عظة لأبينا الطوباوي مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن القيامة
و فاعلياتها في حياتنا و هي كانت إفتتاحية مجلة الكرازة في 28 أبريل
1979 و هي مناسب لتكون بمثابة رسالة من أبينا الحبيب لأبنائه و شعبه في كل
كنائس الإسكندرية. عظة لأبينا الطوباوي مثلث الرحمات البابا شنود الثالث بابا الإسكندرية 117 عن قيامة المسيح باكورة للقيامة العامة و القيامة العامة عربون للحياة الأبدية:
عندما خلق الله الإنسان خلقه للحياة. نفخ فيه لمسة حياة، و صار نفساً حية.
و صار الخلود من طبيعة الإنسان أما الموت فهو دخيل عليه
أنه نتيجة للخطية، و ليس هو من صفات الطبيعة البشرية التي خلقها الله على صورته و مثاله، كشبهه....
لذلك ما ساد الموت على العالم، كان شيئاً غريباً و محزناً....
و إذ أراد الله أن يرد الإنسان
إلى رتبته الأولى، كان لابد أن يرد إليه صفات الحياة، ويرجعه إلى الخلود، و
ينقذه من الموت، فلا يعود يسيطر على طبيعته....
و في قيامة المسيح، انتصرت طبيعة الإنسان على الموت، و بالقيامة دخل إلى الخلود، إذ كان المسيح يمثل البشرية في كل شيء...
بموته متنا و بقيامته قمنا
بموته دفعنا ثمن الخطية، من خلاله و بقيامته، انتصرنا على الموت
إننا نفرح بقيامة المسيح لأنها قيامتنا .
لا موت بعد اليوم، و لا فناء...إن حياتنا أصبح لها طبع الدوام و الإستمرار. لقد عاد آدم (نفساً حية) كما كان....
إن حدث القيامة هو حلم كان ينتظره الآباء، و يحيون على رجائه.
إن القيام تنقذنا من خطر الفناء و
الضياع، و تعطينا حياة أخرى بعد الموت، هي حياة أفضل، بل هي اغلحيا
الفضلى المثالية، في ملكوت الله.....
والحياة الأخرى هي الهدف الوحيد لهذه الحياة التي نحياها.
القيامة جعلتنا نعمل، لكي نؤهل أ،فسنا لتلك الحياة الباقية الدائمة...
و بهذ أصبحت لحياتنا على الأرض قيمة، و أصبح لها هدف نسعى إليه.
و هذا الهدف يحدد الوسيلة التي نسلك بها لكي نصل.
و أصبح ما نزرعه هنا نحصده هناك، فيجب أن نزرع زرعاً حسناً.
و أعطتنا القيامة فكرة عن قوة الله....
الله الذي خلق الإنسان من العدم، و
الذي يستطيع أن يقيمه من الموت، و أن يعيد الأجساد مرة أخرى بعد أن تكون
قد تحللت و تحولت إلى تراب. وبخاصة إذا كان سيقيم هذه الأجساد بنوع من
التجلي، أجساداً و روحانية نورانية على شبه جسد مجده الذي قام به.
و قيامة المسيح تعطينا فكرة عن قوته.
هذا الوحيد الذي لم يقمه أحد من الأموات، إنما هو الذي قام بقوته الخاصة، بقوة لاهوته.
هو الوحيد الذي قام، أما الباقون فقد أقيموا...بواسطة أنبياء كإيليا و إليشع. أو بواسطة رسل مثل بطرس و بولس...أو بواسطة الرب نفسه.
و القيامة تجعلنا أصحاب رسالات و أصحاب قيم.
فلو كنا لا نقوم من بعد الموت، ما
كان هناك دافع قوي لعمل الخير، الخير القصير الأجل الذي لا يستطيع
الإنسان أن يكمله، و لا مكافأة له سوى من البشر، الذين قد لا يكون لهم
التقدير السليم والمعرفة الكاملة، و العدل في الحكم.
لذلك ففي القيامة نوع من التعزية.
فالذي لا يجد عدلاً على الأرض،
عزاؤه أن حقه محفوظ هناك في الدار الأخرى، عند الرب الذي يحكم للمظلومين و
الذي لا يجد خيراً على الأرض، مثل لعازر المسكين، عزاؤه أنه سيجده هناك، و
كما كان على الأرض يتعذب فهناك في السماء سيتعزى...
فالقيامة، تقيم توازناً في حياة كل إنسان. إذ أن محصله ما يناله على الأرض، و ما يناله في السماء، تشكل صورة سليمة للعدل.
و القيامة تعطي عزاء لجميع الأصدقاء و المحبين، إذ تجمعهم ثانية، بعد أن فرقهم الموت.
لو كان الأمر ينتهي عند القبر، و لا قيامة، إذاً لكان أحباؤنا الذين ملتوا قد إنتهوا، و إنتهت صلتنا بهم، و ما عدنا نراهم...
فهذا ولا شك يتعب القلب، و يسبب فجيع للمحبين الذين يفقدون أقاربهم و أصدقائهم-بذلك المفهوم- إلى غير رجع و إلى غير لقاء...
لقد قام السيد المسيح، و تقابل بعد القيامة مع تلاميذه الذين حزنوا على فراقه...
و كان قبل صلبه قد عزاهم على
الرجاء القيام بقوله "بعد قليل سوف لا ترونني. ثم بعد قليل سترونني..."
"سأراكم فتفرح قلوبكم. ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحكم منكم" (يو 16:17-22).
قيامة الأجساد تدل على محبة الله...
الله الذي لنا لم يشأ أن يتمتع
وحده بالوجود، فخلق كائنات لم يكن لها أصلاً وجود... و كذلك لم يشأ أن
يعيش وحده في خلود، فأنعم على الناس، كما على الملائكة بنعم الخلود.
و هكذا أعطى البشر حياة بعد الموت، تكون حياة لا موت بعدها.
إن القيام بهذا تدل على وجود الله و على صلاحه و على كرمه.
و هكذا ما أكثر الآيات في الكتاب المقدس التي تتكلم عن الحياة الأبدية، و عن وعود الله بهذه الأبدية.
و القيامة تحمل أيضاً معنى المسئولية.
لأن الناس سيقومون، لكي يقدموا حساباً عن كل ما فعلوه في الجسد، إن خيراً و إن شراً. و هكذا تكون مجازاتهم.
"يقوم الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الأبرار. و الدين فعلوا السيئات إلى الدينونة" (يو5:29)
و هذه المسئولية التي بعد القيامة ،توجه الناس إلى ص، وتقودهم إلى الخير.
مادامت هناك دينونة بعد القيامة،
وهناك ثواب و عقاب، و أعمال الناس تتبع فاعليها بعد موتهم، إذن يتحتم على
كل إنسان أن يكون حريصاً، أن يتبع البر، و يبعد عن كل خطية. و كل خطأ،
لكيما يسكن في الأبدية مع الأبرار و القديسين...
القيامة فرح الأبرار , و خوف للخطاة ..
لذلك من الأفضل لكل إنسان أن يكون من الأبرار . أما الأشرار فإنهم فى يوم القيامة يقولون للجبال غطينا , و للتلال اسقطى علينا , من غضب الرب العادل, كما يقول الكتاب .
و بالنسبة للأبرار , القيامة لها أمجادها , و لها ينابيعها التى تفيض بهجة و سعادة .
و يكفى قول الرسول "ما لم تره عين , و ما لم تسمع به أذن , و ما لم يخطر على قلب بشر ما أعده الله لمحبى اسمة القدوس"
وأكبر متعة للانسان فى القيامة, هى تمتعه بالله نفسه..
فكل سعاده بعيده عن الله ليست هى
سعادة حقيقية . هناك سيراه الأبرار "وجهاً لوجة". وهناك سيكون مسكن الله
مع الناس , الله فى وسط شعبه"
و من متع القيامة أيضاً , زوال الشر نهائياً , إذ ليس شر فى الحياة الاخرى !..
بل أن مجرد معرفة الشر سينتهى فى
عالم البر و يرجع القديسين مرة أخرى الى حياة البساطة الكاملة , و حياة
البراءة الكاملة , التى لا تعرف شراً , و تعيش فى نقاوة لا تشوبها شائبة
..
و من متع القيامة , التخلص من المادة .
المادة التى كانت تعوق الروح عن الإنطلاق , و عن التمتع بالشركة يقية مع الله..
فحتى الأجساد عندما تقوم , ستقوم أجساداً روحانية , ليس مادية .
ومن متع القيامة التخلص من نتائج الخطية التى أرستها على النفس ...
ونعنى بها تخلص النفس من أمراضها: كالخوف, و الشك, و الشهوة, و القلق, و ما يشمله هذا كله....
و عندئذ تلبس النفس إكليل البر ...
و تزول منها النقائض, و ترجع كما كانت صورة الله و مثاله...
إن القيامة تتركز فيه كل المتع . إنها أكمل صورة للسعادة ة ... و من الصعب أن نحصى نواحي الجمال التى فيها....
كانت قيامة المسيح هى الباكورة.
لذلك دعى "بكر الراقدين ".......
كنيسة القديسين.