ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: المسيحى فى المجتمع - سيدنا الأنبا موسى الثلاثاء يوليو 05, 2011 9:16 am | |
| المسيحي في المجتمع
الكاتب: نيافة الأنبا موسي أسقف الشباب
حينما أرسل الرب تلاميذه إلي الخدمة، لم يقل لهم: "أنتم ملح الكنيسة"، بل قال لهم: "أنتم ملح الأرض"، "أنتم نور العالم"، "نسعي كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا"، "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس". ومع أن الرب حذرنا من محبة العالم (كخطايا واتجاهات وتيارات ومقتنيات) إلا أنه هو نفسه "أحب العالم حتي بذل إبنه الوحيد" (يو 3: 16)، بمعني أنه أحب الناس الذين في العالم. ومن هنا تكون دعوة الرب لنا أن نحب الجميع، من قلب طاهر وبشدة، وحتي الأعداء أيضاً "حسب طاقتكم سالموا جميع الناس" (رو 12: 18) فالمسيحية جوهرياً دين المحبة، والمسيحي الصادق لا يستطيع إلا أن يحب، وحتي إذا عاداه إنسان يحاول أن يكسبه بالحب، فإن فشل في إجتذابه يستمر يحبه، لأنه إذا كره إنسان، ولو كان عدواً، فالمحبة ستهرب من قلبه، ومعها الله، لأن الله محبة؟ إذن فالمبدأ الأول الذي يحكم علاقتنا بالناس هو الحب، فحدوده الوحيدة هي أن لا يتعارض حبي للناس مع محبة الله، وذلك حينما يكون الحب عاطفة ساخنة تقضي علي محبتي لله، أو تعميني عن رؤية الطريق، تدنسني بالخطية أو تدفعني إلي خارج دائرة المسيح. أما المبدأ الثاني في علآقتنا الإجتماعية فهو المرونة القوية بمعني أن يكون الإنسان مرناً مع الآخرين ولكن بشرط أن تكون مرونة قوية، فيذهب مع أحبائه إلي طريق الخير، ويرجع عنهم حينما يرتدون عن طريق الشر!! والمبدأ الثالث في علاقتنا الإجتماعية هي الحدود المقبولة، فليس معني المحبة أن يصبح بيتي بلا أسوار!! والبيت هنا هو القلب والأسرة ! والبيت الخالي من الأسوار يكون نهب لكل إنسان أو حيوان مفترس! وكم من بيوت أنفتحت في علاقات إجتماعية سيئة قادتها إلي دمار محق!! أما المبدأ الرابع في علاقتنا فهو الخدمة الصادقه فالمسيحي خادم كل الوقت، و بكل القلب في كل مكان ومع كل إنسان! إن الرب يطلب منا أن نسلك سلوكاً إجتماعياً مقدساً، يشهد للمسيح ويسعد حياتنا، ويعطينا فرصة نشر الحب في كل مكان، فالمسيحية حب حكيم؟ المسيحي كمواطن صالح: لا يوجد شئ اسمه الدولة المسيحية!! فهذا الاسم خطأ من الأساس، وما نقول عنها الآن أنها دولة مسيحية مثل أمريكا وأوربا ليست مسيحية علي الاطلاق ولكنها دولة علمانية أي غير دينية!! هي دولة تعطي حرية كاملة لكل الأديان ولا تلتزم بدين معين، بل أنها ترفض تدريس الدين المسيحي أو أي دين آخر بالمدارس، بنص القانون. وأذكر أنني رأيت راهبة تقف علي سلالم مبني الكونجرس في عز الصيف تحمل بيمينها صورة خشبية كبيرة للسيد المسيح، وبيسارها لافتة تقول: "نطالب بالسماح لنا بتدريس الدين في المدارس"، وطبعاً لا يسمح القانون بذلك تاركاً الدين للبيت ودور العبادة!! وحتي إذا كان الكثيرون يدينون بالمسيحية في دولة واحدة، فهذه الدولة تكون علمانية وليست مسيحية وحتي إن وجدت في العصور الوسطي في بعض دول أوربا دول مسيحية خلطت بين الدين والدولة فهذا ليس من المسيحية فالمسيحية دين. أن السيد المسيح لم يفكر قط في تأسيس دولة أرضية، تاركاً أمور الأرض للأرضين، ورافعاً أبصارنا نحو السماء، ولكن هذا لا يعني إهمال المسيحي لإلتزاماته الأرضية، كخادم للرب وعضو في الوطن والجماعة البشرية، بل عليه أن يخدم بكل كيانه ويشهد ضد الظلم ويسعي لخدمة الفقراء والمحتاجين والمرضي والمهمشين. المسيحي والمشاركة السياسية والوطنية: إن عدم سعي الكنيسة إلي الحكم، وعدم أشتغالها بالسياسة، لا يعني السلبية!! بل أن الكنيسة تحرص علي أمرين: المبدأ الأول المنادة بمبادئ الحب والسلام والتعايش والشهادة ضد الخطأ والظلم مهما كلفها من ثمن، المبدأ الثاني: تشجيع أولادها علي المشاركة الوطنية والاجتماعية والسياسية بأن ينضموا إلي الأحزاب التي يرون فيها مصلحة الوطن، وإلي النقابات والمؤسسات الشرعية المختلفة بهدف بنيان جسد المجتمع. لذلك فالمواطن المسيحي لا يشترك في نشاطات هدامة ولا يكف عن العمل البناء لصالح الوطن كله، ومع أنه ملتزم بحياته المسيحية الروحية إلا أنه ملتزم أيضاً بالوطن وبأخوته في الوطن، ينشر الحب والنموذج الطيب، ويتفاعل بإستقامة مع المسيحين وغير المسيحين ويطيع قوانين الدولة حسب وصية الإنجيل "لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة" (رو 13: 1). إن الكنيسة لا تشتغل بالسياسة ولكنها تطلب من أبنائها أن يكونوا إيجابين في بناء الوطن ومساهمين في العمل الوطني في الأحزاب والنقابات والجمعيات والمؤسسات التي تخدم الوطن، كما أنها لا تختار لهم نوعية التوجيه السياسي، بل تترك لهم حرية الأختيار والإنتماء. المهم أن يكونوا مواطنين صالحين يخدمون الكل ويحبوا الكل.
م ن ق و ل من موقع الكتيبة الطيبية
| |
|