|
|
| نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 9:53 am | |
| نشأة الرهبنة نشأت الرهبنة المسيحية فى مصر حيث بدأت فكرة العبادة النسكية فى البرارى والقفار منذ زمن سحيق فى تاريخها , ونحن لانعلم كثيراً عن الرهبنه فى مصر قبل أنتشار المسيحية فيها , ولكن لنبدأ بالمسيحية , أنه من المعروف أن الذى بشر مصر هو مرقس رسول المسيح , وكان مرقس شاباً ولم يتزوج حتى قطع الوثنيين راسه فى الأسكندرية وقال المؤرخ القس منسى (1) : " لما كان مرقس الرسول متحلياً بالطهر والعفاف وبث روح الفضيلة فى قلوب كثير من المصريين فإعتزلوا الخلق ولجأوا إلى الكهوف والمغائر عاكفين على تسبيح الخالق والتغنى بذكره الأقدس فتحولت القفار القاحلة إلى رياض يانعة تنبت النفوس وتثمر الكمال " وظهرت فى مصر مجموعة من النساك ويعتقد أنهم طبقوا الفكر الكتابى فى المعيشة مشتركه كما ذكر سفر أعمال الرسل (2) : " ِإذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجًا، لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، 35 وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ." وعنهم قال يوسابيوس القيصرى (3) : " وكان جمهور المؤمنين رجالاً ونساء , الذين اجتمعوا هناك فى البداية وعاشوا حياة الزهد الفلسفية المتطرفة , كثيرون جداً , حتى أن فيلوا وجده أمراً جديراً بالأهتمام أن يصف جهادهم وأجتماعاتهم وتسلياتهم وكل طرق معيشتهم " ولما كان مرقس من اصل يهودى فقد كان غالبية الفئة التى مارست النسك والعبادة وأفردت مجتمعاً قائماً بذاته منعزلاً كانوا من اليهود الذين أستوطنوا مصر وقد ذكر فيلو عباره تدل على ذلك فقال (4) : " ويبدو أنهم كانوا من أصل عبرانى , ولذلك كانوا يراعون معظم عوائد الأقدمين حسب طريقة اليهود " ومن المعتقد أيضاً أن هذه المجتمعات المغلقة التى أنضمت إلى المسيحية كانت تمارس أنظمتها اليهودية قبل المسيحية بدليل مجتمع وادى القمران فى الجبال الذى وجدت فيه مخطوطات العهد القديم وقال فيلوا (5) عن وجود كتب وقوانين تحدد نظم هذه المجتمعات النسكية فقال : " ولديهم أيضاً كتابات من القدماء مؤسسى جماعتهم الذين تركوا آثاراً كثيرة رمزية , وهؤلاء يتخذونهم قدوة لهم ويقلدون مبادئهم " وقال كاسيانوس وهو كاتب كنسى : " إن التقليد القديم يشهد بأن رهبان وادى النطرون متناسلون من المتأملين فى الإلهيات " أ . هـ ويقول المؤرخ القس منسى يوحنا (6) : " وقيل أن اول دير مسيحى تأسس كان فى سنة 151 م حيث عزم فرونتيوس على ترك العالم زهداً فى الدنيا وملاذها فجمع إليه جماعة من الأخوة وسار بهم إلى وادى النطرون وإلى منطقة الجيزة وهناك قضوا بقية حياتهم بالنسك والتعبد فى بعض الكهوف الصخرية " [size=16]الرهبانية الراهب أو الراهبة هو أنسان أمتلئ وجدانه بالحب الإلهى عاشق للمسيح لسان حاله يقول : " معك يارب لا أريد شيئاً " , هؤلاء الناس هم الذين تركوا كل شئ وتبعوا المسيح , لا يريدون شيئاً غير التسبيح والكلام مع الرب الإله , لا يستريح هؤلاء إلا أن يجدوا راحة للرب ومسكناً للإله يعقوب فى حياتهم , هؤلاء الناس قال لنا عنهم السيد المسيح فى أمثاله فقال عنهم أنهم وجدوا جوهرة غالية الثمن فباعوا كل شئ وتبعوه . وعندما يسلك هؤلاء فى سلك الرهبنة فلهم نظام تعبدى لأن لهم هدف واحد هو العيش بعيداً عن ضوضاء العالم فى عزلة عن الحياة العاملة وصخبها وشرورها , يهب حياته للصلاة العميقة الطويلة والتعبد بغير شاغل أو عائق . ويتدرج الراهب فى العبادات ويتقوى بالإيمان ويرتقى فى النعمه بالرغم من المحاربات الشيطانية وعندما يغلبر بتواضعه يحصل على مقامات روحانية عالية فينكشف أمام عينية مفاهيم عميقة ما كان يصل مستواها من غير تلك العزلة وتكريس حياتهم للخالق . معنى كلمة راهب يقول المتنيح العلامة الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا الدير المحرق تاريخه ووصفه وكل مشتملاته , ألأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى إيداع رقم 4676/ 1992 ص26: " لعل التعبير العربى "رُهْبان" هو جمع " راهِب " مشتق من الرٌهبْة أو الجزع الذى يتولى ذلك الطراز من عًباد الرب , عندما يدخل فى مرحلة فحص الضمير وإمتحان النفس ومعرفتها على حقيقتها خصوصاً عندما يصل إلى بعض الإشراق الباطنى ويشرف على مرحلة الشخوص فى الأنوار العليا فتتولاه الرهبة وجزع " . والرهبة والجزع عبر عنها أشعياء النبى عندما وصل إلى لحظات الإشراق فقال : " ويل لى إنى هلكت لأنى أنسان نجس الشفتين وأنا مقيم بين شعب نجس الشفتين , لأن عينى قد رأتا الملك ربٌ الجنود ( أشعياء 6: 5) وفى اللغة القبطية يقول الأنبا غريغوريوس : " أن التعبير القبطى يستخدم للدلالة على كلمة راهب هو موناخوس ومنها أشتقت الكلمة اللاتينية Monachus والإنجليزية Monk والفرنسية moine وغيرها من اللغات الأخرى " . وكل الكلمات فى اللغات السابقة معناها " المتوحد" وذلك لأن المتوحد هو إنسان إعتزل الناس ليحيا بمفرده من غير زوجه وأولاد بعيداً عن المجتمع , فيتوفر له الوقت الكافى لينموا با طنياً وروحياً ونفسياً . والإنعزال عن المجتمع البشرى ليس أمراً سهلاً كما يبدو بل يمكن القول أنها مستحيله ولهذا قال أرسطو الفيلسوف : " لا يمكن لأحد من الناس أن يعيش بعيداً عن المجتمع إلا من كان دون الطبيعة البشرية أو فوق مستواها " وعندما نتعمق فى كلمات أرسطوا يتضح لنا سمو الإتجاه الرهبانى فى الإنعزال بسمو الهدف وهذا ما أكده لنا تاريخ العلم الرهبانى : 1- أن هذه العزلة ممكنة لقلة ممتازة ومتميزة من الناس , قد أرتفعت فوق السلوك البشرى , وسمت بمستواها فوق سلوك الغريزة البشرية , لنوال النعمة الإلهية الكاملة وهنا يتحقق قول أرسطو هو أن هذه المجموعة هى فوق مستوى الطبيعة البشرية . 2- والعزلة ليست غاية إنما هى وسيلة من ضمن وسائل عديده للرهبان لبلوغهم الهدف , هذا الهدف هو بلوغ المستويات الروحية والعلمية فى القداسة والنعمة . 3- والعزلة ليست إنفصال عن المجتمع الإنسانى الكبير بل أنه يساهم بطريقة أو اخرى فى تمريض وعلاج النفس البشرية المتعبة حينما يتجه ألاف المتعبين إلى الأديرة طلباً لراحه النفس بعيداً عن قلق العالم كما يساهم الرهبان فى الإنتاج الإقتصادى بطريقة بسيطة فالراهب حسب قوانين الرهبنة يأكل من تعب يديه , فهو إذاً ليس عبئاً على المجتمع , وفى النهاية يرفع هؤلاء الرهبان الصلوات للكنيسة وشعبها أمام الرب الإله . عناصر الرهبانية الثلاث أولا : إعتزال العالم للتعبد الرهبنة ليست هربا من مسئوليات الحياة , أو هرباً من المواقف الإنفعالية التى تواجه الشخص فى العالم , وليست الرهبنة نوعاً من السلوك السلبى وإلا كانت الرهبانية سلوكاً مرضياً . الرهبنة هدفها العمل الناجح والتفرغ للتعبد وإنقطاع الإنسان للرياضيات الروحية والعقلية , هى أنصراف للتأمل والتصوف , وخلود إلى السكون , والوجود الدائم فى حضرة الرب الإله والتفكير الدائم فيه والإتحاد به وفى إرضاؤه والتفكير فى عمل الخير دائماً . ثانياً : نذر التبتل للرب يقتضى من طالب الرهبنة نذر التبتل للرب , والبتوليه هى حياة العزوبة الإختيارية مدى الحياة . وهذا النذر ليس هرباً من مسؤوليات الزواج , ولا كراهية للمرأة أو الأولاد , ولكن إيثارا وطلباً منه لحياة أفضل , لكى لا يكون منشغلاً عن الرب ومنفصلاً عنه بهموم العالم ومشاكله لكى يكون مقدساً للرب نفساً ووجداناً وروحاً . وذلك حسب قول السيد المسيح نفسه : " لأن من الخصيان من وُلدوا كذلك من بطون أمهاتهم , ومنهم من خصاهم الناس , ومنهم من خصوا انفسهم من أجل ملكوت السماوات , فمن إستطاع أن يحتمل فليحتمل ... وكل من ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو إمرأة أو بنين أو حقولاً لأجل إسمى , يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية (إنجيل متى 19: 12- 29) وأيضاً : " فإن غير المتزوج يهتم فيما للرب وكيف يرضى الرب , أما المتزوج فيهتم للعالم كيف يرضى إمرأته , إن بين الزوجة والعذراء فرقاً , غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة فى الجسد وفى الروح , واما المتزوجة فتهتم فيما للعالم كيف ترضى رجلها (كورنثوس الأولى 7: 32- 34) وليس نذر البتوليه هو القضاء على الجنس البشرى لأن هذا الطريق هو طريق ضيق جداً ويسميه القديسين طريق القلة وهذا واضح من قول السيد المسيح : " ليس الجميع يحتملون هذا الكلام إلا الذين وهب لهم (متى 19: 11) . إختيار حياة الفقر قال الرب يسوع : " لأ يقدر أحد أن يخدم سيدين الرب والمال " وملخص الخبرة الإنسانية أن محبة المال هى أصل لكل الشرور لهذا إشترطت قوانين الرهبنة إختيار العيش فى حياة الفقر طواعية ويقنع الإنسان بحياة الكفاف مكتفياً بالضروريات فقط ويأكل من عمل يدية , ولهذا تشترط قوانين الرهبنة قبل الإعتزال فى الدير تنفيذ وصية الرب القائلة : " إن كنت تريد أن تكون كاملاً فإذهب ويع كل شئ لك وإعطيه للمساكين فيكون لك كنز فى السماء وتعال وأتبعنى ( متى 19: 21) . وإذا حدث أن توفر المال للراهب من عمل يديه فقد نصت قوانين الرهبنة أن يصير هذا المال ملكاً للدير أو الكنيسة من بعد حياته طبقاً للفكر الرهبانى : " أنه إذا كان الراهب قد مات عن طلب الحياة فى العالم بإيثاره وإختياره , فمن كان ميتاً لا يرث ولا يورث , بل أنه لا يملك لنفسه شيئاً لأنه قد وهب حياته كلها للرب " ويحكى أن ذهب أقرباء راهب إليه فى ديرة يخبرونه أن قريباً له قد مات فله أن يرثه .. فأجاب متسائلاً : " ومتى مات ؟ " فقالوا له : " منذ سنة " فقال الراهب : " ولكنى مت عن العالم منذ سنوات طويلة , فكيف لميت أن يرث ميتاً " وليس معنى إختيار الفقر طواعية أن الرهبنة هى طريق الفقراء الذين لجأوا إلى الدير هرباً من أعباء الحياة أو ليتخلصوا من دفع الجزية .. فتاريخ الرهبنة طويل ينبئنا عن أعداد لا حصر لها من ذوى الثراء ومن كانوا فى منصب عليا , ومع ذلك تركوا كل شئ وتبعوا السيد المسيح الذى ليس له مكان ليسند راسه , فآثروا الفقر والتعبد على الغنى والجاه وهم فى ثقة أن المناصب الرفيعة إنما هى نفاية من أجل ربح المسيح . وعلى سبيل المثال لا على سبيل الحصر , القديس أنطونيوس الكبير أبو الرهبان كان يملك 300 فدان من أجود الأراضى باعها ووزع ثمنها على الفقراء , القديس باخوميوس "أبو الشركة" كان قائداً فى الجيش إعتزل منصبه الكبير وترهب , القديس أرسانيوس كان " معلم لأولاد الملوك" وكان ابن لأحد قضاة روما وأستاذاً خاصاً لأركاديوس ابن الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير وكان يحيا فى قصر الإمبراطور حياة القصور فى بذخ وترف ونعيم , ولكنه زهد فيها حاسباً عار المسيح أعظم من خزائن الملك , القديس مكسيموس وأخوه دوماديوس كانا " أبنا لأمبراطور الروم فالنتيان الأول ( 364- 375م) وكانا أبوهما فى أوج عظمته وقوته وغناه ولكنهما تركا قصره ليعيشا حياة التعبد , والقديس مار مينا العجائبى كان ابنا لحاكم مريوط , والقديس يوحنا صاحب الإنجيل المذهب كان ابنا لملك , القديسة دميانة كان ابوها حاكماً لأقليم البرلس .. هؤلاء وغيرهم تركوا الغنى والجاه والسلطان ونعيم الحياة وترفها وآثروا حياة الزهد والنسك والتعبد , سكنوا فى البرارى وشقوق الأرض من اجل عظم محبتهم فى المسيح . ***************************************** نظم الرهبانية أولاً : نظام العباد المتوحدين بدأ نظام الرهبنة بنظام التوحد وأول نظام أتبع فى الرهبنة وسار عليه أول من ترهب مثل الأنبا بولا السائح والأنبا أنطونيوس , وهذ النظام الرهبانى هم الرهبان الذين يعيشون متفرقين منفردين كل واحد فى مغارة أو كهف فى الصحارى والجبال , ويتبعون نظاماً خاصاً فى صلاته وصومه وعبادته وتأملاته , وحتى الأنبا باخوميوس الذى وضع نظام الشركة للرهبان الكثيرين الذين تبعوه , عاش هو نفسه على نظام العباد المتوحدين وكانت له مغارته البعيدة عن الدير , وعاش المتوحدين بالقرب من أديرتهم فى مبانى خاصة فيما بعد عرفت هذه المبانى بالمنشوبيات وفى نظام التوحد لا يضم المغارات ولا الكهوف ولا المنشوبيات سور واحد , وما كان على الأنبا أو اب الدير أو رئيسه يتفقد الرهبان واجداً واحداً يرشدهم ويوجههم ويسأل عن سلامتهم وإحتياجاتهم ويجيب على أسئلتهم والدير بهذا المعنى يسمى موناستيريون .. ومعناه المكان يضم مجموعة مغارات متناثرة كل منها مونا مستقلة بذاتها . ثانياً : نظام الشركة أو الرهبانية الإشتراكية بداية نظام الشركة الأنطونى بدأ نظام الشركة فى الرهبنة عندما أجتمع حول القديس أنطونيوس عدد كبير من الشباب يريدون أن يتبعوا طريقه فى الرهبنة ولكنه تجاهلهم لمدة 20 سنة (7) , ولما بلغ بهم الضيق اقتحموا بابه عنوة فإضطر يخرج إليهم , وكان على أنطونيوس حينئذ " أن ينتقل دائماً كأب بين جماعات أولاده من مكان إلى مكان " وعلى هذا المنوال تكون اول نموذج نظام الرهبانى القبطى : " أب يرعى أسرة روحية من ألأبناء المحبوبين المخلصين للطريق " وهكذا تكون أول تظام الرهبنة الأنطونية تلقائياً , إنما بتمهيد روحى لا يعرف سر بدايته وسر نموه إلا من عاشه " أصل كلمة " كينوبيون " تعنى كلمة " كينوبيون " تعنى حياة مشتركة وهى من مقطعين = مشترك و = حيــاة , وتنطق " كينوبيوس " أو " :ينوبيون " وتعنى : " مؤسسة أو مكان به قلالى كثيرة أصحابها متحدون فى نظام الحياة " وترادف فى المعنى الوصفى تماماً كلمة موناستيرن وهى أصلاً من كلمة أى " يعيش بمفرده أو يحيا وحيداً " فكلمة موناستيرون تعنى : " مكان يحبا فيه الناس حياة منفردة " وهذه الكلمة , طبعاً , أنحرف معناها , وتطورت لتشمل معنى الدير بوصفة الحالى , وهو جماعة يعيشون معاً حياة غير توحدية على الأطلاق . نظام الشركة الباخومى نظام الشركة الباخومى هو صورة منظمة متقدمة فقد وضع هذا النظام الأنبا باخوم بكتابة قوانيين ولهذا عرف هذا النظام باسمه " النظام الباخومى" وتغير أسم الأنبا باخوم وأطلق عليه أسم "أبى الشركة" وهذا النظام فى الحقيقة يرجع إلى النظام الإشتراكى المسيحيى الذى وضعته الكنيسة الأولى حسب ما جاء نصه : " وكان جميع المؤمنين معاً وكان كل شئ مشتركاً بينهم ( أعمال الرسل 2: 44) " وكان كل شئ مشتركاً بينهم .. ولم يكن فيهم محتاج لأن كل الذين كانوا يملكون ضياعاً أو بيوتاً كانوا يبيعونها ويأتون بأثمانها .. فيوزع لكل واحد حسب إحتياجاته ( أعمال الرسل 4: 32- 34) وقد وضع الأنبا باخوم قوانين لهذا النظام الإشتراكى ويسير الرهبان فى خضوع لنظام صارم دقيق موحد : فى يقظتهم ونومهم وصلواتهم , وأصوامهم , وطعامهم , وإجتماعاتهم وعملهم , وللدير وظائف فنية وإدارية وهندسية .. ألخ يعهد بها للرهبان الأكفاء وعلى الباقيين التعاون معه لأجل إكمال هذا النظام فى تواضع وبذل آخذين نظامهم من المعيشة المشتركة التى كان التلاميذ يحيونها مع المسيح , وهذا النظام ألإشتراكى التعاونى البسيط وكل واحد له حقوق وعليه إلتزامات , ولا يسمح لأحد الخروج على النظام العام المرسوم ومن يخرج عليه توقع عليه عقوبة صارمة رادعه . وقد نقل الغرب هذا النظام وهذا النظام يمثل طريقاً وسطاً بين الحياة العامة ونظام التوحد المطلق , كما يعد ممراً لكلا الإتجاهين , وفى الغالب يكون الإتجاه نحو التوحد فى تدرج الطبيعى دون إفتعال أو عنف كبير , فيتدرج تحت إرشاد الشيوخ المتوحدين إلى أن يصل أن يكون هو معلماً لطريق الوحده للآخرين . *************************************** درجات الرهبانية الرهبنة طريق جهاد طويل ومنظم تحت إرشاد معلم وصل إلى الفضيلة يتدرج مع الراهب من خطوة إلى أخرى وتختلف مدة إكمال كل خطوه والإنتقال إلى الثانية طبقاً لعوامل عديده منها إستعداد الراهب وتحمسه , مدى طاعته , قدرته على تنفيذ تعليمات مرشده , ودرجه جده وإجتهاده 1- تلميذ الرهبنة وتعنى هذه الدرجه مؤمن 2- راهب هو تلميذ مؤمن pictoc 3- عابد 4- ناسك 5- متوحد وهو يعيش منفرداً بعيداً عن الناس , , وكلمة " أنا خوريتيس " تعنى إنساناً إنعزل وتخلف عن الحياة مع الناس . 6- سائح والسواح المجاهدين هم رهبان أحياء وصلوا إلى درجة السياحه تزداد محبتهم للصلاة حتى يصيروا كما قال الكتاب : " أما أنا فصلاة" , ومن فرط تعلقهم بالتأملات العالية وتعلقهم بالسمائيات وإنبهار عقولهم بالإلهيات تقل حاجتهم إلى الطعام والنوم فيقنعون بالقليل من عشب البرية والنباتات التى تنموا على الجبال والصحارى , فتتلاشى رغبات الجسد وتسموا أرواحهم وتستنير نفوسهم , وتسهل إنتقالهم من مكان إلى آخر بما يعرف بالإختطاف . وعندما تشتد رغبة السياح لصلاة القداس يختطفون من أماكنهم النائية ويجتمعون فى غير أوقات الصلاة العامة ويصلون فى كنيسة قديمة أو مهجورة حيث يتوافر لهم الهدوء والسكون وينصرفون قبل أن يراهم الناس ويرجع كل إلى مكانه البعيد فى قلب الصحراء وعلى رؤوس الجبال . راجع كتاب الأنيا غرغوريوس عن الدير المحرق - وقد سمعت العديد من افواه الكهنة أنهم فى بعض الأحيان يجدون أدوات المذبح فاطرة وهو التعبير الشائع حينما تستخدم أدوات المذبح فى الصلاة وهذا معناه أنها أستخدمت فى قداس سابق ولا يجب ان تستخدم فيستخدمون غيرها - وذكر لى أحد الأصدقاء أنه أثناء صلاة التسابيح فى إحدى كنائس مصر القديمة أن كثير من الأرائك القديمة الموجوده فى الكنيسة صدر عنها صوت دليل على وجود ناس فى الكنيسة فى الوقت الذى لا يوجد غيره وأثنين آخرين وقال لى أن شعر راسه وقف من الرهبه التى أحس بها وقد اسرع فى الإنتهاء من التسابيح وترك الكنيسه بسرعه - وقد تعجبت لأن صديقى كان عملاقا وكان لا يهاب أحداً لأنه كان مصارعاً . وللسواح سيطرة على أجسادهم لا يصدقها الماديون والناس عادة لا تميل إلى الأخذ بصحة وجود هذا النوع من سيطة الإنسان على جسده أو أن يكون لهم إمكانية الإختطاف والإنتقال بالجسد من مكان إلى آخر ، ولكن هذه درجة من درجات الرهبنة القبطية ويقال أنه لا يصل أحد إلى هذه الدرجة إلا أفراد قلائل ويمكن ألا يصل أحد إلى هذه الدرجة فى جيل كامل 7- الرؤيا وهى مرحله نادره لا يصلها إلا القلائل وهى مرحلة الشخوص فى الرب والإتحاد به [b]وتعتبر درجة السايحة من الدرجات الروحية السامية وفى نهايتها يصل السائح إلى درجة " التورية " وهى درجة " الرؤيا الطوبانية " حيث يبلغ الناسك الزاهد إلى مقام الشخوص فى الرب افله ، والإتحاد به ، والحياه فيه ، بعد أن يكون قد صار إلى الإماتة فى الجسد -------------------------------------------------------------------------------- نشـر المسـيحية فـي فرنسـا وبريطانيا. تبشـير الرهـبان جنوب فرنسـا وايرلندا وبريطانيا.
نشر الرهبنة في أوربا بواسـطـة عظـات وكتـابات البابا أثناسـيوس وافدين لمصـر لدراسـة نظـام الرهبنة من إيطاليا: روفنيوس، وميلانو، إيرونيموس، كاسيان، أرسانيوس. ومن مصر: بلاديوس ***********************مناطق الرهبنة فى مصرزار القديس الأسقف المؤرخ بالاديوس نتريا بعد نياحة أمون بنصف قرن، حيث قدر عدد رهبان جبل نتريا بخمسة آلاف من بينهم 600 متوحدًا، ويوجد كنيسة ضخمة بجوارها بيت خلوة للضيوف، وكان الكل يمارس العمل اليدوي. كان من بينهم ثمانية كهنة يخدمون الكنيسة.الرهبانية: وقفة مع النفس بصدق ليمتحن كل إنسان نفسه, يدرس نفسه ويكتشف ضعفاتها, ويبحث عن أساليب علاج هذه الضعفات.. ويعرف قيمة إرشاد الأب الروحي. * مقاومة النفس, وتنمية القدرة علي الانتصار عليها. * نقاوة القلب, والتمتع بالسكون والهدوء والحب نحو الجميع واكتساب فضيلة الصمت. * الطاعة بدون تذمر. * متعة الحديث مع الله بفهم وحرارة واشتياق وبإيمان وخشوع. * السلام الداخلي والبشاشة, كل من ينظر إلي وجهه يمتلئ بالسلام والطمأنينة. * الرهبنة ليست هروبا من العالم, بل هي ارتفاع فوق مستوي العالم, والشعور بأن العالم كله ليست له قيمة, أيضا ارتفاع فوق مستوي الخوف من خلال حياة الوحدة. * اكتساب المعرفة والتعمق في استيعابها (عقيدة/ تاريخ الكنيسة/ القوانين الكنسية/ تقاليد البيعة وتعاليمها..), والتمكن من الكتاب المقدس كأساس روحي. * اكتساب سمات الشجاعة واحترام المبادئ, لا يجامل, لايحابي, لا يهاب ولا يتزعزع, يعلن صوت الله في وضوح وقوة. * تيقظ الضمير, والحكمة, والتعقل, وضبط النفس, وحب للخير.===================المــــــــراجع (1) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 92(2) ( أع 4: 34 - 35) (3) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الثانى الفصل 16 (ك2 ف 16)(4) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الثانى الفصل 17 عدد 2 ( ك2 ف 17 : 2) (5) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الثانى الفصل 17 عدد 11 (ك2 ف17 : 11)(6) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 92 (7) دير القديس أنبا مقار - الرهبنة القبطية فى عصر القديس أنبا مقار - الأب متى المسكين سنة 1995 م ص 48http://www.coptichistory.org/untitled_1874.htm[/size][/b]يوم مع الرهبان الأقباط فى ديرهم | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 9:55 am | |
| الأنبا بولا أول السواح
الأنبا بولا أول السواح 228م ـ 343م
السياحة والسواح
درجة السياحة هى الدرجة السادسة فى تسلسل الرقى الروحى للراهب وتعلوها الدرجة السابعة والأخيرة التى هى درجة الرؤيا - والآباء السواح هم من ماتوا كلية عن العالم تزداد محبتهم للصلاة حتى يصيروا كما قال الكتاب : " أما أنا فصلاة" .
ومن فرط تعلقهم بالتأملات العالية وتعلقهم بالسمائيات وإنبهار عقولهم بالإلهيات تقل حاجتهم إلى الطعام والنوم فيقنعون بالقليل من عشب البرية والنباتات التى تنموا على الجبال والصحارى , فتتلاشى رغبات الجسد وتسموا أرواحهم وتستنير نفوسهم , وتسهل إنتقالهم من مكان إلى آخر بما يعرف بالإختطاف , ولم يخترع المصريين طريق الرهبنة فقد عاش تلك الحياة فى العهد القديم إيليا ويوحنا المعمدان ولكنهم طبقوا العبارة الكتابية التى تقول (1) : " رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، 38 وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ "
ودرجات الرهبنة درجات صعبة جداً وطريق ضيق لا يستطيع كل أنسان الوصول إلى قمته إلا بإذلال النفس والسمو بالروح وهذا التقدم لا يتم إلا عن طريق واحد فقط ألا وهو الحب الإلهى الشديد الذى يصغر بجانبة كل متطلبات الأنسان الأخرى وأحتياجاته بهدف الوصول إلى الإتحاد بالرب .
ومنذ أن عاش الأنبا بولا حياة السواح فقد أصبح أولهم ومن بعده لا يزال حتى الآن لا يخلوا جبل منهم من جبال مصر المقدسة (2) ويذكرالبابا شنودة الثالث فى مصر أنه يوجد سبعة رهبان يسيحون الآن فى الصحراء البرية الجوانية
كيف وصلتنا أخبار رهبنته ؟
ولد الأنبا بولا في الأقصر ولكن لم يعرف تاريخ ميلاده بالتحديد , ولولا أن القديس أنطونيوس كتب سيرة الأنبا بولا لما وصلنا عنه شئ ولظلت حياته العطرة مخفية عن العيون حيث كسب الأنبا بولا النصيب الأعظم فى ملكوت السموات بل أنه وجد ملكوت السماوات فى داخله على الأرض
فكر كبرياء يدفع الأنبا أنطونيوس ليعرف الأنبا بولا
وكتب الأنبا انطونيوس أب الرهبان(3) فقال أنه : " فى سن السبعين خالجنى فكر من العجرفة والكبرياء فقلت فى نفسى أظن أنه لا يوجد ورائى أحد فى البرية أقام فى الفيافى سالكاً سبيل النسك والفضيلة مثلى , وفى الليلة التى كنت أتأمل فيها فى هذه الأمور أوحى ألى من قبل الرب أنه يوجد خلفى رجل أفضل منى ودفعنى على أن أسعى لأن أراه , فلما اتى الصباح أخذت جريدة النخل التى كنت أتكئ عليها وأخذت أتمشى فى البرية كما كان يهدينى عقلى لأنى لم أعرف الطريق , ولبثت سائراً إلى الظهر وكان الحر شديداً فشرعت أحدث نفسى قائلاً : أنى أتكل على الرب الذى لا يتخلى عنى أن يرينى عبده الذى أوحى إلى عنه " .. ولم يتم قوله حتى رأى وحشاً كان نصفه شكل انسان ونصفه الآخر شبه حصان وهو ما يسميه الشعراء بالقنطورس , فرسم القديس على جبهته علامة الصليب وقال له : " أين هو عبد الرب فأراه الوحش المكان مشيراً بأصبعه راكضاً إلى الغاب , فأستمر القديس فى سفره باحثاً عن الطريق , وإذ هو يتعجب من هذا الأمر مر من أمامه هذا الحيوان كأنه ذاهب إلى ميدان فسيح وما هذا إلا الشيطان أتخذ تلك الصورة ليزعج القديس فإستغرب مشابهته الشكل الذى رآه فى الحيوان , وبعد أن ابتعد قليلاً رأى وحشاً كأنسان قصير القامة له ساقان وقرنان كقرنى تيس فسأله : " من أنت " فأجابه : " أننى أحد سكان البرارى الذى يعبدهم الوثنيين كأنهم آلهة , وقد أرسلتنى طائفتى لأطلب منك نيابة عنهم أن تتضرع لأجلنا إلى المسيح إلهنا الذى عرفنا أنه أتى لأجل خلاص العالم , وبعد أن تكلم الحيوان هذا الكلام جدد الكهل أنطونيوس المسير وسالت دموعه على الأرض لكنه سر بمجد المسيح ولأبادة الشيطان وضرب بعكازه على الأرض وقال ويل للأسكندرية ويل لمدينة الوثنيين التى أجتمع فيها جميع شياطين الخليقة " (4)
وكان قد توغل فى البرية ومر عليه وقت لم ير فيه أنساناً أو حيواناً فصرف يومين وبليليتين فى الصلاة راجياً من الرب أن لا يهمله , وفى اليوم التالى لاحظ ذئباً صاعداً إلى الجبل فأقتفى أثره ولما صعد إلى الجبل وقع نظرة على مغارة كانت هناك وشاهد الذئب يدخل إليها ولكنه لم يميز شيئاً لشدة الظلام وقد حاول الخوف أن يدخل قلبه , ولكن المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج فدنا من المغارة فلاح له فيها ضوء سراج فأسرع فى سيرة لفرط سرورة فعثرت رجله بحجر غير ان القديس بولا حال سماعه بوقع أقدامه دحرج الحجر وأغلق باب المغارة .
المقابلة بين عمالقة الروحانيات فى البرية
فأرتمى القديس أنطونيوس أمام باب المغارة على وجهه وتوسل إلى القديس بولا ليفتح له الباب قائلاً : " انا وحدى " .. فأجاب القديس بولا : " لم أتيت ".. فقال أنطونيوس : " أنى لواثق بأنك تعلم من أنا ؟ ومن أين اتيت ؟ ولماذا أتيت ؟ وبما انك تقبل وحوش البرية فلم تكره بنى البشر؟ لقد طلبتك ووجدتك وقرعت الباب بثقة فأفتحه لى وإلا فسأموت هنا , وإذا ما رأيت جثتى فإدفنها ؟ وسمع القديس بولا صوت بكائه فأجابه قائلاً : " ما من أحد يطلب أحساناً بإنتهار ولا يفتر باكياً متنهداً فإن كنت أتيت إلى لكى تموت فلماذا تتعجب من أنى لا أقبلك ؟ .. قال هذا وفتح الباب فإلتقيا وتعانقا وقبلا بعضهما بعضاً بالقبلات المقدسة (5) وسلم الواحد على الاخر بإسمه كأنهما كانا يعرفان بعضهما قبلاً ثم شكر الرب على أحسانه إليهما وجلسا للمخاطبة .
فقال القديس بولا - لم احتملت كل هذا الضيق ومشقة البحث عن شيخ ومن جسمه وهزل وسترى بعد قليل أنه يصير تراباً , غير ان المحبة تحتمل كل شئ فجعلتك تتعب كثيراً فى الأستقصاء عنى , فأخبرونى الآن ما حال اعالم ومن يديره , وهل يوجد بعد من يسجد للأصنام ويعبدها , وهل بنى البشر مستمرون فى بناء البيوت فى المدن القديمة , ولا يزال يوجد ملوك وحكام فى العالم؟ فأجابه القديس أنطونيوس عن أجوبته ثم أخذ يسأل القديس بولا عن السبب الذى من أجله أتى إلى البرية وكم عاماً أتى عليه فيها وكم سنة حياته وماذا أكل ؟ وكيف عاش ؟
الميراث
فأجابه القديس بولا : " انى ولدت نحو سنة 228 م فى الصعيد الأسفل بمدينة طيبه من ابويم مصريين , ولما صار لى من العمر 12 سنة مات والداى فدخلت مدارس الفلاسفة وأتقنت فيها اللغة اليونانية فضلاً على اللغة المصرية , وأقمت بمنزل زوج أختى ( وقيل أخوه ) ولم يكن مسيحياً , ولما بلغت العشرين من عمرى أثار ديسيوس قيصر أضطهادة سنة 249 م على المسيحيين وأمتد إلى الصعيد وصدر المر بالتفتيش على المسيحيين لتذيبهم إذا بم ينكروا مسيحهم , فهربت إلى منزل كان لى بين مزارعى , ولم أمكث فى هذا المكان المنفرد إلا قليلاً حتى أنذرتنى أختى بأن زوجها عازم على اخبار الحكومة بحقيقة حالى لكى يقبض على ويتمتع هو بمالى وعقارى الذى يصير له بعدى بحق الأرث , فخطر على بالى عندئذ قول السيد المسيح : " من لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لى تلميذاً " ( لو 14: 22) فوهبت لأختى وزوجها كل ما أملك من حطام الدنيا وودعت العالم الوداع الأخير وقصدت البرية الداخلة بجبل القلزم (6) حيث وجدت مغارة (7) مغلف بابها بحجر كبير فدحرجته ودخلت إليها ورأيت بقربها نخلة تثمر وعين ماء فأقمت بها وصرت اقتات من ثمر النخلة وأستقى من عين الماء وأكتسى بخوص النخل مجدولاً "
أستقراره فى البرية
وكنت أول سكناى فى البرية أقصد أن أعود إلى بلدتى بعد زوال الأضطهاد ولكنى لما ذقت لذة الوحدة وعذوبة الأنفراد والأختلاء بالرب يسوع أدركت أن الضرورة قد هيأت لى طريق الفضيلة فآثرت هجر العالم بتاتاً وهكذا عشت حتى الآن منفرداً كل الأنفراد مثابراً على الصلاة والتأملات الروحية مدة ستين سنة .
طعاماً من السماء
وبينما هما يتخاطبان إلتفت كلاهما فنظراً غراباً على غصن شجرة وللوقت وقف بكل هدوء على الفرع , وكان فى منقاره رغيف من الخبز فأتى وألقاه فيما بينهما وطار وهما ينظران ويتعجبان .. فقال القديس بولا لضيفه : " مبارك الرب الذى أرسل لنا مأكلاً فأعلم يا أخى أنطونيوس أنه منذ اتيت هنا وهذا الغراب يأتينى كل يوم بنصف رغيف واليوم من أجلك أتى برغيف كامل " .. وبعد أن شكرا الرب جلسا للأكل وتنازعا فى من منهما يجب أن يكسر الخبز فأتفقا أخيراً على أن يكسراه معاً بأسم الرب وبعد أن أكلاه وقفا يصليان طول ليلهما ( الصورة المقابلة أيقونة تصور لقاء الأنبا بولا والأنبا انطونيوس وفى أعلى الصورة الغراب وخلفهما الأسدين اللذان حفرا قبر الأنبا بولا ).
لقد حان أوان راحتك يا أنبا بولا ..
ولما أتى الصباح قال القديس بولا لضيفه لقد عرفت من مدة طويلة أنك تسكن هذه البرارى وكان الرب قد وعدنى بزيارتك فجئتنى فى الوقت المناسب إذ حان وقت راحتى وسيحل لى الأمر الذى أشتهيته يعنى الأنتقال من هذا العالم والسكنى مع سيدى يسوع المسيح حيث أعد لى أكليل البر , فلهذا أرسلك لكى تدفن هذا الجسد الشقى وترد التراب إلى التراب .
وبينما كلن القديس بولا ينطق بهذا الكلام كانت دموع القديس أنطونيوس تنهمر بغزارة وأظهر أسفه متنهداً وطلب من القديس بولا ألا يفارقه أو يأخذه معه إلى الوطن السعيد , لإاجابه بولا الطوباوى وقال : " لا يليق بك أن تطلب الخير لنفسك , بل لجيرانك , ولذا أرجوك يا حبيبى إذا لم يكن فى المر مشقة أن تذهب بسرعة إلى ديرك وتأتينى بالرداء الذى أعطاه لك القديس أثناسيوس الرسولى البطريرك لتكفنى به وتدفنى (8) ولم يكن فى حاجة إلى ثياب ولكنه اراد أن تفارق روحه جسده فى غياب القديس أنطونيوس .
وكان القديس أنطونيوس يسمع كلامه بتعجب زائد وأدرك أن الرب كشف للأنبا بولا أشياء كثيره , وشكر الرب سراً ثم خر أمامه وصلى وأقترب إليه وقبل عينيه ويديه , وأسرع فى الخروج ليذهب إلى ديره , وبعد أن سافر ووصل غلى الدير ألتقى به أثنان من تلاميذه ظلا يبحثان عنه طويلاً وقالا له : " أين كنت يا ابانا هذه الأيام ؟ فأجاب وقال لهما : " ويل لى أنا الخاطئ فإن أسم " مسيحى " الذى أدعى به هو مستعار ولست مستحقاً أن أدعى راهباً , لأنى رأيت إيليا ويوحنا المعمدان فى البرية ورأيت بولا فى السماء وهو يتكلم معهما " .. ثم ضرب بيده على صدره وأخذ الرداء وفارق تلميذيه ولم يشأ أن يعبر لهما عن معنى كلامه بل قال لهما للكلام وقت وللصمت وقت .
ورجع الأنبا أنطونيوس بالكنز الثمين
ثم جد فى السير لأنه يشتهى أن يراه قبل أنتقاله فسافر فى اليوم الأول , ولكنه فى اليوم الثانى فى الساعة التاسعة أبصر جمهوراً من الملائكة يصعدون إلى السماء وروح القديس بولا معهم وهى تضئ كالشمس , فجثا على ركبتيه وضاعاً التراب على رأسه وقال بقلب آسف : " يا خائف الرب لماذا تركتنى هكذا بدون أن تودعنى , على ما عانيته من مشقة السفر التى كنت أسابق فيه الطيور , ثم أستمر فى سيره حتى دنا من باب المغارة فوجد جسد الشيخ الميت واقفاً جاثياً على ركبتيه ورأسه مستقيمه ويديه مرتفتين فظن أنه حى بعد فجثا خلفه يصلى , غير أنه لما رأى الشيخ لا يتنهد كعادته فى الصلاة تفرس فيه جيداً فتأكد أنه توفى فوثب على جسده زارفاً الدموع ومقبلاً يديه ورجليه ثم لفه بالرداء وحمله على كتفيه وهو يرتل المزامير غير انه حزن عندما رأى نفسه أهمل أستحضار آلة معه يحفر بها القبر وفيما هو مفكر أمره متحير إذا بأسدين جاءا معاً راكضين فلما نظرهما أرتعد وإذ رفع فكره للرب وأعاد النظر إليهما ظهرا كحمامتين وديعتين تطيران فى الهواء فإقتربا الأسدان وإنطرحا بجانب جسد الأب بولا مظهرين إكرامهما له ثم هزا ذيلهما لأنطونيوس المبارك ورقد أمامه بوداعة كاملة وحكا أسنانهما ببعض وقرا بصوت عال كأنهما يظهران أسفهما , ثم حفرا الأرض قبراً كاملاً وبعد أن فرغا من العمل تقدما إلى الب أنطونيوس وخفضا ذنبيهما وسجدا أمامه ولحسا يديه وقدميه كمن يطلب بركة , فبارك عليهما قائلاً : " أيها الرب الإله الذى بدون امره لا تسقط ورقة واحده على الأرض وبدون مشيئته لا يسقط عصفوراً واحداً فى الفخ باركنا جميعاً " ثم أنطلق الأسدين بإشارة يده , ثم قام وصلى على جثة القديس بولاً ودفنها وبعد أن اتم الدفن رجع غلى ديره حاملاً ثوب القديس بولا المصنوع من الخوص معتبراً إياه كنزاً ثميناً .
وكان يلبس هذا الثوب فى يومين من كل سنة وهما عيد الفصح وعيد العنصرة
نياحته
وكانت وفاة القديس الأنبا بولا فى 2 أمشير 57 م التى توافق 341 م وتبارك مكان عبادته ونسكه فأصبح ديراً كبيراً
وكتب سيرته عيده في 2 أمشير فى السنكسار القبطى الذى يقرأ يوميا بالكنيسة. نياحة القديس أنبا بولا أول السياح ( 2 أمشـير) في مثل هذا اليوم من سنة 341 م تنيح القديس العظيم الأنبا بولا أول السواح . كان هذا القديس من الإسكندرية ، وكان له أخ يسمي بطرس ، وبعد وفاة والدهما ، شرعا في قسمة الميراث بينهما ، فلما اخذ أخوه الجزء الأكبر تألم بولس من تصرف أخيه وقال له : لماذا لم تعطني حصتي من ميراث أبى ؟ فأجابه لأنك صبي واخشي إن تبدده ، أما انا فسأحفظه لك . وإذ لم يتفقا ، مضيا للحاكم ليفصل بينهما . وفيما هما ذاهبين ، وجدا جنازة سائرة في الطريق ، فسال بولس أحد المشيعين عن المتوفى ، فقيل له إنه من عظماء هذه المدينة وأغنيائها ، وهوذا قد ترك غناه وماله الكثير ، وها هم يمضون به إلى القبر بثوبه فقط . فتنهد القديس وقال في نفسه : ما لي إذن وأموال هذا العالم الفاني الذي سأتركه وأنا عريان . ثم التفت إلى أخيه وقال له : ارجع بنا يا أخي ، فلست مطالبا إياك بشيء مما لي . وفيما هما عائدين انفصل عنه بولس وسار في طريقه حتى وصل إلى خارج المدينة . فوجد قبرا أقام به ثلاثة ايام يصلي إلى السيد المسيح إن يرشده إلى ما يرضيه . أما أخوه فانه بحث عنه كثيرا ، وإذ لم يقف له علي اثر حزن حزنا عظيما وتأسف علي ما فرط منه . أما القديس بولس فقد أرسل إليه الرب ملاكا أخرجه من ذلك المكان وسار معه إلى إن آتى إلى البرية الشرقية الداخلية ، وهناك أقام سبعين سنة لم يعاين أثناءها أحدا . وكان يلبس ثوبا من ليف ، وكان الرب يرسل إليه غرابا بنصف خبزة في كل يوم . ولما أراد الرب إظهار قداسته وبره ، أرسل ملاكه إلى الأب العظيم أنطونيوس ، الذي كان يظن انه أول من سكن البرية ، وقال له : يوجد في البرية الداخلية إنسان لا يستحق العالم وطأة قدميه ، وبصلاته ينزل الرب المطر والندي علي الأرض ، ويأتي بالنيل في حينه . فلما سمع أنطونيوس هذا قام لوقته وسار في البرية الداخلية مسافة يوم . فارشده الرب إلى مغارة القديس بولس فدخل إليه وسجد كل منهما للآخر وجلسا يتحدثان بعظائم الأمور . ولما صار المساء أتى الغراب ومعه خبزة كاملة . فقال القديس بولس للقديس أنطونيوس : الآن قد علمت انك من عبيد الله . إن لي اليوم سبعين سنة والرب يرسل لي نصف خبزة كل يوم ، أما اليوم فقد أرسل الرب لك طعامك ، والان أسرع واحضر لي الحلة التي أعطاها قسطنطين الملك لأثناسيوس البطريرك. فمضي إلى البابا أثناسيوس أخذها منه وعاد بها إليه . وفيما هو في الطريق رأي نفس القديس الأنبا بولا والملائكة صاعدين بها . ولما وصل إلى المغارة وجده قد تنيح ، فقبله باكيا ثم كفنه بالحلة واخذ الثوب الليف . ولما أراد مواراة جسده الطاهر تحير كيف يحفر القبر ، وإذا بأسدين يدخلان عليه وصارا يطأطأن بوجهيهما علي جسد القديس ، ويشيران برأسيهما كمن يستأذناه فيما يعملان . فعلم انهما مرسلان من قبل الرب ، فحدد لهما مقدار طول الجسد وعرضه فحفراه بمخالبهما . وحينئذ واري القديس أنطونيوس الجسد المقدس وعاد إلى الأب البطريرك واعلمه بذلك ، فأرسل رجالا ليحملوا الجسد إليه . فقضوا أياما كثيرة يبحثون في الجبل فلم يعرفوا له مكانا ، حتى ظهر القديس للبطريرك في الرؤيا واعلمه إن الرب لم يشأ إظهار جسده فلا تتعب الرجال ، فأرسل واستحضرهم . أما الثوب الليف فكان يلبسه الأب البطريرك ثلاث مرات في السنة أثناء التقديس . وفي أحد الأيام أراد إن يعرف الناس مقدار قداسة صاحبه فوضعه علي ميت فقام لوقته . وشاعت هذه الأعجوبة في كل ارض مصر والإسكندرية . صلاته تكون معنا آمين. =====================
المــــــــــــــراجع
(1) ( عب 11 : 37 و 38 )
(2) كتاب القديس أنبا بولا أول السياح والقديس أبو نفر السائح بقلم الأستاذ ملاك لوقا - مكتبة المحبة - طبع شركة تريكرومى للطباعة - سنة 1998 م
(3) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 93
(4) خبر هذين الوحشين وجد فى الترجمة المشهور أن البابا أثناسيوس الرسولى كتبها للقديس أثناسيوس , ويقول القس المؤرخ منسى : " وقد أثبتناه هنا وإن وجد مخالفاً لعقلية العصريين حفظاً للأصل " ( تعليق من الموقع : تمتلئ قصص القديسين بظهور صور من هذه الوحوش لهم عند بدأ رهبنتهم أو كتجربة لهم , وقد يعتقد المؤرخين أن هذه القصص من نوع الأساطير الشعبية التى تمجد البطل الذى يهزم هذه الوحوش , ولكن فى المسيحية هناك علاقة روحية خفيه بين الأنسان والخير الذى فيه هذا إذا أستطاع الأنسان أن يتغلب على قوة الشر الذى فيه فإن قوة الشر الخارجية العالمية الشيطانية تحاول عرقلته بتأليب الناس عليه أو تخويفه بالظهور بأشكال مختلفه .. ألخ من هذه الأساليب الشيطانية ونحن نؤكد فى هذا الموقع هذه الحروب الشيطانية نتيجة لتجارب شخصية بالأضافة إلى مئات الكتب التى تتكلم عن هذا الموضوع كما أن ظهور الشيطان للناس بصور متعدده مؤكد فى الكتب المقدسة وقد ظهر للرب يسوع نفسه على جبل التجربة )
(5) القبلة الرسولية : ما زال الكهنة يقومون بها بميل الرأس على جانب لرأس الآخر قريباً من الذقن بدون تقبيل أما الشعب يقبل بعضه بتسليم اليد بطريقة معينه
(6) هو شمالى الشرقية ( الصحراء الغربية ) التى بين النيل والبحر الأحمر .
(7) قيل أن مزيفة النقود فى زمان كيلوباترا كانوا يختفون فى هذه المغائر والمغارات . (8) قال القديس أنطونيوس فى ترجمة الأنبا بولا ما نصه : " أن هذا الرداء كان قد أهداه القيصر قسطنطين الكبير إلى البابا أثناسيوس وهو أهداه إلى | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 9:56 am | |
| العظيم (*) الأنبا أنطونيوس أول الرهبان وكوكب البرية
الأنبا انطونيوس 251م ـ 356 م
انطونيوس معناه فى اللاتينية : عوض
قرية قمر العروس
هى القرية التى نشأ فيها القديس العظيم الأنبا انطونيوس أب الرهبان وتبعد 10 كم جنوب مدينة الواسطى ثم نأخذ الطريق الغربى بعد الكوبرى مباشرة حتى القريه . وتوجد الأعمده الباقيه من الكنيسة الأثرية بجوار الجامع الأثرى الوحيد بالقريه التى يعتقد أهلها حتى الآن أن هذا جامع قد بنى فوق قصر ملك يدعونه انطونيوس .
البابا أثناسيوس يفتخر لأنه حمل الماء للأنبا أنطونيوس
كتب البابا أثناسيوس الرسولى البطريرك الـ 20 سيرة الأنبا انطونيوس وأنتشر قصته فى العالم الغربى وكانت النتيجة أن بدا الغرب النظام الرهبانى نقلاً عن رهبان مصر , وكان البطريرك المصرى يفتخر بكونه عرف القديس أنطونيوس منذ حداثته , وأنه كان يستقى له الماء مراراً كثيرة ( أى يحمل له الماء من البئر إلى قلايته ) وقال عن الأنبا أنطونيوس ما خلاصته (1) : "
ولد القديس الأنبا انطونيوس أب الرهبان فى سنة 251 م فى مدينة أسمها كوما (2) من والدين مسيحيين أشتهرا بالغنى والمال والفضيلة فربياه تربية مسيحية على فعل البر والتقوى , وكان من طبيعته محباً للعزلة والأنفراد يقنع بالشئ البسيط من متطلبات المعيشة , ومع أن والدية لم ينظماه فى سلك التعليم بإحدى المدارس إلا أنهما هذباه بعلومهما ومعارفهما كما تدل كتابات القديس أنطونيوس الباقية إلى ألان التى تدل على مقدرته وتشهد له بالتضلع .
سمع صوت المسيح أثناء قراءة الأنجيل / أذهب وبع كل ما لك
وعندما بلغ الثامنة عشرة حتى فقد أبويه فإلتزم بتربية أخته الصغيرة ويدير حركة أملاكه الواسعة التى تركها له أبويه وكان ينفق منها كثيراً لأغاثة البائسين , وكانت الأفكار المقدسة متملكة عليه كثيراً , وكان معجب من شهادة ألاباء الرسل الذين تركوا كل شئ وتجندوا لخدمة الكلمة , وكيف كان كل مؤمن بواسطتهم يبيع املاكه ويضع ثمنها تحت أقدامهم , وأتفق ذات يوم أنه ذهب إلى الكنيسة كعادته هو وأخته وهذه الأفكار تشغل خاطره , وإذا كان فى الكنيسة يوما وإذا بفصل الأنجيل يقرأ فسمع السيد المسيح يقول لأحد الشبان اليهود الأغنياء : " إن أردت أن تكون كاملاً فإذهب وبع كل املاكك ولأعط للفقراء فيكون لك كنز فى السماء وتعال أتبعنى " ( مت 19 : 11) فحالما سمع هذه العبارة حسبها صوتاً إلهياً ينادبه من السماء فرضخ لهذه المشورة وقرر تنفيذها فقام وباع كل ماله 3000 فدان من أجود الأراضى وترك جزءاً لأخته , وفى اليوم التالى سمع قول الرب فى الكنيسة يقول لا تهتموا بالغد دع الغد يهتم بما لنفسه , وعندما عاد إلى منزلة قرر أن ينفذ ما سمعه فأعطى أخته نصيبها ثم توجه بها إلى دور العذارى التى كانت فى عصره , وعاش فى منزل تظلله جميزة (3) ولما لم يكن له مال على كد يديه بالعمل فقد كان يصنع قففاً وحصراً ويقتات بثمنها , وفى نفس الوقت كان يتقدم فى الفضائل ويروض جسده على طاعة روحه فى عيشة من الزهد والتقوى فكان ينموا فى القداسة يوماً بعد يوم .
بداية معرفة الطريق ولم تكن الأديرة معروفة فى عصره بل كان الأتقياء الهائمون بحي العزلة والفقر الأختيارى يجتهدون حسب طاقتهم فى الأنفراد عن العالم والأبتعاد عن معاشرة الناس حباً فى العبادة والنسك والتلذذ بالروحيات , وكانوا يتخذون لأنفسهم مغائر وكهوف لا تبعد كثيراً عن المدن والقرى , وهناك ينعكفون على العبادة , فإجتمع حول أنطونيوس بعض من هؤلاء , فكان يمر عليهم ويخدمهم ويتعلم منهم الفضائئل التى أكتسبوها , فكان كالنحلة التى تجمع شهدها من أزهار متنوعة , فجمع الكثير من الفضائل من هؤلاء فمن واحد الصبر ومن آخر الأتضاع ومن غيره الصمت ومن رابع الطاعة .. ألخ حتى وصل إلى درجة عليا فى سلم الفضائل وشابه المتعبدين فى مغارة واحدة , وكان يقلدهم فى العبادة , وأتخذ منهم شيخاً معلما له , وكانت له ذاكره قوية فكان كلما يقرأ الكتاب المقدس يحفظ أجزاء كبيرة منه حتى ولو قرءه مرة واحدة , وكان يحفظ جميع من عرفهم ويعاملهم بمحبة شديدة حتى أعجب به المتوحدون فكانوا يجلون قدره ويقفون عند قدومه ويحيونه قائلين : " تعال يا حبيب الرب "
ثم عبر النهر إلى الناحية الشرقية, وهناك وجد جميزة كبيرة فسكن هناك ولازم النسك العظيم والعبادة وشغل اليد حتى جاءت إمرأة تستحم في النيل بالقرب من مكانه , فلما انتهرها بادرته قائلة: " لماذا تنظر إلى أنت مخلوق من تراب أنت يجب أن تنظر إلى المادة التى صنعت منها ؟ , إن هذا المكان لا يصلح لسكن الرهبان ولو كنت راهباً لسكنت البرية الداخلية "
غير أن الشيطان عدو الخير لم يرق له ان يرى شاباً كهذا متمسكاً بمحبة الرب يسوع فجمع كل جنوده الشريرة وقام بالهجوم عليه بسهام الندم والأغراء والتهديد والوعيد , فراودته الأفكار الرديئة , فكان مرة يدفعه ليأسف على توزيع ثروته ويقول له , كان يمكنك أن تبيعها وتتصرف أحسن مما تصرفت , فكان يمكنك توزيع دخلها على الفقراء وتعيش أيضاً فى خوف الرب ورضاه وكنت ستعول عائلات فقيرة كثيرة , وكان يهاجم بمسؤوليته على أخته : فيذكر له أنه الوحيد الذى يجب عليه رعايتها فكيف يتركها هكذا بلا عناية فى العالم , وتاره يصعب عليه مشقات طريق التعب والوحدة والأنفراد عن العالم , وفوق كل هذه الحروب كان يملأ مخيلته من ألأشباح والصور الجميلة التى تسوقه إلى الفساد أملاً فى أن يخلب لبه فيسقطة فى الخطيئة ويثنيه عن عزمه فيتغلب عليه ,وقد انهك هذا القتال الذى لا هوادة فيه ليل نهار القوى الجسدية لديه حتى كان ذات يوم أنه لم يستطع أن يقف ولا حتى أن يجلس بل ظل مستلقياً على الأرض فى شبه إغمائة بينما إنتهز الشرير هذه الفرصة فى مهاجمته فى قسوة (4) ليحطم معنوياته , فقال أنطونى : " أننى هنا أنا أنطونى .. ولن أنحنى تحت ضرباتك مهما قسوت فيها , لأننى لن أسمح لشئ فى الوجود أن يفصلنى عن محبة المسيح ربى وإلهى " وأحياناً كان يحاربه بالكسل والخمول فيتراخى عن حميته فيترك الطريق يوما بعد يوم .. وعندما عجز بهذه الطرق أتهاه بالكبرياء بالفخر والتباهى موسوساً له فى فكر : أنه أصبح افضل الناس قداسة وبر وفضيلة .. فمن من الناس وصل إلى ما وصلت له يا انطونيوس ؟ ..
ولكن كان الشاب أنطونيوس يتسلح بكلام الرب يسوع ووعده وإن كان الرب يسوع يعد فوعده أمين وصادق , فكان يرد جميع سهام الشرير الملتهبة بالزيادة فى معرفة كلمات الرب والنسك فتفانى فى قمع جسده وتذليله فتدرج فى الإنقطاع عن الأكل حتى أصبح يصوم يوماً كاملاً ويأكل مرة واحده بالليل , حتى وصل إلى الصيام الإنقطاعى ثلاثة ايام , وكان يلبس المسح ويرقد على الأرض أو على حصير,وهكذا كانت الحرب شديده فكان يطرد أفكار الشرير بالصوم والصلاة .
الحروب الشيطانية
وفى أحد الأيام بينما كان سائراً تعثرت قدماه وسقط فى بئر وعثر على كنوز مصرية فى قبر لقدماء المصريين فظن فى بادئ الأمر أنها خيالات أو صور شكلها له الشيطان ولما تحقق من مناظر الذهب على الكفن الفرعونى أيقن أنها تجربة أخرى لكى يسهل له الشيطان طريق الرجوع إلى العالم بعد أن أضناه تعب النسك والزهد وقال فى نفسه هذا معدن من تراب أتفرح بالتراب يا انطونيوس !!! ماذا سينفعك التراب فى الصحراء ممن تبيع وممن تشترى ؟ لقد بعت العالم لتربح المسيح , وفى الحال تسلق إلى أعلى المدفن وفر هارباً من هذا المكان وقصد مكان آخر , وعقد العزم أن ينسى ما حدث .
ولجأ إلى أحدى المقابر الفارغة التى كان القدماء يعتنى بتشييدها وبها حجرات تصلح للسكن والتى لا تبعد عن منطقة الميمون (5) ومن هناك كان يرسل أحد أصحابه بما يصنعه من سلال ليبيعها ويحضر بثمنها ما يحتاجه من قوت وكان معظم طعامه الخبز والملح مع الماء , ويروى أنه عاش عمره كله لم يتناول لحماً أو يشرب خمراً .
وشاع خبر قداسته وأنتشر خبر تقواه فى ارجاء أرض مصر فأتجه له الناس كل له كلب البعض يريد الشفاء من أمراضهم , والبعض لسماع تعاليمه السامية , أما هو فلم يكن يريد الخروج من قصرة ويضيع وقتا بدون الصلاة والبعد عن الرب يسوع , ولكنهم أستمروا يطلبونه حتى كثر الناس الجالسين عند بابه وهو مغلق حتى كادوا يكسرون عليه الباب , ويقول الب متى المسكين عن هذه المرحلة : " وأستمر أنطونيوس عشرين سنة فى بسبير , وفى هذه المدة إلتجأ إليه جمع كثير من احبائه ومريدية وسكنوا حوله , وعاشوا عيشته , متمثلين بنسكه , أما هو فلم يلتفت إليهم ولم يهتم بوجودهم , بل ظل فى عزلته الشديدة وحياته البسيطة , دون أن يشعر فى ذاته أو يشعر أحداً أنه صار أباً أو مسئولاً عن أحد (6) ولما بلغ الضيق بمريدية مبلغاً صعباً بسبب تجاهلة إياهم 20 سنة , أقتحموا بابه عنوة وأجبروه أن يخرج إليهم , أما هو فبوداعته الشديدة رضى بعنفهم وقبل أقتحامهم وأذعن لمطلبهم , ولشدة لجاجتهم عندما وجدهم كقطيع غنم يحتاج لرعايته فبدأ يفتح الباب أحياناً ليصلى على المرضى ويلقى العظات على المسترشدين الذين كانوا يبغون سماع نصائحة الروحية , فتتلمذ له منهم كثيرون فقبلهم وبدأ يسن لهم قوانيين وأشتاق الكثيرون من الأقباط لحياة الرهبنه التى بدأ فى تكوينها الأنبا أنطونيوس فتجمع حوله المئات من المسيحيين ليس لهم هدف إلا تنمية علاقتهم مع الرب يسوع , وبدأوا يزدادون حول القصر ( الحصن) يوما بعد يوم وذلك فى سنة 305 م فوضع لهم الوانين , ولم يكن يظهر لهم إلا فى النادر إلى أن مضى نحو عشرين سنة وفى نهايتها أضطر للخروج للذين أرادوا السير على منواله .
وعندما بلغ الأنبا أنطونيوس من العمر الخمسة والخمسين , أمتلأت البقاع والبرارى الموجودة حوله من الشباب الذين جذبهم منطق قداسته وفضائلة وعاشوا فى عزلة , وكان منهم الأعنياء والفقراء , ولم يمضى وقت قصير حتى قامت الأديرة بجوار ممفيس وأرسينوى وبابليون وأفروديت وأماكن كثيرة , وأمتلأت من الرهبان الذين عاشوا تحت إشراف وتدبير القديس أنطونيوس الذى كان ينتقل من مكان إلى مكان آخر مرشداً وواعظاً
ولبث القديس أنطونيوس يعيش بين الرهبان الذين تجمعوا حولة فى تواضع وحب كملاك أرضى يحبب لهم الفضيلة بسيرته وقداسته يقلدونه وكان هذا أول جماعة رهبانية فى العالم كله
الأنبا انطونيوس فى الفكر الغربى
وقد وصف مؤرخ غربى (7) فترة نضالة مع نفسه ضد قوى الشر وعلاقتة بمن ألتفوا حوله فى هذه الفترة فقال : " لقد تعرض القديس وهو فى خلوته الأولى لتلك المحاربات الشيطانية التى جعلت من حياته موضع السخرية للمتشككين , والشفقة للمتساهلين , والدهشة للمؤمنين المتيقنين , من وجود عدو يزأر كالأسد (1بط 5: من قوة غير منظورة تنصر الكنيسة بلا أنقطاع , ومن يتشكك فى هذه المحاربات إنما ينكر كل حادث خارق للطبيعة ويزدرى بشهادة عدد كبير من الناس الذى لا يتطرق الشك إلى قداستهم , ولسنا هنا نحاول الدفاع عن هذه المحاربات الخارقة ولكن الذى لا يمكن الشك فيه مطلقاً هو أن العيشة التى قضاها أنطونى ورهبانه المصريين هى أنكار الذات والتحكم فى كل الغرائز والميول الطبيعية , وهذه الحياة الخارقة للطبيعة التى عاشها هؤلاء الرهبان فى خطر مستديم , وفى جوع وألم , هى أعجب ما عرفه الأنسان , وهم كانوا يتحملون كل هذه الضيقات والمخاطر من غير ان يمتدحهم أنسان , أى أنهم لم يطلبوا مجداً من الناس لأنهم عاشوا فى معزل من الناس , ومثل هذه الحياة التى يعترف بها الجميع بأن الرهبان المصريين قد عاشوها هى أعجب وأغرب بكثير من القصص التى يرويها الثقاة عن المحاربات التى خاضها الأنبا أنطونى "
الرهبنة الأنطونية ناتجة عن رؤيا إلهية :
وشعر القديس فى بداية رهبنته وإذ الملل قد تسرب إلى نفسه والضيق يحاصرة , فضاعف صلاتة طالباً الإرشاد الإلهى قائلاً : " يا سيدى أريد الن اكون كاملاً ولكن أفكارى تمنعنى " حينئذ سمع صوتاً يقول له : " أخرج خارجاً وأنظر " فخرج وإذ يرى ملاك الرب مرتدياً الإسكيم (8) وعلى رأسه طاقية وهو منشغل بتضفير الخوص ( الخوص هو فروع جديدة فى قلب النخل كان يصنع منها القفف وأشياء أخرى ) ووقف أنطونى مندهشاً لهذا المنظر الذى يراه ووقف يراقبه , ورأه يضفر قليلاً ثم يترك عمله اليدوى ليصلى , وبعدها يضفر ثانية ثم يقوم للصلاة , ثم يترك الصلاة للشغل , وأستمر الملاك يعمل ويصلى بالتتالى , ثم سمع أنطونى صوتاً يقول له : " أفعل هذا فتجد راحة فى نفسك " فأطاع القديس هذا ألأمر السمائى طيلة حياته , وبعد الملل عن نفسه , وجعلها قاعدة عامة سار عليها الرهبان المصريين حتى يومنا هذا .
الأنبا أنطونيوس يترك صومعتة لتشجيع الأقباط أيام الأضطهاد وحدث أن أرمانيوس والي الإسكندرية (المعاصر لأريانوس والي أنصنا) أرسله -أي القديس أبيما البهنساوي- إلى الصعيد لكي يُعَذَّب ويموت, فأركبوه المركب وتوجهوا به إلى الصعيد, ولما وصلوا إلى قرية الميمون غربي النيل توقفت المركب عن السير لمدة 3 أيام لعدم هبوب الريح , وانتهز القائد المرافق للقديس أبيما هذه الفرصة فخرج إلى القرية وأمر أهلها بالسجود لأبوللو كبير الآلهة فرفضوا وتمسكوا بالمسيحية, فاستشهد منهم خمسة شهداء في اليوم الثامن من شهر أبيب وهذه أسماؤهم (9) : 1- أبا سرابامون قس الميمون (وكان اسمها وقتئذ فووه انيامرو). 2- أوريون قس بيدجرم انتي كيمين (كفر ابجيج - مركز الواسطى). 3- أبيون عمدة كيمين (قمن العروس بمركز الواسطى). 4- أوديمون من أهل فوويت (ناحية أفوه - مركز الواسطى). 5- بيتسيري من تيلوج (ناحية دالاص بمركز بوش). وكان استشهادهم هو السبب الرئيسي لخروج القديس الأنبا أنطونيوس من صومعته بدير الميمون شرقي النيل والقريبة من مكان استشهادهم , وفى سنة 311 م ذهب إلى الإسكندرية عندما سمع عن نار الأضطهاد الشديد الذى أضرمه مكسيميان قيصر كما حث رهبانه على الذهاب إلى الثغر للمشاركة في تثبيت المؤمنين وتشجيع المسجونين ويشجعهم على بذل الدم من أجل فاديهم القدوس , وكان يشترك معهم فى الترتيل والصلاة أثناء ذهابهم إلى الأستشهاد , فتحولت السجون إلى كنائس والطريق إلى الأستشهاد أصبح هو الطريق إلى الملكوت الذى يقصر فيه أيام العالم وتنتهى رحلة الحياة القصيرة لتبدأ الحياة الأخرى الأبدية فالعالم سيزول وتنتهى أيامه وستبطل جميع امجاده , وكان دائم التعليم ومشجعاً بالكلام الروحى وكان هو نفسه يشتاق لنيل إكليل الاستشهاد, فكان يتوجه بجرأة شديدة إلى المحاكم ويحضر جلساتها ويقوم ويحامى عن المسيحيين المقبوض عليهم بجسارة قلب ويفند دعاوى وأتهامات أعدائهم , ولما كانت الغاية من الإضطهاد ليس هلاك جميع المسيحيين ولكن دفعهم لنكران السيد المسيح مخلص البشرية , فكان يطلب الإنفراد بالمتهمين ويثبت لهم إيمانهم ويصف لهم السعادة الأبدية التى تنتظرهم والتى أعدها الرب يسوع ذاته لجميع الصابرين على الضيقات .
وعلم الحاكم المضطهد حينئذ أن الرهبان لهم يد فى تشجيع المسيحيين فى مدينة السكندرية على قبول الموت , أمر بمنعهم من تواجدهم فى المحاكم .. أما القديس أنطونيوس فعزم على على متابعة تشجيعة للمسيحيين ولو أدى عمله هذا على أستشهاده فلبس ثوباً أبيض وأعتلى رابية كانت فى الطريق الذى يمر منه الحاكم , وظل يصلى إلى الرب بصوت عالى أثناء مرور الحاكم , وعندما شاهده الحاكم منظر الأنبا أنطونيوس بملابسه البيضاء ويطالب الرب بأن يستشهد على أسمه وهالته شجاعته ونظر إليه نظرة جندى يحترم شجاعة وشهامة خصمه لأنه لا يهاب الموت , فأوقف الأضطهادات ووجدها لا فائدة فى أثناء المسيحيين عن عبادتهم لإلههم , وعندما هدأت الأضطهادات عاد القديس إلى ديره وأستأنف عبادته بجد ونشاط كأنه يعرف الرب لأول مرة .
وهكذا حفظة الرب يسوع حتى يؤسس طريق الرهبنة الملائكي.
وكان يحب الإمتلاء والتأمل فى بهاء وعظمة الحضرة الإلهية وأعتاد أن يصرف الليل مصلياً راكعا غير متحرك , وكان يحب الصلاة فى الليل حيث يسكن الكون من حوله وعندما يبدأ فى مناجاة الرب يسوع تكون الشمس تغرب من ورائه وعندما يرى الشمس تشرق أمامه فى اليوم التالى يشكر الرب قائلاً : " أيتها الشمس لماذا تعدمينى بنورك أشعة النور الإلهى " لأنه توقف عن الصلاة .
وعندما بلغ من العمر 35 سنة أخذ يتوغل قليلاً قليلاً في البرية الداخلية إلى ناحية الشرق ورغب أن يصحب معه شيخه ومرشده فلما عرض عليه الأمر أعتذر لكبر سنه فتركه وتوجه إلى القفر وتعمق فى البرية وهو لا يدرى أين يلقى عصاه حتى عثر على قصر قديم عظيم البناية بنته أيدى ملوك مصر الفراعنة منذ زمن مديد كحصن لصد هجوم الأعداء وجعلوه كنقطه من النقط العسكرية , فأصلح القديس فيه مكاناً ورتبه وكان قد حمل مؤونة تكفى لستة شهور , وسر جداً لأن الرب أرشده إلى هذا المكان الذى يبعد عن العالم وينفرد مع حبيبه الرب يسوع , واستقر به المقام في المكان (10)
تقشفه وزهده
ومن كثرة الزهد والنسك والتقشف صار جسده نحيفاً كأنه غير مركب من لحم وعظام , ومع ذلك كان حليماً وديعاً يهتم بإطعام الآخرين , وكان كلامه ووجهه يبديان الهشاشة والبشاشة عند رؤيته الناس تحضر إليه , ولم يتغير حاله بتغيير الأمور الزمنية ولا المنكان الذى يتواجد فيه .
وعندما علمت الجموع أن الأنبا انطونيوس عاد من الأسكندرية عادت تتوافد على القصر ( الحصن ) وكان عددهم يتزايد فاضطر أن يزرع لهم بقولاً وبعض النباتات الأخرى , ولما نمت دخل حقله بعض وحوش البرية , وفى ذات يوما أمسك بأحدهم وهو يرعى فى حقله فقال له : " لماذا تضر بى أنا الذى لم أضرك بشئ أخرج من ههنا ولا تعد " وقيل أن الوحوش أمتنعت عن تخريب حقله ولم تعد بعد ذلك .
رسالة قسطنطين الأمبراطور إلى الأنبا انطونيوس
وحدث أن انتصر الأمبراطور قسطنطين فى الحرب عندما رفع علامة الصليب فأمر بأن تكون المسيحية هى الدين الرئيسى , وكانت امه الملكة هيلانه مسيحية فأمرت ببناء الكنائس فى كل مكان , وسمع الأمبراطور عن الراهب المتواضع أنطونيوس فأرسل له هو وأولاده خطاباً للقديس هو وأولاده وطلبوا غليه بخضوع أن يتنازل بالرد على رسالتهم فتعجب الرهبان من تواضع الأمبراطور وكان الموضوع الرئيسى فى الكلام فيما بينهم , فجمعهم القديس وقال لهم : " لا تتعجبوا لأن ملوك الرض قد كتبوا إلينا ولا يجب على المسيحى أن يستعظم هذا الأمر ويندهش منه , أما الأمر العجيب والمذهل للعقول فهو أن الرب كتب شريعته من أجل البشر , وأرسلها على أيدى إناس أصفيائهم وفى آخر الأيام خاطبنا فى أبنه الوحيد الذى يسمو بما لا يقاس على كل الملوك والسلاطين " أ . هـ
ولما رأى الرهبان عندم أهتمامه بالرسالة أو الرد عليها أقنعوه بضرورة الرد لا لأنه الأمبراطور بل لأنه مسيحى قصد الأستفادة فلا ينبغى أن تمنع عنه .. فكتب له الرد وبعد الديباجة ( المقدمة ) قال : " أنى أسر معكم من أنكم تعبدون يسوع المسيح هو الملك الحقيقى والأبدى الوحيد وأن تتخذوا الفطنة دستوراً لأعمالكم فى أدارة شئون المملكة وتسيروا فى الرعية بالحلم والعدالة وتساعدوا الفقراء كمساعدتكم لأخوتكم " أ . هـ
فلما قرأ الأمبراطور قسطنطين وأولادهع وكبار دولته هذه الرسالة أثرت عليهم تأثيراً عظيماًُ وأدركوا الفرق بين كتابات الأرثوذكسيين وكتابات الأريوسيين التى تمتلئ من روح الرياء والنفاق , وأحتفظ الأمبراطور برسالة أب الرهبان أنطونيوس كأنها كنز عظيم .
الأنبا أنطونيوس والإضطهاد الأريوسى لقبط مصر
ولم يمر وقت طويل على الأضطهاد الوثنى حتى أشتد إضطهاد الأريوسيين على الأرثوذكس فأرسل إليه البابا أثناسيوس الرسولى يطلب منه أن يأتى ويقف معه ضد الأريوسيين وبناء على طلب الأنبا أثناسيوس وعندما عزم الأنبا أنطونيوس على الذهاب إلى الإسكندرية بلغه أخبار ان البطريرك قد نفى فطلب منه أغنياء الأسكندرية ومشاهيرهم الأقباط فى ذلك اليوم أن يكتب خطاباً إلى الأمبراطور قسطنطين يحتج فيه على مقاومته للأرثوذكسيين .
ولما علم أن الأريوسيين قد بلغت بهم الجسارة أن يشيعوا كذباً أن القديس أنطونيوس موافق على رأيهم رجع إلى الأسكندرية مع بعض رهبانه وخطب مع شعب المينة من المستقيمين الرأى قائلاً : " أنهم تجاسروا على الطعن بألوهية مخلصنا , وقالوا إنه كان خليقة بسيطة .. كلا أنه أبن الرب الإله ليس هو خليقة , ولم ينشأ من العدم بل كان منذ الأزل لأنه كان كلمة وحكمة الآب , ولهذا لا تشتركوا فقط مع الأريوسيين المنافقين لأنه لا يمكن أن يكون أتحاد بين النور والظلام أنه لكفر أن يقال بأنه وجد وقت لم يكن فيه الكلمة لأن الكلمة دائماً مع الآب .
" أنكم مسيحيون لأنكم فى التقوى الحقيقية وفى افيمان الحقيقى , وأما الأريوسيين فإنهم حينما يقولون أن كلمة الآب أبن الرب الإله مخلوق فإنهم لا يختلفون بشئ عن الوثنيين الذين يعبدون الخليقة عوضاً عن الخالق , فصدقوا إذن أن كل الخلائق تقف ضدهم لأنهم يجعلون فى عدد المخلوقات رب وسيد كل الأشياء التى هى كافة من صنع يديه فإهربوا إذأ من مخالطتهم كهربكم من الحيات والعقارب , فمن لا يحب يسوع المسيح فليكن محروماً .. الرب سيجئ " أ . هـ
وقد كتب الأنبا أنطونيوس إلى رجل أريوسى كان يضطهد الكنيسة بقسوة شديدة ما نصة : " إن الرب قد وضع فى قوس عدله سهام غضبه عليك , وانه سيرشقها على هامتك إذ لم تتب سريعاً "
أما الهرطوقى الأريوسى فلما قرأ الرسالة ضحك منها مستهزئاً , وألقاها على الأرض وتفل عليها ووطأها بقدمه , وقيل أنه بعد ثلاثة أيام ضربه الرب فمات ولكثرة العجائب التى صنعها الرب يسوع على يديه بالأسكندرية وصلت أخباره للوثنيين فصاروا يفدون إليه ويتباركون منه وإن لم يستطيعوا الوصول إليه من كثرة الزحام كانوا يلمسون أطراف ثيابه , وحاول تلاميذه الرهبان ان يمنعوهم فإنتهرهم وأمرهم أن يتركوا الحرية لكل من يأتى إليه فتمكن من جذب عدد عظيم من الوثنيين إلى المسيحية حتى أن أحد المؤرخين قال : " أن الذين أعتنقوا العقيدة المسيحية على يده فترة أقامته بالأسكندرية أكثر من الذين كانوا يتعمدون فى مدة سنة "
ولما رأى أن الإيمان أنتعش ودبن روح المسيح فى مدينة الإسكندرية قرر الرجوع إلى الدير , فحزن الشعب , وطلبوا إليه أن يبقى معهم مدة غياب راعيهم الأنبا أثناسيوس .. فأجابهم قائلاً : " إن الشمع يذوب إذا إقترب من النار , هكذا تضمحل فضيلة الناسك إذا دنا من العالم " .. ثم اخذ يثبتهم فى افيمان ويعزيهم على فراق راعيهم وتنبأ لهم بعودته منتصراً .
الأنبا أنطونيوس والبابا الأنبا أثناسيوس الرسولى
كان البابا الأنبا أثناسيوس قد تتلمذ وهو شماس على يد القديس الأنبا انطونيوس , وكان البابا العظيم ألنبا اثناسيوس يفخر دائما أنه كان يحمل الماء للقديس النبا أنطونيوس , وعندما أصاب شعب السكندرية وبأ فقام البابا الأنبا أثناسيوس هو وبعض الكهنة والشمامسة بزيارة الأنبا انطونيوس حتى يصلى إلى الرب لكى يرفع غضبه عن المدينة , وبعد رفع صلاة حارة إلى الرب يسوع طمأنه القديس أنطونيوس أن الرب قد رفع غضبه عن مدينة الأسكندرية , وقد ألبس الراهب البسيط الأنبا انطونيوس لبس الرهبنة ( القلنسوة - الأسكيم - المنطقة - البرنس - التراج الصوف ) وقال له من ألان يكون هذا هو لبس الاباء البطاركة إلى آخر الدهور , فلما سمع الأب البطريرك هذا الكلام من القديس أنطونيوس .. تعزت نفسه وتبارك منه وعاد إلى مدينة الأسكندرية بسلام (11)
وكان بين القديس أنطونيوس أب الرهبان والقديس أثناسيوس الرسولى مودة وثيقة حتى أن القديس أثناسيوس كتب سيرة الأنبا انطونيوس وأعمالة الجليلة , وكان القديس أثناسيوس يحب الأنبا انطونيوس ويقدر زهدة وتقواة (12)
رسائل الأنبا أنطونيوس
ورجع القديس إلى ديره وأعتم بإرسال رسائل أكثرها إلى الرهبان وقال بعضهم أنها وصلت إلى 20 رسالة وآخرون قالوا أنها كانت سبعة رسائل فقط ,
محاورات الفلاسفة مع الأنبا انطونيوس
ولم يكن ألأنبا انطونيوس يعرف شيئاً من اللغات ولا العلوم , بل كان يعرف القراءة والكتابة بلغته المصرية القبطية فقط
وقيل عنه أن احد الفلاسفة الحكماء سأله ذات يوم إذا ما كان يضجر ويمل .. إذ لا سبيل له إلى السلوى التى يحصل عليها ألاخرون بالقراءة فى الكتب فأجابه قائلاً : " إن لى فى الطبيعة كتاباً " .
وذات يوم ذهب إليه فللسوفان ليختبروا علمه ويقيسوا فلسفتهما بمعرفته فقال لهما : " لماذا تتعبان نفسيكما لزيارة أحمق مثلى ( علامة التواضع وإنكار أنه شئ وهى فلسفة رهبانية ) فأجاباه : " لقد حضرنا إليك لأعتقادنا أنك رجل حكيم " فقال لهما : " إذا كنت حكيماً فكونا مثلى لأن الأقتداء بالحكماء واجب , فأنا مسيحى فكونا كذالك " .. فصمتا متحيرين ثم تركاه .
وقصده آخرون من العلماء ليمتحونه فسألهم قائلاً : " العقل أفضل أم العلم " فأجابوا : " العقل " فقال لهما : " إذا من كان عقله سليماً لا يحتاج إلى علم " (13) ثم ناقشهم أى الديانات أفضل وبعد مناقشات طويلة , أقترح عليهم أخراج الأرواح النجسة من مجانين كانوا حاضرين وقتئذ فحاولوا ولكنهم عجزوا فقد صارت الشاياطين تهيج الناس عليهم , فتقدم ورسم عليهم علامة الصليب فخرجت منهم الشياطين .
توصياته الأخيرة
وعندما وصل الأنبا أنطونيوس إلى سن 105 كان العالم كله قد عرف باعمالة وأختبر حكمته وأنتشرت عجائبه وآياته , وشعر بدنو أجله فكان يطوف على أديرة الرهبان وينصح تلاميذه ويحثهم على القيام بواجباتهم المقدسة المفروضة عليهم وكان يقوم بأعداد أجتماعات لهم وبعد أن وعظهم كثيراً قال : " سأفارقكم يا اولادى لكنى لا أفتر عن محبتكم , وأرجوا منكم أن تداوموا بكل غيرة ممارسين أعمالكم المقدسة ولا تتراخوا ابداً إياكم إياكم أن يخمد نشاطكم فى إتمام واجباتكم , أجعلوا الموت كل يوم نصب أعينكم , واجتهدوا بعناء بكامل طاقتكم فى أن تحفظوا نفوسكم طاهرة وخالية من الأفكار الرديئة , أبذلوا الجهد فى أقتفاء آثار القديسين , وأتبعوا بكل شجاعة طريق الحق , وحذار من أن تشتركوا مع شيع الهراطقة الذين تعرفون ردائتهم واعمالهم الذميمة , وأهربوا منهم كما تهربون من الطاعون من الأريوسيين المعروف بدعتهم عند كل الناس , وأن كل حكام الولايات يساعدونهم وينشرون تعاليمهم , فلا تتعجبوا قط لأن هذه السلطة الوهمية التى أختلسوها لا بد أن تتلاشى , بل فليكن ذلك محرضاً لكم بزيادة على أن لا يكون لكم أقل علاقة معهم , حافظوا بكل تقوى على تقليدات آبائكم , وأثبتوا بالأخص فى إيمان الرب يسوع المسيح له المجد الذى تعلمناه من الكتب المقدسة والذى فسرته لكم مراراً " أ . هـ
وبعد أن اكمل توصياته الأخيرة لرهبانه حتى أسرع بالذهاب إلى صومعته لشعوره بالتعب , فدعا تلميذيه مكاريوس ( أبو مقار الكبير المصرى ) وأماناس وخاطبهما قائلاً : " أنى أرى يا ولدى أن الرب يدعونى إليه وأنى مزمع كما هو مكتوب أن أسلك طريق كل أحد , فداوما على البر حسب عادتكما ولا تفقدا ثمرة أعمالكما المقدسة التى مارستوها منذ سنوات عديدة ولكن أجتهدا كأنكما بادئان فى أن تحفظا وتزيدا فى أرتقاء حرارتكما , وأنتما تعلمان مكائد الشيطان , وقساوته ولا تجهلان ضعفه قط بل آمنا بالرب يسوع المسيح ولا تكن لكما رغبة إلا فى خدمته .
عيشا يا اولادى كأنكما مزمعان أن تموتا كل يوم اسهرا دون أنقطاع على نفسيكما , وتذكرا التعاليم التى أرشدتكما إليها غالباً , ولا تشتركا قط مع المنشقين ولا مع الهراطقة الأريوسيين لأنكما تعلمان جيداً كيف كنت دائماً محتقراً لهم بسبب هرطقتهم المرذولة لأنهم يجسرون على محاربة رب المجد يسوع المسيح وتعاليمه , إبذلا الجسد والجهد لتتحدا أولاً معه ثم مع القديسين لكى يقبلوكما كأصدقاء وأصفياء فى الملكوت السماوى , أطبعا هذه الكلمات على صفحات قلبيكما , وإن شئتم أن تبرهنا على محبتكما لى وأنكما تذكرانى كأبيكما فلا تسمحا أن ينقل جسدى إلى مصر خوفاً من أن يحفظة أهلها فى بيوتهم , وهذا هو السبب الذى حملنى إلى الفرار لأموت فوق هذا الجبل , فإدفنانى إذا تحت الأرض ولا تقرا لأحد عن موضع قبرى حتى إذا جاء يوم القيامة أقتبل هذا الجسد من يد يسوع المسيح بكر القيامة خالياً من الفساد .
أما ثيابى فوزعاها هكذا : أعطيا للأسقف أثناسيوس أحد جلود الغنم والرداء الذى أستلمته منه جديداً رداه إليه باليا (كان قد لبسه سنين طويله ) وأعطيا الأسقف سيرابيوس جلد غنم الآخر وأحفظا لكما مسحى , أستودعكما الرب يا ولدى العزيزين , ان انطونيوس يغادركما ويتخلف عنكما " أ . هـ
وبعد ان لفظ كلماته الأخيرة أقترب منه تلميذاه وعانقاه وهما يبكيان وللحال أمتد على سريره ولم يكن نظره قد كل بعد ولا سقط سن من أسنانه وبدا وجهه للناظرين كأنه يسطع نوراً وبهاء , ثم أستودع الروح فى يد مخلصة فى 22 طوبة 356 م , وقام تلميذاه بتكفينه وأخفيا قبره حسب ما وصاهم ووزعا ملابسه وأشيائه , وقد فرحا بما تركاه لهما فقد حسباه أن ثمنه يفوق اللآلئ .
ويقول المؤرخ القس منسى أن جسد الأنبا انطونيوس الطاهر قد دفن أمام باب الهيكل القبلى بالكنيسة التى بناها فى حياته بإسم السيدة العذراء , وسميت بعد ذلك بإسمه ولم تزل حتى اليوم تضم ذلك الجسد الكريم داخل ديرة العظيم الذى شيد فى ايام الأنبا أنطونيوس بجوار مغارته بالجبل الذى يسمى الان بجبل عربة , ( جبل الأنبا أنطونيوس )
أكمل الأنبا أنطونيوس حياته متعبداً في البرية الداخلية وتنيح سنة 356م عن 105 سنة قضاها في حياة تشبه حياة الملائكة, أرسى خلالها أسس نظام الرهبنة التوحدية وأصبح له تلاميذ كثيرون في البرية الشرقية وبرية وادي النطرون وبرية القلمون بالفيوم وغيرذلك.
ويقول الأب متى المسكين (14) : " بالرغم من أن القديس بولا يظهر كعملاق روحانى فى تاريخ الرهبنة , إلا أنه لم يستطع أن يسلم أسرار الحياة النسكية لغيره من عشاق النسك والتوحد , وبسبب ذلك أعتبر القديس أنطونيوس أول من أعطى السر الرهبانى للعالم , وذلك حينما لقنه لأولاده , وسلمه إليهم كميراث ثمين , ظل يتوارثه العالم كله من بعده جيلاً بعد جيل - ولقد توفرت لدى أنطونيوس منذ البدء كل العوامل التى أهلته أن يكون أباً ومؤسساً للحياة الرهبانية , فقصة حياته بقلم القديس اثناسيوس الرسولى (15) توضح اصالة إتجاهه المسيحى فى تطبيق وصايا الإنجيل , كما تجلت لروحه بلا أى مواربة أو تحفظ . "
************************************
من أقوال الأنبا أنطونيوس
*** " تتقدس النفس النقية وتستنير بالله من اجل صفائها، عندئذ يفكر ذهنها فيما هوصالح وتنبع عنها ميول وأفعال صالحه ". *** " كما يكون الجسد أعمى بدون العينين فلا يعاين الشمس المنيرة على الأرض والبحر ولا يقدر ان يتمتع بضيائها، هكذا تكون النفس عمياء بدون العقل السليم والحياة الصالحة، فلا يكون لها معرفة بالله ولا تمجد الخالق صانع الخيرات للبشرية كلها، ولا تقدر ان تتمتع بالفرح عن طريق حصولها على عدم الفساد ونوالها تطويباً أبديا" *** يقول لتلاميذه : " لا أمل الطلبة عنكم ليلا ونهاراً، لكى يفتح الرب عيون قلوبكم وتعرفوا مكر الشياطين وخداعهم وشرهم، وأن يعطيكم قلبا صاحيا وروح إفراز لكى تستطيعوا ان ترفعوا ذواتكم ذبيحة لله، وتتحرزوا من مشورة الشياطين الرديئة " ويقول أيضاً : " "فالآن يا أحبائي الذين صرتم لي أولادا اطلبوا نهارا وليلا لكي تأتي عليكم موهبة الإفراز هذه التي لم تأت عليكم قبل الآن منذ دخولكم هذا الطريق النسكي.. وأنا أيضا.. " . *** " الطاعة ُتخليك مسئولية الطريق". *** أنظر إلى شاتمك نظرة تقدير واحترام لأنه عتقك من السيج الباطل ( الكبرياء وغرور النفس ) إذ جعلك تشعر بحقارتك
*** ومن نصائحة وأقوال الأنبا أنطونيوس : " ويجب عليكم أن تقرروا فى أذهانكم أن الواحد منكم يحتسب ذاته كل يوم أنه ابتدأ جديداً حتى لا يكسل ولا يتراخى فالأنسان يستطيع أن يجد نعيماً فى أى مكان طالما هو متعلق بالرب فى قلبه والشياطين يفزعون جداً من الصلوات والصوم والسهر , والتقشفات لا سيما من أحتقار العالم والفقر الأختيارى وكسر حدة الغضب لأن هذه الفضائل تسحق رأس أبليس كما أن أسلحة محاربتنا لأعدائنا هى الإيمان الحى والسيرة النقية .
والذى تعبد للرب وهجر العالم وإن كان ترك كل شئ حتى مجد الملوك وكنوزهم ينبغى أن يحتسب كل ذلك كالعدم بالنسبة إلى السماء , وإن الذى تركه يجب عليه تركه بعد قليل لأنه ليس بأحد دائم على الأرض وإن ترك الإنسان ما لا يقدر أن يأخذه معه بعد الموت فليس أمراً كبيراً , وكما أن البعد الأمين إذا أمره سيده بشئ لا يستعفى من عمله لأجل خدمته الماضية كذلك الرجل المتعبد للرب لا ينظر ما قد فعله وإنما يلتفت إلى ما بقى مما يجب عليه لربه وانه لا يجازى ولا ينال الأكليل على البداية بل على النهاية الحسنة , فإكتساب الفضيلة ليس أمراً صعباً كما يتصوره الناس بل يجب أن نلقى كل اتكالنا على ربنا يسوع المسيح وأن أبليس لا يستطيع أن يضرنا مالم نسلم أنفسنا "
*** إن السلوك فى سبيل الفضيلة هو أفضل من فعل المعجزات وأن الإنسان يقدر أن ينتصر بسهولة على الشيطان إذا أخلص العبادة للرب من كل قلبه بسرور باطنى روحى مستحضراً للرب فى ذهنة كل حين لأن هذا النور يمزق ذلك الظلام ويزيل تجارب العدو سريعاً ومما يفيدينا فى ذلك النظر إلى سيرة القديسين وأقتفاء آثارهم فإن فيها تحريضاً على الأقتداء بهم " أ . هـ
===========================================================
المــــــــــــــراجع
(*) هذه الصفة يوصف بها الأنبا أنطونيوس فى القداس الإلهى
(1) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 98 - 106
(2) كوما (قيمن الآن ويقال قمن العروس ) قرب بنى سويف وهى مدينة هرقلية قديماً التى كانت مشهورة بين مدن الصعيد - وتقع فى منطقة تكثر فيها الآثار الفرعونية ففى الجزء الشمالى منها هرم سقارة , وإلى جنوبها هرم دهشور , ومنطقة دير الميمون تقع على ضفة النيل الغربية المقابلة لــ قمن
(3) راجع بستان الرهبان - نسخة دير البراموس وتحوى بعض النسخ الأخرى قصة مختلفة ولكن تتفق النسخ جميعها على أن النبا انطونى هجر العالم وهو فى العشرين من عمره .
(4) أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الجزء الأول ص 99
(5) هى بلدة على ضفة النيل بمحافظة بنى سويف وبها دير القديس أنطونيوس -أما المكان الذي سكن فيه أولاً على شاطئ النيل فهو الآن بلدة "دير الميمون" أو منطقة بسبير حيث يوجد دير أثري عظيم للأنبا أنطونيوس يضم كنيستين الأولى قديمة جداً لأبي سيفين, ويبدو أن تلك الكنيسة عاصرت الأنبا أنطونيوس والتي كان ينقله إليها الأهالي للراحة والاستشفاء حينما كانت تهاجمه الشياطين في قلايته القريبة وتضربه بقوة وتتركه بين حي وميت. .
والكنيسة الأخرى حديثة نسبياً وهي باسم قديسنا الأنبا أنطونيوس وبها مغارة صغيرة باسمه أيضاً, ويقال أنها كانت مقبرة فرعونية سكن فيها القديس, و"دير الميمون" هي المنطقة المعروفة باسم "يسيير" وقرية "دير الميمون" كل سكانها مسيحيون وعندهم أحاديث وتقاليد متوارثة عن أماكن معينة في القرية كان القديس الأنبا أنطونيوس يجلس فيها ويعمل عمل يديه, ومكان حجري على شكل حوض يقولون أنه كان يبل فيه الخوص, وكان المتنيح نيافة الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف يهتم بهذا الدير اهتماماً خاصاً وحاول أن يجعله مكاناً سياحياً يليق بالقديس أب الرهبان, فحاول أن يبني له سوراً ويعزله عن مساكن الأهالي ويبني بجانبه بيت خلوة لراحة الزوار - مكان دير الميمون الان فى منتصف المسافة بين بنى سويف وأطفيح .
(6) Ev. Wh. II. p. 14
(7) المؤرخ جون نيل فى كتابه " تاريخ الكنيسة الشرقية المقدسة - بالأنجليزية ج1 ص 108 - 109
(8) الأسكيم هو منطقة من جلد تتخلله صلبان على أبعاد متساوية , وقد ألبسه الملاك للقديس أنطونى , فأصبح بذلك دليلاً على أن لابسه قد بلغ درجة عظمى من القداسة , وهذه المنطقة لا يلبسها الراهب إلا متى بلغ هذه الدرجة , وهذه الدرجة " إلباس الأسكيم المقدس " تجرى بصلوات خاصة تتلى على الراهب قبل تمنطقة بها , والمفروض أن البطاركة والأساقفة قد حظوا بالأسكيم قبل وصولهم إلى الرتبة الكهنوتية العليا , فإن أختير راهب للأسقفية قبل أن ينال الأسكيم , تتلى عليه الصلوات الخاصة بهذه المنطقة المقدسة ويلبسها قبل رسامته بأسبوع .
(9) جاء ذكرهم في مخطوطة قبطية صعيدية تتضمن سيرة الشهيد أبيما البهنساوي - منقول عن كتاب شهداء وقديسون وعلماء كنسيون من إيبارشية بني سويف والبهنسا.
(10) ( أصبح الموجود به ديره العامر حتى الآن بالقرب من شاطئ البحر الأحمر )
(11) مخطوط 108 تاريخ بمكتبة دير القديس الأنبا انطونيوس
(12) سيرة القديس العظيم الأنبا انطونيوس - وتاريخ ديرة العظيم - ومشاهير من قديسى الدير .. أعداد الراهب القمص أنطونيوس الأنطونى سنة 1999م
(13) أى أن العقل يمكن يصل إلى العلم , وبالعقل يتعلم الأنسان أى شئ
(14) دير القديس أنبا مقار - الرهبنة القبطية فى عصر القديس أنبا مقار - الأب متى المسكين سنة 1995 م ص 47
(15) Migne P.G. XXVL | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 9:57 am | |
| الأنبا أنطونيوس أب رهبان العالم
الجزء التالى من كتاب دير القديس أنبا مقار - الرهبنة القبطية فى عصر القديس أنبا مقار - الأب متى المسكين سنة 1995 م ص 49 - 50 أوردناه هنا لتوضيح تاريخ بدء الرهبنة فى مصر التى أنتشرت منها إلى العالم كله , وقد وضع هذا الموضوع والذى كتبه الأب متى المسكين تحت عنوان " القديس أنطونيوس أول أب لأول دير فى العالم " ولأن يهم الكثير من الباحثين والدارسين فى موضوع " بيان الفرق بين الرهبنة الأنطونية ( نسبة إلى القديس باخوم ) والرهبنة الباخومية ( نسبة إلى القديس باخوم ) "
********************************************************************************************************************************
وكما أن القديس بولا كان اول المتوحدين , كذلك القديس أنطونيوس كان أول أب لأول كينوبيون ( الحياة الرهبانية المشتركة ) , فحينما خرج أنطونيوس من عزلته وتوحده الكامل سنة 305 م , ليقود أول جماعة من أولاده أجتمعت حوله فى قلالى منفردة , كان ذلك إيذاناً ببدئ عصر الأديرة فى مصر وبالتالى فى العالم أجمع , وكان يسمى التجمع الرهبانى فى صورته الولى البسيطة بإسم لافـــرا وتكتب بالأنجليزية Lavra وتأتى فى المخطوطات القديمة بإسم السيق وجمعها الأسياق (1) باللغة العربية
أما نظام معيشة الجماعة الديرية الأولى التى عاشت حول القديس أنطونيوس , فكانت وسطاً بين النظام التوحدى ونظام الكينوبيون , لأن من سيرة بولا البسيط نعلم ان القديس أنطونيوس بعد أن أختبره ومرنه على الحياة التوحدية عدة أشهر , كان فيها يعيش معه تحت ملاحظته فى حياة شبه مشتركة , أمره أن يحفر لنفسه قلاية على بعد أربعة أميال من منطقة سكنة الخاص , وهكذا أنتقل بولا من حياة الكينوبيون إلى حياة الوحدة , ومان فى ألثنين تحت تدبير القديس أنطونيوس .
كذلك يخبرنا بالليديوس , أنه علم من كرونيوس تلميذ القديس أنطونيوس أن معلمه كان يعيش على بعد 30 ميلاً على النهر بعيداً عن بسبير , متوحداً بينما كان الذى يدبر الدير فى ذلك الوقت مكاريوس وأماثاس , حيث كان الدير عبارة عن كينوبيون يضم جماعة من المتوحدين المتتلمذين للقديس أنطونيوس .
وكذلك من بقية سيرة القديس أنطونيوس , نتأكد تماماً أنه كان من مبادئ هذا القديس أن طالب الرهبنة ( الوحدة ) ينبغى أن يعيش أولاً فى الكينوبيون , وبعد ذلك إذا كمل فى العبادة يخرج إلى الوحدة الكاملة , فعند زيارته للقديس آمون بنتريا (جنوب بحيرة مريوط ) أشار عليه بأن الإخوة العائشين فى الكينوبيون بنتريا والمحبين للوحدة , يلزمهم أن ينحدروا جنوباً مقدار ثلاث ساعات , ليعيشوا متوحدين .
ويعطينا كتاب الأبوفثجماتا تقريراً عن هذا بقوله : " [ حدث مرة أن أنبا انطونيوس جاء إلى جبل نتريا , ليفتقد أنبا آمون , فبعد أن تلاقيا معاً سأله أنبا آمون , إذ قد تكاثر عدد الأخوة بصلاتك , وبعضهم يشتاق إلى أن يبنى قلالى Kellia بعيدة , حتى يكونوا فى هدوء , فماذا تنصح بأن تكون المسافة التى تفصل بين هذه القلالى وبين الخوة الساكنين هنا ؟ فأجاب أنطونيوس : " حينما نتناول طعامنا الساعة التاسعة حينئذ نذهب نحو الصحراء , لنرى المكان المناسب , فلما بدأوا المسير ( من الساغة التاسعة ) ظلوا سائرين حتى غروب الشمس ( حوالى ثلاث ساعات ) حينئذ إلتفت القديس أنطونيوس إلى آمون وقال له : " هيا نصلى ونرفع الصليب هنا , حتى أن كل من أراد أن يعيش , ويبنى هنا يعمل مثلنا ( أى يصلى ويرفع الصليب ) .. فإذا أراد الإخوة أن يزوروهم فيما بعد , يمكنهم بعد أن يأكلوا لقمتهن الساعة التاسعة يقومون ويزوروهم , واللذين من هنا كذلك إذا رغبوا فى زيارة أخوتهم ( ( وقاموا من هنا الساعة التاسعة ) يبلغونهم قبل الغروب , فلا يحدث لأى أحد ضيق أو تشتت إذا رأى أحد منهم ألاخر , والآن المسافة هى 12 ميلاً (2) ( أنظر الخريطة ) ]
وهكذا يعتبر القديس أنطونيوس أحد مؤسسى منطقة القلالى , أى نظام الوحدة الكاملة , بالإضافة إلى نظام الكينوبيون , أى المعيشة المشتركة , ولكن من هذه القصة الطريفة يتبين لنا أمور فى غاية الأهمية والخطورة , ففيها يظهر مقدار نمو الرهبان بسرعة كبيرة حتى ملأوا منطقة جبل نتريا التى تمتد عشرات الكيلومترات , ثم مقدار طاعة وخضوع كافة الخوة المتوحدين لتدبير أبيهم الروحى , حتى أن واحداً منهم ما إستطاع أن ينتقل من الكينوبيون إلى الوحدة دون أن يدبر آمون لهم أولاً وبنفسه المكان المناسب , ثم يظهر أيضاً مقدار التفاهم والمشورة والطاعة الكائنة فى القديس آمون من نحو القديس أنطونيوس , بهذه الروح نمت الرهبنة وتقوت الوحدة , وعمرت القفار والجبال , وصارت كجنة الرب على الأرض .
*****************************
مديح القديس أنبا أنطونيوس في كنيسة الأبكار في مجمع الأطهار قائـــم بكل وقــــــار بنيوت أفا أنطونيوس قائم بمجد عظـــيم مع لباس الأسكيم في طقس السيرافيم بصلاة روحانــــية بحياة إلــــــــــهية دشنت الــــــــــبـرية بجهاد في الصلوات عشرات السـنوات بدموع في المطانيـات بنسك في الأصوام إلى مـدى الأيـــام بنــفـــس لا تـنــــام بزهد في الـلـــذات بهذيذ في الإلهيات وتأمل الـروحانيات أعطيت روح إيلـيا وحنـــة الـــــــنبية ويوحنــا ابن ذكريا ارتاع الشياطيــــن من قلـبك الأمــــي وصـــلاتك كل حين حاربوك مدة طويلة بذلوا كــل وسيلــة بكـم حيلــة وحيلــة بأختــك ذكـــــــروك لكـيمـا يقـلقـــــوك بــهذا ويـرجعــــوك نثـروا الذهب والمال أمامك على الجبال يضوي بين الرمـال أتوك بطــرب وغناء وصـورة الغــــنـاء لتسقط في الإغـراء وأتـوك بشكل أسـود ونمــور وفــهـــود بصـياح كالـرعـــود جــــاءوك بـــــأذاهم لتخاف من رؤياهم تواضعـك أخـزاهــم صرخــــت يا أقوياء لماذا هذا العـنـــاء تـراب أنــا وهبـــاء عجبي لتجمهـــــــركم على ضعفي وتظاهركم أنا أضعف من أصغركم يا بـرج عال حصيـن يا مثال للمــنـسحقــين تـتـواضــع للـشياطين يا قــــــدوة ومــثال على مدى الأجيـــــال يا سـاكـن الـجـبــال يا مثــــال البتــولية والــقـوة الروحــــية وهـدوء الـبـــــرية يا عظيم في جهادك يا حكيم في إرشـادك إشـفـع فــي أولادك لم نحـي كـحـياتــك لم نسلك في صفاتـك فاذكرنا في صلاتك إشفع فـي مـذلــتـنـا وضعـف طـبـيـعـتـنـا فـي مـدة غـربـتـنـا بنيوت أفا أنطونيوس تفسير إسمك في أفواه كل المؤمنين الكل يقولون يا إله أنبا أنطونيوس أعنا أجمعين
==========
المــــــــــراجع
(1) راجع فهرس المخطوطات العربية المكتبة الأهلية بباريس ص 69 | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:03 am | |
|
بولس هو الأسم اليونانى للأنبا بول باللغة القبطية أو الأنبا بولا أول السواح
*******************************************************************************************************
الجزء التالى من كتاب الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج1 للأسقف الأنبا أيسذورس ص 196
*******************************************************************************************************
إن القديس أنطونيوس هو الذى كتب لنا قصة هذا البار قائلاً ما ملخصة: " بعد ما خالجنى فكر العظمة وظننت أنى أنا أول من سلك فى الرهبنة وأنفرد بالعبادة والنسك فى البرية فتداركتنى عناية الرب وشملتنى نعمته إذ أوحى إلى بأن فى هذه البرية رجلاً أقدم منى زماناً وأفضل قداسة ، فأخذت عكازى حالاً الذى أتوكأ عليه وخرجت أطوف فى البرية قاصداً مكان الرجل الذى يعبد الرب وبعد ما سرت يوماً بأكمله ولم أجد أثراً ، يدلنى عليه قمت وصليت الليل كله لكى أطلب الإرشاد الإلهى ثم أخذت أطوف فى اليوم التالى ولما صار الغروب نظرت ذئبة صاعدة للجبل فتعقبت أثرها ولم أدعها تغيب عن نظرى حتى خيم الظلام بينى وبينها فتركتها وملت لمغارة كانت بالقرب منى قاصداً المبيت فيها .
وبينما أنا أسير فى الظلام الحالك نظت من بعيد ورأيت نوراً لضوء سراج فيها فلما دنوت من النور شعر بى القديس بولس فأسرع وأغلق دونى الباب ، أما أنا فجثوت على ألأرض وصرخت باكياً وقلت : " إنى أثق بأنك تعلم من أنا ؟ ومن أين جئت؟ ولماذا أتيت؟ ولا يخفى عليك إنى لا أخرج من هنا حتى أبصرك فهل يمكنك أن تطرد الإنسان وأنت تستقبل الحيوانات! إنى طلبتك وقد وجدتك وقرعت بابك لتفتح لى فإن لم تقبل طلبتى فإنى أموت هنا .. فأقل ما يكون أنك تلحدنى (تدفنى ) بعد موتى"
فأجابنى من الداخل قائلاً : " ما من أحد يطلب إحساناً بإنتهار بل ببكاء وتنهد ، فإن كنت قد أتيت إلى لكى تموت فلماذا تتعجب من أنى لا أقبلك "
ثم فتح الباب لى وعانقنى وسلم على بأسمى فسلمت علبه بأسمه وأردف قائلاً : " أبصر الآن من فتشت بعناء عظيم فترى أعضائى قد ونت من الشيخوخة وقد أبيضت لحيتى كلها وجف جلدى أنظر إنساناً يرتد إلى التراب سريعاً ، قد تعبت فى الإستقصاء عنى فإخبرنى عن حال العالم ومن يدبره وهل يوجد من يعبد الشيطان بعد؟ فأجبته على كل شئ بالتفصيل .
ثم سألته عن سبب حضوره فى هذا المكان فأجابنى قائلاً : " أنه بينما كان الإمبراطور ديسيوس يفتك بالمسيحيين بمصر والصعيد حيث ولدت مات والدى وكان عمرى وقتها 12 عاماً فدخلت مدارس الفلاسفة ودرست علوماً وافرة فلما إشتدت المصائب على المسيحيين إنفردت فى منزل كان ملكى بين مزارعى فتعرضت لخطر كبير وذلك أن زوج أختى (أو أخى فى رواية أخرى) قام على بهدف أن يختلس أموالى أو يشكونى إلى الوالى بأنى مسيحى وكنت قد سمعت عن هذا الوالى أنه أرسل إلى كل مكان رسلاً يبحثون عن المسيحيين ويقبضون عليهم ليعذبونهم أو ينكروا المسيح فهربت إلى هذه البرية وتخلصت من خبث خصمى"
وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث طار إلينا غراب حاملاً فى منقاره رغيفاً وتركه بين أيدينا وطار ، فقال القديس بولس مبارك الرب الذى أرسل إلينا مأكلاً فإعلم يا أخى أنه منذ 60 سنة يأتينى هذا الغراب كل يوم بنصف رغيف واليوم يأتينى برغيف كامل فشكراً للرب أنه يهتم بقديسيه"
ثم صرفنا الليل كله فى الصلاة وفى الغد إستدعانى وقال لى : أنى عرفت منذ زمان أنك مستوطن فى هذه البرية وقد وعدنى الرب بأنك مزمع أن تزورنى وتوارينى التراب فقد دنا الوقت الذى أفارق فيه هذا الجسد البالى وأنطلق إلى الرب فأطلب إليك أن تعود إلى ديرك وتأتينى بالرداء الذى أعطاه لك أثناسيوس لتكفنى به " فبدأت أذرف الدموع أسفاً وطلبت ألا يفارقنى قبل أن يلتمس من المسيح أن أنطلق معه " فقال لى : " يجب أن تمكث مدة من أجل خير أخوتك " ثم أنبأنى عن مستقبل مجد الرهبنة وفضلها فودعته وعدت مسرعاً إلى ديرى ولما صادفت فى الطريق أثنين من الرهبان وسألانى عن سبب غيابى لم أجبهما بكلمة بل قلت لهما : " أنى رجل خاطئ لا أستحق أن أسمى راهباً ، للكلام وقت وللسكوت وقت " ثم أخذت ذلك لارداء ورجعت إلى حيث القديس وأملى أن أراه وهو حى فلما لم يبقى إلا مسافة قليلة أبصرت جوقاً من الملائكة يرتلون وبينهم نفس البار فحزنت وبكيت بكاء مراً ،، ولما دخلت المغرة وجدت جسده جالساً جاثياً على ركبتيه ورأسه مستقيماً ويديه مرتفتين ، فظننت أنه حى فجثوت أصلى بقربه ، ولما نظرت أنه لم يتنهد كعادته فى الصلاة تفرست فيه جيداً فتأكدت أنه توفى فوثبت على جسده أقبله ذارفاً الدموع ثم كفنته بذلك الرداء ، وفيما أنا افكر فى كيف أدفنه إذ لم يكن معى آلة حفر أحفر بها ساق الرب أسدين وبدئا يحفرن فى الرض حتى أكملا الحفر ثم أتيا وجثيا أمامى كأنما يطلبان أذناً للإنصراف فأشرت لهما بيدى ..
ثم واريت الجسد فى التراب وأخذت ثوبه المنسوج من الخوص وعدت به إلى ديرى وكنت ألبسه فى الأعياد الإلهية .
وقد ختم القديس إيرونيموس من آباء الجيل الرابع نسك هذا البار يقوله : " إنى أسأل الأغنياء الذين لا يعرفون كمية ثروتهم لزيادتها والذين يسمنون المنازل الواسعة المزدانة بالرسوم والألوان ماذا كان يعوزه هذا الشيخ الناسك من كل غنى فأنتم تشربون فى كؤوس من فضة وذهب وهذا بولا يطفئ عطشه بكف يده ، أنتم تلبسون البرفير (الحرير) وهذا كان يرتدى بثوب من نخيل غير أن الأمر لا يبقى هكذا دائماً وهذه الحال ستنقلب إلى حال أخرى فها أن السموات إنفتحت لبولا المسكين وأنتم ستهبطون إلى حيث كنوزكم وهو قبر فى لحد ليقوم الممجد وأنتم تدفنون فى قبور من الرخام والمرمر لتحترقوا إلى | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: الأنبا شنودة رئيس المتوحدين الأربعاء يونيو 22, 2011 10:04 am | |
| الأنبا شنوده رئيس المتوحدين . ترهـب بدير خاله الأنبا بيـجول بجوار سوهاج ، وصار رئيسه. بلغ عدد الرهبان في الدير الأبيض 2200 راهب , وبالدير الأحمر 1800 راهب. حضر مجمع أفسس 431م , ترك كتب ومواعظ كثيرة ==================== يقال ان تحت هذا العمود فى دير الانبا شنودة رئيس المتوحدين الشهير بالدير الأبيض فى سوهاج بصعيد مصر يرقد جسد الانبا شنودة رئيس المتوحدين ****************************************************** ذكر الباحث الأثري جرجس داود فى جريدة وطنى الصادرة فى 29/2/2006 م السنة 48 العدد 2301 أيقونة من كنيسة الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بمصر القديمة من القرن السادس عشر الميلادي ,يمثل الأنبا شنودة في هيئة شيخ مرفوع القامة ذي لحية طويلة وعينين واسعتين رمز التفكير وبعد النظر والسهر,بينما يمسك صليبا بكلتا يديه المطويتين علي صدره ,أما ملابسه فتدل علي العظمة الفريدة وحول رأسه الهالة النورانية واسمه مكتوب بالعربية صورت القديس العظيم أنبا شنودة رئيس المتوحدينأما الجبة والبرنس فهما مطرزان بأشكال الإبرة في شكل أزهار وصلبان ويرتدي البطرشيل الذي رسم عليه الاثنا عشر تلميذا في صفين. | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| | | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:07 am | |
| الأنبا باخوم أبو الشركة ولد باخوم من أبوين وثنيين غنيين فى إقليم إسنا فى نحو 288م ومن المرجح أنه كان يشعر بإحتقار شديد للديانه الوثنية على الرغم من أن والديه كانا يرغبانه فيها وكانا دائما يصحبانه معهما إلى المعابد الوثنية وإحتفالاتها , وفى ذات يوم دخل معهما فأحتقر الآلهه فغضب كاهن المعبد وقال لهما : " إن إبنكما سيصير عدوا للآلهتنا ثم طرده من المعبد " .
وبعد أن بلغ العشرين من العمر أنتظم فى سلك الجندية وأصبح قائد تحت قيادة القائد قسطنطين فى حملة لأخضاع الحبشة , وفى الطريق جاع الجند وعطشوا فخرج للقائهم أهل القرية وأكموهم إكراماً فائقاً , فإندهش باخوم من هذه المعاملة وتصرف الأهالى معهم وسأل لماذا يقابلوهم بهذه المحبة وسأل فقالوا : " لأنهم مسيحيون وديانتهم تأمرهم بإكرام الغرباء والإحسان إليهم " فوقع هذا الأمر موقعاً حسناً فى قلبه , وشعر بسمو الديانة المسيحية , ويذكر بعض المؤرخين أنه صلى فى تلك الليلة فقال : " إنى اعاهدك على أن أعبدك وأحفظ وصاياك كل أيام حياتى إذا نظرت إلى برحمتك وعرفتنى بك .. " , كما يذكرون أنه من ضمن عوامل التى جذبته إلى المسيح هو صبر الشهداء على إحتمال العذاب بل والفرح وهم يقابلون الموت ايام حكم دقلديانوس .
فلما عاد من الحرب دخل مع الموعوظين ليصير مسيحياً وفى الليلة التى سينال فيها سر المعمودية المقدس راى فى رؤيا أن يده ممتدة نحو السماء وإذ الندى يستحيل فى يده التفاحة وإذا بصوت من السماء يناديه أن يحتفظ بالنعمة العظيمة التى سيتقبلها من الرب يسوع .
ثم سار فى طريق الفضيلة ونمى راجع ما ذكره الأنبا غريغوريوس الدير المحرق تاريخه ووصفه وكل مشتملاته , ألأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى إيداع رقم 4676/ 1992 ص27- 34 فيها ثم وأراد أن يعتزل العالم ويتتلمذ لناسك أسمه بلامون , ولكن صرفه الناسك عنه فى بداية الأمر محذراً إياه بأن طريق الرهبنة والنسك طريق شاق وصعب , إلا أن إشتياق قلبه كان فى ترك حياة العالم إلى حياة , وسأله باخوم فى ضراعة أن يقبله .. فقبله , ولم يلبث أن تتلمذ على يديه وبدأ يتفهم بسرعة قواعد الرهبنة وحذا حذو معلمه .. ولم يطل الأمد بالمعلم الشيخ , إذ توفى بعد سنوات , ولكن باخوم كان قد شرب من ينبوع الرهبنة حتى إرتوى , وأصبح قادراً على السير بمفرده بل أنه نظراً لصفاته القيادية فى الجيش أصبح قادراً على أن يقود كثيرين .
والعجيب أن الأنبا باخوم فى الوقت الذى وضع فيه نظام الرهبنة الإشتراكية لأنه كان يرى أن نظام الشركة لا بد منه للمبتدئين والذين لهم القدرة على التوحد إلا أنه هو نفسه كان يميل إلى حياة التوحد المطلق ولذلك كان يعتزل فى مغارة يقيم فيها اياماً ثم يعود ليفتقد أولاده الرهبان لبوجههم ويرشدهم ويرتب احوالهم .
المواهب الروحية التى حصل عليها باخوم من الرب يسوع
وعاش الأنبا باخوم حياة الوحدة وحصل على مواهب روحيه عديدة فى مناظر روحانية كان يتمتع بها , وحصل على رؤى عن مستقبل الرهبنة , ومستقبل الكنيسة , وكانت صلاتة تصاحبها دموع غزيرة من أجل رهبانه , ومن أجل الناس الذين يعيشون حياة العالم , وقد ذكر تلاميذة أن الدموع حفرت على خديه مجريين واضحين تركا أثرهما على جلد وجهه . طوباك يا أبى باخوم إذكرنى فى صلاتك أمام عرش النعمة .
وأصبح المكان الذى يوجد فيه القديس با خوم مقصداً للناس من مختلف أنحاء العالم لينتفعوا بتجاربه ومواعظة وخبراتة الروحية وإرشاده وحكمته , وحدث أن سمع به راهب من روما وحضر إلى مصر خصيصاً ليقابله وكان لا يعرف القبطية فحزن باخوم لأنه لا يستطيع الكلام معه لوجود حاجز اللغة , فصلى للرب وقال : انت تعلم يارب اننى أنى لا أعرف لغات , ولذلك فإننى لا أستطيع أن افيد الآتيين إلى من بلاد ينطقون بلغات أخرى , فإما أن تمنحنى معرفة لغة من يقدم إلى حتى ينتفع بالإرشاد , أو تمنعه من القدوم إلى "
فسمع الرب لصلاته فصار قادراً على أن يستمع إلى الشكوى الراهب الرومانى ويجيبه بما ينفعه , وهذا ما تسميه الكنيسة مواهب الروح القدس .
نظام الشركة الرهبانى
الأنبا باخوم هو أول من وضع نظام الرهبنة الإشتراكية التعاونية فى الحياة الرهبانية , وهو أول من بدأ بفكرة التصنيع فى الأديرة المصرية , وهو أول من وضع نظام التعامل فيها وقوانينها , وعنه أنتشر هذا النوع من الرهبنة ليس فى مصر فحسب بل أنتشرت فى جميع أنحاء العالم شرقاً وغرباً .
والقديس قبطى وأسمه باخوم ويعنى باللغة القبطية النسر وأسمه باللغة اليونانية باخوميوس , وقد وجد القديس باخوم أن حياة التوحد المطلق فى البرارى وكهوف الجبال صعبه للمبتدئ ولا يقوى عليها إلا القلة النادرة , ولكن يوجد راغبين فى الكمال والإعتزال عن حياة العالم , ففكر فى نقطة وسط لنظام عام مشترك للحياة الروحية على أن تكون نقطة البداية لحياة التوحد إذا كان هناك رغبه للتوحد , ورتب لهم قواعد وقوانين يخضعون له طاعة تامة يسلكون بمقتضاها فى حياتهم داخل أسوار الدير فيما يتصل بعبادتهم وأكلهم ونومهم وعملهم .
وفرض عليهم نظاماً لحياتهم يتقيدون به يتبعونه مواعيد محدده للصلاة , مواعيد للأكل على مائدة واحدة فى وقت واحد , ووقت للعمل .. وقد أهتم القديس باخوم إهتماماً خاصاً بالعمل بل أنه أعتبره ضرورة وضعه على كل راهب , وكان يطرد الراهب الكسول من الدير لأنه ليس له نصيب فى مجتمع القديسين العاملين , وكان الأنبا باخوم حازماً فى تنفيذ النظام الذى وضعه , فكان يعاقب كل راهب يخرج على النظام حتى لو كان بقصد حسن أو حتى لو أدى الخروج عن النظام خيراً مادياً فى الدير , فكان رأيه أن الخضوع لنظام الشركة الرهبانى ولأوامر الرئيس فضيلة كبيرة لأن فيها قهراً لرغبة النفس ومقاومة لرغباتها وأهوائها , ونوع من الإتضاع والخضوع لازم لمجتمع يعيش بعيداً عن العالم , فكان هذا الإلتزام ضرورى لهذا المجتمع الناشئ .
وبذلك أسس باخوم الرهبنة كنوع من الإلتزام العسكرى الذى كان يمارسه فى الجيش وحوله نوع من العسكرية الروحية , ووضع لها قوانين ونظماً , وكثر عدد الرهبان فكان الرهبان يقيمون فى أقسام بحسب الحرف التى كان يمارسونها فكان للخبازين بيت , ولصانعى الفخار بيت , وللنساجين بيت , وأنتشرت الأديرة فأقام لكل دير رئيساً ووكيلاً , وأقام للأديرة جميعها رئيساً عاماً ووكيلاً وأميناً , وأنشأ على الضفة اليمنى من النيل مقابل هور , مبنى مركزى جعله قاعدة لحكومته الديرية بحيث يدير منه كل الأديره التابعة فى الصعيد , وجعل كل الرهبان التابعين له فى كل الأديرة أن يحضروا إلى هذا المركز ويجتمعوا فيه كل سنة مرة وذلك فى الأسبوع الذى فيه عيد رأس السنة القبطية , وكان باخوم يتخذ فرصة هذا التجمع الرهبانى الكبير فى تعيين الوظائف للسنة الجديدة .
وتشرف القديس باخوم بزيارة قام بها البابا العظيم الأنبا أثناسيوس الرسولى فى ديره المعروف بدير طاباثا , وقد قام القديس النبا باخوم بإستقباله إستقبالاً حاراً , وهو يعلم أنه يستقبل حامى الإيمان العظيم ثالث عشر الرسل أثناسيوس
وفاته
عندما شعر القديس باخوم بدنو أجله فعين أحد تلاميذه وأسمه بترونيوس ليحل محله عند رحيله , ولكن بترونيوس مات بعد تعيينه بقليل , وقام بتعيين تلميذاً آخر أسمه هوريسيوس . وقد توقع الجميع أن يقيم أحب تلاميذه إليه وأخلصهم له وهو تادرس .
ولعله فعل ذلك إشفاقاً عليه لأنه رأى الرياسة ثقلاُ عليه وقد لا يقوى التلميذ تادرس على إحتمال هذه المسئوليات , أو ربما رفض تادرس نفسه هذه الوظيفة , أو أنه قد تعطل نموه فى الفضيلة , وهناك كثير من ألسباب الأخرى ولكن من الواضح وجود علاقة قوية بينهما حتى أن القديس باخوم قد عهد إلى تلميذه تادرس فقط أن يدفن جسده , وطلب إليه أن يحتفظ يمكان قبره سراً لا يعرفه احداً .
وإنتقل القديس العظيم باخوم أب الشركة إلى ألأخدار السمائية فى نحو 405م
بركة صلاه القديس تكون معى ومعكم يا أبائى وأخوتى آمين
=========================
من هو القديـس باخـومـيوس أطلق عليه أب الشركة؟ كان وثنيا ضابطا بالجيش تأثره بالمسيحيين في الحبشة اعتمد ثم تتلمذ للأنبا بلامـون بأسوان. تـلامـيـذه 8400 راهـب وراهبات كثيرات. تنيح 349م عن 74 سنة. | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:08 am | |
| جريدة وطنى بتاريخ الأحد 18/5/2008م السنة 50 العدد 2421 عن مقالة [ الأنبا باخوم المعروف بأبي الشركة ] للمتنيح الأنبا غريغوريوس
في اليوم الرابع عشر من شهر بشنس القبطي ويوافق عادة الثاني والعشرين من شهر مايو - أيار انتقل الأنبا باخوم أبوالشركة إلي عالم البقاء والخلود. والأنبا باخوم هو واضع نظام الاشتراكية التعاونية في الحياة الرهبانية, وهو صاحب فكرة التصنيع في الأديرة المصرية, وهو الذي وجه الرهبنة وجهة جديدة لم تعرف من قبله, وعنه أخذها الرهبان في كل العالم شرقا وغربا. رأي القديس باخوم أو باخوميوس كما يسميه اليونان, واسمه Pakhom أي النسر, أن حياة التوحد المطلق فيها قسوة بالغة, ولا يقوي عليها إلا نفرا قليل من الناس, لكن الراغبين في حياة الكمال أكثر عددا, وهم يحتاجون إلي قيادة وإلي توجيه. فجمع الكثيرين ممن تبعوا سيرته, ووضع لهم نظاما عاما مشتركا للحياة الروحية, ورتب لهم قواعد يخضعون لها في طاعة تامة فيما يتصل بعبادتهم وأكلهم ونومهم. وفرض لهم مواعيد محددة, فهم يصلون معا ويأكلون علي مائدة واحدة في وقت واحد. ولهم أوقات للعمل. وقد اهتم القديس باخوم بمبدأ العمل وأكبر من شأنه, واعتبره ضرورة علي كل راهب بحيث كان يطرد الراهب الكسول من الدير, ولا يجعل له نصيبا في مجتمعه الجديد. وبلغ من حزم هذا القديس وإصراره علي التزام الراهب لواجباته في طاعة تامة وفي حدود النظام المرسوم له, أنه كان يعاقب كل راهب يخرج علي النظام حتي لو كان ذلك بقصد حسن أو حتي إذا أنتج هذا الخروج علي النظام خيرا ماديا للدير. وكان يري أن الخضوع للنظام ولأوامر الرئيس فضيلة كبيرة, لأن فيها قهرا للنفس ومقاومة لرغباتها وأهوائها, كما أن فيها اتضاعا وخضوعا لازمين لنجاح كل مجتمع صغيرا كان أو كبيرا. وبذلك أحال الأنبا باخوم الرهبنة إلي نوع من العسكرية الروحية, ووضع لها قوانين ونظما, وكان الرهبان يقيمون في بيوت بحسب الحرف التي كانوا يمارسونها قبل الرهبنة, فكان للخبازين بيت, ولصانعي الفخار بيت, وللنساجين بيت. وكان القديس يقيم لكل دير رئيسا ووكيلا, ويقيم للأديرة جميعها رئيسا عاما ووكيلا وأمينا, وقد اتخذ من أحد الأديرة في فاو, علي الضفة اليمني من النيل مقابل هور, قاعدة لحكومته الديرية وإدارة جميع الأديرة التابعة له في الصعيد. وكان يجمع جميع الرهبان في هذا الدير مرة كل سنة, وذلك في عيد رأس السنة القبطية, وكان يعين في هذا العيد الوظائف للسنة الجديدة. وقد تشرف القديس باخوم بزيارة البابا أثناسيوس الرسولي في ديره المعروف بدير طابانا. وقد استقبله الأنبا باخوم استقبالا حارا وهو يعلم أنه يستقبل حامي الإيمان القويم. مولده, وكيف اهتدي إلي المسيحية: ولد باخوم من أبوين وثنيين غنيين في إقليم إسنا في نحو سنة 288 لميلاد المسيح ويبدو أنه منذ طفولته شعر باحتقار شديد للديانة الوثنية, علي الرغم من أن والديه كانا يرغبانه فيها ويصطحبانه معهما إلي المعابد والهياكل الوثنية. ويقال إنه دخل مرة مع والديه إلي معبد الوثن فاحتقر الآلهة, ولذلك غضب الكاهن الوثني وقال عنه إنه سيصير عدوا لديانته ثم طرده من الهيكل. وفي سن العشرين من عمره انتظم باخوم في سلك الجندية, وذهب تحت قيادة القائد قسطنطين في حملة لإخضاع الحبشة. وفي الطريق جاع الجند وعطشوا فخرج للقائهم أهل القرية وأكرموهم إكراما فائقا, فدهش باخوم من تصرف الأهالي وسأل عن سر هذا الصنيع, فقيل له إنهم مسيحيون, وديانتهم تأمرهم بإكرام الغرباء والإحسان إليهم. فوقع ذلك منه موقعا حسنا, وشعر بسمو الديانة المسيحية. ويروي المؤرخون عنه أنه صلي في تلك الليلة صلاة قال فيها إني أعاهدك علي أن أعبدك وأحفظ وصاياك كل أيام حياتي إذا نظرت إلي برحمتك وعرفتني بلاهوتك. وقال عنه المؤرخون إن من العوامل التي جذبته إلي المسيحية صبر الشهداء علي احتمال العذاب القاسي الذي فرضه عليهم دقلديانوس. فلما عاد من الحرب صمم علي أن يدرس المسيحية فانخرط في سلك الموعوظين, وفي الليلة التي كان سينال فيها سر المعمودية المقدس, رأي أن يده اليمني ممتدة نحو السماء, وإذا الندي يستحيل في يده إلي تفاحة, وكان صوت من السماء يناديه أن يحتفظ بالنعمة العظيمة التي سيقتبلها من الرب يسوع. وبعد العماد سار في طريق الفضيلة واشتهي حياة العزلة والتعبد, فتتلمذ لعابد قديس متوحد اسمه بلامون. ومع أن الناسك صرفه عنه في مبدأ الأمر منذرا إياه بأن طريق النسك وعرا وصعب, إلا أن باخو مكان راغبا في حياة التعبد من كل قلبه. وسأل الشيخ في ضراعة أن يقبله, فقبله. ولم يلبث أن حذا حذو معلمه. ولم يطل الأمد بمعلمه, إذ توفي بعد سنوات, ولكن تلميذه صار بعد هذه السنوات قادرا علي أن يسير بمفرده, بل قادرا علي أن يقود الكثيرين الذين تبعوا سيرته. وعلي الرغم من أن الأنبا باخوميوس هو واضع نظام الرهبنة الاشتراكية, إلا أنه هو نفسه كان يميل إلي التوحد المطلق, وكان يري أن نظام الشركة لابد منه للمبتدئين ولغير القادرين علي التوحد. ولذلك كان هو يعتزل في مغارة يقيم فيها أياما طويلة ثم يعود ليفتقد أولاده الرهبان ليعلم أحوالهم ويوجههم. مواهبه الروحية: وللأنبا باخوم في وحدته مناظر روحانية كان يتمتع بها, وله أيضا رؤي عن مستقبل الرهبنة, ومستقبل الكنيسة. وكان عندما يصلي يبكي بدموع كثيرة من أجل رهبانه, ومن أجل الناس الذين في العالم. وقد ذكر تلاميذه عنه في سيرة حياته أن الدموع حفرت علي حذيه مجريين واضحين تركا أثرهما علي جلد وجهه. وكان يقصد إليه إناس من مختلف بلاد العالم لينتفعوا بتجاربه ومواعظه. ومرة جاءه راهب من روما لا يعرف القبطية. فحزن باخوم لعائق اللغة بينه وبين هذا الضيف الغريب. فصلي لله وقال: أنت تعلم يارب أنني لا أعرف اللغات, ولذلك فإنني لا أستطيع أن أفيد الآتين إلي من الناطقين باللغات الأخري. فإما أن تمنحني معرفة لغة من يقدم إلي حتي ينتفع بالإرشاد, أو تمنعه من القدوم إلي, فسمع الرب لصلاته فصار قادرا علي أن يستمع إلي شكوي الراهب الروماني ويجيبه بما ينفعه, وهذه هي موهبة التكلم بالألسنة واللغات, وهي من مواهب الروح القدس. وفاته: شعر القديس باخوم بدنو أجله فعين بدلا منه أحد تلاميذه وسمي بترونيوس, ولكنه مات بعد تعيينه بقليل, ثم عين من بعده تلميذا آخر اسمه هوريسيوس. وكان من المتوقع أن يقيم أحب تلاميذه إليه وأخلصهم له وهو تادرس. ولكن باخوم لم يشأ أن يسند إليه الرياسة علي الرغم من ثقته وثقة جميع الرهبان فيه. ولعله فعل ذلك إشفاقا عليه ورحمة به, أو لأنه رأي الرياسة ثقلا علي تادرس قد لا يقوي علي احتماله, أو قد تعطل نموه الروحاني في الفضيلة. ومما يدل علي ثقة باخوم في تلميذه تادرس أنه عهد إليه بدفن جسده, وطلب إليه أن يحتفظ به سرا من كل أحد آخر. وانتقل القديس العظيم إلي الأخدار السماوية في نحو 405 لميلاد المسيح. | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:09 am | |
| الأنبا يحنس القصير وشجرة الطاعة: كلفه معلمه بزرع عصاه الخشب وظل يسقيها وهى على بعد 12 ميل، لمدة 3 سنين، وعندما أثمرت وزع ثمرها على الرهبان. **********************************
الأقباط متحدون 26/6/2009م بقلم: سوزان قسطندي
يوأنن (بالقبطية)، يوأنس (باليونانية)، يوحنا (بالعربية)..
واللسان القبطى المعرب ينطق الإسم يحنس أو حنس أو أبو حنس أو حنا.. لمحة عن حياة القديس يوحنا القصير: وُلد يوحنا سنة 339م ببلدة طيبة بالصعيد من عائلة فقيرة، وكان أبواه تقيين جدًا وكان له أخ أكبر صار فيما بعد راهبًا فاضلاً أيضاً. شعر يوحنا بالدعوة السماوية وهو فى الثامنة عشره من عمره فقام لفوره وذهب إلى الأنبا بموا القمص ببرية شيهيت ورجاه أن يتخذه تلميذاً له، وإذ رأى الأنبا بموا حداثة سنه طلب منه التريث لعله لا يحتمل الجهاد وشقاء الحياة النسكية ولكن يوحنا أجابه أنه على إستعداد لطاعة معلمه فى كل ما يقول. صلى الأنبا بموا وصام ثلاثة أيام قبل أن يقبله، فظهر له ملاك الرب وأخبره أن يوحنا سيصير أباً لجماعة كثيرة وسيخلص كثيرون بسببه. كان يوحنا مطيعاً لأبيه الروحى فى رضا وسكون، ودرب يوحنا نفسه أن يمسك لسانه وبطنه وقلبه من أجل محبته لله، وارتبطت أصوامه ونسكياته بصلواته فكان دائم الصلاة فى مغارة تحت الأرض وكان مشغولاً على الدوام بالتأمل فى الله. حدث أن أراد الأنبا بموا أن يمتحن تلميذه يوحنا، فدفع إليه غصناً يابساً وأمره أن يغرسه ويسقيه كل يوم بجرّة ماء، وكان الماء بعيداً عنهما، فكان يمضى فى العشية ويجئ فى الغد، وبعد ثلاث سنين إخضرّ الغصن وأعطى ثمرة، فجاء بها إلى الشيخ، الذى جاء بها إلى الكنيسة وقال للإخوة: "خذوا كلوا من ثمرة الطاعة". وقد قضى يوحنا فى خدمة معلمه أثناء مرضه إثنتى عشر سنة إحتمل خلالها الكثير من الأتعاب دون أن يسمع منه كلمة شكر، فلما حانت ساعة إنتقال الأب بموا جمع الإخوة وأمسك بيد تلميذه وبارك عليه قائلاً "هذا ملاك وليس إنسان"، وأوصاه أن يسكن فى المكان الذى غرس فيه الشجرة - المعروفة بإسمه، وقد صار هذا المكان فيما بعد ديراً بإسم الأنبا يحنس القصير، وظلت تلك الشجرة قائمة بدير الأنبا يحنس القصير ببرية شيهيت حتى وقت قريب وقيل أنها كانت موجودة إلى عام 1921م أو بعد ذلك. بعد نياحة الأنبا بموا عاش الأنبا يحنس مع الأنبا بيشوى بضعة سنوات (قبل أن يعتزل الأنبا بيشوى فى مغارة على مقربة من دير الأنبا مقاريوس الكبير والذى صارت فيما بعد ديراً يحمل إسم الأنبا بيشوى)، وسيم قساً بيد البابا ثيئوفيلس حينما زار شيهيت. كان القديس يوحنا القصير مترفقاً بالإخوة ولا سيما الخطاة منهم، وتبقى مساعدته للقديسة بائيسة على التوبة شهادة حية لإهتمام هذا الراهب المنشغل بالتأمل بالإلهيات بخلاص النفوس. سأله الإخوة مرة "يا أبانا هل يجب أن نقرأ المزامير كثيراً؟"، فأجابهم "إن الراهب لا تفيده القراءات والصلوات ما لم يكن متواضعاً محباً للفقراء والمساكين". وقيل أن يوحنا كان يحمل شيهيت كلها بتواضعه كما يحمل إنسان نقطة ماء على كفه، وبسبب تواضعه إجتذب قلوب الإخوة جميعاً لمحبته وطاعته، واختاره الآباء الشيوخ ليكون مرشداً للقديس أرسانيوس معلم أولاد الملوك. تنيح القديس يحنس القصير بسلام عام 409م تقريباً عن عمر سبعين عاما. ونقل جسده إلى جبل القلزم بجوار السويس، ثم أعاده الرهبان إلى دير أبى مقار، ثم إلى ديره حتى تخرّب فأعادوه مرة أخرى إلى دير أبى مقار ولا يزال محفوظاً مع أجساد الثلاث مقارات القديسين. تحتفل الكنيسة بنياحته فى 20 بابة وبتذكار وصول جسده إلى شيهيت فى 29 مسرى. أديرة تحمل إسمه: دير أنبا يحنس القصير ببرية شيهيت بوادى النطرون- دير أنبا يحنس القصير بجبل المقطم شرقى طرة- دير أنبا يحنس القصير بجبل أنصنا بجوار ملوى. المراجع: بستان الرهبان- الطبعة الثانية سيرة وأقوال يحنس القصير ببرية شيهيت- الراهب القمص سمعان السريانى 1981م ربما كان يوحنا قصيراً فى قامته الجسديه ولكنه كان عظيماً فى إيمانه وفى محبته وفى إتضاعه وكبيراً فى قامته الروحيه.. هو إبن الأقصر بصعيد مصر وأب رهبان بشيهيت مصر.. هو إبن المصريين وأب للمصريين وفخر لكل المصريين.. فكيف يتجاهل ويتغافل ويتنكَّر ويتنصّل بعضاً من ساسة مصر لتاريخ مصر ولتراث مصر ؟! ولا سيما أنه تاريخ عَبِق ومشرِّف وتراث ثمين يجب أن يفخر به كل شعب مصر إذ يعطيه ثِقَلاً بين كل شعوب العالم !! يعطينا هذا المصرى القصير فى القامة الجسدية درساً عظيماً فى الإيمان والرجاء والمحبة.. إذ لم يكن بالطبع هذا الراهب القديس من السذاجة بحيث يطيع معلمه "طاعة عمياء" بلا هدف !! ولكنه بروح الإيمان أدرك أن "الغير مستطاع عند الناس مستطاع عند الله".. نحن نفلح الأرض ونحرثها ونزرع البذار ونسقيها، ولكن الذى ينمى هو الله الخالق والقادر على كل شئ فهو المانح للحياة.. بالإيمان نحيا. يعطينا درساً فى الرجاء بالرب.. لا يجب أن نخاف أو نفشل أو نيأس، فقط نجتهد ونعمل والثمر يأتينا من الرب.. بالرجاء نخلص. يعطينا درساً فى المحبة والترفق بالخطاة والرحمة بالمرضى والفقراء والمساكين ومساعدة التائهين والبائسين واليائسين، حتى يفرح الجميع معاً بنور الرب.. بالمحبة نفرح. يعطينا هذا المصرى الأب الكبير فى القامة الروحية درسا عظيماً فى الطاعة والإتضاع.. الطاعة الهادفة لخلاص النفس.. إنكار الذات.. بذل الذات.. توبة حية وإعتراف بالخطأ وجهاد ضد الخطية.. حياة الشركة والتعاون الإيجابى المثمر.. خضوع للترتيب وللنظام الجماعى العام برضى وطيب خاطر.. لا أنانية ولا فردية ولا تسلّط ولا تحكّم ولا تجبّر ولا كِبَرَ .. وأيضاً لا رياء ولا نفاق ولا كذب ولا خوف ولا صِغَر نفس ولا يأس.. إتزان نفسى وروحى هائل يضفى على الجسد أيضاً نشاطاً وصحة وحيوية. نتعلم منك الكثير والكثير يا قديسنا الحبيب يوحنا القصير.. مبارك أنت من الرب.. بارك على أولادك وصلى من أجلنا أمام عرش النعمة الذى أنت واقف أمامه. | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:11 am | |
| القوي الأنبا موسى الأسود 330 - 405 م وثنى عابد للشـمس، وصـلاته لله الذي لا يعرفه يعتقد انه ولد ما بين سنة 330 وقد ولد عبداً فى مصر ولكن لأجل أخلاقة الشرسة ووحشيته ومعاملته السيئة للعبيد أمثاله طرده سيده خوفاً منه , ثم أنضم إلى قطاع الطرق والخارجين على القانون وكان أحيانا يتسأل نفسه عن الإله الحقيقى , فكان احيانا يصبح صباحا قبل شروق الشمس ويصلى إليها قائلاً إذا كنت أنت الإله الحقيقى أخبرينى , وفى يوم من الأيام سمع صوتاً يقول له أذهب إلى برية شهيت , وذهب إلى الإسقيط حيث أرض القديسين هناك وبعد أن تعرف على القديس مقاريوس والقديس أيسيدور St. Macarius and St. Isidore أعتنق المسيحية بعد أن كان وثنثاً ويعتبر هذا القديس القديس الأفريقى الذى الذى تعتز به قارة أفريقيا السوداء , وتتذكره الكنيسة القبطية الفريقية يوم 28 أغسطس بركة صلاتك يأبى القديس تكون معى ومعك ايها القارئ آمين أعماله : معسكر الشياطين والملائكة الإدانة وجوال الرمل المخرومالقديس موسي الأسود وطنى 5/7/2009م بقلم:المتنيح الأنبا غريغوريوس <TABLE id=ctl00_ContentPlaceHolder1_ctl00_tbl_Vedio cellSpacing=0 cellPadding=0 align=left> </TABLE> |
عندما نتكلم عن سيرة الأنبا موسي الأسود فإننا نذكر سيرته كوسيلة إيضاح لطريق الكمال في التوبة. حياته: الحياة الأولي لموسي الأسود كان زعيم عصابة لصوص,كان قتالا وسفاحا وأيضا لايعرف إلها,كان يعتمد علي بطولته الجسدية وكان طويل القامة جدا,لدرجة أنه عندما مات لم يجدوا صندوقا أو تابوتا يضعوه فيه من كثرة طوله,لذلك ثنوا رجليه,كان طويل القامة وكان عملاقا جسديا وكان قويا جسديا مثل أبطال المصارعات. كان يسير حسب شريعة الغاب,لايستطيع أحد أن يقف أمامه,يعيش علي السلب والنهب والسرقة والقتل,لايستطيع أحد أن يعترض طريقه,كان مرعبا ومخيفا وكان يسكن الجبال ,معه أتباعه.وتحت منه جنوده ممن تجمعوا حوله وصاروا تابعين له. يقظة ضميره: يحدث في بعض الأحيان للنفس البشرية حتي عند كبار المجرمين والسفاحين والقتلة بعض ومضات في لحظات معينة وذلك لأن النفس أصلا مخلوقة علي صورة الله,فلو عرف الإنسان أن يستغل هذه اللحظات ويمسك بطرف الحبل لاستطاع أن يخرج من مستنقع الخطيئة,لكن في أحيان كثيرة تفلت منه رأس الحبل ويرجع مرة أخري لحياة الخطيئة,وهذه اللحظات قد تمر كأنها حلم بالنسبة له,هذا ما حدث بالنسبة لموسي الأسود,في إحدي الليالي كانت السماء صافية,لم تكن هناك غيوم,كانت الليلة غير قمرية وكانت النجوم واضحة,فأنبا موسي في هذا الليل البهيم أخذ يحملق في السماء,فوجد النجوم متراصة في شكل هندسي,وفي هذه اللحظة أخذ يتأمل ما هذه القبة؟وما هذا الجمال,من الذي عمل كل ذلك,ماهذه الحكمة؟من هو ضابط هذا الكون؟من الذي يمسك زمامه ؟ولماذا لاتسقط هذه النجوم علي الأرض,ولماذا..؟ولماذا..؟وعندما شغله الموضوع وأراد أن يجد إجابة عليه,نزل من الجبل ليسأل أحدا من الناس,وكلما اقترب من أحد ليسأله يخاف منه ويهرب خوفا أن يقتله,فهو لا يتصور أن موسي الأسود يريد أن يسأله عن شيء,ولكن يتصور أن هذا مدخل لكي يقتله,فهرب منه كل من اقترب إليه. لجوئه إلي الدير: هذا الإحساس ضايقه جدا كإنسان,أحس أنه إنسان أصبح مكروها,وكإنسان لايقدر أن يعيش بمفرده بهذا الإحساس,كل هذا والسؤال يلح عليه ولكن لا إجابة وهنا عمل الله بدأ يعمل فيه,وبعد فترة من الحيرة أحد الناس رد عليه قائلا:إذا كنت تريد الإجابة علي هذه الأسئلة,هناك رهبان يعيشون بعيدا يستطيعون أن يجاوبوك علي هذه الأسئلة,فصدق هذا الكلام وذهب بعيدا في الصحراء يبحث عن هؤلاء الرهبان حتي وصل إلي أحد الأديرة,وطرق علي الباب فخرج المسئول عن البوابة وقال له:ماذا تريد؟فقال:أريد أن أقابل رئيس الدير,فقال له:رئيس الدير في الكنيسة,فقال له:هل تسمح لي أن أدخل الكنيسة؟فسمح له أن يدخل الكنيسة,الرهبان قد يكونو سمعوا عنه ولكنهم لم يروه من قبل,ولكن الراهب رأي رجلا طويلا جدا وقويا وأسود اللون مثل العبد,فدخل موسي الأسود الكنيسة فوجد رئيس الدير يعظ,ويشاء الله أن تكون العظة عن الدينونة وعن الحساب وعن الجزاء وعن المصير بعد الموت,فتعجب جدا,لأول مرة في حياته يسمع هذا الكلام,ارتعد وارتعب موسي الأسود من هذا الكلام عن الحساب والثواب والدينونة,وعلم أن فوق العالي عاليا والأعلي فوقهما,الإنسان المتغطرس المتكبر الطاغي الذي يذل غيره,عندما يعرف أن هناك يوما للدينونة يوما للحساب يتكسر كبرياؤه,ويعرف أنه له نهاية. توبته واعترافه: لم يتمالك موسي الأسود نفسه,لم يستطع أن ينتظر طويلا فسأل:والذي يريد أن يتوب؟فأجابه رئيس الدير:يندم ويعترف بخطاياه,فيبدأ طريقا جديدا,واستمر رئيس الدير في العظة فقاطعه موسي الأسود قائلا:أنا أريد أن أتوب الآن,فقال له رئيس الدير:انتظر حتي انتهي من العظة,فقال له:وإذا مت الآن!!فخجل الأب الرئيس وأنهي عظته وصرف الرهبان وقال له تعالي,ماهي حكايتك؟فأجابه:أنا موسي الأسود زعيم عصابة اللصوص السفاح,قتلت كثيرين بالمئات وبالألوف,اغتصبت وسرقت وعملت كل شيء شرير,لو مت الآن كيف أواجه إلهي؟كيف؟فأجابه:هناك طريق للتوبة ,طريق التوبة مفتوح,هناك رجاء,هناك باب في السماء مفتوح,قال له:هل معقول لي أنا؟قال له نعم.نعم,واللص اليمين الذي كان علي عود الصليب عندما رجع تائبا غفر له المسيح لأن الله أب وحنون,يمكن أن يقبل الإنسان إذا كانت هناك توبة صادقةمن يقبل إلي لا أطرحه خارجا. مغفرة الله لخطاياه: وأخذ موسي الأسود يسرد خطاياه بندامة وبكاء ودموع واحدة واحدة,وفي هذه الأثناء رأي راهب ملاكا علي مذبح الكنيسة ماسكا بورقة,وهذه الورقة كانت سوداء كالفحم الأسود,وعندما كان موسي الأسود يعترف علي الأب رئيس الدير بخطاياه كان الملاك يمر بإصبعه علي سطر واحد فإذا بالجزء الأسود يتحول إلي أبيض,وكلما امتد موسي الأسود في الاعتراف,كلما مر الملاك بإصبعه علي السطر الثاني فيصير أبيض,وظل علي هذه الحالة حتي انتهي موسي الأسود من الاعتراف, فإذا بالورقة تصبح أخيرا كلها بيضاء وبعد ذلك اختفي الملاك,هذا الراهب لم ير موسي الأسود وهو يعترف,ولكن عندما رأي هذه الرؤية ذهب وقصها علي رئيس الدير الذي عرف وتأكد من توبة موسي الأسود. رهبنته: بعد أن اعترف موسي الأسود بخطاياه كاملة وبندامة وانسحاق وإدانة لنفسه,قال لرئيس الدير وما مصيري بعد الآن؟هل أرجع مرة أخري للعالم,لا..قال أنا أقضي بقية حياتي في الدير,قال له رئيس الدير صعب عليك جدا,فأجابه لا..لابد أن أحاول وأن أجاهد,وأجهز نفسي للأبدية,أجهز نفسي للسماء,علي قدر ما أسأت ودنست نفسي بالخطيئة,علي قدر ما أجاهد,لتكون حياتي نقية طاهرة لكي أستطيع أن أعاين الله,أريد أن أكفر عن ماضي حياتي,قال له لاتقدر,فقال ساعدني,ساعدني بصلواتك وإرشاداتك وتوجيهاتك,كن أنت أبي,كن أنت مرشدي,كن أنت معلمي,فوافق رئيس الدير أن يبقي في الدير,حياة الرهبان في الدير حياة الزهد والنسك,والصوم العنيف,الصوم الانقطاعي الطويل يتمرسون عليه شيئا فشيئا إلي أن يصل فيه البعض أن يصوم أياما. موسي الأسود اشتهي هذا النوع من الحياة لكي يستطيع بالصوم أن يسيطر علي الجسد,الجسد الطاغي الذي امتلأ بالأكل والشرب والرغبات والشهوات والشغب,شغب الجسم,وحروب الجسد التي بسبب الأكل والشرب تلهب وتشتعل,وتحرق خواص النفس البشرية وتحول الإنسان إلي ماهو أحط من البهيمة,لأن البهيمة تعرف لنفسها حدا,البهيمة تأكل علي قدر احتياجها,لو ضربتها بعد ذلك لا تأكل,مستحيل,الحيوان يشرب الماء علي قدر احتياجه,لو ضربته بعد ذلك لايشرب,لأنه أخذ كفايته,إنما الإنسان باستمرار وفي كل شيء يأخذ أكثر من احتياجه.وكذلك في سائر الغرائز الأخري. هناك البعض في فترة قصيرة من التوبة يتغايرون في أعمال البر والقداسة والكفاح والنضال والعمل فيحصلوا في هذه الفترة القصيرة أكثر ممن يحصل غيرهم في عدد من السنين,ولذلك عمر الإنسان ليس بعدد سني حياته ولكن بعدد أيام حياته التي قضاها في عمل الخير,الحياة الروحية لابد أن تسير خطوة خطوة وتحت تدبير ونصعد درجة درجةلايكلل أحد إن لم يجاهد قانونيا. تدريجيا بدرجة غير محسوسة أخذ يقلل الأكل,وهذه حكمة الآباء,بالتدريج من أجل أن جسم وحياة موسي الأسود لا تخرب فيتقدم تدريجيا,ومن أجل أن لاتطغي عليه الكبرياء من الناحية الروحية,ومن ناحية الصحة الجسدية أيضا أخذ يتدرج معه أب الاعتراف حتي جاء وقت من الأوقات استطاع موسي الأسود أن ينقطع عن الطعام أسبوعا,أسبوعا,وبعد ذلك أسبوعين أسبوعين,وبعد ذلك سار في طريق الفضيلة وفي خط صاعد ورغم أن توبته من سن متأخرة استطاع أن يصل إلي أن يصبح موسي الأسود القديس الذي يشار إليه. هذا المثل وهذا النموذج أمامنا نقدمه من تاريخ الكنيسة,نموذج لحياة الإنسان الخاطيء جدا ولكن تاب,ثاب إلي رشده وسار في طريق الفضيلة الذي يعتمد علي أربع خطوات: الخطوة الأولي:الانسحاق والندامة,أن يلوم الإنسان نفسه,وأن يحكم علي نفسه وأن يدين ذاته. الخطوة الثانية:العزم الصادق علي تجديد السيرة,كلمة توبة بالعربي ثاب إلي,رجع إلي ,لابد من الرجوع,الرجوع هو تغيير الطريق,تمشي في الاتجاه العكسي,فإذا كانت حياتك ماشية في طريق,كيف تسمي توبة مالم ترجع عن هذه الحياة وتعدل عنها!!والعادات الرديئة وكل السيرة القديمة تعكسها,لذلك كلمةميطانيةبالقبطي أو باليوناني تعني تغير القصد وتغير النية وتغير الاتجاه,التوبة تغيير اتجاه,مالم يكن هناك تغيير اتجاه فلا توبة. الخطوة الثالثة: لابد أن يكون لك رجاء,فلا تيأس لأن هناك طريقا مفتوحا للتوبة. الخطوة الرابعة: أنت تعترف بخطاياك وأن تحكم علي ذاتك بمرارة ولاتبرر ذاتك,تعترف لله وليس للكاهن,تعترف لله علي يد الكاهن,انظر جيدا إلي هذا المصطلح,الاعتراف ليس اعترافا للكاهن,بل هو اعتراف لله علي يد الكاهن,الكاهن ممثل للسلطة الإلهية,لذلك لاتحول الاعتراف لدردشة ولعلاقات شخصية بينك وبين الكاهن,أنت في سر الاعتراف تسجد,فيه دموع,فيه بكاء,فيه انسحاق,فيه عزم صادق,فيه تعهد أمام الله تأخذه لكي لاتعود إلي طريق الخطية,فيه تجديد العهود مع الله,خذ الاعتراف مأخذ الوقار,اعترف لله علي يد الكاهن,كممثل للسلطة الإلهية مثل ما قال يشوع بن نون لعاخان بن كرمياعترف للرب وإليفالاعتراف للرب علي يد الكاهن كممثل للسلطة الإلهية ,من فم الكاهن يطلبون الشريعةلأنه الرسول,لرب الجنود,وليس | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:20 am | |
| من هو القديس أبى مقار ؟ تميز القديس مقاريوس بالحكمة فأطلقوا عليه اسم بيدار يوجيرون أي "الشاب الشيخ" أو "الصغير صاحب حكمة الشيوخ" وتميز أيضاً الأنبا مقار بأن له قدرة على استبطان الأمور، فبدت وكأنها روح نبوة، فأطلقوا عليه بالنبي اللابس الروح، أي حامل الروح القدس. وأستطاع أن يجمع في قطيعا للرب يسوع بين أعنف النماذج مثل موسى الأسود الذى كان قاطع طريق ، وأرق وألطف النماذج مثل زكريا الصبي الجميل أو أبوليناريا الراهبة السنكليتيكا (ربيبة القديسين) إبنة أحد رجال البلاط الملكي فكانت شخصيته عجيبة فريدة فى نوعها . ومن العجيب وجهه يضئ بالنعمة، وبصورة ملفتة للنظر، حتى أن آباءً كثيرين شهدوا بأن وجهه كان يضئ في الظلام ، فأطلقوا عليه أسم المصباح المضئ . وهذه الصفة أو هذه التسمية انتقلت إلى ديره ، فدُعى ديره بأسم مصباح البرية المضئ أو الدير المضئ، مكان الحكمة العالية والصلاة الدائمة . ولكن أعظم صفات أو مميزات القديس مقاره كانت القوة الإلهية الحالَّة عليه ، والتي دُعيت بالشاروبيم التي كانت مصدر قوته وإلهاماته وحسن تدبيره وسلطانه المخيف على الأرواح النجسة.
القديس مقاريوس يذهب إلى الإسقيط وبينما هو يصلي في بلدة شبشير (منوفية) التي رُسم كاهناً عليها راى رؤية خاصة ليذهب إلى مكان أسمه الإسقيط أي شيهيت (وادى النطرون) ، ولم تكن برية شيهيت غريبة عليه، لأنه كانت يتردد عليها في أيام صبوته مع قوافل الجمال التي كانت تعمل لحساب والده كاهن القرية ، إذ كانت تنقل النطرون من وادي النطرون إلى ترنوت (الطرانه الآن) على النيل، حيث كان يُحمل في المراكب ويصدر إلى فرنسا وبلاد أخرى كثيرة. وتحت تأثير الفرح من الرؤيا التي رآها، إذ ظهر له الشاروبيم بمنظر نوراني بهيج وشجعه، قام وسار إلى شيهيت حتى بلغه. ثم وقف حائراً يصلي ويطلب من الله أن يريه مكاناً لائقاً يسكن فيه، فقال له الرب على فم الشاروبيم: "هذه الإرادة هي لك، ها كل البرية أمامك لأني أخشى لئلا أعطيك وصية أن تسكن هنا أو هناك فيقاتلك الضجر أو الإضطهاد وتخرج من ذلك الموضع وتتجاوز الوصية فتخطئ. فليكن سكناك بسلطانك". وشجعه الشاروبيم وقال له: "إني سأكون معك كل وقت، كأمر الرب". كان القديس مقاره في ذلك الوقت قد بلغ من السن الأربعين عاماً من عمره، ولما كان مولده في سنة 300م. فتكون بداية توحده في شيهيت حوالي عام 340م.
القديس مقارة هو الذى انشأ دير البراموس وحفر القديس مقارة لنفسه مغارة وبدأ يتعبد بنسك كثير. وسرعان ما ذاع صيته واجتمع حوله عديد من المريدين الذين أحبوه حباً جماً بسبب أبوته وحكمته والنعمة التي كانت عليه. ومكث القديس أنبا مقار مكث في هذا المكان ما يقرب من عشرين سنة حتى اكتمل دير البراموس واكتظ بالمتوحدين الذين كانوا يعيشون في مغائر حول الكنيسة الرئيسية، إذ لم يكن هناك أسوار بعد . وقد قام القديس أنبا مقار في هذه المدة بزيارة القديس أنطونيوس مرتين، المرة الأولى عام 343م. والثانية عام 352م.
وقد تسلم من القديس أنطونيوس فضائله وتعاليمه لقيادة قطيع من الرهبان إلى الرب يسوع ، ومن ثم ألبسه أنطونيوس الإسكيم المقدس، وسلَّمه عكازه. فكان هذا نبوة عن تسلم مقاريوس رئاسة الرهبنة بعد أنطونيوس . وقد شهد له القديس أنطونيوس بأن قوة عظيمة كانت تؤازره بقوله له "إن قوة عظيمة تخرج من هاتين اليدين". وتردد القديس مقاريوس على اقليم نتريا - حيث كانت جماعة الرهبان بقيادة القديس آمون، ليصلي في الكنيسة هناك كلما أراد الشركة في جسد الرب ودمه، لأنه لم تكن قد بنيت كنيسة في شيهيت إلا بعد زيارة القديس مقاريوس الثانية للقديس أنطونيوس أي سنة 352م.
*********************************************************************
ف
| |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:22 am | |
| ى جريدة وطنى بتاريخ2 /4/2006م السنة 48 العدد 2310عن مقالة بقلم المتنيح العلامة الأنبا غريغوريوس القديس مقاريوس الكبير (1) - من 301-391م كتب فيها : " يعرف هذا القديس بمكاريوس المصري تمييزا له عن آخر يعرف بمكاريوس الإسكندري أو الإسكندراني وثالث يعرف باسم مقاريوس الأسقف -فالثلاثة من كبار الرهبان- ويذكرون معا باسم ثلاثة المقارات القديسين. والمعروف عن القديس مقاريوس المصري أنه الأشهر بين الثلاثة,ولذلك يسمي بمقاريوس الكبير أو (أبو مقار),وهو صاحب الدير العظيم المنسوب لاسمه (دير أبو مقار),ويعد من أقدم أديرة وادي النطرون في الصحراء الغربية جنوبي الإسكندرية,أو بالقرب من كيلو 92 في الطريق الصحراوي بين القاهرة-والإسكندرية. والقديس مقاريوس المصري (أو أبو مقار) هو أول من سكن من الرهبان وادي النطرون,ولذلك يعد أبا لرهبان وادي النطرون جميعا,وصار الوادي كله ينسب إليه,فيسمي برية مقاريوس أو إسقيط مقاريوس.وكلمة (إسقيط) ترجع إلي الكلمة اليونانية التي تقبطت بمعني (الناسك),فاصبحت البرية كلها منسوبة إلي الناسك مقاريوس المصري. ومقاريوس المصري هو المنشئ للنظام الرهباني النسكي الذي انتشر بفضله في كل وادي النطرون.ومن هنا فمقاريوس المصري هو المؤسس الحقيقي لجميع أديرة وادي النطرون.وجميع الرهبان في هذا الوادي هم من تلاميذه,عشقوا الحياة الرهبانية بسببه وتتلمذوا عليه متمثلين به,فكان لهم جميعا هو الأب والراعي والمثل الأعلي والقدوة والمثال والأمثولة.وبفضله تجمع الرهبان في حياته وكانوا أعدادا كبيرة يقدرون في التاريخ بعشرات الآلوف. وكما سمي القديس أنطونيوس المصري بـ(أبو جميع الرهبان) في الصعيد,صار القديس مقاريوس المصري يعرف بـ(أبو جميع رهبان وادي النطرون أو نيتريا). والقديس مقاريوس المصري هو ذاته تلميذ القديس أنطونيوس المصري,فقد بدأ حياته معه وأخذ عنه,وتتلمذ عليه,ونال بركته,وهو الذي ألبسه إسكيم الرهبنة قبل أن يذهب شمالا ليكون مؤسس رهبنة نيتريا أو وادي النطرون.وفارق السن بين الراهبين القديسين هو خمسون سنة,فقد كان القديس أنطونيوس شيخا عندما عرفه مقاريوس وتتلمذ عليه,ولذلك كان مقاريوس امتدادا لشخصية معلمه أنطونيوس في تقواه ونسكه وزهده وصبره الطويل علي نسكيات العبادة من صوم انقطاعي طويل وعنيف,وصلاة بلا انقطاع,وتدريبات شديدة علي أنواع الإماتات الحسية,والسيطرة علي الميول الجسدية,والشهوات البدنية,والرغبات المادية,والارتباطات والعلاقات الأرضية,والارتفاع فوق الأنانية والذاتية ومحبة القنية أو التملك بل وفوق الأنية والفردانية والتسامي فوق ضروب الانفعالات من غضب ولذة,وتأثر بالمدح أو الذم وإحساس بالكرامة الشخصية وهي صورة من صور الذاتية والآنية,وذلك للاندماج في الروحانية الصافية,نتيجة الشخوص في الله شخوصا دائما,وبلوغ ما يعرف بالفناء والبقاء بعد الفناء,فيفني الراهب العابد العاشق لله عن ذاته ولكنه مع ذلك يبقي,ولكن لا يبقي في ذاته ولذاته,وإنما يبقي في الله ولله.وهي هذه التدريبات التي يمارس فيها العابد الناسك ممارسة عملية باطنية جوانية العبارة الإنجيلية:لأني مت...لأحيا لله.مع المسيح صلبت,فما أنا أحيا بعد,بل المسيح يحيا في.وإذا كنت أحيا الآن في الجسد,فحياتي هي في الإيمان (غلاطية2:20,19). ولد القديس مقاريوس المصري في سنة 301م في بلدة (شبشير) إحدي بلاد المنوفية (وهي قريبة من منوف) وتسمي الآن شبشير أطملاي.ولد من أبوين مسيحيين تقيين,أب كان قسيسا اشتهر بالورع والفضيلة والعطف والبر بالفقراء وأصحاب الحاجات اسمه إبراهيم وأم طيبة تقية ممدوحة السيرة في بلدتها اسمها سارة,وكانا لسنوات ليس لهما ولد,وحدث أن اعتدي بعض اللصوص علي منزلهما وسلبوهما كل ممتلكاتهما,لكن الله لم يتركهما,وفي إحدي الليالي رأي القسيس في منامه النبي إبراهيم الخليل يعزيه عما فقده من مقتنيات ويبشره بأن امرأته ستحبل وتلد أبنا صالحا وسيكون له شأن عظيم,وسيشيع ذكره في كل مكان ويكون أبا روحيا ومرشدا لكثيرين,وقائدا لعباد يخدمون الله علي نحو خدمة ملائكة السماء,يقومون علي عبادة خالقهم آناء الليل وأطراف النهار,عبادة متواصلة بغير انقطاع,وقال له إبراهيم الخليل إن يسمي ولده باسم (مقار) أو مكاريوس ومعناه سعيد أو مبارك لأنه سيكون سعيدا بروحانيته وبرعاية الله له,وسيسعد الآخرين بحسن إرشاده وتوجيهه. وتحقق وعد الله,فحبلت سارة وولدت مقاريوس,وتربي الطفل في مخافة الله,وكبر وصار يساعد أباه في خدمة الحقول والمزارع.وبارك الله مقاريوس وأبويه,وتبدل فقر العائلة إلي خير وبركة,وصار للعائلة غنم وماشية وخيرات كثيرة,وأخذوا يحسنون منها ويتصدقون علي الفقراء والمساكين,وازدادت محبة الناس لهم.وأما مقاريوس فقد نال رضاء أهل البلدة جميعا,فأتوا به إلي الأسقف فرسمه شماسا (قارئا) في الكنيسة للفصول المقدسة , ولم يكتفوا بهذا,بل أراد الكهنة والشعب أن يرسموه قسيسا ليقوم بالخدمة الدينية في سلك الكهنوت . ولكن قبل أن يرسم قسيسا كان لابد أن يتزوج.فلا زواج بعد الرسامة,وهنا أجمع الكهنة والشعب علي ضرورة زواجه من امرأة , وكذلك ألح الأبوان عليه بالزواج شأن كل الوالدين الذين يسرهما أن يريا ولدهما له زوجة وأسرة . أما هو فأبي بشدة واعتذر بعدم رغبته في الزواج,واعتزامه علي التبتل والعفة الكاملة وأن يكون مقدسا لله روحا وجسدا.ولكن أحدا لم يصغ لرغبته فألزموه بالزواج وعقدوا له علي امرأة فاضلة من أهل بلدته,فرضخ للأمر علي مضض,ولكنه لم يقترب إليها ولم يمسها بل لم ينظر إليها...واستأذن أباه بعد أيام قلائل في أن يمضي بجمال أبيه مع الأجراء يحملون النطرون من جبل النطرون إلي مصر,وقد صار يقوم بهذا العمل مرارا مع الجمالين حتي عرف هو نفسه بين أهل قريته باسم مقاريوس الجمال.وفي إحدي الليالي,وكان نازلا بالجبل مع الجمالين,وكان متعبا فنام,رأي في منامه كائنا نورانيا يقول له:إن الله يقول لك إنني أعطيك هذا الجبل ميراثا لك,وسيكون لك بنون روحانيون ينقطعون لعبادتي...ثم قال له:انهض الآن من نومك,وأمض بسلام إلي موضعك...فاستيقظ مبهورا,مذهولا,وبدا عليه الشرود في الفكر,فسأله رفاقه وأصحابه عما أصابه,فلم يجبهم بشئ,وبعد ثلاثة أيام من الرؤيا رجع من جبل النطرون إلي بيته فوجد زوجته مريضة بحمي شديدة,وما لبثت حتي ماتت وهي بتول طاهرة. أما مقاريوس,فقد ظل في بلده يعمل بنشاط ليعول أسرته.وكان أبوه قد طعن في السن,وصار مقاريوس يخدم أباه في شيخوخته كما كان في الوقت نفسه يوزع الصدقات علي الفقراء ويخدم الأرامل والأيتام حتي أحبه جميع الناس,ولم يعد أحد من أسرته أو من أهل قريته يحدثه في موضوع زواجه,وكان يقضي في المساء وقتا طويلا في الصلاة والعبادة,فالعبادة كانت له لذة ومتعة وتعليما. فلما توفي أبوه,لاحظت أمه العجوز أنه قد بدأ يوزع كل ما يملك علي الفقراء وأصحاب الحاجات,فلامته أمه علي ذلك,وقالت له : ما هذا الذي تصنعه يا ولدي؟ إنك إذا بددت كل مالك صرت محتاجا لآخرين,وأنت لاتزال بعد شابا,فلم يسفه نصيحة أمه ولم يحزن قلبها,بل وافقها,وقال لها:سأعمل بنصيحتك,ولا أعصي لك أمرا... وبعد ستة أشهر ماتت أمه فدفنها إلي جوار أبيه...وأقبل العيد,فأولم وليمة دعا إليها الفقراء ترحما علي أبيه وأمه. قصد مقاريوس بعد ذلك إلي راهب متوحد بالقرب من قريته.وبات عنده في صومعته.ورأي المتوحد,وهو يصلي,رؤيا جميلة...رأي مقاريوس وجموعا من الرهبان محدقة به,وكلهم يضيئون وعلي أكتافهم أجنحة كالطيور...ففهم الراهب المتوحد مغزي هذه الرؤيا...ثم بارك المتوحد الشاب مقاريوس,وصرفه من عنده,وقال له:ما اعتزمت عليه سر فيه,فإن دعوتك هي من الله.فمضي مقاريوس وفرق كل ما بقي معه من ماله ومقتنياته علي الفقراء والمساكين,ثم ذهب فسكن في صومعة خارج القرية متعبدا في هدوء وسكون. علي أن أهل قريته لم يتركوه في هدوء,وإنما رغبوا في رسامته قسيسا ليخدمهم,فحملوه علي الرغم منه وساقوه إلي أسقفهم,فرسمه قسيسا...وروي مقاريوس فيما بعد أنه آثر الوحدة علي الخدمة,قال:وإذ لم أوثرأن أتقلد هذه الرتبة (القسيسية) هربت إلي مكان آخر. وبينما هو يصلي ظهر له ملاك من السماء بنور عظيم وأرشده إلي المكان الذي يستقر فيه,وقاده بيده فسار مسيرة يومين أو يزيد إلي أن جاء به إلي برية وادي النطرون.ولما طلب مقاريوس من الملاك أن يعين له المكان الذي يحفر فيه مغارته ليتعبد فيها,قال له الملاك:ها هي كل البرية أمامك...فحفر له مغارة في الصخر...لم يلبث حتي تركها لغيره ممن بدأوا يتوافدون عليه...وهكذا تعددت المغارات والصوامع بكثرة عدد الذين أقبلوا عليه يطلبون إرشاده,ويسيرون مسيرته.
***************************
ذكرت جريدة وطنى 9 /4/2006م السنة 48 العدد 2311 وسمع بسيرة القديس الأنبا أنطونيوس المصري في الجبل الشرقي بالقرب من البحر الأحمر,واشتهي أن يلتقي به,وفعلا سار إليه علي قدميه ليسترشد به.ولما وصل إلي المكان قبله الأنبا أنطونيوس,ولم يوار نفسه عنه,بل فرح به وقبل رأسه,وكان قد علم مسبقا بالروح بمجيئه إليه,كما علم باستقامة قلبه,فشجعه علي حياة العزلة والروحانية والعبادة الحارة.ولما طلب إليه مقاريوس أن يقيم عنده,ذكره بأن يلزم المكان الذي أرشده إليه الملاك لأن له في هذا المكان رسالة ليصير أبا ومرشدا وإماما لكثيرين.وقال له الأنيا أنطونيوس:فليصر كل واحد منا في الموضع الذي دعاه الرب إليه.فأطاع مقاريوس نصيحة الأنبا أنطونيوس,ولكنه أقام عنده أياما,كاشفه بما في قلبه,وسأله التوجيه والإرشاد كمعلم كبير سبقه في ميدان الجهاد الروحاني مع النفس ومع القوات الروحية المضادة من الشياطين والأرواح النجسة,فأجابه علي أسئلته ورسم له طريق العبادة,وعلمه أن للحياة الرهبانية مقاماتها في سلم صاعد,وعلي العابد أن يكون متزنا رصينا,ولا يكون عجولا,وأن يبدأ الطريق من أوله,ولا يقفز إلي مقام أعلي من مقامه إلا إذا أقام في المقام الأدني وقتا كافيا,وقد شبع منه وارتوي,وبلغ فيه النضج وصار مالكا فيه لنفسه وعلي يقين من نفسه,لئلا يجمح ويجنح إلي الغرور والصلف فيرتد ويسقط ويفشل,وهكذا أخذ الأنبا أنطونيوس يزوده بنصائح من خبراته الطويلة,ويهديه إلي سبيل النصرة والغلبة علي حروب النفس وحروب الجسد,وعلي حروب الشياطين,ثم ألبسه إسكيم الرهبنة,وصرفه من عنده بسلام ليذهب إلي المكان الذي أرشده الملاك إليه ليصبح فيه قائدا ومرشدا ومعلما ومدبرا لحياة الكثيرين ممن يقصدونه ليتعلموا منه طريق النمو الروحاني للوصول إلي مقام المشاهد الطوباوية والاتحاد بالله بعد طريق طويل شاق في إماتة الميول والرغبات الحسية والانفعالات البشرية حتي تسقط عن العابد كل رغبة ذاتية,وتصبح إرادة الله هي إرادته ومشيئة الله هي مشيئته,وهو مقام الفناء,والبقاء بعد الفناء. وعاد القديس مقاريوس إلي برية وادي النطرون,وأخذ يمارس ضروب العبادة والتقشف كما علمه الأنبا أنطونيوس,وكما أرشده روح التقوي التي تملكته وكأنه لم يخلق إلا لعبادة الله,ولم يكن له من مثل أعلي يحتذيه إلا خدمة الملائكة في السماء الواقفين أمام عرش الله يعبدونه ويخدمونه منذ بدء الخليقة. والواقع أن هذا هو المفهوم الحقيقي للرهبنة المصرية...فالراهب عابد لله وحده,وخادم واقف علي خدمة سيده طوال حياته,وقد رغب في أن يكون كالملاك في السماء.ومن هنا سمي الرهبان بـملائكة أرضيين أوبشر سمائيين وسميت الرهبنة بخدمة الملائكة وطريق الكمال. وفي البرية واصل مقاريوس الجهاد الروحاني,فكان يجاهد الشيطان عن نفسه,بالصلوات الدائمة والأصوام الطويلة,والهذيذ في المزامير والتسابيح وأقوال الكتب المقدسة.وتحقق له الصفاء الروحاني,والشفافية ووصل إلي مقام الثيئورية (أي المكاشفات والرؤي الإلهية)...ووهبه الله موهبة شفاء المرضي,فكان يصلي عليهم ويدهنهم بزيت فيبرأون,وشهد عنه القديس أنطونيوس بقوله:إن الأب مقاريوس أعطاه الله نعمة الشفاء ثم وهبه الله أيضا بعد كل تلك المجاهدات الروحانية سلطانا علي إخراج الشياطين والأرواح النجسة من المجانين والمصروعين.وذلك بالصلاة عليهم ودهنهم بالزيت المصلي عليه,وكذلك بصلواته كان يبطل قوة السحر والأعمال السحرية الشيطانية,ويعود الإنسان سليما معافي وقد نجا وتخلص من أثر السحر وأعمال السحر علي روحه ونفسه وجسده. ووهبه الله موهبة النبوءة,فصار يخبر بأمور آتية... وبسبب سيرته ومواهبه الكثيرة أقبل إليه إناس كثيرون,قصدوا إلي البرية وتتلمذوا عليه,هذا غير أعداد كبيرة ممن قصدوا إليه من أهل العالم لينتفعوا به ويستفيدوا من صلواته وبركاته. وشاء الله أن يقصد إليه أناس لا من مصر وحدها,في شمالها وجنوبها,بل قصد إليه كثيرون من بلاد أخري خارجية ممن سمعوا عنه:من فلسطين والشام ومن بلاد السودان والنوبة وكل أقاليم أفريقيا,بل أيضا من إيطاليا وإسبانيا وآسيا الصغري وغيرها.وممن قصدوا إليه ابنا الملك فالنتينيانوس الأول قيصر الغرب (364-375) وهما مكسيموس ودوماديوس,وإليهما ينتسب دير البراموس وهو أقدم دير بناه القديس مقاريوس -وتعد كنيسة دير البراموس لهذا أقدم كنيسة بنيت في برية مقاريوس- وكلمة البراموس كلمة قبطية تعني الخاص بالروم-أو الرومانيين) فكان حقا نورا وهاجا أضاء في ظلمات الليل,وجذب برائحته الزكية وسيرته العطرة ومواهبه الروحانية,المئات والألوف وعشرات الألوف,فتحولت بسببه الصحراء القاحلة إلي دوحة فيحاء تآوت تحت أغصانها جماعات من كل شعب وأمة تحت السماء,وهربت منها الشياطين والأرواح المقدسة وأصبحت موئلا للملائكة والأرواح المقدسة,وصارت تسمع في جنباتها الترانيم والتسابيح والأغاني الروحية والصلوات بغير انقطاع. وعلي غير ما يتوقعه الناس,وعلي غير ما يستدل من المنطق البشري,فإن الرجل الذي أخفي نفسه في أعماق الصحراء طلبا للهدوء والسكون والعبادة الصامتة,صار الرجل,علي غير ما كان يرجو هو نفسه أن يكون,شهيرا وعلما عاليا علي ربوة,معروفا ومرموقا,وأصبح الرجل الذي هرب من الخدمة بين الناس خادما للناس علي أروع وأعمق وأسمي ما تكون الخدمة للناس. أن سيرة القديس مقاريوس ومن قبله سيرة القديس أنطونيوس كشفت عن حقيقة إنسانية أن من يبدأ خدمته بين الناس بخدمة الناس قد يتحول إلي زعيم شعبي يحبه الناس ويمدحونه ويكرمونه...أما الذي يبدأ خدمته بخدمة الله,في عبادة صامتة خفية,وبهذه العبادة يصفو ويتطهر من بواعثه الشخصية ودوافعه الذاتية,وبها يرتفع ويسمو فوق كل انفعال,يتحول بالتدريج ودون أن يشعر إلي خادم لجميع الناس,ولكن خدمته للناس في هذه الحالة ستكون في إطار خدمته لله بروحانية صافية وتكون خدمته بغير هوي,خدمة للخير في ذاته,وهذا أرقي مقام للخدمة بين الناس,بعد أن تكون قد أصبحت خدمة لله,ومن أجل الله,ومن أجل خير القريب ويكون الإنسان قد صار في خدمته شبيها بالله ذاته والله صانع الخيرات,أو هو علي ما يسميه أرسطو هو الخير الأعظم وربما لهذا يسمي بالإنجليزية God اللفظ المشتق من Good وبالألمانية Gott المشتق من Gute أي الخير-أو الجودة. وفي سنة 375م نفي القديس مقاريوس المصري ومعه القديس مقاريوس الإسكندراني وآخرون من قادة الرهبان وأئمتهم إلي جزيرة بأعلي الصعيد قيل إنها جزيرة فيلي,وفي زمن الأمبراطور-أريوسي العقيدة فالنس أو والس VALENS الذي أمر باضطهاد الأرثوذكس في كل أنحاء مصر فزحف لوكيوس الأريوسي ومعه رئيس الجند وفرق كثيرة من الجند إلي كل أديرة مصر,وقبضوا علي مقاريوس المصري وآخرين من كبار الرهبان وأرسلوهم إلي جزيرة فيلي التي تغمرها المستنقعات,وكان كل سكان تلك الجزيرة وثنيين يعبدون الأوثان,فما أن رسا الرهبان علي الجزيرة حتي ذهبت إليهم ابنة كاهن الجزيرة الوثني وكان بها شيطان وأخذت تصيح قائلة:من أين أتيتم إلينا يا خدام الله العظيم؟ فانتهر القديس مقاريوس الشيطان فيها,فعادت سليمة العقل,وللحال اعتنق أبواها المسيحية وكل أهل بيتها,وكل سكان الجزيرة,وحولوا المعبد الوثني إلي كنيسة مسيحية.ولما علم لوكيوس بذلك حزن حزنا شديدا,ثم أرسل أوامر سرية بإرجاع القديس مقاريوس وزميله الإسكندراني والآخرين إلي محل إقامتهم في البرية,فعادوا نحو سنة 376م. وفاة القديس مقاريوس وبلغ القديس مقاريوس من العمر عتيا.وعاش أكثر من تسعين سنة وقيل إنه عاش نحو 97 عاما,وهزل وضعف من كثرة النسك والجهاد الروحي,وأصيب بحمي شديدة,وكان ينام علي حصيرة وبات عاجزا عن النهوض من مكانه,واجتمع حوله أولاده الرهبان,فأخذ يوصيهم بمواصلة الثبات في الفضيلة ومداومة الصلاة بغير انقطاع,وقال لهم وهو يودعهم إنه لم يؤخر عنهم شيئا من الفوائد,وأعطاهم من خبراته واهتمامه,كل ما كان يملك أن يعطيه,فحزنوا جميعا وبكوا إذ أدركوا أنه أشرف علي نهاية حياته. وفي تلك الليلة بينما هو يصلي ظهر له اثنان منيران عليهما سحنة روحانية وسعادة وإشراق,وسألاه إذا كان يعرفهما:فعرف أحدهما وهو القديس أنطونيوس الكبير,وعرفه القديس أنطونيوس بالآخر الذي يرافقه وقال عنه:إنه الأب باخوم وهو المعروف بالأنبا باخوم أبي الشركة,وهو مؤسس النظام الرهباني الديري المعروف بنظام الشركة أو الحياة المشتركة (*) وأعلماه أن رحلة حياته علي الأرض هي في نهايتها,وأنه سيلحق بهما بعد تسعة أيام. وفعلا في الليلة الثامنة لظهور القديسين أنطونيوس وباخوم ظهر له الملاك ومعه جموع من الروحانيين من القديسين,ودعاه إلي الخروج من الجسد,وقال له:إن هؤلاء كلهم ينتظرونك.عند ذاك أسلم القديس مقاريوس روحه بيد الملاك,وكانت وفاته في السابع والعشرين من شهر برمهات القبطي سنة 108 للشهداء,فبكاه من كان حاضرا وفاته من أولاده,وسمع الباقون فاجتمعوا في الكنيسة وصلوا عليه,وتباركوا من جسده وقبلوه.وبعد أن دفنوه أنصرفوا كل واحد إلي صومعته,وخلفه في المسئولية العامة تلميذه بفنوتيوس أو ببنوده (=عبد الله) وتعيد الكنيسة القبطية لوفاة القديس مقاريوس في السابع والعشرين من الشهر القبطي ويوافق الخامس من أبريل. ولما علم أهل قريته شبشير بوفاته عقدوا النية علي أن يحملوا جسده إلي بلدتهم...فانتظروا زمانا وأتوا سرا إلي برية القديس مقاريوس,وتمكنوا من سرقة جسده,وحملوه إلي قريتهم بفرح كبير,وبنوا كنيسة في الجانب الغربي من القرية,ووضعوا جسد القديس مقاريوس إلي جانب المذبح.
(*) نظام الشركة أنشأه الأنبا باخوم ليكون طريقا وسطا بين حياة العالم في المجتمع الكبير وبين حياة التوحد المطلق.فقد رأي الأنبا باخوم أن حياة التوحد المطلق لمشقتها تصعب علي المبتدئين في حياة الرهبنة,وقد تؤدي بهم إلي الفشل فضلا عما يتعرضون له من مشاق وصعوبات أضرت بصحة الكثيرين,فرأي إنشاء نظام الشركة,وهو حياة اجتماعية لا انفرادية,لرهبان مبتدئين يصلون معا,ويعملون معا,ويأكلون معا,ويسكنون معا,ولهم في حياتهم المشتركة نظام دقيق,في اليقظة والنوم,والعمل,والأكل...ومحظور علي أحد منهم أن ينفرد بسيرة حياته,ومن يخرج علي النظام المرسوم يطرد من الدير -ويعد العمل اليدوي من مقومات نظام الشركة...وكان التصنيع من أبرز خصائص النظام الديري الباخومي- وكان بين الرهبان خبازون,وبناؤون,ونجارون,وزراع,ودباغون,وحدادون,وصناع لسائر الحرف اللازمة ومنها صناعة الأسبتة والخيرزان والصناعات الجلدية وتجليد الكتب, والزخارف,والحياكة,وتطعيم أحجية الكنائس وما إلي ذلك... ويتبين نظام الشركة بالأكثر عند مقارنته بنظام الرهبنة الأنطوني الذي بموجبه يحيا كل راهب منفردا في صومعة أو مغارة له نظامه الخاص المستقل في عبادته وأكله ونومه.ومهمة أب الدير أن يطوف بالرهبان من وقت إلي آخر للإرشاد والتوجيه ولكن من دون أن يجمعهم في حياة مشتركة أو مجتمع واحد.
</TD></TR></TABLE> | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:23 am | |
| الأنبا بيشوىالرب يختاره وُلد القديس الأنبا بيشوى في شنشا قرية بمحافظة المنوفية حوالي سنة 320م وكان أحد ستة اخوة بنين تنيح والدهم وقامت والدتهم بتربيتهم رأت الأم ملاكًا يطلب منها: "إن الرب يقول لكِ اعطني أحد أولادكِ ليكون خادمًا له جميع أيام حياته" وكانت إجابتها: "هم جميعهم للرب يا سيدي الذي يريده يأخذه" مدّ الملاك يده ووضعها على هذا القديس وهو يقول: "هذا فاعل جيد للرب" وإذ كان ضعيف البنية نحيف الجسد سألته أن يختار آخر وكانت الإجابة: "إن قوة الرب في الضعف تكمل" رهبنته في شيهيت إذ بلغ العشرين من عمره في عام 340م انطلق الشاب بيشوي إلى برية شيهيت ليتتلمذ على يديْ القديس أنبا بموا تلميذ القديس مقاريوس وقد عكف القديس على العبادة في خلوة دامت ثلاث سنوات لم يفارق فيها قلايته فنما في الفضيلة والتهب قلبه حبًا لله حياة الوحدة إذ تنيح الأنبا بموا اتفق تلميذاه أنبا بيشوي وأنبا يحنس القصير أن يقضيا ليلة في الصلاة يطلبان إرشاد الله وكان من ثمرتها أن ظهر ملاك لهما وطلب أن يبقى القديس يحنس في الموضع وحده فأطاع الأنبا بيشوي وخرج من الموضع مفارقًا صديقه وصنع لنفسه مغارة بقرب الصخرة القبلية تبعد حوالي ميلين عن القديس يحنس جهــاده إذ كان محبًا للصلاة صنع ثقبًا في أعلى المغارة جعل فيه وتدًا وأوثق فيه حبلاً ربط به شعر رأسه حتى إذا غلبه النعاس وثقلت رأسه يشدها الحبل فيستيقظ أما من جهة الصوم فصار يتدرب عليه حتى صار يصوم طوال الأسبوع ليأكل يوم السبت وقد امتزجت صلواته وأصوامه بحبه الشديد لكلمة الله فحفظ الكثير من أسفار الكتاب المقدس وكان لسفر ارميا مكانة خاصة في قلبه قيل انه كثيرًا ما كان يرى ارميا النبي أثناء قراءاته للسفر وقد دُعيّ "بيشوي الإرميائي" أما عن العمل اليدوي فكان يراه جزءًا هامًا لبنيان حياته الروحية حياته الروحية وقد آمن بأن من لا يعمل لا يأكل وقد روى عنه صديقه القديس يحنس القصير أن أحد الأغنياء جاء إليه بمال كثير يقدمه له أما هو فقال له: "ليس لسكان البرية حاجة إلى الذهب وليس لهم أن يأخذوا منه شيئًا امضِ إلى قرى مصر ووزعه على الفقراء الرب يباركك" وإذ مضى الرجل ودخل القديس قلايته لاقاه إبليس وهو يقول: "لقد تعبت معك جدًا يا بيشوي" أجابه بإيمان: "منذ سقطت وتعبك باطل" شركته مع ربنا يسوع خلال قلبه النقي البسيط كان يلتقي بالسيد المسيح على مستوى الصداقة يدخل معه في حوار وينعم بإعلاناته الإلهية وينظره قيل إنه إذ كان مثابرًا في نسكه الشديد وصلواته ظهر له السيد المسيح ليقول له: "يا مختاري بيشوي السلام لك قد نظرت تعبك وجهادك وها أنا أكون معك" مرة أخرى إذ ظل قديسنا صائمًا مدة طويلة ظهر له السيد وقال له: "تعبت جدًا يا مختاري بيشوي" فأجابه القديس: "أنت الذي تعبت معي يا رب أما أنا فلم أتعب البتة" مرة ثالثة ظهر له السيد وقال له: "افرح يا مختاري بيشوي أتنظر هذا الجبل؟ إني أرسل لك رهبانًا يملأونه ويعبدونني" قال له القديس: "أتعولهم يا رب في هذه البرية؟" أجاب الرب: "إن أحبوا بعضهم بعضًا وحفظوا وصاياي فإنني أرزقهم وأعولهم في كل شيء" قال له: "هل تنجيهم من كل الشدائد المذكورة في الإنجيل؟" فقال له الرب: "الذي يخافني ويحفظ وصاياي أخلصه وأنجي من يطيعني من كل تجاربه" ثم باركه وارتفع ظهر له السيد المسيح تحف به الملائكة فسجد له القديس ثم أخذ ماءً وغسل قدميه وعزاه الرب وباركه واختفى شرب القديس من الماء وترك نصيبًا لتلميذه وإذ جاء التلميذ طلب منه القديس أن يشرب من الماء الذي في الإناء داخل المغارة وألحّ عليه وإذ لم يطع ذهب أخيرًا ليجد الإناء فارغًا روى له القديس ما حدث فندم التلميذ وصار في مرارة من أجل عدم طاعته إذ كان الرهبان يعرفون عن القديس أنه يرى السيد المسيح مرارًا طلبوا منه أن يشفع فيهم لينعموا برؤيته مثله وإذ سأل ذلك من أجلهم وعده الرب أنه سيظهر على الجبل في ميعاد حدده ففرح الإخوة جدًا وانطلق الكل نحو الجبل وكان القديس بسبب شيخوخته في المؤخرة التقى الكل بشيخ تظهر عليه علامات الإعياء والعجز عن السير فلم يبالِ أحد به أما القديس أنبا بيشوي فاقترب منه وسأله إن كان يحمله وبالفعل حمله وسار به ولم يشعر بالتعب فجأة صار الشيخ يثقل عليه شيئاً فشيئًا فأدرك أنه السيد المسيح جاء في هذا الشكل فتطلع إليه وهو يقول له: "السماء لا تسعك والأرض ترتج من جلالك فكيف يحملك خاطئ مثلي؟" وإذا بالسيد المسيح يبتسم له ويقول له: "لأنك حملتني يا حبيبي بيشوي فإن جسدك لا يرى فسادًا" ثم اختفى ولا يزال جسده محفوظًا بديره لا يرى فسادًا وإذ عرف الإخوة بما حدث حزنوا إذ عبروا بالشيخ ولم ينالوا بركة حمله لقاء مع مار إفرآم السرياني فبثارة الروح القدس جاء إليه القديس إفرآم السرياني بناء على دعوة إلهية التقيا معًا وكان مار إفرآم يتكلم بالسريانية والأنبا بيشوي بالقبطية لكن الأخير سأل الله أن يعطيهما فهمًا فكانا يعظمان الله دون حاجة إلى مترجمٍ سمع القديس مار إفرآم السرياني من الأنبا بيشوي عن خبرة آباء مصر الرهبانية وخاصة سيرة القديس مقاريوس الكبير وبعد أسبوع رحل جاء أخ إلى القديس أنبا بيشوي طالبًا أن ينال بركة مار إفرآم وإذ عرف إنه رحل أخذ يجري لكي يلحق به لكن القديس بيشوي ناداه وقال له إنه لن يلحق به لأن سحابة قد حملته جاء عن أنبا إفرآم أنه ترك عكازه أمام مغارة القديس أنبا بيشوي زيارة الملك قسطنطين له إذ مضى القديس يحنس القصير إلى صديقه أنبا بيشوي سمعه وهو خارج القلاية يتحدث ولكن لما قرع الباب وفتح له لم يجد أحدًا فسأله عمن كان يتحدث معه فأجاب: "قسطنطين الملك حضر عندي وقال: ليتني كنت راهبًا وتركت ملكي فإني لم أكن أتصور هذه الكرامة وهذا المجد العظيم الذي للرهبان إني أبصر الذين ينتقلون منهم يُعطون أجنحة كالنسور ولهم كرامة عظيمة في السماء" إسحق الذى تهود كان للقديس تلميذ يُدعى إسحق نزل إلى العالم والتقت به امرأة يهودية أغوته فتهوّد وعاش معها إذ رأى إسحق بعض الرهبان سألهم عن القديس أنبا بيشوي وطلب منهم أن يقولوا له: "ابنك إسحق اليهودي سقط ويطلب منك أن تصلي لأجله لكي ينقذه الرب" وإذ سمعت المرأة ذلك قالت: "ولو حضر بيشوي إلى هنا لأسقطته" رجع الرهبان إلى أبيهم ونسوا ما حدث فقال لهم القديس: "ألم يقل لكم أحد كلامًا لأجلي؟" أجابوا": "لا" قال لهم: "ألم تلتقوا بإسحق اليهودي؟" عندئذ قالوا له ما حدث فتراجع إلى خلف ثلاث خطوات وفي كل مرة يرشم نفسه بعلامة الصليب تعجب أولاده من ذلك وقالوا له: "حتى أنت يا أبانا تخاف من هذه المرأة؟" أجاب في اتضاع: "يا أولادي إن المرأة التي أسقطت آدم وشمشون وداود وسليمان من يكون بيشوي المسكين حتى يقف أمامها؟ ليس من يغلب حيل الشيطان في النساء إلا من كان الرب معه" وقد بقيّ صائمًا ومصليًا يطلب من أجل ابنه إسحق حتى خلصه الرب وتاب الهجوم الأول للبربر على برية شيهيت تركه شيهيت إذ حدث الهجوم الأول للبربر على برية شيهيت سنة 407 م هرب الرهبان من البرية؛ ولما سأل القديس يحنس القصير الأنبا بيشوي: "هل تخاف الموت يا رجل الله؟" أجاب: "لا لكنني أخاف لئلا يقتلني أحد البربر ويذهب إلى جهنم بسببي" مضى الأنبا يحنس إلى جبل القلزم عند دير الأنبا أنطونيوس حيث تنيح هناك ومضى الأنبا بيشوي إلى مدينة أنصنا ـ قرية الشيخ عبادة بملوي ـ نياحته وسكن في الجبل هناك قرية الشيخ عبادة بملوي حيث توثقت علاقته هناك بالقديس أنبا بولا الطموهي حتى طلب من الرب ألا يفترقا حتى بعد نياحتهما وتحقق لهما ذلك ظل القديس في غربته حتى تنيح في 8 أبيب ـ سنة 417م ـ وقد بلغ من العمر 97 عامًا ودُفن في حصن منية السقار بجوار أنصنا ثم تنيح القديس بولا الطموهي وتولى الأنبا أثناسيوس ـ من أنصنا ـ جمع القديسين ودفنهما معًا في دير القديس أنبا بيشوي بأنصنا ـ دير البرشا ـ وفي زمن بطريركية الأنبا يوساب الأول في القرن التاسع أُعيد الجسد إلى برية شيهيت | |
| | | ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم الأربعاء يونيو 22, 2011 10:24 am | |
| الرهبنة القبطية محاضرة للبابا شنودة الثالث بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين نتابع معكم فى التاريخ موضوع : الرهبنة أيضاً، فيه نقطة اللى عايزكوا تفحصوها ، رهبنة البنات، تاريخها وأمكنتها وقديساتها ، اعملوا بحث زى ما انتوا تعوزوا ، الرهبنة عموماً وإن كانت ظهرت فى أواخر القرن الثالث، وازدهرت فى القرن الرابع والخامس، لكن لها جذور قديمة ، الرهبنة كحياة وحدة وسكنى الجبال وكحياة بتولية وكحياة صلاة وتأمل كل هذه المبادئ كانت موجودة قبل الأنبا أنطونيوس وكانت لها جذور أيضاً فى العهد القديم، كما وجد فى حياة إيليا النبى وتوحده على جبل الكرمل وكذلك مدرسة الأنبياء وظهورها خصوصاً فى أيام إليشع وما بعده حياة الصلاة فى الجبال كانت موجودة أيضاً وحياة البتولية كانت موجودة أيضاً. نجد هذا كذلك فى حياة يوحنا المعمدان وفى حياة حنة النبية التى عاشت 84 سنة فى حياة العبادة والتأمل والتوحد، إذاً مقومات الرهبنة كانت موجودة ، لكن كل هذه الأشياء لكى تجتمع معاً ولكى تأخذ شكلها المتكامل كانت فى أيام القديس الأنبا أنطونيوس وقبله فى حياة الأنبا بولا ورهبنة البنات كانت موجودة فى بيوت العذارى، ولذك القديس الأنبا أنطونيوس أرسل أخته إلى إحدى بيوت العذارى وهؤلاء العذارى كانت موجودة حياتهم وأنظمتهم منذ حياة الرسل ، ومكتوب عن ذلك فى رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس فى حياة العذارى ، وكن يتعبدن هناك ، بقى بعد هذا أين توجد هذه البيوت ، ماكنتش حياة العذارى فى الجبال أو فى البرية خوفاً عليهن من الاعتداء على عذراويتهن من الأشرار أو من البدو أو من البربر أو إلخ ، كانت بيوت العذارى قريبة من المدن ، فهل هناك بيوت أخرى قريبة من أديرة العامرة للرهبان وهنا نبحث أيضاً مثال الدير الذى أتته الراهبة التى سميت بالهبيلة أو التى تظاهرت بالجهل والهبل وكيف أن القديس الأنبا دانيال قمص شيهيت كان يفتقد هذا الدير ويزور الراهبات اللى فيه ويأخذ اعترافاتهم، دى كلها كانت موجودة برضة ، مفيش شك ما كانتش فى المدينة ، نوع أيضاً من رهبنة البنات الراهبات اللائى أتين فى زى الرجال وترهبن على أنهن رجال مش نساء ، وعاشوا فى أديرة الرجال وأمثلة هذا الراهبة مارينا التى اتهمت كرجل أنها أخطأت مع بنت وهى كانت بنت الخ، او راهبات كن يعشن فى الجبل تحت رعاية أب روحى على اعتبار أنهن رجال أيضاً مثل القديسة أناسيمون ، فاللى كان فى الوقت دى بيخللى الشئ ده مقبول إن بعض الخصيان كانوا يترهبون وطبعاً ما كنتش ليهم لا لحية ولا حاجة ، فكانوا بيفتكروا إن البنات دية رهبان خصى ، راهبات كانت لهن أديرة فى بيت لحم أورشليم مثل الراهبات اللائى ترهبن تحت إشراف القديس جيروم مثل القديسة يستخيوم وأمها القديسة باولى فى رسالة كتبها القديس جيروم إلى يستخيوم ، فاكر إن أنا ترجمت الرسالةدى زمان قبل ما أبقى أسقف وبعدين لقيتها مترجمة فى سبورتنج تحتى عنوان رسالة إلى الشباب قلت طب كويس للقديس جيروم بدأها بقوله لها من عبارة المزمور 45 اسمعى يا ابنتى وانسى شعبك وبيت أبيك فإن الرب قد اشتهى حسنك لأنه هو ربك وله تسجدين، من الراهبات أيضاً المشهورات القديسة سارة والقديسة سفرنيكى برضة كل الحاجات دى عايزين نجمعهم ويا ريت يتعمل فيه بحث عن رهبنة الراهبات وبيوت العذارى ، ولو استطاع دير من الراهبات إنه يقوم بالوضع ده يبقى كويس ، لو أنتم كطلاب علم وبحث ولكم خبرة فى هذه الامور قمتم بهذا العمل يبقى كويس، الرهبنة فى أديرة الرجال أيضاً تحتج إلى بحث طويل لأن كانت الأيرة منتشرة من الفيوم حتى جبل القلمون حتى النقلون وكان عشرة الأديرة ورهبنات أيضاً فى الصحراء الغربية ، ورهبنات كانت فى منطقة برنوك ومنطقة كليا ومناطق المتوحدين وأديرة أخرى انتشرت من أديرة الأنبا باخوميوس فى إسنا وامتدت جنوباً فى أقصى الصعيد ، الفيوم كان يوجد فيها عدد كبير من الأديرة فى أيام القديس الأنبا أنطونيوس الكبير كتب رسالته رقم 20 للقديس الأنبا ببنودة رئيس أديرة الفيوم كام دير من أديرة الفيوم هناك ، إحنا بدأ نعترف بالبعض، لكن هناك أديرة، اعترفنا بدير الملاك وفيه دير هناك اسمه دير الأمير تادرس فيه أديرة فى نواحى إيبارشية بنى سويف، زى دير سدمنت ، كل هذا يحتاج أن يبحث من الناحية التاريخية والأثرية ومن ناحية القديسين الذين عاشوا فى هذه المنطقة أو الراهبات اللائى عشن فى هذه المنطقة أديرة جبل النقلون وجبل القلمون إحنا المشهور عندنا دير الأنبا صموئيل لكن فيه أديرة تانية، يا ريت اللى يخشوا فى هذا الموضوع أن يقرأوا كتاب الأربعين خبراً لمعرفة أخبار المتوحدين وأخبار السواح الذين عاشوا فى تلك المناطق ولا توجد معلومات كثيرة عنهم، لكن كتبا الأربعين خبر اتكلم كلام كتير عنهم، الدياكون رشدى بيقول كان لى زميل فى تسالونيكى اسمه دكتور سعيد حكيم رسالة الماجستير اللى قدمها إلى جامعة أرسكوا عن الرهبنة النسائية ولا نعرف عنه شئ ما دى خطر الذين يبحثون وينشرون بحوثاً دون اتصال بالكنيسة ودون طلب إنها تنشر فى محيط الكنيسة، أيضاً أنا لا أعرف ماذا فعله هذا الباحث وهل بحثه عن الرهبنة النسائية القبطية أم عن الرهبنة النسائية بصفة عامة ، يعنى قلت لكم الأديرة اللى كانت تحت إشراف القديس جيروم كانت فى الأراضى المقدسة ، فى فلسطين لكن ماكنتش فى مصر دى عن الأديرة النسائية فى مصر، فيه نوع آخر من الرهبنة ربما أنتم ما قرأتوش عنه كتير وهو نوع العموديين مثل القديس سمعان العمودى ، كان الإنسان يترهبن على مرتفع فوق عمود ولا يتحرك من هناك وكانت حياة شظفة وصعبة ، بعض من هؤلاء العموديين نشرت عنهم مجموعة أورينتاليس وبعضهم من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، إحنا برضه يهمنا فى موضوع الرهبنة لما ندرسها أن ندرس ليس فقط الرهبنة القبطية إنما الرهبنة عند اخوتنا السريان أيضاً واخوتنا الأرمن فى العالم الأرثوذكسى الشرقى ، وأيضاً الرهبنة بوجه عام وكيف انتشرت مش بس الرهبنة القبطية وهتلاقوا سير قديسين حياتهم مملوؤة بالفضيلة والأعمال الطيبة، يعنى منين فيكم بيدرس سيرة القديس أوكيم والقديس إيلاريون وبلاد العراق وسوريا ويعتبروا من الآباء الكبار هناك مين فيكم بيدرس سيرة مار أفرام السريانى؟ قديس من القديسين الكبار، برضه فيه حاجات لازم ندرسها ، ممكن إن احنا هنا نديكم فكرة عامة عن هذه الموضوعات وأيضاً تبحثوا عن مراجعها، وإن معرفتوش نشوف لكم ، ويا ريت تفكرونا أفتح لكم المكتبة. | |
| | | | نشأة الرهبنة القبطية المسيحية فى مصر وإنتشارها فى العالم | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|