بتولية مريم العذراء فى التاريخ
العذراء مريم دائمة البتولية قبل وأثناء وبعد ولادتها للسيد المسيح، حفظ الله لها بكوريتها وغشاء عذراويتها حتى أثناء ولادتها للسيد المسيح. فمثلما دخل السيد المسيح على التلاميذ بعد قيامتة وكانت الأبواب مغلقة ولم يخترق حاجز، تماماً هنا تمت ولادة السيد المسيح العجزية من مريم العذراء بدون أن يخترق حاجز بتوليتها وغشاء بكوريتها، فهو ميلاد معجزى، تكاملت تلك الولادة المعجزية فى كل شئ فهى ولادة لعذراء بدون زرع بشر، وأيضاً ولادة لعذراء ظلت عذراء بتوليتها محفوظة حتى بعد ولادتها لكلمة الله، إنها مريم العذراء والدة الإلة الكلمة المتجسد، والى طالما تظهر فى ظوراتها وتقول عن نفسها أنا مريم دائمة البتولية. دليلنا على ذلك نبؤة حزقيال النبى.
فقد تنبأ حزقيال النبى عن دوام بتولية القديسة مريم العذراء ووصفها بأنها الباب الشرقى:
+ (حزقيال 44: 1-3) "1ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى طَرِيقِ بَابِ الْمَقْدِسِ الْخَارِجِيِّ الْمُتَّجِهِ لِلْمَشْرِقِ وَهُوَ مُغْلَقٌ. 2فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «هَذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً, لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ, لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقاً. 3اَلرَّئِيسُ الرَّئِيسُ هُوَ يَجْلِسُ فِيهِ لِيَأْكُلَ خُبْزاً أَمَامَ الرَّبِّ. مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ يَدْخُلُ, وَمِنْ طَرِيقِهِ يَخْرُجُ»
قارن مع:
+ (عبرانيين 1: 6) وَأَيْضاً مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ»."
فنحن الآن فى حديث عن هيكل المسيح وجسده الذى هو الكنيسة. وبداية تكوين الجسد هو تجسد المسيح نفسه حين "أدخل إلى العالم". وقد إتفق الأباء أن هذا الباب الشرقى الذى دخل منه المسيح هو العذراء مريم فهو وُلِد منها وبقيت بتولاً. وهذا معنى يكون مغلقاً لا يفتح ولا يدخل منه إنسان. ويدلل الأباء على إمكانية هذا بأن المسيح دخل خلال الأبواب المغلقة بعد القيامة. وحتى لا يظن أحد أنه روح بلا جسد سمح لهم أن يلمسوا يديه وجنبه. ومرة ثانية أكل معهم.
وهناك إشارة أخرى للتجسد: الرئيس الرئيس هو يجلس فيه ليأكل خبزاً أمام الرب، فهو كان يأكل ويشرب ويجوع ويعطش. لقد تجسد وتأنس أى شابهنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها. بل كان ينمو فى القامة والحكمة. ولاحظ أن باقى الأبواب مفتوحة للجميع. أما قوله: "هو يجلس فيه ليأكل خبزًا أمام الرب" ففيه إشارة إلى التجسد الإلهي حيث صار ابن الله إنسانًا. فما هو إذن الباب المغلق الذي دخل منه الرب ومنه يخرج ويبقى مغلقًا إلا أحشاء القديسة مريم العذراء دائمة البتولية. حيث حلّ السيد المسيح في أحشائها متجسدًا منها بالروح القدس وولد منها وبقيت بتولاً؟!
وبتولية مريم العذراء تحدث عنها آباء الكنيسة منذ القرن الثانى وحتى الخامس الميلادى، ومنهم القديس أغناطيوس الأنطاكى وجيروم وإيرناؤس وإكليمندس السكندرى وأبيفاتيوس والعلامة أوريجانوس وكثيرون غيرهم. وقد ركّز الآباء في القرنين الأوّل والثاني على دور مريم العذراء في قصد الله من خلال الكتاب المقدّس وفي مقارنة أقاموها بين حوّاء ومريم العذراء.
1- القديس أغناطيوس أسقف إنطاكية وتلميذ بطرس الرسول الذى أستشهد عام 110م:
يذكر إغناطيوس الأنطاكي مريم العذراء عدّة مرّات في رسائله السبع إلى الكنائس، ويؤكّد بتوليّتها وأمومتها الإلهيّة. فيقول في رسالته إلى أهل أفسس: "واحد هو طبيبنا، مخلوق وغير مخلوق، جسد وروح، إله في الإنسان، وحياة حقيقية في الموت، مولود من مريم ومولود من الله" (رقم 7). ثمّ يتكلّم على أسرار ثلاثة لم يعرفها الشيطان، فيقول: "لم يدرك سلطان هذا العالم بتوليّة مريم ولا أمومتها ولا موت الربّ. هذه الأسرار التي تمّت في صمت الله" (رقم 19).
- الميلاد البتولى هو أحد الأسرار العظمى الخاصة بالسيد المسيح التى أعلنت فى العالم فى أيامه:
بتولية مريم- وإنجابها الطفل – وموت الرب: هذه الأسرار أخفيت عن رئيس هذا العالم (الشيطان).
أسرار ثلاثة أعلنت جهراً، لكنها تحققت فى صمت الله.
بإختصار نقول ان التعليم الخاص بالميلاد البتولى، فى حقيقته هو العلامة الظاهرة لسر التجسد التى تؤكد ان يسوع المسيح الابن الحقيقى لام حقيقية لم يحبل به من زرع بشر "إنسان" بل بالروح القدس بهذا وهو "إبن الانسان" لكنه لم يحمل الخطية بل صار رئيساً لجنس بشرى جديد.
وأما رئيس هذا العالم فقد جهل بتولية مريم العذراء وكيفية ولادتها للسيد المسيح وموت الرب يسوع بالصلب.
+ (كورنثوس الأولى 2: 6-8) 6لَكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ وَلَكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الدَّهْرِ وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ الَّذِينَ يُبْطَلُونَ. 7بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا. 8الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ - لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ.
2- القدّيس يوستينوس سنة 165:
يعود القدّيس يوستينوس مرارًا إلى نبوءة عمّانوئيل (أش 7: 14)، ويرى فيها تبشيرًا بالخلاص. كما يذكر مرارًا وعد الله لحوّاء بأنّ نسلها سيسحق رأس الحيّة. ويرى تحقيق هذا الوعد في مريم العذراء وفي ابنها يسوع المسيح. يقول: "رضي ابن الله أن يصير إنسانًا وأن يولد من عذراء من نسل داود، لكي يقتل الحيّة وينتصر على الموت". ويقارن بين حوّاء ومريم، فيوضح أنّه كما أخطأت حوّاء المرأة الأولى وعصت الله بملء حرّيتها، كذلك أصغت مريم العذراء إلى قول الله وأطاعته بملء حرّيتها. وكما أنّه بعذراء دخلت المعصية ودخل الموت إلى العالم، كذلك بعذراء حصل العالم على البرّ وعلى الحياة.
"لقد صار المسيح إنسانًا بواسطة عذراء، وذلك حتى إنّ المعصية التي نتجت من الحيّة تجد لها حلاًّ بالطريقة عينها. فإنّ حوّاء كانت عذراء ولم تُمسَّ بعد بكارتها، عندما قبلت في حشاها الكلمة التي أتتها من الحيّة، فولدت المعصية والموت. أمّا مريم قد حملت الإيمان والفرح، عندما بشّرها الملاك بأنّ روح الربّ سيحلّ عليها وقدرة العلي ستظلّلها، بحيث إنّ المولود منها هو قدّوس وابن الله (لو 1: 35)، وأجابت: "ليكن لي بحسب قولك" (لو 1: 38). وبواسطتها ولد من أشرنا إليه أنّه هو الذي سيسحق به الله الحيّة والملائكة والبشر الذين على مثال الحيّة".
فالمقارنة واضحة: المرأة الأولى أخطأت بحرّيتها، والمعركة ضدّ الحيّة يجب أن تكون حرّة. فمن يمكنه أن يأخذ حرّية حوّاء ويردّها إلى الله؟ هذا ما فعلته مريم. الهلاك أتانا عن يد عذراء قبلت بملء حرّيتها قول الحيّة، والخلاص جاءنا عن يد عذراء قبلت بملء حرّيتها قول الله. ومعصية حوّاء أزالتها طاعة مريم. حوّاء ولدت الموت ومريم ولدت الحياة. والله، قبل أن يولد منها كلمته وابنه الأزلي، طلب قبولها. وهكذا دخلت مريم العذراء في سرّ ابنها الخلاصي.
3- إكليمندس الاسكندرى (150-215م)
القديسه مريم استمرت عذراء.
وفي إحدى صفحات كتاب هيبوتيبوسيس Hypotyposeis المحفوظ باللاتينية والذى ترجمة كاسيودوروس Cassiodorus وضع أساس المقولة التي أخذ بها القديس إبيفانيوس فيما بعد:
يهوذا الذي كتب الرسالة الجامعة المنسوبة له هو واحد من أبناء القديس يوسف وأخو الرب، ويهوذا هذا كان ذا تقوى صادقة، ونراه كيف وهو يعرف العلاقة التي تربطه بالمسيح إلاَّ أنه لم يقل في رسالته إنه أخو الرب بل كتب يقول: يهوذا عبد يسوع المسيح - باعتبار المسيح هو سيده - وأخو يعقوب (يهوذا 1: 1) وهذا حق لأنه ابن يوسف.
4- القدّيس إيريناؤس أسقف ليون (120-202م):
"الذى هو كلمه الله.. ولد حقاً.. من مريم التى كانت وحتى الآن (هى) عذراء.
وقال أيضاً "مريم العذراء وجدت قطيعه"
وأيضاً "صار الله إنساناً… معطياً أيانا المأخوذه من عذراء"
كما طبق نبؤه إشعياء التى يقصد بها النبى عودة بنى إسرائيل إلى أورشليم على العذراء "قبل أن يأخذها الطلق ولدت. قل أن يأتى عليها المخاض ولدت ذكراً. من سمع مثل هذا. من رأى مثل هذا…"
وأعتبر أن النبى يقصد ميلاد المسيح بطريقه ليس لها مثيل. وهو بذلك يؤكد بتوليه العذراء.
ويرى إيريناوس أنّ الخلاص يقوم علي العودة إلى بدء الكون لتحقيق قصد الله في الإنسان، ذاك القصد الذي لم يتحقّق بسبب خطيئة آدم وحوّاء. وتتمّ تلك العودة إلى الجذور بإعادة تكوين الأدوار التي أفسدت قصد الله. فالمسيح يحلّ محلّ آدم، والصليب ينتصب عوضاً عن شجرة السقطة، ومريم تقوم من جديد بالدور الذي لم تستطع حوّاء القيام به.
ثمّ يوضح القدّيس إيريناوس دور مريم العذراء حواء الجديدة في الخلق الجديد:
"كما أنّ يد الله خلقت آدم من أرض عذراء، كذلك لمّا جمع كلمة الله الإنسان في شخصه، ولد من مريم العذراء. وهكذا إلى جانب حوّاء، ولكن على خلافها، قامت مريم بدور في عمل الجمع هذا الذي هو عمل خلاص الإنسان، لمّا حبلت بالمسيح. حوّاء أغواها الشرّ وعصت الله. أمّا مريم فاستسلمت لطاعة الله وصارت المحامية عن حوّاء العذراء. إنّ حوّاء، وهي بعد عذراء، كانت سبب الموت لها وللجنس البشري بأسره. أمّا مريم العذراء فبطاعتها صارت لها وللجنس البشري بأسره سبب خلاص. من مريم إلى حوّاء هناك إعادة للمسيرة عينها، إذ ما من سبيل لحلّ ما تمّ عقده إلاّ بالرجوع باتّجاه معاكس لفكّ الحبال التي تمّ حبكها. لذلك يبدأ لوقا نسب المسيح ابتداء من الربّ ويعود إلى آدم (لو 3: 22- 38)، مظهرًا أنّ الحركة الحقيقية للولادة الجديدة تسير من الأجداد إليه بل منه إلى الأجداد، وفق الولادة الجديدة في إنجيل الحياة. هكذا أبطلت طاعة مريم معصية حوّاء. ما عقدته حوّاء بعدم إيمانها حلّته مريم بإيمانها. لمحو الضلال الذي لحق بالتي كانت مخطوبة -العذراء مريم حوّاء- حمل الملاك البشارة الجديدة الحقّة إلى التي كانت مخطوبة. العذراء مريم حوّاء ضلّت بكلام الملاك واختبأت من وجه الله بعد أن عصت كلمته، أمّا مريم فبعد أن سمعت من الملاك البشري الجديدة، حملت الله في أحشائها لأنّها أطاعت كلمته. إذا كانت الأولى عصت الله، فالثانية رضيت بأن تطيعه. وهكذا صارت العذراء مريم المحامية عن العذراء حوّاء. وكما ربط الموت الجنس البشري بسبب امرأة، كذلك خُلِّص الجنس البشري بواسطة امرأة".
هكذا رأى آباء الكنيسة في القرنين الأوّل والثاني أنّ لمريم دورًا أساسيًّا في تاريخ الخلاص. وهذا الدور هو دور مزدوج: فقد حبلت بيسوع المسيح بشكل بتولي. إنها امّ المسيح ابن الله. ثمّ إنّها. بإيمانها وطاعتها لكلام الله قد أبطلت معصية حوّاء الأمّ الأولى، وهكذا شاركت بملء حرّيتها في الخلاص الذي جاءنا به ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح.
5- العلامة أوريجانوس (185-245م):
"لقد تسلمنا تقليداً: أن مريم ذهبت بعدما أنجبت المخلص لتتعبد (فى الهيكل) ووقفت فى الموضع المخصص للعذارى، وحاول الذين يعرفون أنها أنجبت طفلا طردها من الموضع، ولكن زكريا الكاهن أجابهم أنها مستحقة الملكوت فى موضع العذارى، إذ لا تزال عذراء".
- قال أيضاً: "يليق أن لا ننسب لقب أولى العذارى بغير مريم".
6- القديس البابا بطرس بطريرك الإسكندرية (إستشهد عام 311م)
هو أول من أستخدم لقب "إيبارثينوس "أى دائمة البتولية للقديسة مريم قائلاً: يسوع المسيح قد ولد حسب الجسد من مريم سيدتنا القديسة المعظمة والدة الاله "ثيؤتوكوس" الدائمة البتولية.
وأكد أنه: ليس من أحد أفكاره صادقة نحو مريم يدعى بأن لها طفل غير يسوع. وأعلن إنحيازه بكل وضوح إلى النظرية المنسوبة فيما بعد لإبيفانيوس أن إخوة الرب هم أولاد للقديس يوسف من زوجة سابقة، ويعود فيقول إن يعقوب المذكور في رسائل بولس الرسول هو أخو الرب ليس لأنه كان قريباً له ولا لأنه كان يعيش معه ولا حتى من جهة أخلاقه ويقول أوريجانوس: إنه بالتقليد يقول بعض الناس بحسب إنجيل بطرس وبحسب إنجيل يعقوب أن إخوة الرب كانوا أولاداً ليوسف من زوجة سابقة كان قد تزوجها قبل -أن يخطب- مريم العذراء. وواضح أنهم كانوا يرغبون في حفظ كرامة بتولية العذارء الدائمة. وأنا أظن أن هذا من التعقل لأن يسوع كان باكورة الطهارة والبتولية بين الناس هكذا أيضاً مريم بين النساء لأنه غير لائق أن تُنسب بداية البتولية لأي امرأة سواها.
والكتاب المقدس دعا مريم إمرأة يوسف لكى لا يشتبة فى أمر حبلها أم بعد الولادة فكان إسمها أم الصبى وواضح من هذا الحل أن إخوة يسوع كانوا جميعاً أكبر منه سنًّا، وربما يكون هذا هو السبب الذي وقف ليجعلهم لا يؤمنون به: «لأن إخوته أيضاً لم يكونوا يؤمنون به «(يو 5: 7). حالهم حال إخوة يوسف بن يعقوب وغيرتهم المرَّة من نحوه حينما رأوه محبوباً وذا رؤى وأحلام فاضطهدوه وباعوه!!
7- قال القديس ميثوديوس (260-312م)
شاهدنا أشعياء يعلن بوضوح لكل الأرض تحت الشمس وقبل أن يأخذها الطلق ولدت… الخ" العذراء الأم كليه القداسة.. أنجبت إبنها… وحفظ طهاره والدته بغير فساد وبلا دنس".
8- ثيودوتس أسقف أنقره سنة 303:
عذراء ملتحفة بالنعمة الإلهيّة كرداء: مفعمة النفس حكمةً إلهيّة، عروس الله بالقلب". وهي "المغمورة بالنور". بها تلاشت كآبة حوّاء، وبها حوّاء افتديت إذ "من القدّيسة ولد ابن قدّوس، والكاملة ولدت الكامل، والتي تفوق الوصف ولد منها الذي يفوق الوصف. والعليّة ولد منها العليّ".
9- ألكسندروس أسقف الإسكندرية سنة 320
إنّ أوّل شهادة لاستعمال لقب "والدة الإله" قبل مجمع أفسس نجدها في رسالة ألكسندروس أسقف الإسكندرية حول مجمع التأم في الإسكندرية سنة 320 للحكم على بدعة آريوس: "بعد هذا تناولنا عقيدة القيامة من بين الأموات التي صار فيها ربنّا يسوع المسيح باكورة الثمار فقد لبس في الحقيقة لا في المظهر جسدًا اتّخذه من مريم والدة الإله". إلاّ أنّ هناك صلاة تتوجّه إلى مريم العذراء بهذا اللقب، ويبدو أنّها تعود إلى نهاية القرن الثالث: "يا والدة الإله، لقد لجأنا إلى حنانك، فلا تعرضي عن ابتهالاتنا في المحن، بل نجّينا من الخاطر، يا من هي وحدها نقيّة ومباركة".
10- القدّيس أثناسيوس الكبير سنة (296-373):
"لقد أخذ (الرب) جسداً إنسانياً حقيقياً من مريم الدائمه البتولية".
"إنّ الكلمة هو نفسه قد ولد بالجسد من مريم والدة الإله"
(عظات ضدّ آريوس 3: 14، 29، 33؛ 4: 32).
11- القدّيس كيرلّس الأورشليمي سنة (315-386):
"رئيس الملائكة جبرائيل يشهد لله في حمله البشارة إلى مريم، والعذراء والدة الإله مريم تشهد له أيضاً" (عظات 10: 19).
12- القدّيس إغريغوريوس أسقف نيصص سنة (330-395):
"إنّ ابن الله قد اتّخذ لنفسه جسدًا من العذراء، لذلك حقّ للعذراء أن تُدعى والدة الإله" (في البتوليّة، 13).
"يا لَلْمعجزة الرائعة: العذراء تصير أمًّا وتبقى عذراء. لا البتوليّة حالت دون الولادة ولا الولادة أزالت البتوليّة. ولقد كان من الملائم أنّ الذي صبار إنسانًا لينقذ البشريّة من الفساد يستهلّ عمله بتلك التي ولدته فيحفظها من الفساد".
ثمّ يتابع قائلاً: "هذا ما سبق موسى فرآه في النار التي ألهبت العلّيقى دون أن تحرقها. فكما أنّ العلّيقى كانت ملتهبة لم تحترق كذلك ولدت البتول النور دون أن يعتريها الفساد".
13- يوسابيوس القيصري (تُوفي سنة 340):
يُميِّز يعقوب أخا الرب عن بقية الرسل الاثني عشر جاعلاً إياه رسولاً فوق العدد الرسمي للرسل مثل القديس بولس. ويعود ويؤكد أن يعقوب دعي أخا الرب لأن يوسف كان معروفاً أنه أبوه.
إن يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا لم يكونوا إخوة أشقاء للرب يسوع من أمه العذراء مريم, ولكنهم كانوا له أولاد خؤولة وعمومة
يوسابيوس القيصرى -تاريخ الكنيسة, جزء3: فقرة11, فقرة 32: 1-8, جزء4: فقرة 22: 5, 4
وينقل لنا يوسابيوس المؤرِّخ عن إكليمندس الإسكندري أنه:
في الكتاب السادس من مؤلفه المدعو Hypotyposeis مكتوب أن بطرس ويعقوب ويوحنا بعد القيامة لم يكونوا طامحين في المناصب -وإذ رفضوها- اختاروا يعقوب البار ليكون أسقفاً على أُورشليم - وفي الكتاب السابع يقول إكليمندس أن الرب بعد قيامته سلَّم المعرفة gnosis ليعقوب البار مع يوحنا وبطرس وهؤلاء سلموا المعرفة لبقية الرسل السبعين وكان برنابا واحداً منهم. وهناك شخصان باسم يعقوب أحدهما البار الذي ألقاه اليهود من فوق جناح الهيكل ومات مضروباً بالعصي ويعقوب الآخر هو الذي قُطعت رأسه (أعمال الرسل 2: 12).
14- القدّيس غريغوريوس النزينزي سنة (320-389):
"إن كان أحد لا يؤمن أنّ القدّيسة مريم هي والدة الإله، فهو غريب عن الله" (الرسالة 101: 4- 6).
من أين أتى هذا اللقب؟ لقد استقاه المسيحيّون من قول أليصالات: "من أين لي هذا أن تأتي أمّ ربي إليّ؟" (لو 1: 43). فيسوع المسيح هو "الربّ"، ولقب الربّ هو من أسماء الله. "فالربّ هو الله". فإذا كان المسيح هو الربّ، فأمّ الربّ هي "والدة الإله".
15- القديس ديديموس الضرير (توفى سنه 396م)
العذراء أثناء وبعد الميلاد، فهى الدائمة البتوليه".
16- القديس يوحنا ذهبى الفم:
عذراوية العذراء مريم كانت سراً مخفياً عن الشيطان مثل أمر صلبة.
17- القديس أبيفانيوس أسقف سلامينا في قبرص سنة (315-403):
أوضح الإنجيل إن اليهود قالوا عن المسيح أليس هذا هو ابن النجار؟ أليست أمه تدعي مريم وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟ أوليست أخواته جميعهن عندنا.؟ (متي 13: 55-56)، (مرقس 6: 3). والواقع، إن هؤلاء لم يكونوا إخوة أشقاء للرب يسوع, وإنما كانوا أولاد خالته مريم زوجة كلوبا كما كانوا أيضا أولاد عمومة, ذلك لأن كلوبا أو حلفي هو قريب ليوسف خطيب العذراء مريم
ورُسم أسقفاً على مدينة قسطانطيا بقبرص عام 367م. كتب قبل زمن جيروم كتاباً دفاعاً عن بتولية العذراء الدائمة البتولية أم الرب وذلك في خطاب رعوي موثَّق. وفيه يشرح فكره بإسهاب، وقد ضم الخطاب إلى كتابه ضد الهراطقة من صفحة 1034-1057 (طبعة بتافيوس Petavius). وفي مواضع أخرى من مؤلفه اعتنى كثيراً بتوضيح فكره. ويقول إن يوسف كان ابن 80 سنة عندما خُطبت العذراء له، ومن زوجته السابقة كان له ستة أولاد أربعة ذكور وبنتان ماري وسالومة. ويعقوب على الخصوص دعي أخا الرب وقد تربوا مع الرب - وبقيت العذراء إلى النهاية عذراء. فالتي أنجبت أسد يهوذا لا تنجب بجواره أحداً. وهو يقول إنما أنا أنقل ذلك عن تقاليد اليهود. وكان إبيفانيوس غيوراً للغاية على دوام بتولية العذراء لذلك كل مَنْ قال بدوام بتولية العذراء نسب إلى إبيفانيوس!!
18- هيلاري من بواتييه (تُوفي سنة 368م):
يقول مهاجماً الذين يدّعون أن أخوة الرب هم أولاد مريم محاججاً كيف يهتم الرب على الصليب أن يسلِّم أُمه ليوحنا الرسول باعتبارها أُمه!!
19- امبروزياستر:
إن يعقوب يدعى أخا الرب كالبقية (يهوذا وسمعان ويوسف) لأنهم أولاد يوسف. وهكذا فإن امبروزياستر في شرحه لغلاطية (19: 1) هو طبق الأصل من الذين سبقوه.
20- القديس جيروم سنة 382:
مع أن الباب كان مغلق، دخل يسوع إلى مريم، القبر الجديد المنحوت فى الصخر الذى لم يرقد فية من قبل ولا بعدة، بتوليتها مثل الجنة المغلقة والينبوع المختوم (نشيد الأنشاد 4: 12)
إن مريم العذراء هي الباب الشرقي الذي تكلم عنه حزقيال، هو مغلق دائمًا، متلألئ دائمًا، وهو مختوم، وفي نفس الوقت يعلن عن قدس الأقداس، من خلاله يدخل ويخرج "شمس البر" (ملا 4: 2)، الذي هو رئيس كهنة على طقس ملكي صادق" (عب 5: 10). من ينتقدني فليشرح لي كيف دخل يسوع خلال الأبواب المغلقة عندما سمح أن تُلمس يداه وجنبه مظهرًا أن له عظمًا ولحمًا (يو 10: 19، 27)، مبرهنًا أنه كان يحمل جسدًا حقيقيًا لا خياليًا، وعندئذ أوضح أنه كيف يمكن أن تكون القديسة مريم أمًا وعذراء في نفس الوقت!
وهاجم القديس جيروم عام 382م كتاب هيلفيدس الذى قال فيه أن يوسف ومريم قد تمما زواجهما بعد ميلاد يسوع، وأن مريم قد أنجبت أبناء آخرين، وأشار إليهم الإنجيل بعبارة "أخوة يسوع"، وقد تبنى ذات فكرة هيلفيدس كل من جوفنيانوس وبونيسيوس أسقف بيوغسلافيا، مستخدمين نفس التعبير "أخوة الرب" (متى 13: 55-56)، (مرقس 6: 33).
وقد دافع القديس جيروم عن بتولية العذراء ضد هلفيديوس وقال:
لو أفسد ميلادة بتوليتها، لما حسب مولودا من عذراء، وتكون شهادة الكنيسة الجامعة بأنه ولد من العذراء مريم باطلة (حاشاً!)
ويرى القديس جيروم أن تعبير "إخوة" أستخدم في الكتاب المقدس في الحالات التالية:
أ- أخوة حسب الدم. فهم إخوة بالطبيعة كعيسو ويعقوب, بطرس واندراوس.
ب- أخوة بسبب وحدة الجنسية: أى إخوة حسب الجنس فكل اليهود دعوا اخوة لبعضهم كما فى سفر التثنية اذ يقول الكتاب "اذا بيع لك اخوك العبرانى او اختك العبرانية وخدمك 6 سنوات تطلقه فى السنة السابعة (تثنية 15: 12).
وكما يقول بولس الرسول " كنت اود لو اكون انا نفسى محروما من المسيح لاجل اخوتى وانسبائى حسب الجسد الذين هم اسرائيليون " (رومية 9: 4).
ج- إخوة بالمحبة والصداقة: توجد آيات كثيرة توضح أن المؤمنيين جميعهم اخوة منها:
أ- هوذا مااحسن ومااحلى ان يجتمع الاخوة معا (مزمور 133: 1).
ب- قال السيد المسيح لمريم المجدلية فى فجر القيامة " اذهبى لاخوتى وقولى لهم (يوحنا 20: 17)، قارن مع (متى 28: 5).
د- أخوة بسبب القرابة الشديدة.
مثال: قال ابراهيم للوط ارجوك الا تكون هناك مخاصمة بينى وبينك وبين رعايتى ورعايتك لاننا نحن اخوان (تكوين 13: ولما سمع ابراهيم ان اخاه قد سبى جر رجاله المتمرنين (تكوين 14: 14)، وأيضا لابان دعى يعقوب أخية وهو خالة (تكوين 29: 15).
وإستخدام تعبير "إخوة الرب" مطابق للحالة الأخيرة، وذلك كما دعي إبراهيم ابن أخيه لوط "أخاه" وهو عمة (تكوين 13: 8)، فمن المعروف لدى اليهود أن أبناء العم والخال والعمة والخالة يدعون أخوة، لأنهم غالبا ما يعيشون في العائلة الكبيرة تحت سقف واحد. وإلى يومنا هذا لازالت الكلمة مستخدمة في بعض قرى صعيد مصر، فيحسبونه عيبا أن يدعو الإنسان ابن عمه أو خاله أو عمته أو خالته بلقب غير "أخي". وفي اللغة الآرامية تستخدم نفس الكلمة "أخ" لتعبر عن كل هذه القرابات.
وهكذا بحسب نظريه القديس جيروم يكون "أخوة يسوع" هم أولاد القديسة مريم زوجة كلوبا، أخت القديسة مريم العذراء (يو 19: 25).
21- مجمع ميلانو 390:
قال بناء على قانون الرسل الذي ترد فيه عبارة ولد من عذراء وذلك رداً على الذين يقولون أن مريم حبلت بتولاً ولكنها ولدت غير بتول أي أنها فقدت بتوليتها في الولادة.
22- القدّيس أمبروسيوس سنة 392:
كتب كتابه سنة 392 وأسماه De Institutione Virginis ودحض كل أقوال المهاجمين لبتولية العذراء الدائمة. ثم يقول إن إخوة الرب تسمّوا هكذا لأنهم أبناء ليوسف وليس مريم العذراء. أنّ ابن الله خرج من أحشاء كما دخلها: في مجد الألوهة وبهاء سرّها، وقد حُفظت سالمة بتولية العذراء.
هذا ما ترنّم به الليترجيا البيزنطيّة بذهول وابتهاج:
"لقد تمّ اليوم عَجَب عظيم مُستغرَب: فإنّ بتولاً تلد وتبقى عذراء كما كانت. الكلمة يصير طفلاً ومن الآب لا ينفصل. الإله الكلّيّ الكمال يصير طفلاً والطفل يولد دون أن يزيل بتوليّة أمّه"
وقال القديس أمبروسيوس:
"ليكن لنا ثقة بكلام الملاك ليس أمر غير ممكن لدى الله ولنثق بكلام النبي أشعياء الذي يؤكد أن العذراء تحبل وتلد لا بمعنى منفصل بل بمعنى متصل أي أنها عذراء ليس فقط في الحبل بل في الولادة أيضاً أن الذين يريدون أن يحكموا في الأمور كلها حكماً يستند إلى الحكمة البشرية عليهم أن يشرحوا لنا كيف خرج المسيح يوم قيامته من قبره المغلق وكيف دخل على التلاميذ والأبواب مغلقة، فإذا قبلوا هذه الخوارق وصدقوها فليؤمنوا أيضاً بما تعلمه الكنيسة بشأن ولادة مريم لأبنها الإله ومن حدث السير على المياه الذي فعله المسيح ومن حدث التجلي. الأباء يضعون هذه الأحداث أمام أعينهم في شرح كيفية الحفاظ على البكورية بعد الولادة.
23- كيرلس الكبير الإسكندري 428:
كانت نظرية إبيفانيوس قد رسَّخت أقدامها في الشرق كله، وتبنَّاها القديس كيرلس الكبير في كتابه جلافير وقد تبنَّاها بعد ذلك كل الكتَّاب باليونانية عموماً، بحسب العالِم ليتفوت. وكذلك تبنَّاها الطقس الكنسي سواء كان عند الروم أو السريان أو الأقباط - وهذا التقرير هو للعالم ليتفوت.
أمَّا في الغرب فقد أخذوا بفكر جيروم وأغسطين الذي أيده أنهم أولاد خالة للرب من مريم زوجة كلوبا، ولكن يَنقُض ذلك بتأكيد، القول كيف يكونون أولاد مريم زوجة كلوبا ويعيشون مع مريم خطيبة يوسف وهي عذراء؟ ولا يُذكرون قط ولا مرة واحدة في كل الإنجيل منسوبين لمريم زوجة كلوبا ولا لكلوبا أي حلفاؤس؟ وإن كان يعقوب وبقية إخوته يهوذا ويوسف وسمعان، ظلوا لا يؤمنون بالمسيح ورسالته كل أيام وجود المسيح على الأرض، إلاَّ أنه بمجرد إعلان قيامة المسيح من الأموات وزيارة الرب ليعقوب (1كو 7: 15)، دخل الجميع في الإيمان وصاروا من العاملين والمرافقين للرسل والعذراء القديسة، ونجدهم في العلية معاً يصلُّون بانتظار حلول الروح القدس: هؤلاء كلُّهم كانوا يواظبون بنفسٍ واحدةٍ على الصلاة والطلبة، مع النساءِ، ومريم أُم يسوع، ومع إخوتهِ. (أع 14: 1).
وعاصر القديس كيرلس الإسكندرى، نسطوريوس بطريرك القسطنطينية سنة 428. ويروي المؤرّخ سقراط أنّ أوّل من انتقد لقب "والدة الإله" كاهن يدعى أنسطاسيوس أتى به نسطوريوس من أنطاكية. ففي أحد الاحتفالات الكبرى ارتقى المنبر وراح يمدح مريم العذراء، ثمّ أضاف أنّه مهما كانت مريم العذراء جديرة بالمديح، فلا يجوز أن ننسب لها ألقابًا خاطئة. لذلك "لا يجوز لأحد أن يدعو مريم "والدة الإله"، مريم ليست سوى امرأة، والإله لا يمكن أن يولد من امرأة". يردف المؤرّخ أنّ المؤمنين، لدى سماعهم هذا التهجمّ الكافر، ملأهم الاضطراب والغضب، وقام أحدهم ونعت الواعظ بالتجديف. وإذّاك راح نسطوريوس في عظاته يوضح رأيه في هذا الموضوع. يقول في عظته الأولى:
"منذ بضعة أيّام تُطرَح علينا أسئلة واهية: يسألوننا هل يجوز لنا أن ندعو مريم بلقب والدة الإله، أم يجب أن ندعوها فقط "أمّ الإنسان"؟ كيف يكون لله أمّ؟ إنّنا لدى سماعنا هذا اللقب، لا بدّ لنا من أن نعذر الوثنيين الذين يعطون أمّهات للآلهة. لا، يا صاح، مريم لم تلد الإله... الخليقة لم تلد خالقها، بل ولدت إنسانًا هو آلة في يد الله، إنسانًا حاملاً الله".
إنّ رفض نسطوريوس لقب والدة الإله ناتج من نظرته الخاطئة في تجسّد كلمة الله في أحشاء مريم العذراء. ما هو تعّليمه في هذا الموضوع؟ ولماذا حرمه مجمع أفسس؟
في نظر نسطوريوس، في المسيح طبيعتان متميّزتان تحافظ كل منهما على صفاتها الخاصّة بها، وتعمل عملها الموافق جوهرها. ولكن، بحسب فلسفة مدرسة أنطاكية التي تعلّم فيها نسطوريوس، "كل طبيعة كاملة هي شخص". فالمسيح، ليكون إنسانًا كاملاً، يجب أن يكون متميّزًا عن الشخص الإلهي الذي اتّحد به. فلا وجود إذًا لوحدة حقيقية بين الطبيعتين، الإلهيّة والإنسانيّة، في شخص المسيح الواحد، بل مجرّد علاقة نعمة خاصّة بين شخصين: المسيح الإنسان وكلمة الله. وما يقوله الإنجيل عن المسيح يعود إلى شخصه الإنساني وتارة إلى شخصه الإلهي. فكلمة الله لا يتجسّد ولا يولد كما يولد الإنسان، بل يتّحد بإنسان موجود قبل هذا الاتّحاد. يميّز إذًا نسطوريوس بين شخص المسيح وشخص الكلمة. فشخص المسيح غير شخص الكلمة. الكلمة من طبيعته ابن الله منذ الأزل، أمّا المسيح فهو شخص مخلوق، ولا يمكن أن يقال عنه إنّه ابن الله إلاّ بالتبنّي.
لا شكّ أنّ نسطوريوس يتكلّم عن وحدة في المسيح. فيقول إنّ المسيح الذي هو إله وإنسان، هو شخص واحد. ولكنّ وحدة هذا الشخص ناتجة، في نظره، من اتّحاد الطبيعتين أو الشخصين المتميّزين. فالطبيعة الإلهيّة والطبيعة الإنسانيّة اجتمعتا في ما يدعوه نسطوريوس "شخص الاتّحاد".
في ما يختصّ بمريم العذراء، ينتج من نظرة نسطوريوس هذه أنّ مريم هي أمّ المسيح الإنسان، وليست أمّ الكلمة ابن الله. فيجب ألاّ ندعوها "والدة الإله"، بل والدة المسيح.
أمّا الكنيسة الجامعة فتعلّم أنّ وحدة الشخص في المسيح قائمة في شخص الكلمة الذي هو نفسه شخص المسيح الإنسان. فالكلمة الموجود منذ الأزل في الله الآب اتّخذ، بالتجسّد، طبيعة بشرية. فالشخص الواحد في المسيح ليس نتيجة اتّحاد شخص الكلمة وشخص الإنسان، كما يظنّ نسطوريوس في كلامه عن "شخص الاتّحاد". الشخص الواحد في المسيح هو نفسه شخص الكلمة الذي اتّخذ طبيعة بشريّة وصار إنسانًا بكل ما لهذه الكلمة من معانٍ وأبعاد. بعد التجسّد لم تعد الطبيعة البشريّة غريبة عن كيان الله. فابن الله عاش إنسانًا على الأرض: فحبل به في أحشاء مريم العذراء وولد، وعاش، وصلب، ومات. لقد اختبر ابن الله الحياة الإنسانية في ذاته.
جواب كيرلّس الإسكندري
رُفعت تعاليم نسطوريوس إلى الامبراطور وإلى بطريركي أنطاكية والإسكندرية. وكان على كرسي الإسكندرية آنذاك كيرلّس، وهو صاحب الشخصيّة القويّة والفيلسوف واللاهوتي اللامع وواحد من أعظم آباء الكنيسة. فوضع دراسات حول موضوع النقاش، وبعث بها سنة 429 إلى كل من الامبراطور والبابا سلستينوس بابا رومة، ويوحنّا بطريرك أنطاكية، طالبًا منهم الحكم على نسطوريوس على غرار ما فعل هو.
يرى كيرلّس أنّ رفض لقب "والدة الإله" ينتج منه رفض لوحدة الشخص في المسيح. فيسوع المسيح ابن الله هو شخص واحد. ووحدة الشخص فيه تفرض أن تُطلَق عليه خصائص الطبيعتين اللتين فيه: الطبيعة الإلهيّة والطبيعة الإنسانيّة. فيسوع الإنسان هو نفسه كلمة الله. إنّه شخص واحد، شخص كلمة الله الأزلي، الذي اتّخذ بالتجسّد طبيعة بشريّة وصار هو نفسه إنسانًا. فمن ثمّ يمكن القول "إنّ ابن الله ولد من مريم"، ونعني بذلك أنّه ولد منها بحسب طبيعته البشريّة، كما يمكن القول إنّ "ابن مريم قد خلق الكون" ونعني بذلك أنّه خلقه بحسب طبيعته الإلهيّة. هذا ما يدعوه اللاهوت "اتّصال الخصائص"، أي اتصال خصائص الطبيعتين الإلهيّة والإنسانية في شخص واحد هو شخص المسيح الكلمة ابن الله المتجسّد. وانطلاقا من هذا المبدأ يصح القول "إنّ مريم هي والدة الإله"، لا لأنّها خلقت شخص ابن الله، إذ إنّ هذا الشخص كائن منذ الأزل مع الله، وهو الذي خلق مريم، بل لأنّ الشخص الذي اتّخذ منها جسدًا ونفسًا بشريّين، وحملته في أحشائها مدّة تسعة أشهر وولدته، هو نفسه ابن الله الكائن منذ الأزل مع الله والذي صار إنسانًا.
إنّ خطأ النسطورية يقوم على أنّها، للمحافظة على التمييز بين الطبيعتين الإلهيّة والإنسانيّة في المسيح، تصل إلى الفصل بينهما، بحيث إنّ مَن صُلِب ومات ليس شخص ابن الله الواحد في طبيعته البشريّة، بل الشخص البشري فيه، وقد بقي الشخص الإلهيّ غريبًا عن الصلب والموت. وينتج من ذلك أنّ عمل الفداء لم يعد عمل الشخص الواحد الذي هو إله وإنسان معًا، بل صار عمل الشخص البشري في المسيح. وتلك النتيجة لا يمكن القبول بها في الإيمان المسيحي، لأنّ فداء الإنسان لا يمكن أن يتمّ على يد إنسان. إنّ البشرية قد حصلت على الفداء والخلاص، لأنّ الذي خلّصها هو إله وإنسان معًا. ولأنّه إله وإنسان معًا، هو الوسيط الوحيد بين الله والناس، والمخلّص والفادي الأوحد.
24- المجمع المسكوني الثالث المنعقد في أفسس سنة 431:
إنّ الإعلان أنّ مريم العذراء هي حقًّا "والدة الإله" قد تمّ في المجمع المسكوني الثالث المنعقد في أفسس سنة 431 في أيّام الامبراطور ثيودوسيوس الثاني. تلك هي العقيدة المريميّة الأساسية التي تجمع كلّ المسيحيين من كاثوليكيّين وأرثوذكسيّين وإنجيليّين (الملقّبين بالبروتستانت). لماذا تمّ إعلان تلك العقيدة؟ وماذا تعني؟
لم يلتئم مجمع أفسس لتحديد عقيدة بشأن مريم العذراء، بل لتجديد عقيدة بشأن السيّد المسيح. فأعلن، ضدّ نسطوريوس، أنّ المسيح شخص واحد في طبيعتين، وليس شخصين متّحدين أحدهما بالآخر كرامة وسلطة. وينتج من هذا التحديد أنّ مريم العذراء، التي هي أمّ هذا الشخص الواحد، شخص ابن الله، هي حقًّا "والدة الإله". لم يصدر عن المجمع قانون إيمان خاص. بل اكتفى المجمع بالموافقة على رسالة القدّيس كيرلّس إلى نسطوريوس. وقد جاء فيها:
"إنّنا نعترف بأنّ الكلمة صار واحدًا مع الجسد، إذ اتّحد به اتّحادًا أقنوميًّا. فنعبد الشخص الواحد، الابن الربّ يسوع المسيح. إنّنا لا نفرّق بين الإله والإنسان، ولا نفصل بينهما كأنّهما اتّحدا الواحد بالآخر اتّحاد كرامة وسلطة. فهذا القول ليس سوى كلام فارغ. ولا ندعو الكلمة المولود من الله مسيحًا آخر غير المسيح المولود من امرأة. إنّما نعترف بمسيح واحد هو الكلمة المولود من الآب، وهو الذي اتّخذ جسدًا. إنّنا لا نقول إنّ طبيعة الكلمة تغيّرت فصارت جسدًا، ولا إنّها تحوّلت إلى إنسان كامل مكوّن من نفس وجسد. ولكننا نؤكّد أنّ الكلمة، باتّحاده اتّحادًا أقنوميًّا بجسد تحييه نفس عاقلة، صار إنسانًا على نحو لا يفي به وصف ولا يمكن إدراكه، ودعي ابن البشر. هذه الوحدة لم تتمّ بأنّ الكلمة اتّخذ شخصاً وحسب. وإن اختلفت الطبيعتان اللتان اتّحدتا اتحادًا حقيقيًّا، ففي كليهما مسيح واحد وابن واحد... ليس أنّ إنسانًا اعتياديًّا وُلد من مريم العذراء ثمّ حلّ عليه الكلمة... فالكتاب المقدّس لم يقل إنّ الكلمة وحّد بين نفسه وشخص إنسان، بل قال إنّه صار جسدًا. وهذا التعبير "الكلمة صار جسدًا" لا يمكن أن يعني شيئًا آخر غير أنّه اتّخذ لحمًا ودمًا مثلنا أي جعل جسدنا جسدًا له. ووُلد إنسانًا من امرأة دون أن يخلع عنه وجوده كإله أو ولادته الأزليّة من الله الآب. ولكنّه مع اتّخاذه لذاته جسدًا بقي كما كان. هذا هو إعلان الإيمان القويم الذي ينادى به في كل مكان. وهكذا اعتقد الآباء القدّيسون، ولذلك تجرّأوا على أن يدعوا العذراء القدّيسة "والدة الإله"، ليس لأنّ طبيعة الكلمة أو ألوهيّته كانت بدايتها من العذراء القدّيسة، بل لأنّه منها ولد الجسد المقدّس بنفس عاقلة، وهو الجسد الذي اتّحد به شخصيًّا الكلمة الذي قيل عنه إنّه وُلد بحسب الجسد".
25- قانون الوحدة سنة 433:
عُقد مجمع أفسس بغياب وفد أنطاكية الذي كان يرئسه يوحنّا بطريرك أنطاكية، وغياب مندوبي بابا رومة الذين تأخّروا في السفر. ففي 22 حزيران 431، إذ كان موعد افتتاح المجمع قد انقضى، دعا كيرلّس الأساقفة الحاضرين، وكانوا حوالى المئتين، إلى مباشرة أحمال المجمع. ودعي نسطوريوس إلى الحضور ثلاث مرّات، فرفض. فقرئ قانون إيمان نيقية ثمّ رسالة كيرلّس إلى نسطوريوس فجواب نسطوريوس. فوافق الآباء على رسالة كيرلّس، وحكموا على نسطوريوس وأعلنوا في اليوم نفسه إقالته عن كرسيّه. وبعد بضعة أيّام قدم البطريرك يوحنّا مع وفد انطاكية، وقد كانوا من محبّذي نسطوريوس. وفي 26 حزيران حكموا على كيرلّس لكونه تصرّف خلافًا للشرع الكنسي، ورأوا في أقواله سقوطاً في ضلال أبوليناريوس وآريوس. وفي أوّل تمّوز وصل مندوبو بابا رومة. وبعد سماعهم محضر جلسة 22 حزيران وافقوا على كلّ ما جاء فيها، وثبّتوا الحكم على نسطوريوس. ومن ثمّ حرم المجمع يوحنّا بطريرك أنطاكية. وإزاء هذا البلبال أمر الامبراطور بإقفال المجمع وتوقيف كيرلّس ونسطوريوس فنفي إلى ديره الأوّل قرب أنطاكية ثمّ إلى أحد أديرة صعيد مصر.
بعد هذه الأحداث الأليمة التي مزّقت الكنيسة، عمل يوحنّا بطريرك أنطاكية مع بعض الأساقفة على إعادة السلام إلى الكنيسة، ولا سيَّما بين أنطاكية والإسكندرية. وأعيدت الوحدة سنة 433 بعد أن تمّ الاتّفاق علي قانون الإيمان التالي الذي دعي قانون الوحدة، وهو من وضع لاهوتيّي أنطاكية:
"إنّنا نعترف بأنّ ربّنا يسوع المسيح، الابن الوحيد لله، هو إله حقّ، وإنسان حقّ مكوّن من نفس عاقلة وجسد، وأنّه وُلد من الآب قبل كل الدهور بحسب ألوهيّته، وأنّه هو نفسه، في الأزمنة الأخيرة، وُلد لأجلنا ولأجل خلاصنا، من مريم العذراء بحسب بشريّته، وأنّه، في ألوهيّته، من ذات جوهر الآب، وفي إنسانيّته من ذات جوهرنا البشري. فقد صار اتّحاد من طبيعتين. لذلك لا نعترف إلاّ بمسيح واحد وابن واحد وربّ واحد. وبسبب هذا الاتّحاد المنزّه عن أيّ اختلاط، نعترف بأنّ العذراء القدّيسة هي "والدة الإله"، لأنّ الإله الكلمة صار فيها جسدًا، أي صار إنسانًا، ووحّد بذاته، منذ الحبل به، الهيكل (أي الطبيعة البشريّة) الذي أخذه منها".
قبل كيرلّس هذا النصّ والعبارة الواردة فيه والتي تتكلّم عن "الاتّحاد من طبيعتين"، وقد رأى فيه مطابقة مع مختلف نقاط إيمانه في المسيح: إطلاق خصائص الطبيعة البشريّة على الشخص الواحد الذي هو الابن الوحيد لله، وحدة الشخص في المسيح، لقب "والدة الإله" لمريم العذراء. إنّ مريم قد أعطت طبيعة بشريّة كاملة لابن الله وكلمته الأزلي. هذا هو أساس إكرامنا إيّاها. إنّها حقًّا أمّ المسيح ابن الله المتجسد. إنّها حقّا "والدة الإله".
والليترجيّا البيزنطيّة ترنّم لها في القدّاس الإلهي قائلة:
"إنّه واجب حقًّا أن نغبّطك يا والدة الإله الدائمة الغبطة، والمنزَّهة عن كلّ عيب وأمّ إلهنا. يا من هي أكرم من الشيروبيم، وأمجد بلا قياس من السيرافيم، يا من بغير فساد ولدت كلمة الله، إنّك حقًّا والدة الإله، إيّاك نُعظّم".
26- القديس إيرونيموس:
رأى إيرونيموس ومعظم التقليد الكنسي من بعده، أن إخوة الرب هم أقارب أدنون ليسوع، أولاد مريم نسيبة مريم أمّه.
وعلى النحو نفسه قال القدّيس إيرونيموس، وهو من أعاظم من كتب في الكتاب المقدّس:
"مريم هي أمّ وبتول: بتول قبل الولادة وبتول بعد الولادة. الدهشة تغمرني: كيف من هو بتول يولد من البتول؟ وكيف بعد ولادته تبقى أمّه بتولاً؟ أتريد أن تعرف كيف ولد من عذراء وبقيت أمّه عذراء بعد الولادة؟ عندما دخل يسوع على تلاميذه من بعد قيامته "كانت الأبواب مغلقة" (يو 20: 19). لا تعرف كيف حدث ذلك لكنّك تقول: هذه قدرة الله. وكذلك عندما تعلم أنّ يسوع وُلد من عذراء وبقيت أمّه عذراء بعد الولادة قل: هذا عمل قدرة الله".
لمّا خرج الطفل الإلهي من أحشاء أمّه لم ينتزع عنها صفاء مشاعرها البتوليّة، بل بالحريّ أضفى على قواها الحياتية مزيدًا من الفخر والبهجة، وعلى معنى أمومتها مزيدًا من الجلال والعظمة. لقد اجتمعت في مريم مشاعر البتوليّة ومشاعر الأمومة.
والكائن البشري هو، بحسب بولس الرسول، جسد ونفسه وروح. فالجسد هو مجموعة الأعضاء الطبيعيّة والخلايا الحيّة التي هي جزء من مادّة هذا الكون. والنفس هي مجموعة القوى من عقل وإرادة ونحيّلة ومشاعر. وفي عمق الجسد والنفس هناك عنصر ثالث يدعوه بولس الرسول "الروح" (روم 8: 16)، ويعني بها نقطة التلاقي مع الكون ونقطة الاختبار الشخصي لعمق كياننا الباطني الذي به ندخل في شركة مع غير المنظور. إنّ الرجل والمرأة، من خلال الاستسلام المتبادل من أحدهما للآخر بكل ما في شخصيهما من قوى رائعة في الجسد والنفس والروح، يزيدان غنى وإنسانيّة وبالتالي اتّحادًا بالله.
إنّ "ختم البكارة" هو رمز الملء الطبيعي وكمال كل تلك القوى. ويشير أيضاً إلى صفاء القلب والجسد والنفس الذي يَسِم تلك القوى. إنّه حالة من الكيان تحافظ فيها كل قوى الجسد والنفس والروح على نقاوتها الأولى، وتبدو متألّقة في ما حباها الله من احترام وسخاء، ومترقّبة لمسة الحبيب الكامل.
لم يكن لمريم أن تستسلم بأيّ من قواها لحبيب بن بني البشر، فقد احتفظت بكلّ قوى جسدها ونفسها وروحها متألّقة وعذراء للمسة الله. لقد حفظت "ختم بكارتها" سالمًا في المجد. وهذا ما تشير إليه النجوم الذهبيّة الثلاث التي نشاهدها في كل إيقونات العذراء مريم. فعلى جبينها نجمة أولى ترمز إلى بتوليّة جسدها، أي إلى بتوليتها في الولادة: مريم هي أمّ وبتول معًا؛ وعلى كتفها اليمنى تتألّق نجمة أخرى رمزًا إلى بتوليّتها قبل الولادة، أي إلى بتولية نفسها: فمريم كانت بتولاً قبل الأمومة؛ وعلى كتفها اليسرى نجمة ثالثة تؤكّد بتوليّتها بعد الولادة، أي بتوليّة روحها: وهذه البتوليّة ستبقى فيها على مدى أمومتها المجيدة إلى الأبد. وهكذا مريم هي إلى الأبد أمّ وبتول معًا.
27- إيرونيموس وأمبروسيوس وأوريجانيس:
هناك برهان لاهوتي يستند إليه إيرونيموس وأمبروسيوس وأوريجانيس، لتأكيد بتوليّة مريم العذراء بعد ولادة يسوع. فيقولون: هل يُعقَل أنّ التي حملت في أحشائها ابن الله، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، دون مباشرة رجل بل بقدرة الروح القدس، أن تراودها، بعد ذلك الاختبار الديني الفريد، إرادة العيش كسائر النساء ورغبة إنجاب أولاد آخرين؟ إنّ الله قد امتلك كل كيان مريم العذراء، فلا بدّ أن تكون قد كرّست لله ذاتها بكلّ قوى جسدها ونفسها وروحها. إنّ الذين يختبرون الله في اختبارات روحيّة خاصّة فيظهر لهم المسيح كما ظهر لبولس الرسول أو تظهر لهم مريم العذراء كما ظهرت لبرناديت في لورد وغيرها، أو النسّاك الذين يختبرون الاتّحاد بالله بعمقٍ، لا يعودون يشعرون بأيّ رغبة في الزواج، بل يسلكون طريق البتوليّة. فكم بالحريّ يمكننا تأكيد بتوليّة مريم العذراء بعد ولادتها يسوع وعلى أثر هذا الاتّحاد العميق بالله وهذا الاختبار الفريد في تاريخ البشر لقدرة الله تملأها وتبذر في أحشائها الحياة البشريّة؟
وهذا يقودنا إلى قداسة مريم العذراء.
28- مجمع القسطنطينية الثاني 553:
أقر مجمع القسطنطينية الثاني سنة 553م: أن العذراء دائمة البتولية" والعقيدة تعلن أن مريم لم تصب بأذى في ولادتها بالمسيح في بكارتها.
29- المجمع اللاترانى 649:
إنعقد عام 649 في عهد البابا مرتينوس وأظهر أوقات بكارة مريم الثلاثة عندما قال عن القديسة مريم الدائمة البكارة والبريئة من الدنس. وأنها قد حبلت من الروح القدس بدون زرع، وولدت بدون جرح، وحفظت بعد ميلاد المسيح بكارتها بدون أذى.
30- القدّيس يوحنا الدمشقي سنة 749:
أعلن أنّ مريم قدّيسة طاهرة البشارة "إذ إنّها حرصت على نقاوة النفس والجسد كما يليق بمن كانت معدّة لتتقبّل الله في أحشائها." واعتصامها بالقداسة مكنّها أن تصير هيكلاً مقدّسًا رائعًا جديرًا بالله العليّ". ومريم طاهرة منذ الحبل بها: "يا لغبطة يواكيم الذي ألقى زرعًا طاهرًا! ويا لعظمة حنّة التي نمت في أحشائها شيئًا فشيئًا ابنة كاملة القداسة". ويؤكّد أنّ "سهام العدوّ الناريّة لم تقو على النفاذ إليها"، "ولا الشهوة وجدت إليها سبيلاً".
31- البابا بولس الرابع 1553:
أعلن البابا بولس الرابع سنة 1553 "إن مريم العذراء الكلية الطوبى قد ولدت، وبكارتها مصانة قبل الولادة، وفي الولادة وبعد الولادة" وبكارة العذراء هذه تتضمن بكارة العقل أي حالة في العقل دائمة البكارة، وبكارة الحواس أي العصمة من حركات الجنس المنحرف، وبكارة الجسد أي سلامة الجسم والعقيدة تعني أولاً سلامة الجسم كله.