الراهب القمص سمعان السريانى
الراهب القمص سمعان السريانى ولد
هذا الاب البار فى قرية العزيزة بمركز اسنا بمحافظة قنا فى يوم 1 اكتوبر
1941م باسم رزيق الشايب من ابوين بارين تقيين وكان ذلك سببا فى ارتباطه
الوثيق منذ صغره بالكنائس والاديرة وكان والده هو القدوة العملية له حيث
كان دائم الاعتراف والتقرب للأسرار المقدسة .. وكبر الطفل رزيق وحصل على
الابتدائية ثم الاعدادية من إسنا ثم رُسم شماسا وانضم إلى خدمة مدارس الاحد
بالكنيسة إذ وجد فيه باقى الخدام مثالا للشاب العفيف الطاهر والملتزم فى
حياته .
* وبعد حصوله على دبلوم الزراعة عام 1959 اعتاد على زيارة
الاديرة والكنائس فى الصعيد والوجه البحرى وبخاصة دير السيدة العذراء
الشهير بالسريان بغم صغر سنه ومشقة السفر وندرة المواصلات إلى الدير فى ذلك
الوقت حيث كان يقطع المسافة من الرست هاوس إلى الدير سيرا على الاقدام ..
*
ثم بدأت فكرة الرهبنة تملك على فكره وتشغل حيزا كبيرا من سلوكه فكان فى
هذه الفترة يدرب نفسه على الحياة الرهبانية فكان طعامه قليلا وملبسه بسيطا
وكان يقضى الليل فى الصلاة وعمل الميطانيات على حصية متواضعة مفروشة على
الأرض فى حجرته ..
+ وذات مساء اختلى الشاب رزيق بنفسه وكتب خطابا
لأهله قال فيه : انى ذاهب إلى احد الاديرة ولا تتعبوا انفسكم فى البحث عنى
لأنى لن اعود مرة اخرى .. وفى الصباح خرج الشاب رزيق من بيته متجها إلى
القاهرة ومنها إلى دير السريان وهناك تقابل مع رئيس الدير وقتها المتنيح
الانبا ثاؤفيلس الذى استفسر منه عن عدة اشياء فى حياته تأكد بعدها من هدفه
الروحى وتم قبوله كطالب رهبنة واعطاه نيافة الاسقف اسما جديدا وهو الأخ
جرجس واسند له العمل فى معمل الألبان بالدير كما اعطاه قلاية ليسكن فيها ..
+*+ وكان اب اعترافه فى خلال فترة الاختبار هو نيافة الانبا شنودة
أسقف التعليم ( قداسة البابا شنودة اطال الرب حياته ) الذى وضع اساسيات
الرهبنة فى حياة الأخ جرجس ، وكان الاخ جرجس محبوبا من مجمع رهبان الدير ..
وبعد حوالى ثلاثة اشهر وبعد اختبارات كثيرة لمس رئيس الدير الانبا
ثاؤفيلس والاباء الرهبان محبة وثبات الأخ جرجس فى الطريق الرهبانى فأتموا
طقس الرهبنة له فى يوم 29 يناير 1968 ودُعى باسم الراهب سمعان السريانى ..
وبعد
رهبنته سعى بجدية تامة لاقتناء الفضائل وكان يزداد فى النمو الروحى يوما
بعد يوم ثم تمت رسامته قسا وبعد ذلك بفترة قصيرة ترقى قمصا ..
*
واستمر ابونا سمعان السريانى فى عمله بمعمل البان الدير بكل نشاط حيث كان
يؤمن بأهمية العمل اليدوى للرهبان .. وبعد نياحة الانبا ثاؤفيلس وتجليس
النبا متاؤس اسقفا للدير اسند أمانة الدير للراهب القمص سمعان السريانى
ورغم ضعف صحته إلا انه أطاع رئيس الدير .. ثم اسند إليه الأسقف الجليل
العمل كمشرف على بيت الخلوة بالدير فأطاع ايضا وقام بعمل ومجهود شاق فى
ترتيب بيت الخلوة وتنظيم الفترة التى يقضيها الشباب لتحقيق الاستفادة
القصوى منها ..
* وعندما اراد قداسة البابا شنودة ان يعمر دير
الشهيد العظيم مارجرجس بالرزيقات انتدب ابونا سمعان ليقوم بهذا العمل وما
أن استلم ابونا سمعان العمل بالدير حتى قام بنهضة معمارية ضخمة أدخل خلالها
التيار الكهربائى للدير، وقام بتمهيد الطريق المؤدى إلى الدير ، واكن يعمل
على اراحة الزوار وخدمتهم بكل محبة ، وبعد أن اتم خدمته استاذن فى العودة
إلى ديره فواف قداسة البابا .
* ثم انتدبه قداسة البابا مرة اخرى إلى
الخرطوم بالسودان للخدمة هناك فأطاع على الفور ومكث هناك فترة ثم عاد إلى
ديره ولكن ثقة مطران الخرطوم فيه جعلته يطلبه مرة اخرى فلبى الطلب بكل طاعة
.. وبعدها انتدبه قداسة البابا للخدمة فى لبنان فسافر ورعى الشعب هناك
احسن رعاية وقام بتعمير الكنيسة وأحبه الشعب القبطى هناك جدا واثناء خدمته
فى لبنان قام بزيارة الاراضى المقدسة فى القدس ونال بركتها وبعد فترة عاد
إلى دديره وقلايته المحبوبة ليكمل حياته فى وحدة وعبادة وتأمل ..
واثناء فترة خلوته فى الدير قام بكتابة العديد من الكتب الهامة فى سير الاباء القديسين والكتب الطقسية واللاهوتية ..
*+* فضائل جمة : كان
ابونا سمعان يممتاز بفضائل كثيرة منها فضيلة المحبة التى اشتهر بها فى
الدير فقد كان دائم السؤال على كل اخوته الرهبان فى كل اوقاتهم .. كما كان
متضعا جدا فلم يتعال على اخوته ابدا برغم كونه امينا للدير وكان يستفيد حتى
ممن هو احدث منه فى الرهبنة وكان دائما ما يحقر فى نفسه فعندما يسأله احد
الرهبان كلمة منفعة كان يقول ( انا زى قِلتى .. انا بألعب فى التراب ) ..
وكان دائم الصلاة فى كل وقت ومكان مرددا الصلوات القصيرة والمزامير شاغلا
وقته بالتلذذ فى ترديد التسبحة ..واشهر فضائله كما رأينا كانت فضيلة الطاعة
فكان يطيع قداسة البابا ورئيس ديره بدون اى نقاش وكان يحترمهما جدا ..
وبرغم كل هذه الفضائل إلا انه كان كما يقولون راهب قلاية ، يجلس فى قلايته
بالساعات لا يخرج منها إلا عند الضرورة القصوى فلم تكن مواهبه وفضائله
معطلة لنموه الرهبانى الروحى .. فشهد له الكثيرين انه شرف الحياة الرهبانية
فى كل مكان يذهب إليه بالمثل كما قيل عن القديسين مكسيموس ودوماديوس ان
ثوب الرهبنة افتخر بهما ..
+ المرض .. والشكر : اراد
الرب تعالت حكمته أن يصاب ابونا سمعان بمرض الفردوس وخلال شهور معدودة
وبسرعة تزايد انتشار المرض فى الكبد فساءت حالته بدرجة كبيرة ورغم انتشار
المرض والالام الناتجة عنه إلا ان الابتساممة والبشاشة لم تفارقا وجهه
وكلمات الشكر لله لم تنقطع من فمه .. وأشار عليه الأطباء باجراء عملية
جراحية لاستئصال الجزء المصاب من الكبد ونصحه البعض الاخر بخطورة العملية
فكان يقول : ان عملت العملية وشُفيت هرتاح وان انتقلت للسماء هرتاح وفى
كلتا الحالتين هرتاح .. وكأن لسان حاله يقول مع الرسول بولس : ان عشنا او
متنا فللرب نحن ..
ومع تفاقم المرض كان لابد من اجراء الجراحة
وتحدد موعدها بالفعل فاستاذن ابونا سمعان من الانبا متاؤس للذهاب إلى اسرته
وهناك بدا وكأنه يودعهم جميعا فقد فوجئوا بانه يقول : هذه هى الزيارة
الأخيرة .. ولكنهم كانوا يظنون انه سيذهب للخدمة فى مكان بعيد يمنعه عن
زيارتهم .
* ومن المواقف التى تشهد باشتياقه للسماء انه فى ايامه
الاخيرة كان بعد كل قداس يقف وينادى على أحد الاباء الرهبان المتنيحين
بالدير ويقول بصوت عال : يا ابونا اغسطينوس انت نسيتنى ولا ايه احنا اتفقنا
اللى يروح الاول للسماء يُعد الطريق للتانى .. مش تنادى لى وتاخدنى بقى ؟
.. وكان دائما يطلب من الرب أن يأخذه وهو يمشي على رجليه أى دون ان يرقد
وفى
اليوم المحدد للعملية سلم على اخوته ارهبان فى الكنيسة وكأنهم يودعهم وطلب
من الجميع الصلاة من أجله وقبل ان يغادر الدير دار حول قلايته وكأنه
يودعها والدموع تتساقط من عينيه ، كمن يفترق عن عروسه التى أحبها .. ودخل
القلاية واخذ منها التونية البيضاء والقلنسوة والشراب الابيض فقال له احد
الرهبان المرافقين لماذا تأخذهم إلى المستشفى ؟ فقال له : حتى لا تتعبوا فى
البحث عنهم وقت نياحتى . فتأثر الراهب جدا وصمت ..
* وبعد ذهابه
للمستشفى وبعد عمل الفحوص اللازمة قبل دخوله حجرة العمليات أعطى ابونا
سمعان للراهب المرافق له ارقام تليفونات اخوته وبعض اقاربه وقال له : حتى
لا تتعبوا فى البحث عنهم لأنكم سوف تحتاجونها ، هى خلصت خلاص ..
وعند
دخوله غرفة العمليات خلع حذاءه فأخذه احد الرهبان وعرفه بالمكان الذى سيضعه
فيه فقال له ابونا سمعان : هى خلصت خلاص ضعه فوق .. فقال الراهب : ربنا
يطول فى عمرك فرد عليه : خلاص انتهت ودخل حجرة العمليات ومنها إلى حجرة
العناية المركزة حيث كانت حالته سيئة جدا ..
*+* الرحيـــــــــــــل : بعد
خروج ابونا سمعان من حجرة العمليات إلى العناية المركزة بذل الأطباء جهودا
كبيرة محاولين اسعافه بكل الوسائل ولكن باءت محاولاتهم بالفشل إذ اراد
الله ان يريحه ن اتعاب هذا العالم فصعدت روحه الطاهرة إلى الفردوس موضع
الراحة وكان ذلك فى يوم الجمعة الموافق 1 يونيو 2001 وهو موافق لعيد دخول
السيد المسيح إلى ارض مصر فكأن الرب اراد ان يكون انتقاله فى يوم عيد من
الاعياد السيدية ليفرح فى الفردوس عوضا عن اتعابه فى الأرض ..
وبسرعة تسرب خبر رحيله إلى احباءه الذين حزنوا عليه واحسوا بمرارة الفراق لذلك الاب الذين كانوا ينتقعون بتعاليمه وصلواته ..
ثم
نُقل جسده الطاهر إلى دير السريان وقام الاباء بالصلاة عليه وبعد الانتهاء
من الصلاة حمله الاباء وطافوا به الهيكل والكنيسة وخرجوا حتى وصلوا إلى
طافوس الدير ووضعوا جسده الطاهر بجوار اجساد الاباء المتنيحين من رهبان
الدير ..
+ وإن مات يتكلم بعد :بعد
نياحة ابونا سمعان ببضعة ايام رأى احد الاباء الشيوخ بالدير اثناء التسبحة
ابونا سمعان واقفا امام المنجلية وهو يسبح مع أخوته الرهبان ولكنه كان
واقفا مرتفعا عن الارض بعد ان خلع الجسد الترابى ..
رأى شقيق ابونا
سمعان السريانى فى رؤيا انه واقفا فى صف طويل امام احد الاباء الاساقفة
منتظرا البركة وعندما وصل امام الاب الأسقف سأله عن سبب حزنه فأعلمه انه
بسبب نياحة اخيه ، فقال له الأب الأسقف : ابونا سمعان راح السماء ، راح
السماء . لا تحزن ابدا .. وبعدها قام من النوم متعزيا وشكر الله المعزى ..
ويقول
احد محبى ابونا سمعان ان طفله البالغ من العمر سنة ونصف قام ذات ليلة وهو
يبكى بحرقة ومتألم جدا واستمر فى البكاء فترة ليست بقليلة وفشل الجميع فى
معرفة ما يؤلمه فأحضر ابوه شال للمتنيح ابونا سمعان كان قد اخذه منه للبركة
ووضعه على رأس الطفل وفى لحظات قليلة استغرق الطفل فى نوم عميق حتى الصباح
ولم يأخذ اى دواء ، وفى الصباح استيقظ من نومه وكأن شيئا لم يكن ولم يشعر
بأى ألم .. فعلم ابوه انها بركة ابونا سمعان السريانى ..
صلاته تكون معنا أمين