الْباٌباٌُ الْحَادِي وَالأَرْبَعُونَ
41. إسحق
الوطن الأصلي
الأسم قبل البطريركية
الدير المتخرج منه
تاريخ التقدمة
تاريخ النياحة
مدة الأقامة على الكرسي
مدة خلو الكرسي
محل أقامة البطريرك مدة الرئاسة
محل الدفن
الملوك المعاصرون البرلس
اسحق
أبو مقار
8 طوبه 406 للشهداء - 3 يناير 690 للميلاد
9 هاتور 409 للشهداء - 5 نوفمبر 692 للميلاد
سنتان و 10 أشهر و يومان
شهرا وحدا و 14 يوما
المرقسية بالاسكندرية
المرقسية بالاسكندرية
عبد الملك بن مروان
+ ولد هذا الأب فى البرلس من أبوين غنيين خائفين الله، رزقا به بعد زمان طويل من زواجهما ولما قدماه إلى المعمودية رأى الأسقف الذى تولى عماده صليباً من نور على رأسه.
+ لما كبر قليلا علماه أبواه الكتابة والآداب المسيحية والعلوم الكنسية وترهب فى برية القديس مقاريوس.
+ وحدث أن طلب البابا فى ذلك الوقت راهباً ليكون كاتباً له كاتماً لسره فأثنى الحاضرون على اسحق فاستحضره وفرح به البابا ولكن لشغف اسحق بالوحدة عاد بعد حين إلى البرية.
+ اختاروه بطريركاً برؤيا سماوية، وأخذ فى تجديد الكنائس.
+ قاسى شدائد عديدة ثم تنيح بسلام.
تعيد الكنيسة بنياحته فى اليوم التاسع من شهر هاتور.
نياحة البابا إسحق البابا 41 ( 9 هاتور)
في مثل هذا اليوم من سنة 679 م تنيح الاب العظيم القديس الانبا اسحق بابا الإسكندرية الحادي والأربعون، قد ولد هذا الاب في البرلس من أبوين غنيين خائفين الله، رزقا به بعد زمان طويل من زواجهما، ولما قدماه إلى المعمودية رأى الأسقف الذي تولي عماده صليبا من نور علي رأسه، فوضع يد الصبي علي رأسه وتنبأ عليه قائلا : انه سيؤتمن علي كنيسة الله، ثم قال لأبويه : اعتنيا به فانه أناء مختار لله، ولما كبر قليلا علماه الكتابة والآداب المسيحية والعلوم الكنسية، وكان يكثر من قراءة أخبار القديسين فتشبعت نفسه بسيرتهم الطاهرة، ومالت إلى الرهبنة، فترك أبويه وقصد برية القديس مكاريوس، وترهب عند الانبا زكريا الإيغومانس، وكان ملاك الرب قد سبق فاعلم الاب الشيخ بقدومه، فقبله فرحا، وفي أحد الأيام رآه أحد الشيوخ القديسين في الكنيسة فتنبأ عليه قائلا "سيؤتمن هذا علي كنيسة المسيح"، وحدث إن طلب الاب البطريرك في ذلك الوقت راهبا ليكون كاتبا له وكاتما لسره، فاثني الحاضرون علي هذا الاب الفاضل اسحق، فدعاه وأعطاه كتابا يكتبه، فأفسده عمدا حتى يخلي الاب سبيله، لأنه كان زاهدا مجد الناس، فلما علم الاب بقصده قال له "حسنا كتبت فلا تبرح هذا المكان"، ولما تيقن إن الاب البطريرك لن يخلي سبيله، استخدم ما له من العلم والكتابة وظهرت فضائله، ففرح به البطريرك جدا، ولكن لشغفه بالوحدة، عاد بعد حين إلى البرية، ولما دنت وفاة البابا يوحنا، طلب من السيد المسيح إن يعرفه بمن يجلس بعده علي كرسي الكرازة، فقيل له في الرؤيا إن تلميذك اسحق هو الذي يجلس بعدك، فأوصى الشعب انه بإعلان الهي وبأمر الرب سيجلس اسحق علي الكرسي بعده، فلما تبوأ هذا الاب الكرسي المرقسي استضاءت الكنيسة واخذ في تجديد كنائس كثيرة، منها كنيسة القديس مرقس الإنجيلي وقلاية البطريركية، وقد قاسي شدائد كثيرة، وأقام علي الكرسي ثلاث سنين ونصف، ثم تنيح بسلام، صلاته تكون معنا امين.
إسحق البابا الحادي والأربعون
نشأته
ولد إسحق (إيساك) بضاحية رمل الإسكندرية، وإن كان البعض يرجح أنه يقصد بالرمل "رملة بنها" بجوار بنها. وكان والده غنيًا ذا جاه. في يوم نواله سرّ العماد شاهد الأب الأسقف عند تغطيسه صليبًا من نور فوق رأسه، فأدرك أنه ذو شأن عظيم، لذا قال لوالديه: "ابذلا كل عناية في تربية هذا الطفل فإنه إناء مختار لرب المجد".
إذ بلغ الطفل التاسعة من عمره أرسله والداه إلى المدرسة، فأظهر نبوغًا خاصة في الخط (النسخ) والكتابة. لذا استقر رأي والديه بعد ذلك على تسليمه في يدي قريب لهم يدعى مينيسون يعمل كاتبًا في دار الولاية.
حدث أن الوالي طلب إليه دفعة أن يكتب له رسالة معينة فكتبها بسرعة وبأسلوب رائع وخط جميل فأعجب به جدًا، فتدرج به حتى صار رئيسًا لكتبة الديوان. وقد اتسم بجانب أمانته بحبه للغير واتضاعه فصار موضع حب للجميع.
رهبنته
إذ شعر والداه أنه يميل إلى الحياة الهادئة التأملية أدركا أنه لابد أن يسلك طريق الرهبنة، فحاولا الضغط عليه ليزوجاه فكان يرفض، مقدمًا كل اهتمامه بالعمل الموكل إليه، مؤكدًا لهم أنه يشتاق لحياة البتولية.
فجأة اختفى الشاب إيساك عام 654 م فأدرك والداه أنه قد هرب إلى أحد الأديرة، فصارا يبحثان عنه ولم يجداه، إذ كان قد انطلق إلى برية شيهيت، والتقى هناك بشيخ وقور يدعى زكريا قمص الدير، صار فيما بعد أسقفًا على سايس (جنوبي الإسكندرية حوالي 130 ك على فرع رشيد)، الذي إذ سمع له أحبه ونصحه - أنه لكي يحقق أمنيته دون ضغط والديه - بأن يذهب إلى جبل "ياماهو" بالصعيد الأقصى، باعثًا إياه مع راهب شيخ تقي يدعى أبرآم، رافقه الطريق، وبقى معه 6 شهور.
لم يستطع إيساك أن يستريح، وقد شعر أن والديه لابد وأن يكونا في حزن شديد ومرارة نفس لذا أقنع الراهب الشيخ أبرآم أن يرجع من الصعيد للتصرف بخصوص والديه. وبالفعل عاد الاثنان إلى منطقة قريبة من الرمل حيث قصدا راهبًا ناسكًا كان يعيش هناك يعرف والدي إيساك. استدعى الناسك شماسًا يدعى فيلوثيؤس، قابل الراهب إيساك بشوق شديد ومحبة، وتعرف على أخبار رهبنته. سأله إيساك أن يذهب إلى والديه ويخبرهما بأمره، وأن يأخذ منهما وعدًا أن يتركاه يسلك حسب الدعوة التي وُجهت إليه، فإن وافقا يحضرهما معه. وبالفعل قام الشماس بهذا الدور، فرح الوالدان جدًا، وجاءا معه يلتقيان بابنهما أيامًا قليلة يودعانه برضى.
عاد إيساك إلى برية شيهيت ليتتلمذ على يدي الأب الشيخ زكريا، وقد تدرب على المحبة الصادقة لله والناس، ولا يكف عن خدمة الرهبان بروح الاتضاع والتقوى فأحبه الجميع، كما كان بمحبته يجتذب الكثير من الزائرين للسيد المسيح.
جاء عنه أنه إذ خرج مع بعض النساك يجمع حطبًا، إذ بثعبان وسط الحشائش ينقضّ عليه ويلدغ بذراعه، أما هو فبهدوء شديد نفضه، ورشم ذراعه بعلامة الصليب، وحمل ما جمعه ليسير إلى الدير، كأن لا شيء قد حدث، فمجّد الرهبان الله على تحقيق مواعيده لقديسيه (مز 91: 13؛ لو 10: 19).
سكرتاريته للبابا يؤانس (يوحنا) الثالث
إذ كان البابا يؤانس الثالث يطلب من الله أن يرشده إلى راهب تقي يسنده كسكرتير له يمكن أن يخلفه أرشده روح الرب إلى هذا الناسك التقي المتبحر في دراسة الكتاب المقدس والمحب للخدمة. وقد أحبه البابا جدًا، وإن كان قد تظاهر إيساك في البداية بالعجز لكي يعفيه البابا من هذا المنصب. أخيرًا قبل أن يبقى مع البابا بعد أن وعده البابا أن يكون بقاؤه بهذا العمل مؤقتًا، ويسمح له بالعودة إلى الدير.
رجوعه إلى الدير
إذ سيم القديس زكريا في تلك الفترة أسقفًا على سايس، فظل يخدم شعبه وهو شيخ متقدم في الأيام، لكنه بسبب المرض اضطر أن يعود إلى دير القديس مقاريوس فلحقه إيساك الذي كان يحب معلمه للغاية، وكان يخدمه، حتى إذ دنت اللحظات الأخيرة تطلع الأنبا زكريا إلى تلميذه إيساك، وقال له: "يا بني، إذا ما نلت الكرامة فاذكر إخوتك الرهبان"... وإذ رقد الأنبا زكريا، قرر الرهبان إقامة إيساك رئيسًا على الدير. لكنه لم يبق سوى بضعة شهور حيث استدعاه البابا إذ أحس أن أيام غربته قد أوشكت على الانتهاء. وقد استبقاه إلى جواره وعهد إليه بإدارة الشئون الكنسية.
كان البابا في محبته لإيساك يأخذه معه كلما دعاه الأمير عبد العزيز بن مروان الذي كان يحب البابا يؤانس الثالث جدًا ويجله.
سيامته بطريركيًا
أوصى البابا يوحنا وهو على فراش الموت بإسحق تلميذه ليكون بابا وبطريركًا، وكان الأب إسحق يميل إلى الهروب من الأسقفية.
استطاع قس يدعى "جرجس" متزوج وله أخطاء، أن يستميل قلوب بعض الأراخنة مع بعض الأساقفة لسيامته بطريركًا، وكان متعجلاً يود أن يتحقق ذلك قبل يوم الأحد، حتى لا يعارضه بقية الأساقفة.
اجتمع الأساقفة في بابليون مع شعب كثير في كنيسة القديس سرجيوس بمصر القديمة (أبو سرجة)، ودخل القديس فجأة، فانكسر "قنديل" بالكنيسة وأغرقه زيتًا، فصرخ الشعب: "أكسيوس، أكسيوس، أكسيوس (مستحق)... مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك"... وانتخبوه بطريركًا، كانت هذه هي المرة الأولى لانتخاب بطريركًا في هذه الكنيسة، وبقى انتخاب البطاركة في بابليون حتى القرن الحادي عشر على أن تتم السيامة في كنيسة الإنجيليين بالإسكندرية.
بابا الإسكندرية
عُرف بدموعه التي لا تجف أثناء خدمة الإفخارستيا (القداس الإلهي)، كما ردّ كثير من الهراطقة إلى الإيمان.
اهتم أيضًا بعمارة الكنائس والأديرة، وإذ كان بينه وبين الوالي عبد العزيز صداقة قوية أقيمت كنيسة في حلوان، التي أنشأها الوالي، وقد ساعده الوالي في إقامة الكنائس والأديرة.
قيل أن علاقته بالوالي كانت قوية للغاية، وأن الوالي كان يسير مرة أمام باب الكنيسة فتطلع ليرى البابا في المذبح ونارًا تحيط به، مما زاد حب الوالي له.
إذ أقام الوالي قصرًا حديثًا في حلوان استدعى البابا، فرأت زوجة الوالي جموعًا من الملائكة تحيط به، فأخبرت رجلها فامتلأ دهشة!
حاول البعض أن يثير الفتنة فادعوا أن البابا كتب إلى ملك النوبة ليقيم صلحًا مع ملك أثيوبيا، وكان الجو ملبدًا بين مصر وأثيوبيا فغضب الوالي، لكن البابا بلطفه ووداعته أكدّ له كذب هذا الافتراء، فأكرمه الوالي جدًا.
مرة أخرى حاول البعض خلق جو من الكراهية بين الوالي والبابا، فذهبوا إلى الوالي يسألونه أن يطلب من البابا أن يأكل معه دون رسم علامة الصليب، وقدموا له سلة مملوءة بلحًا ممتازًا مسمومًا، أما القديس فبحكمة أمسك بالسلة، وقال للوالي: "أتريدني أن آكل من هذه الناحية أو من تلك، من هنا أو من هناك؟!" وبهذا رسم علامة الصليب. وإذ عرف الوالي بعد ذلك ما قصده البابا تعجب لحكمته ووجد نعمة أكثر لديه.
نياحته
عرفت حياته بكثرة المعجزات التي وهبه الله إياها.
بعد مرض قصير تنيح في التاسع من هاتور، ووضع جسده إلى جانب سلفه البابا يوحنا الثالث.
بركة صلواته تكون معنا آمين.
يوسف حبيب: تاريخ كنسي (الكلية الأكليركية بالإسكندرية)، 1974 م، ص17 –23.
إيريس حبيب المصري: قصة الكنيسة القبطية، ج3، 1983 م، ص 300 الخ.
الْباٌباٌُ الثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ
42. سيمون الأول
الوطن الأصلي
الأسم قبل البطريركية
الدير المتخرج منه
تاريخ التقدمة
تاريخ النياحة
مدة الأقامة على الكرسي
مدة خلو الكرسي
محل أقامة البطريرك مدة الرئاسة
محل الدفن
الملوك المعاصرون سورياني الجنس
سمعان
دير الزجاج
23 كيهك 409 للشهداء - 19 ديسمبر للميلاد
24 أبيب 416 للشهداء - 18 يوليو 700 للميلاد
7 سنوات و 7 أشهر
3 سنوات و 9 أشهر و 7 أيام
المرقسية بالاسكندرية
المرقسية بالاسكندرية
عبد الملك بن مروان
+ سريانى الجنس، ترهب فى دير الزجاج وحفظ أكثر كتب الكنيسة ورسمه البابا أغاثو قساً.
+ لما ذاعت فضائلة وعلمه انتخبوه بطريركاً فى 23 كيهك سنة 409 للشهداء، فدعا معلمه الروحى وأوكل إليه تدبير أمور البطريركية وتفرغ هو للصوم والصلاة والنسك الشديد.
+ أجرى الله على يديه آيات عظيمة لدرجة أنه شرب سماً على أنه دواء (حيلة من بعض الأشرار) فلم يؤذه ذلك. ولكنهم وضعوا له السم مرة ثانية في ثمار التين وتناول منه فتألم ولزم فراشه مدة أربعين يوماً... ولما علم الملك عبد العزيز حضر إلى الإسكندرية وعرف ذلك فأمر بحرق هؤلاء الأشرار وتشفع فيهم البابا بدموع غزيرة.
+ وكان فى أيامه قوم يتخذون نساء أخريات علاوة على نسائهم فحرمهم حتى رجعوا عن هذا الأثم وأقام على الكرسى المرقسى سبع سنوات وسبعة أشهر وتنيح بسلام.
+ تعيد له الكنيسة بنياحته فى الرابع والعشرين من شهر أبيب.
نياحة القديس سيمون الأول بابا الإسكندرية الثاني والأربعين ( 24 أبيب)
في مثل هذا اليوم من سنة 416 ش ( 18 يولية سنة 700م ) تنيح البابا القديس سيمون الثاني والأربعون من باباوات الكرازة المرقسية. هذ1 البابا كان سرياني الجنس وقد قدمه والداه إلى دير الزجاج الذي فيه جسد القديس ساويرس الانطاكي الكائن غربي الإسكندرية فترهب به وتعلم القراءة والكتابة وحفظ أكثر كتب الكنيسة ورسمه البابا أغاثو قسا ولما ذاعت فضائله وعلمه انتخبوه للبطريركية ورسم بطريركا في 23 كيهك سنة 409 ش ( 19 ديسمبر سنة 692 م ). فدعا اليه معلمه الروحي أوكل اليه تدبير أمور البطريركية. وتفرغ هو للصوم والصلاة والمطالعة. وكان عائشا علي الخبز والملح بالكمون والبقول حتى أخضع النفس الشهوانية للنفس العاقلة الناطقة وقد أجري الله علي يديه آيات عظيمة منها أن بعض كهنة الإسكندرية حنقوا عليه فتآمروا علي قتله واتفقوا مع أحد السحرة فأعطاهم سما قاتلا في زجاجة وقدموها للبابا علي أنها دواء ليستعمله ويدعو لهم. فأخذها وبعد التناول من الأسرار الإلهية شرب منها فلم تؤذه. وإذ فشلوا في مؤامرتهم وضعوا سما آخر قاتلا في فاكهة التين واحتالوا علي المكلف بعمل القربان حتى منعوه ذات ليلة من عمله. وذهبوا إلى البابا في الصباح وقدموا له التين هدية وألحوا عليه حتى تناول جانبا منه. فلما أكله تألم من ذلك ولزم الفراش مدة أربعين يوما.
وحدث أن الملك عبد العزيز حضر إلى الإسكندرية وسأل عن البطريرك فعرفه الكتبة النصارى بما جري له. فأمر بحرق الكهنة والساحر فتشفع فيهم البابا البطريرك بدموع غزيرة فتعجب الملك من وداعته. ثم عفا عن الكهنة وأحرق الساحر ومن وقتها ازداد هيبة ووقار في عيني الملك وسمح له بعمارة الكنائس والأديرة فبني ديرين عند حلوان قبلي مصر. وكان هذا البابا قد عين قسا اسمه مينا وكيلا علي تدبير أمور الكنائس وأموالها وأوانيها وكتبها. فأساء التصرف وبلغ به الآمر أن أنكر ما لديه من مال الكنائس وحدث أنه مرض فانعقد لسانه عن الكلام ولما سمع البابا بذلك حزن وسأل الله أن يشفيه حتى لا تضيع أموال الكنائس ثم أرسل أحد تلاميذه إلى زوجة ذلك القس ليسألها عن مال الكنائس فلما اقترب من البيت سمع صراخا وبكاء وعلم أن القس توفي فدخل إليه وانحني يقبله فعادت إليه روحه وجلس يتكلم شاكرا السيد المسيح ومعترفا بأن صلاة القديس سيمون عنه هي التي أقامته من الموت. وأسرع إلى البابا نادما باكيا وقدم ما لديه من مال الكنائس وكان في أيامه قوم يتخذون نساء أخريات علاوة علي نسائهم فحرمهم حتى رجعوا عن هذا الآثم وأقام علي كرسي البطريركية سبع سنوات وسبعة أشهر ثم تنيح بسلام.
صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين
سيمون الأول البابا الثاني والأربعون
خلاف حول اختيار البابا
إذ تنيح الأنبا اسحق البابا الحادي والأربعون (من رجال القرن السابع) حدث خلاف بين كهنة كنيسة القديس مار مرقس الرسول بالإسكندرية وكهنة كنيسة الإنجيليين بالمدينة. فقد مال الأولون إلى ترشيح القمص يوحنا بدير الزجاج بكونه رجلاً عالمًا كاتبًا، بينما الآخرون رشحوا القمص بقطر بدير تفسر بكونه رجلاً فاضلاً.
مال الكُتاب الأقباط إلى القمص بقطر الذي رشحه كهنة كنيسة الإنجيليين، وكان عددهم مائة وأربعين كاهنًا، بينما كان الفريق الأول يساعده الكاتب المتولّي وكتب تادرس أرخن مدينة الإسكندرية إلى الوالي يذكر له أن القمص يوحنا بدير الزجاج هو الذي وقع عليه الاختيار ليكون بطريركًا.
استدعى الوالي القمص يوحنا، فذهب وكان معه بعض كهنة الإسكندرية والأرخن تادرس كما كان معه تلميذه سيمون. سُرّ الوالي بالقمص يوحنا، إذ كان شخصًا بهيًّا في المنظر، وإذ سأل الوالي الأساقفة عن سلوكه مدحوه.
لكن أحد الأساقفة قال: "هذا لا ينبغي أن يكون لنا بطريركًا". فصمت بقية الأساقفة، عندئذ سأله الوالي: "من تراه يصلح للبطريركية؟" أجابه أن المستحق لهذه الرتبة سيمون.
استدعاه الوالي وإذ سأل عن جنسه قيل له أنه سرياني من أهل الشرق. فقال للأساقفة: "أما كان الأفضل أن تختاروا لكم بطريركًا من بلادكم؟" أجابوه: "الذي اخترناه أحضرناه بين يديك، والأمر لله ولك". عندئذ سأل الوالي سيمون عن القمص يوحنا، وهل يليق أن يكون بطريركًا. أجابه: "لا يوجد في كل مصر ولا في الشرق من يستحق هذه الرتبة مثل يوحنا، فهو أبي الروحي منذ صغري، وسيرته كسيرة الملائكة". تعجب الوالي من كلامه، حينئذ قال الأساقفة والكُتاب الأراخنة: "ليحيي الله الأمير لنا سنيًا طويلة، سلّم الكرسي لسيمون فهو مستحق للبطريركية". وإذ سمع الأمير ذلك عن شهادتهم لرجل غريب سمح لهم بإقامته بطريركًا، فمضوا به إلى كنيسة الإنجيليين لسيامته. كان ذلك في عهد خلافة عبد الملك بن مروان، وقد امتنع سيمون كثيرًا عن قبول السيامة وأخيرًا قبل ذلك وكان أبوه الروحي يوحنا متهللاً جدًا بسيامة تلميذه.
في دير الزجاج
كان القديس سيمون سرياني الجنس وقد قدمه والده إلى دير الزجاج الذي فيه جسد القديس ساويرس الإنطاكي الكائن غربي مدينة الإسكندرية، فترهب به وتعلم القراءة والكتابة وحفظ أكثر كتب الكنيسة، ورسمه البابا أغاثون قسًا. وقد ذاع صيت فضائله وعلمه.
سيامته بطريركًا
لما انتخبوه للبطريركية وكُرِس بطريركًا دعا إليه معلمه الروحاني وأوكل إليه تدبير أمور البطريركية، وتفرغ هو للصوم والصلاة والمطالعة. وكان يعيشً على الخبز والملح بالكمون والبقول حتى اخضع النفس الشهوانية للنفس العاقلة الناطقة.
علاقته بأبيه الروحي
خلال محبته وثقته في أبيه الروحي، القمص يوحنا، جعله وكيلاً له، متصرفًا في كل الأمور. كان يستشيره ويسير حسب نصيحته، وعاش الاثنان في محبة كاملة لمدة ثلاث سنوات حتى انتقل القمص يوحنا فكفّنه البابا بنفسه وأخذ بركته، وبنى له قبرًا متسعًا، وطلب أن يدفن فيه معه.
علاقته بكرسي إنطاكية
كتب رسالة إلى يوليانوس بطريرك إنطاكية وأرسلها مع أساقفته، ففرح بها البطريرك وقرأها في كنيسته، وبعث بدوره رسالة كما أكرم الأساقفة الذين جاءوا حاملين إليه الرسالة.
محاولة قتله
عاش البابا كراهبٍ ناسكٍ فلم يكن يأكل سوى الخبز والملح المخلوط بكمّون وبعض البقول ويشرب ماءً. وكثيرًا ما كان ينفرد بعيدًا عن الأساقفة والكهنة لإتمام قوانين الصلاة.
لاحظ أن بعض الكهنة قد أفرطوا في معيشتهم فوبّخهم على ذلك. فابغضه البعض وأرادوا الخلاص منه. وقد أجرى الله على يديه آيات عظيمة، منها أن أربعة كهنة من الإسكندرية قد حنقوا عليه فتأمروا على قتله، واتفقوا مع أحد السحرة فأعطاهم سمًا قاتلاً في قارورة وقدموها للبطريرك على أنها دواء ليستعمله، فأخذها وبعد التناول من الأسرار الإلهية شربها فلم تؤذه.
وإذ فشلوا في مؤامرتهم رَكَّبوا سمًا آخر قاتلاُ ووضعوا منه في التين، واحتالوا على المكلف بعمل القربان حتى منعوه ذات ليلة من عمله وذهبوا إلى البطريرك في الصباح وقدموا له التين هدية وألحوا عليه حتى تناول جانبًا منه. فلما أكله تألم من ذلك ولزم الفراش مدة أربعين يوما. وحدث أن الملك عبد العزيز حضر إلى الإسكندرية وسأل عن البطريرك فعرفه الكتبة النصارى بما جرى له، فأمر بحرق الأربعة كهنة والساحر فتشفع فيهم البابا البطريرك راكعًا أمامه، متوسلاً بدموع كثيرة، فتعجب الملك من حبه ووداعته ثم عفا عن الكهنة وأحرق الساحر ليكون مثلاً.
ازداد هيبة ووقارًا في عيني الملك وسمح له بعمارة الكنائس والأديرة، فبنى ديرين عند حلوان قبلي مصر.
طلب سيامة أسقف للهند
حاول وفد قادم من الهند أن يذهب إلى سوريا ليقوم بطريرك إنطاكية بسيامة أسقفٍ لهم، حيث كانت الهند تابعة له. وإذ لم يستطع الوفد الوصول إلى سوريا طلبوا من البابا سيمون أن يقوم بالسيامة فخشي ببأس الوالي، واعتذر لهم بأنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بدون إذن الوالي. فخرج الوفد من عنده واجتمع بهم مجموعة من الخلقيدونيين فأخذوهم إلى بطريرك الملكيين، فسام لهم أسقفًا من مريوط وكاهنين، وساروا سرًّا في الطريق إلى الهند.
بعد عشرين يومًا قبض عليهم قوم من العرب في الطريق، فهرب القس الهندي وعاد إلى مصر، وأوثفوا الثلاثة وأحضروهم إلى الخليفة مروان في دمشق، وإذ علم أنهم من مريوط ومصر اقتص منهم وأرسلهم إلى ابنه عبد العزيز والي مصر موبخًا إيّاه على عجزه من معرفة الأمور الجارية في بلاده، وأخبره بان بطريرك الأقباط المقيم بالإسكندرية قد بعث بأخبار مصر إلى الهند مع رُسل من قبله، وأمره بضربه مائتي سوطًا وتغريمه مائة ألف دينارًا يرسلها إليه بسرعة مع الرسل القادمين إليه.
وصل الوفد الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وكان البابا بحلوان بصحبته أحد الأساقفة فاستدعاه وهدّده بالقتل إن لم يعترف بالحقيقة، فروى له أن قسًا هنديًّا داء وطلب سيامة أسقف وأنه رفض السيامة بدون إذن الوالي. لم يصدقه الوالي وهدده بهدم جميع الكنائص وقتل الأساقفة، فطلب البابا منه أن يسأل الذين قُبض عليهم، ولم يخبره بان بطريرك الملكيين قام بالسيامة. طلب البابا مهلة أسبوعًا ليدعو الله فيكشف له الحقيقة، فظن الوالي أن البابا يريد أن يهرب أو ينتحر وأعطاه مهلة ثلاثة أيام.
ظهر القس الهندي واعترف بكل ما حدث بعد أن أخذ وعدًا من الوالي بالعفو عن المذنبين. ألقى الوالي القبض على بطريرك الملكيين وتشفع فيه البابا فعفا عنه. وبعث الوالي إلى والده يؤكد له براءة البابا.
مع القس مينا
كان هذا البابا قد عين قسًا اسمه مينا وكيلاً على تدبير أمور الكنائس وأموالها وأوانيها وكتبها، فأساء التصرف وبلغ به الأمر أن أنكر ما لديه من مال الكنائس. وحدث أنه مرض فانعقد لسانه عن الكلام، ولما سمع البابا البطريرك بذلك حزن وسأل الله أن يشفيه حتى لا تضيع أموال الكنائس. ثم أرسل أحد تلاميذه إلى زوجة ذلك القس ليسألها عن مال الكنائس، فلما أقترب من البيت سمع الصراخ والبكاء وعلم أن القس توفى فدخل إليه وانحنى يقبله، فعادت إليه روحه وجلس يتكلم شاكرًا السيد المسيح ومعترفًا بأن صلاة القديس سيمون عنه هي التي أقامته من الموت، وأسرع إلى البابا البطريرك نادمًا باكيًا وقدّم ما لديه من مال الكنائس.
كان في أيامه قوم يتسرّون على نسائهم فحرمهم حتى رجعوا عن هذا الإثم.
أقام على كرسي البطريركية سبع سنوات وسبعة أشهر ثم تنيّح بسلام.
السنكسار، 24 أبيب.
الْباٌباٌُ الثَّالِثُ وَالأَرْبَعُونَ
43. الكسندروس الثانى
الوطن الأصلي
الأسم قبل البطريركية
الدير المتخرج منه
تاريخ التقدمة
تاريخ النياحة
مدة الأقامة على الكرسي
مدة خلو الكرسي
محل أقامة البطريرك مدة الرئاسة
محل الدفن
الملوك المعاصرون بناوبوصير بالمحلة الكبرى
الكسندروس
دير الزجاج
30 برموده 420 للشهداء - 25 أبريل 704 للميلاد
7 أمشير 445 للشهداء - أول فبراير 729 للميلاد
25 سنة و 9 أشهر و 7 أيام
شهرا واحدا و 23 يوما
المرقسية بالأسكندرية
المرقسية بالاسكندرية
عبد الملك بن مروان و الوليد بن عبد الملك و سليمان و عمرو بن عبد العزيز و يزيد بن عبد الملك و هشام
+ ترهب بدير الزجاج غرب الإسكندرية،ونظراً لعلمه وتقواه أختير للبطريركية وقد نالته فى مدة رئاسته شدائد كثيرة فلقد قبض الوالى عليه وظل يعذبه حتى افتداه المؤمنون بثلاثة آلاف دينار، فأهلك الله هذا الوالى سريعاً، وبعده جاء وال آخر فقبض على البابا وطلب منه ثلاثة آلاف دينار فمضى البابا إلى صعيد مصر وجمعها وأعطاها للوالى... وبعد ذلك بقليل قام وال آخر شرير كلف المسيحيين بأن يرسموا على أيديهم اسم الوحش بدلاً من علامة الصليب وتجاسر وطلب ذلك من البطريرك، فأبى البابا وطلب مهله ثلاثة أيام وفيها حبس نفسه فى قلايته وسأل الرب يسوع أن لا يتخلى عنه فى هذه الشدة فمرض مرضاً بسيطاً ثم تنيح بسلام بعد أن قضى فى الرئاسة 24 سنة و 9 أشهر.
+ عيد نياحته فى السابع من شهر أمشير.
نياحة البابا الكسندروس 43 ( 7 أمشير)
في مثل هذا اليوم من سنة 715 م تنيح الأب القديس ألكسندروس الثاني بابا الإسكندرية الثالث والأربعين. كان هذا القديس من أهل بنا. وترهب بدير الباتيرون أي دير الأباء. وهو الذي كان معروفا بدير الزجاج الكائن غرب الإسكندرية. ونظرا لتقواه وعلمه اختير لكرسي البطريركية. وقد نالته في مدة رئاسته شدائد كثيرة. وكان معاصرا للخليفة الوليد بن عبد الملك الذي لما تولي الخلافة عين أخاه عبد الله واليا علي مصر سنة 698 م فأساء عبد الله معاملة المسيحيين. وصادر رهبان برية شيهيت وبلغ به شره انه دخل يوما ديرا قبلي مصر حيث ابصر أيقونة العذراء مريم والدة الإله. ولما سال عنها وقيل له إنها صورة العذراء مريم أم المسيح مخلص العالم. بصق علي الصورة قائلا: إن عشت فسأبيد النصارى ثم جدف علي السيد المسيح أيضا. فلما صار الليل رأى في نومه ما أزعجه وادخل الرجفة إلى قلبه , فكتب يخبر أخاه قائلا إنني تألمت البارحة إذ رأبت رجلا جالسا علي منبر عظيم ووجهه يشرق اكثر من الشمس , وحوله ربوات حاملين سلاحا , وكنت انا وأنت مربوطين ومطروحين خلفه فلما سالت من هذا ؟ قيل لي هذا يسوع المسيح ملك النصارى الذي هزات به بالأمس. ثم أتاني واحد من حاملي السلاح فطعنني بحربة في جنبي. فحزن أخوه جدا من تلك الرؤيا. أما عبد الله هذا فانه أصيب بحمي شديدة ومات في تلك الليلة. وبعد أربعين يوما مات أخوه الوليد أيضا.
و في سنة 701 م تولي أخر مكانه وحذا حذوه فأساء إلى المسيحيين وقبض علي القديس ألكسندروس وظل يعذبه إلى إن جمع له من المؤمنين ثلاثة آلاف دينار فأهلكه الله سريعا. وقام بعده وال آخر اشر منه فقبض وزيره علي الأب البطريرك وطلب منه ثلاثة آلاف دينار. فاعتذر إليه الأب قائلا إن المال الذي قدمه لسلفه، جمع بعضه من المؤمنين والبعض الآخر استدانه فلم يقبل الوالي منه هذا القول وأخيرا طلب الأب منه مهلة فأمهله، فمضي إلى الصعيد لجمعها من صدقات المؤمنين وفي أثناء تجوله حدث إن راهبا سائحا أمر اثنين من تلاميذه الرهبان بحفر مغارة وفيما كانا يحفران وجدا خمسة أكواب من نحاس مملوءة ذهبا. فاحتفظا بواحد منها واعطبا السائح الأربعة. فأرسلها هذا إلى الأب البطريرك , أما التلميذان فأخذا الذهب ومضيا إلى العالم وتركا الرهبنة وتزوجا واقتنيا الجواري والعبيد والمواشي. وعلم بهما الوالي فاستدعاهما إليه وهددهما فاخبراه بأمر الخمسة الأكواب وإن أربعة منها أخذها الأب البطريرك , فأسرع توا إلى الدار البطريركية ونهب ما وجده من أواني الكنائس ثم قبض علي الأب البطريرك أهانه وأودعه السجن. وطالبه بالأكواب وبالثلاثة آلاف دينار ولم يطلقه حتى دفعها.
و بعد ذلك بقليل مات هذا الوالي وقام بعده وال آخر اشر منه إذ انه كلف المؤمنين إن يرسموا علي أيديهم عوض علامة الصليب المجيد. اسم الوحش الذي تنبأ عنه يوحنا الثاؤلوغوس أمر إن يكون هذا في سائر البلاد. وطلب من الأب البطريرك إن يرسم هو أيضا علي يده هذه العلامة فأبى، وإذ أصر رجاه الأب إن يمهله ثلاثة ايام ثم مضي إلى قلايته وسال الرب يسوع إن لا يتخلي عنه حتى لا يقع في هذه التجربة. فسمع الرب صلاته وافتقده بمرض بسيط فذهب واستأذن الوالي في الذهاب إلى الإسكندرية فلم يسمح له، ظنا منه انه إنما يتمارض ليعفي من الوشم. وبعد ذلك ألهمه الرب انه بعد أربعة ايام يتنيح فابلغ ذلك إلى تلاميذه وطلب منهم أعداد مركبة لحمل جسده ودفنه جوار أجساد الأباء القديسين. ثم تنيح بسلام فحملوا جسده ونقلوه كما طلب.
و في زمن هذا الأب كان للملكية بمصر بطريرك يسمي أنسطاسيوس وقد أثار عليه غضب شعبه لمسالمته للأرثوذكسيين ومحبته لهم , فتركهم وجاء إلى البابا ألكسندروس واعترف أمامه بالإيمان الأرثوذكسي فأكرمه البابا ألكسندروس إكراما كثيرا وأراد إن يسلم إليه شئون البطريركية وينفرد هو للعبادة في أحد الأديرة , فأبى الأب أنسطاسيوس وقال له لو كنت ارغب في البطريركية لبقيت هناك فقد كنت بطريركا ولكني أريد إن اكون لك تلميذا. وأخيرا قبل إن يتسلم إحدى الاسقفيات فرعي الرعية التي أؤتمن عليها احسن رعاية. وقد أقام الأب ألكسندروس علي الكرسي البطريركي 24 سنة و9 اشهر. صلاته تكون معنا آمين.
الكسندروس الثاني البابا الثالث والأربعون
بعد نياحة البابا سيمون لم يتمكن الأساقفة من إقامة خلف له، فخلا الكرسي ثلاث سنوات، بعد ذلك طلب أثناسيوس رئيس ديوان الأمير عبد العزيز من الأمير أن يسمح للأنبا غريغوريوس أسقف القيس أن يتولى شئون الكنيسة، فكتب له أمرًا بذلك. وكان الأنبا غريغوريوس إنسانًا تقيًا محبوبًا حتى لم يفكر الكل في سيامة بطريرك لمدة أربع سنوات، وأخيرًا أجمع الرأي علي سيامة الكسندروس بطريركًا، وكان راهبًا بدير الزجاج وديعًا حكيمًا عالمًا بالكتب المقدسة، ما أن رآه الأمير حتى أحبه.
سيامته
بعد استئذان الوالي أُقيم الكسندروس بطريركًا في 30 برمودة من عام 695م، في عيد القديس مارمرقس، وكانت أيامه الأولي كلها صفاء وشمل الجميع سرور عظيم، وساد الكنيسة السلام.
متاعبه
مات الأمير عبد العزيز فحزن عليه جميع المصريين من مسلمين ومسيحيين، إذ عرف بعدالته وحكمته، وجاء من بعده عدة ولاة هم عبد الله وقرة وأسامة وعبيد الله كانت أسماؤهم رمزًا للعنف والقسوة علي الجميع، حيث ضاعفوا الضرائب بصورة صارخة، فلم يسمحوا بدفن ميت دون دفع ضريبة عنه، وكان الكل ساخطًا عليهم، وبلا شك كانت الضرائب أضعافًا مضاعفة علي المسيحيين.
إذ تولي عبد الله الولاية وجاء إلي الفسطاط جاء البابا يحييه، فسأل عنه فقيل إنه أبو الأقباط، فقبض عليه وسلمه لأحد حجابه وطلب منه أن يهينه حتى يدفع ثلاثة آلاف دينار. تقدم شماس يدعي جرجس إلي الأمير يسأله: "أيهدف مولاي إلي اعتقال البابا أم إلي الحصول علي المال؟"، وإذ أظهر الأمير رغبته في المال طلب منه أن يخلي سبيل البابا حتى يقدر أن يطوف معه وسط الشعب ويجمع له المال، وبالفعل طاف معه في الوجه البحري حتى جمع المبلغ وسلمه للوالي. هذا وقد بذل عبد الله كل طاقاته للإبطال اللغة القبطية في الدواوين والمدارس ومحاكمة من يستخدمها.
بعد عبد الله تولي الأمير قرة الولاية عام 701، وتكررت نفس المأساة وقام البابا بزيارة الوجه القبلي، ففرح به الشعب جدًا إذ لم يكن قد زراهم البطريرك قط منذ أيام الأنبا بنيامين (البابا 38) حين كان مختفيًا بينهم، وأخيرًا قام بسداد المبلغ.
ارتفعت الضرائب جدًا خاصة علي الأقباط، حتى اضطروا إلي بيع أواني المذبح الفضية، واستبدالها بأوانٍ خشبية أو زجاجية لتسديد الجزية، وكان هناك سخط من المسلمين أيضًا علي الأمير.
مرة سعي بعض الأشرار لدي الوالي متهمين البابا بأن قومًا لديه يضربون الدنانير، فأرسل جماعة من الجند أهانوا البابا وصاروا يضربون أصحابه حتى قاربوا الموت، وإذ ظهر بطلان هذه الوشاية تركوا الدار البطريركية.
بجانب هذه المتاعب الخارجية سقط البابا تحت متاعب من كنائس الإسكندرية وكهنتها إذ اعتادت منذ عهد قسطنطين أن تقدم لها البطريركية معونات، لكن بسبب الغرامات التي حلت بالبابا والضيق الخارجي لم يستطع البابا أن يقدم شيئًا فثار بعض الكهنة والأراخنة ضده، وكان يتوسل إليهم موضحًا لهم كيف صارت الكاسات التي تقدم فيها الأسرار المقدسة من زجاج بسبب ما حلّ بالكنيسة من ضيق، وإذ يقبلوا كلماته اضطر إلي انتهارهم وطردهم فخرجوا يشنعون عليه.
بجانب هذه المتاعب حلّ بالبلاد قحط شديد ووباء، فمات كثيرون بسبب الجوع والمرض، وكان البابا مع الأساقفة يجولون في البلاد ليسندوا الشعب بسبب ما حلّ بهم من كوارث.
ومن متاعبه أيضًا ما أثاره طبيب بيزنطي اسمه أنوبيس نجح في استمالة والي الإسكندرية بسبب مهنته، مقنعًا إياه أن يقيمه أسقفًا علي الإسكندرية، وإذ تحقق له لك صار يقاوم البابا بكل طاقاته مستغلاً صداقته مع الوالي، فثار الشعب عليه جدًا، واضطر من الخوف أن يلجأ إلي البابا الذي استقبله بمحبة، فخجل جدًا وأعلن ولاءه للبابا، وبقي هكذا علي ولائه مدي حياته.
لما صار حنظله بن صفوان واليًا عام 713 أراد أن يرسم علي يدي كل مسيحي صورة الأسد (الوحش)، ثم قبض علي البابا البطريرك وأمره بذلك، فطلب منه مهلة ثلاثة أيام، فدخل إلي مخدعه واشتهي الانطلاق من هذا العالم ولا يري ما يحل بشعب الله. وإذ تزايد المرض به جدًا سأل قوم الوالي أن يسمح له بالانطلاق إلي كرسيه بالإسكندرية فحسبه يتمارض، لكنه أخذ مركبًا وانطلق سرًا إلي الإسكندرية، وإذ علم الوالي أرسل وراءه قومًا ليقبضوا عليه فوجدوه قد تنيح، فقاموا بتعذيب تلاميذه.
كانت مدة إقامته علي الكرسي 34 سنة ونصف، وقد تنيح في 7 أمشير (سنة726م).
القس منسي يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية، 1983، ص 313-315.
الْباٌباٌُ الرَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ
44. قسما الأول
الوطن الأصلي
الأسم قبل البطريركية
الدير المتخرج منه
تاريخ التقدمة
تاريخ النياحة
مدة الأقامة على الكرسي
محل أقامة البطريرك مدة الرئاسة
محل الدفن
الملوك المعاصرون بناوبوصير بالمجلة الكبرى
قزمان
أبو مقار
30 برمهات 445 للشهداء - 26 مارس 729 للميلاد
30 بؤونه 446 للشهداء - 24 يونيو 730 للميلاد
سنة واحدة و 3 أشهر
المرقسية بالاسكندرية
المرقسية بالاسكندرية
هشام بن عبد الملك
+ ترهب فى دير أبى مقار، ورسم بطريركياً رغماً عنه فى 30 برمهات سنة 445 ش.
+ لم يبرح منذ توليه الكرسى عن السؤال كى ينيح الله نفسه سريعاً فأجاب الله طلبه بعد أن تولى الكرسى مدة سنة واحدة وثلاثة شهور.
+ نياحته فى الثالث من شهر بؤونه.
نياحة البابا قسما البطريرك ( 44) ( 3 بؤونة)
في مثل هذا اليوم تنيح البابا قسما الأول سنة 446 ش (24 يونية سنة 730 م) وأصله من أبي صير وترهب بدير أبي مقار، ورسم بطريركا رغما عنه يوم الأحد 30 برمهات سنة 445 ش (مارس 729 م) ولم يبرح منذ توليه الكرسي عن السؤال كي ينيح الله نفسه سريعا فأجاب الله طلبته بعد أن تولي علي الكرسي مدة سنة واحدة وثلاثة شهور صلاته تكون معنا. آمين
قزمان الأول البابا الرابع والأربعون
قزمان أو قسما الأول البابا الرابع والأربعون
بعد نياحة البابا ألكسندروس الثاني سنة 726م، اتجهت الأنظار إلى الناسك قزما (قزمان) أحد رهبان دير القديس مقاريوس الكبير ببرية شيهيت فانتُخِب بالإجماع، ومن ثَمَّ أقامه الأساقفة في نفس السنة على سدة الكنيسة القبطية. كان من أهل بناموسير، سيم بغير اختياره، إذ كان يميل إلى حياة الوحدة.
قصر أيام باباويته
على أن هذا البابا لم يجد نفسه جديرًا بهذه الكرامة العظمى التي أولاه إياها إكليروس الكنيسة وشعبها، كذلك امتلأت نفسه أسى حين علم أن الخليفة عمر بن عبد العزيز قد كتب إلى حيّان بن شُريح عامل الخراج في مصر يقول له: "أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم"، وأضاف إلى ذلك الجزية على القرى، فكل قرية عليها مقدار من المال يجب تأديته بغض النظر عمن يموت من أهلها.
بإزاء هذا الشعور بعدم الاستحقاق الذي طغى على الأنبا قزما، وهذا الأسى الذي ملأ قلبه لعدم قدرته على حماية شعبه من الجزية المتزايدة المبالغ فيها، أخذ يبتهل إلى الله ليلاً ونهارًا ضارعًا إليه أن ينقله من هذا العالم بدلاً من أن يضرع إليه أن يمنحه النعمة لتأدية واجباته الرعوية مخالفًا بذلك الأوامر الإلهية (يو17:15). ولقد استجاب الله لطلبته، فلم يلبث الأنبا قزما أن انتقل إلى الدار الباقية بعد مرور خمسة عشر شهرًا على ارتقائه الكرسي المرقسي، فمرّت أيام باباويته مرور السحاب العابر. وهكذا اضطر الإكليروس والشعب إلى التشاور من جديد فيمن يكون رئيسهم الأعلى، وانتهت بهم الشورى إلى انتخاب ثيؤدوروس أحد رهبان دير دمنو بمريوط.
نبوة عن قصر أيام باباويته
كان بظاهر مريوط دير يُعرف بطمنوة تحت رئاسة أب يُدعى يحنس نال نعمة عظيمة، وكان الرب يشرّفه بعمل عجائب على يديه، وكان له تلميذ يخدمه اسمه ثيؤدورس فاق كل من في الدير.
في أيام البابا الكسندروس سلف البابا قزمان قال الأب يحنس لتلميذه: "اعلم يا ابني أنه في السنة التي يتنيح فيها الكسندروس أتنيح أنا معه، وأنت تجلس على كرسي الرسول الجليل مار مرقس، ولكن ليس بعد البابا الكسندروس، وإنما بعد الذي يأتي بعده".
قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الثاني صفحة 338.
الْباٌباٌُ الْخَامِسُ وَالأَرْبَعُونَ
45. ثيؤدوروس
الأسم قبل البطريركية
الدير المتخرج منه
تاريخ التقدمة
تاريخ النياحة
مدة الأقامة على الكرسي
مدة خلو الكرسي
محل أقامة البطريرك مدة الرئاسة
محل الدفن
الملوك المعاصرون تادرس
دير طمنبوره (طنبوره) بمريوط
أول أبيب 446 للشهداء - 25 يونيو 730 للميلاد
7 أمشير 458 للشهداء - أول فبراير 742 للميلاد
11 سنة و 7 أشهر و 7 أيام
سنة واحدة و 7 أشهر و 7 أيام
المرقسية بالأسكندرية
المرقسية بالأسكندرية
هشام بن عبد الملك
+ كان راهباً فى دير طبنوره عند مريوط تحت ارشاد شيخ فاضل قديس.
+ كان مجاهداً فى عبادته كاملاً فى اتضاعه ووداعته ومحبته.
+ أختير للبطريركية فرعى شعب المسيح أحسن رعاية، وكان مداوماً على القراءة ووعظ شعبه فى أغلب الأيام خصوصا أيام الآحاد والأعياد.
+ أكمل على الكرسى المرقسى اثنتى عشرة سنة وتنيح بسلام.
عيد نياحته فى السابع من أمشير.
نياحة البابا ثيؤدوروس 45 ( 7 أمشير)
في مثل هذا اليوم من سنة 728 م تنيح الأب القديس ثاؤذورس بابا الإسكندرية الخامس والأربعون وكان هذا الأب راهبا بدير عند مريوط يعرف بدير طنبورة تحت إرشاد وتدبير شيخ فاضل قديس يدعي يوأنس. وقد أوحى إليه من الروح القدس إن تلميذه تادرس سيصير يوما ما بطريركا. فاخبر من يهمهم الأمر ومن يلوذون به بهذا. وكان تادرس مجاهدا في عبادته كاملا في إتضاعه ووداعته. فاختير بإرادة الله للبطريركية فرعي رعية السيد المسيح افضل رعاية. وكان مداوما علي القراءة ووعظ شعبه في اغلب الأيام خصوصا ايام الآحاد والأعياد. واكمل علي الكرسي المرقسي اثنتي عشرة سنة وتنيح بسلام. صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديا آمين.
ثيؤدور البابا الخامس والأربعون
كان ثيؤدورس (تادرس) مشاقًا للحياة الكاملة في الرب، فانطلق إلى دير طمنورة بمريوط حيث تتلمذ على يدي ناسك قديس يدعى يوأنس. وقد اتسم الراهب ثيؤدر بالطاعة لأبيه والاتضاع، واضعًا في قلبه كلمات سيده: "من أراد أن يصير فيكم أولاً فليكن للجميع عبدًا" (مر10: 44)، كما اتسم ببشاشته وحبه للجميع، لذا كان الكل يحبه.
في أثناء باباوية الأنبا الكسندروس الثاني إذ كان الأب يوأنس جالسًا مع بعض رهبان الدير، قال لهم: "صدقوني يا أولادي إن قلبي ينبئني بأني سأنتقل من هذا العالم في ذات اليوم الذي ينتقل فيه الأنبا الكسندروس الثاني إلى مساكن النور، وأن أخاكم الراهب ثيؤدورس سيعتلي الكرسي المرقسي، لا خليفة لالكسندروس، ولكن للبابا الذي يأتي بعده". وبالفعل إذ تنيح البابا الكسندروس أختير البابا قزما الأول (44) الذي لم يحتمل المرارة التي كان يعانيها شعبه بسبب ضغط الجزية المتزايدة فاشتهى أن ينطلق، وقد سمع الرب طلبته ولم يبقَ على الكرسي سوى 15 شهرًا، بعدها أختير الراهب ثيؤدورس بطريركًا.
في أيامه كان عُبيد الله متوليًا جباية الخراج في مصر، وكان محبًا للمال، عنيفًا للغاية، لكنه نُزع من عمله ليحل الحر بن يوسف مكانه وكان كسابقه مستبدًا لا يعرف الرحمة، الأمر الذي دفع بعض الأقباط في منطقة الشرقية (أهالي تنوديمى وقربيط وطربية) إلى الثورة ضده علنًا، فأرسل جيشًا وقمع الثورة بعد ثلاثة شهور، غير أن الحر بن يوسف نُقل من مصر إلى أسبانيا، وساد الجّو شيئا من الهدوء والسلام. عاد عُبيد الله إلى عمله واستخدم العنف في جمع الأموال من المسلمين كما من الأقباط، غير انه كان يمارس عنفه مضاعفًا جدا على الأقباط، وكان يود أن يجحدوا إيمانهم، وإذ لم يفلح استقدم 5000 عربيًا من قبيلة القيس استقروا في مدينة حوف شمال شرقي الفسطاط، وكان هؤلاء كثيري التمرد.
ثار المسلمين أيضًا على عُبيد الله بسبب عنفه واستبداده فرفعوا شكواهم إلى الخليفة هشام الذي اتسم بالعدل، فأمر بنقله إلى بلاد البربر بشمال أفريقيا، وعين القاسم ابنه الأكبر واليًا على مصر، فاستقر السلام على ضفاف النيل.
جلس على الكرسي المرقسي 11 سنة وسبعة شهور، اتسمت بالسلام النسبي، فقد اهتم بالبنيان الروحي وتثبيت المؤمنين.
في عهده كان الأنبا مويسيس أسقف أوسيم الذي حُسب شهيدًا بدون سفك دم لمواقفه الباسلة في وجه الاضطهاد. كان إنسانًا تقيًا، سلك الحياة الرهبانية لمدة 18 سنة قبل سيامته أسقفًا، ولما سيم أحبه الكل المسيحيون والمسلمون، إذ كان ذي قلب متسع للجميع، وقد تعرض لاضطهادات كثيرة محتملاً الضرب والجلد والسجن بفرح. بهذا كان يسند شعبه على الثبات في الإيمان. وقد عاصر البابا ميخائيل الأول خليفة البابا ثيؤدورس.
إيريس حبيب المصرى: ك 2، بنود 437 - 444.