحة المسيح الزكية منه وتم القول الإلهي لا يمكن أن تخفى مدينة كائنة على جبل.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
إيمانه بشفاعة القديسين

باباوات باسم كيرلس  St-Takla-org_Coptic-Pope-Kyrillos-Cyril-VI-031

St-Takla.org Image: His Holiness Pope Cyril VI of Alexandria # 116 حدث أن داهمه اللصوص مرة في قلايته التي بناها بنفسه في الكنيسة الصغيرة داخل الطاحونة ظناً منهم أنه يختزن ثروة كبيرة واعتدوا عليه بأن ضربوه ضربة قاسية على رأسه، ثم فروا هاربين بعدما تحققوا أنه لا يملك شيئا سوى قطعة الخيش الخشنة التي ينام عليها وبعض الكتب. أما القديس فأخذ يزحف على الأرض لأن رأسه أخذت تنزف نزفاً شديداً حتى وصل إلى أيقونة شفيعه مارمينا العجايبي وصلى أسفلها وهو في شبه غيبوبة وفي الحال توقف النزيف وقام معافى. على أن علامة الضرب هذه في جبهته لم تزل موجودة إلى يوم إنطلاقه إلى الأمجاد السماوية إلا أنه لم يبق في هذا المكان الذي تقدس بالصلوات المرفوعة والذبيحة الإلهية المقدمة يوميا طويلاً إذ أثناء الحرب العالمية الثانية. وفي الثلاثاء 28 أكتوبر عام 1941 ظنه الإنجليز المحتلون أنه جاسوساً وطلبوا إليه مغادرة المكان فخرج متوجها إلى بابلون الدرج وأقام في فرن بكنيسة السيدة العذراء.
عاش في العالم وهو ليس من العالم تعلق بالسماويات وزهد بالأرضيات، عرف معنى الغربة التي قالها مخلصنا فلم يعز عليه مكان مهما تعب فيه وعمل بيديه وسهر.لأنه كان يحس تماماً أنه ليس له ههنا مدينة باقية وإنما يطلب العقيدة، فشابه معلمه الذي لم يكن له أين يسند رأسه.
ولذياع صيته وتقواه كان الكثيرون على مختلف طوائفهم ومللهم يسعون إليه للتبرك منه وطلب صلواته0 فقام بطبع كارت خاص به عليه (بسم الله القوي) باللغتين القبطية والعربية، ثم إحدى الآيات التي كان يعيشها القديس ويحياها مثل (ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه)، أو (ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه) أو غيرها من الآيات المُحببة إليه وكان يوزعها على زائريه كما أصدر مجلة بسيطة شهرية أطلق عليها اسم "ميناء الخلاص".
وفي عام 1944 أسندت إليه رئاسة دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون بمغاغة. وسرعان ما إلتف الشباب المتحمس الذين إستهوتهم الحياة الرهبانية حوله، الذين زهدوا في مجد العالم وزيفه وقصدوا، إليه فاحتضنهم بأبوة صادقة وفتح لهم قلبه، فوجدوا في رحابه ورعايته ما أشبع نفوسهم الجوعى وروى ظمأ قلوبهم، وتتلمذ العديد على يديه فترعرع الدير وإزدهر، وسرعان أيضا ما أقام لهم المباني وبنى أسواره المتهدمة بفضل تشجيع الغيورين الذين الذين تسابقوا على رصد أموالهم وقفا للدير وفي وقت قصير تمكن من تدشين كنيسة الدير ببلدة الزورة (التابعة الآن لمركز مغاغة محافظة المنيا).
وعلى أثر ذلك منحه المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف في ذلك الوقت رتبة الأيغومانوس (القمصية) الذي قال يومها "اشكر إلهي الذي خلق من الضعف قوة كملت به نعمته في الإبن المبارك القمص مينا وأتم هذا العمل العظيم".
ولكن كما هو معروف عن قديسنا الحبيب أنه كثير التعلق بشفيعه مارمينا وقد رأينا كم حاول أن ينفرد في بريته بصحراء مريوط ولم يتسنى له فصمم على بناء ولو كنيسة صغيرة باسم شفيعه العجايبي يعيش فيها إلى أن يكمل غربته بسلام، وبالفعل قد أعانه الرب وهناك في مصر القديمة من المنح والهبات والهدايا المتواضعة التي كان يتلقاها من أفراد الشعب الذين عرفوا طريقه والذين كانوا يقصدونه طالبين الصلاة للشفاء من العلل وغيرها، إستطاع ببركة ربنا يسوع أن يبني له قلاية وكنيسة باسم حبيبه مارمينا وذلك سنة 1949. ثم توسع في البناء فأقام داراً للضيافة كان يستقبل فيها الشباب الجامعي المغترب ليقيم فيها مقابل قروش زهيدة. فكانت لهذه النواة بركة كبيرة، لأن اولئك الشباب سعدوا بالعشرة الإلهية لأن هذا المكان الطاهر لم يقهم وحسب من أجواء العالم الصاخب، ولكن أضفى عليهم روحانية عميقة حتى خرج الكثيرون من هذا المكان المتواضع ليسوا حاملين للشهادات العلمية من جامعاتهم ولكن فوق ذلك كله رهباناً أتقياء، تدربوا على حياة الفضيلة والزهد وحياة الصلاة الدائمة والسهر، حيث كانوا يشاهدون معلمهم يستيقظ كل يوم مع منتصف الليل ليبدأ الصلاة وقراءة فصول الكتاب على ضوء مصباح صغير داخل حجرته المتواضعة. وقبل أن يطرق الفجر أبوابه إعتاد أن يغادر صومعته ويتجه نحو فرن الكنيسة ومن دقيق النذور يبدأ عمل القربان ويشمر عن ساعديه ويعجن العجين، ثم يقطعه أحجاما متساوية ويختمه ويضعه في فرن هادئ ويظل يعمل ويتلوا المزامير حتى يفرغ منه وعرقه يتصبب ثم يتوجه إلى الكنيسة ليتلوا صلوات التسبحة ثم يقدس الأسرار الإلهية ويعود إلي مكتبته وقلايته وخدمته0 فكانت حاجاته وحاجات الذين معه تخدمها يداه الطاهرتان، يغسل ثيابه لنفسه ويطبخ ويخدم الجميع. على أن حجرته هذه باقية كما هي للآن : السرير البسيط، المكتبة، الملابس الخشنة التي كان يرتديها كل شئ كما هو قبل رسامته إلى لآن.
وقد قام غبطته برسامة أخيه الأكبر قمصاً على هذه الكنيسة باسم القمص ميخائيل يوسف ليشرف على هذا المكان الطاهر، ويواصل عمل القداسات وتلاوة الصلوات فيه حيث تقدس هذا البيت كما يقول الرب "وقدست هذا البيت الذي بنيته لأجل وضع إسمي فيه إلى الأبد وتكون عيناي وقلبي هناك كل الأيام" (مل 3:9). كما كان يحلوا له وهو بطريرك أن يتوجه إليه ليخلوا قليلا "ليملأ البطارية" أي ليأخذ شحنة روحية على حد تعبيره.منقول من موقع الانبا تكلا

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
إختياره للباباوية
"وأعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بالمعرفة والفهم" (إر 10:3). إن إختيار قداسة البابا لم يكن بعمل إنسان ولكن المختار من الله لكنيتنا القبطية وقصة تبوأه كرسيه الرسولي تدعو إلى العجب وإلى تمجيد إسم الرب يسوع الذي ينزل الأعزاء عن الكراسي ويرفع المتضعين.
كان ترتيبه بين المرشحين السادس، وكان على لجنة الترشيح حسب لائحة السبت 2 نوڤمبر 1957 أن تقدم الخمسة رهبان المرشحين الأوائل للشعب0 وفي اللحظة الأخيرة للتقدم بالخمسة الأوائل، أجمع الرأي على تنحي الخامس، وتقدم السادس ليصبح الخامس. ثم أجريت عملية الاختيار للشعب لثلاثة منهم فكان آخرهم ترتيبا في أصوات المنتخبين وبقى إجراء القرعة الهيكلية في الأحد 19 إبريل 1959 ولم يخطر ببال أحد أن يكون إنجيل القداس في ذلك اليوم يتنبأ عنه إذ يقول هكذا "يكون الآخرون أولين والأولون يصيرون آخرين" وكانت هذه هي نتيجة القرعة.
ودقت أجراس الكنائس معلنة فرحة السماء وأتوا بالقمص مينا البرموسي المتوحد ليكون البابا كيرلس السادس بابا الأسكندرية المائة والسادس عشر من خلفاء مارمرقس الرسول. وعند ذاك أيقن الشعب أن عناية الله تدخلت في الإنتخاب ومن الطريف أن يكون عيد جلوسه يلحق عيد صاحب الكرسي مارمرقس الكاروز، يتوسط بينهما عيد أم المخلص - كما إعتاد أن يدعوها غبطته - وكتبت تقاليد رئاسة الكهنوت على ورقة مصقولة طولها متر وعرضها 7 سنتيمترات.
وقد سأله وقتئذ أحد الصحفيين عن مشروعاته المستقبلية، فكانت إجابته "لم أتعود أن أقول ماذا سأفعل ولكن كما رأى الشعب بناء كنيسة مارمينا بمصر القديمة وكان البناء يرتفع قليلا قليلا هكذا سيرون مشروعات الكنيسة".
لقد كان أمينا في القليل فلا عجب أن إئتمنه الروح القدس على الكثير، ومنذ ذلك الإختيار الإلهي والبابا كيرلس هو الراهب الناسك المدبر باجتهاد.

باباوات باسم كيرلس  Divider-3
باباويته
باباوات باسم كيرلس  St-Takla-org____Pope-Kyrillos-VIتميز عهد قداسته بانتعاش الإيمان ونمو القيم الروحية ولا شك أن ذلك راجع لان غبطته إنما وضع في قلبه أن يقدس ذاته من أجلهم - أي من أجل رعيته - على مثال معلمه الذي قال: "لأجلهم أقدس أنا ذاتي". فحياته هو والراهب مينا كانت هي وهو البابا كيرلس في ملبسه الخشن وشاله المعروف وحتى منديله السميك ومأكله البسيط فلم يكن يأكل إلا مرتين في اليوم الأولى الساعة الثانية والنصف ظهرا والثانية الساعة التاسعة مساءاً، وفي الأصوام مرة واحدة بعد قداسه الحبري الذي ينتهي بعد الساعة الخامسة مساءاً وفي سهره وصلواته كذلك فكان يصحوا من نومه قبل الساعة الرابعة من فجر كل يوم ليؤدي صلوات التسبحة ويقيم قداس الصباح وبعدها يستقبل أولاده.. وهكذا يقضي نهار يومه في خدمة شعبه وفي الوحدة حبيس قلايته في التأمل في الأسفار الإلهية.. لا يعرف ساعة للراحة حتى يحين ميعاد صلاة العشية فيتجه إلى الكنيسة تتبعه الجموع في حب وخشوع.
فعلا كان مثال الراعي الصالح للتعليم لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق والقدوة الصالحة. إنه عينة حقيقية من كنيسة أجدادنا القديسين كنيسة الصلاة وتقديس الذات أكثر منها كنيسة المنابر والوعظ الكثير...
فهو رجل الصلاة نعم إنه رجل الصلاة الذي أدرك ما في الصلاة من قوة فعالة فكانت سلاحه البتّار الذي بواستطها استطاع أن يتغلب على أعضل المشكلات التي كانت تقابله.
وفوق ذلك فقد حباه الله موهبة الدموع التي كانت تنهمر من مآقيه طالما كان مصليا وموهبة الدموع هذه لا تُعطى إلا لِمُنْسَحِقي القلوب، فكان يسكب نفسه انسكابا أمام الله ويذوب في حضرته، فإذا ما كنت معه مصليا أحسست أنك في السماء وفي شركة عميقة مع الله.
كثيرا ما كان يزور الكنائس المختلفة فجر أي يوم حيث يفاجئهم ويرى العاملين منهم والخاملين في كرم الرب فكان معلما صامتا مقدماً نفسه في كل شئ قدوة مقدما في التعليم نقاوة ووقاراً وإخلاصاً.
وهذه الحياة المقدسة وهذه الروحانية العالية التي لأبينا البار فقد ألهبت قلوب الرعاة والرعية فحذوا حذوه وفتحت الكنائس وأقيمت الصلوات وإمتلأت البيع بالعابدين المصلين بالروح والحق. وأحب الشعب باباه من كل قلبه وأصبح كل فرد يشعر بأنه ليس مجرد عضو في الكنيسة بل من خاصته. وأصبحنا نرى في حضرته مريضا يقصده لنوال نعمة الشفاء، مكروبا وشاكيا حاله طالِباً للصلاة من أجله ليخفف الرب كربه. وقد وهبه الله نعمة الشفافية الروحية العجيبة فكثيراً ما كان يجيب صاحب الطلب بما يريد أن يحدثه عنه ويطمئنه أو ينصحه بما يجب أن يفعله في أسلوب وديع، حتى يقف صاحب الطلب مبهوتاً شاعراً برهبة أمام رجل الله كاشف الأسرار.
وهكذا يفتح بابه يومياً لإستقبال أبناءه فقيرهم قبل غنيّهم، صغيرهم قبل كبيرهم ويخرج الجميع من عنده والبهجة تشع من وجوههم شاكرين تغمرهم راحة نفسية لما يلمسونه من غبطته من طول أناه وسعة صدر تثير فيهم عاطفة الأبوة الحقيقية الصادقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ماضى
Admin
Admin
ابو ماضى


عدد المساهمات : 4763
تاريخ التسجيل : 27/02/2010
العمر : 51

باباوات باسم كيرلس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: باباوات باسم كيرلس    باباوات باسم كيرلس  I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 19, 2011 4:41 am

[شكرا للمجهود الرائع يثبت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://marygrgs.ahlamontada.com
 
باباوات باسم كيرلس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بابوات باسم مارمرقس
» بطاركة باسم سيمون
» بطاركة باسم مينا
» بطاركة باسم أثناسيوس
» بطاركة باسم ألكسندروس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى كنيسة مارجرجس بالمدمر :: تاريخ الكنيسة-
انتقل الى: