ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: القديسة الصعيدية التي علمت سويسرا النظافة.. وعلمت فتايتها العفة والطهارة الخميس سبتمبر 08, 2011 9:55 am | |
| القديسة الصعيدية التي علمت سويسرا النظافة.. وعلمت فتايتها العفة والطهارة بقلم: د. محمد رجائي الطحلاوي
في أول سبتمبر من كل عام يحتفل سكان مدينة تسورتساخ Zurzach السويسرية بمقاطعة أرجاو Aargau بذكري القديسة فيرينا, ويكون اليوم عطلة رسمية وتنظم معارض وحفلات موسيقية كما توجد لها العديد من المزارات التاريخية التي سميت باسمها مثل بئر فيرينا في تسورتساخ, وصخرة فيرينا في سولوتورن, ومياه فيرينا في بادن, وأقيم لها قبر وأصبح مزارا.عندما ذهبت إلي السفارة السويسرية بالقاهرة عام 1959 للحصول علي تأشيرة دخول سويسرا لدراسة الدكتوراه شاهدت في مدخل حديقة السفارة تمثالا بالحجم الطبيعي لامرأة بهية الطلعة سمحة القسمات وهي تمسك في يدها بقاوروة الطيب وباليد الأخري مشطا, وقد نقش علي التمثال الفتاة التي علمت سويسرا النظافة وعلمت فتياتها العفة والطهارة.
القديسة فيرينا من قرية جراجوس بقنا إلي مدينة تسورتساخ بسويسرا* في سويسرا يحتفلون بعيدها في شهر سبتمبر.. وفي مصر يحتفلون بتدشين كنيستها في شهر فبراير * فيرينا خرجت من مصر مع الكتيبة الطبية وبقيت في سويسرا لتصل إلي مرتبة القديسين * 70 كنيسة في سويسرا تحمل اسمها و30 كنيسة في ألمانيا.. وفي مصر كنيسة واحدة * البابا شنودة تسلم جزءا من رفاتها ودشن كنيستها بعد 16 قرنا بعيدا عن مصر
** الدكتور محمد رجائي الطحلاوي الأستاذ بكلية هندسة أسيوط كان محافظا لعاصمة أسيوط أربع سنوات من عام 1996 إلي عام 1999.. وتعد هذه السنوات من أزهي سنوات أسيوط حيث شهدت العديد من المشروعات التنموية, فضلا عن روح المحبة والإخاء التي أعادها إلي الشعب الأسيوطي.. وصلتنا رسالته التي تحدث فيها عن القديسة فيرينا وتجربته الذاتية في التعرف بها خلال سنوات إقامته في سويسرا لدراسة الدكتوراه.. ولا أعتقد أن رسالة الدكتور الطحلاوي وصلتنا في هذا التوقيت مصادفة.. يبدو أنه خصنا بها قبل بداية سبتمبر وهو الموعد الذي تحتفل فيه سويسرا بعيدها.. ولكني رأيت في رسالته ما هو أكثر من هذا.. رأيت فيها دعوة للبحث عن جذور هذه القديسة وتتبع سيرتها, فهي من القديسات اللاتي لم يسمع عنهن الكثيرون. البداية.. ** البداية ترجع إلي القرن الثالث الميلادي أثناء الحكم الروماني وكان دقليديانوس علي رأس الإمبراطورية واسعة الأطراف.. وكان جيش الإمبراطور من كل الشعوب الخاضعة لسلطانها ومن بينها مصر.. وفي مدينة طيبة الأقصر حاليا كانت كتيبة من 6600 جندي مسيحي قبطي بقيادة قائد شجاع موريس وصدرت الأوامر بارتحالها من مصر إلي أوربا لمساعدة ماكسيميان إمبراطور الغرب والذي اختاره دقليديانوس ليكون شريكه في حكم الإمبراطورية الرومانية.. وصارت السفن الصغيرة عبر النيل حتي وصلت إلي ميناء الإسكندرية, ومن هناك استقلوا السفن الضخمة والتي اتجهت بهم شمالا حتي وصلوا مقاطعة فاليه جنوب غرب سويسرا بين الحدود الفرنسية والسويسرية والبلجيكية. البذرة الطيبة ** في دراسة جامعية للدكتور محمد عبدالشافي المغربي الأستاذ بجامعة جنوب الوادي أكدت أن فتاة مصرية قنائية تدعي فيرينا الثمرة أو البذرة الطيبة.. ولدت بقرية جراجوس التابعة لمركز قوص لأبوين مسيحيين صالحين وتربت علي الأدب والأخلاق المسيحية, خرجت مع الكتيبة الطيبية حيث اعتاد قادة الفرق الرومانية اصطحاب بعض أفراد أسرهم لمعاونتهم. ** وتشير ذات الدراسة إلي أنه في عصر الدولة البيزنطية شهدت قنا تقدما علميا كبيرا في مجال الطب, وأن كثيرا من المصادر تشير إلي مهارة المرأة المصرية في العهد البيزنطي في تركيب العقاقير المستخرجة من الأعشاب الطبية.. ومن أبرز النساء الماهرات في ذلك الزمن وهذه المهنة كانت فيرينا التي حظيت بأوسع شهرة وأطيب سيرة, وبسبب عملها الإنساني رفعت إلي مرتبة القديسين. قانون ميلانو ** نعود إلي الكتيبة الطيبية لنعرف كيف وصلت فيرينا إلي مرتبة القديسين.. المصادر التاريخية تجمع علي أنه ما أن وصلت الكتيبة حتي دعاها الإمبراطور مكسيميان للتبخير مع كهنة المعبد وتقديم العبادة للآلهة, ولكن القائد موريس وعدد كبير من الجنود الأقباط رفضوا فما كان من الإمبراطور مكسيميان إلا أن أبادهم جميعا.. وتذكارا لهذه الواقعة سميت هذه المقاطعة فيما بعد باسم القديس موريس وأصبحت مزارا لكثيرين من السياح الذين يفدون من كل مكان في العالم, ومن يزورها يقرأ قصة الكتيبة الطيبية.. وتقول القصة إن الإمبراطور مكسيميان قام أيضا بتسريح الممرضات المصريات اللاتي صحبن الكتيبة, واضطرت كثيرا إلي العودة لمصر, إلا أن القديسة فيرينا فضلت البقاء مع مجموعة من العذاري في كهف صغير ضيق في الحدود بين ألمانيا وسويسرا يتعبدون فيه لإلههم ويقومون بتطريز وحياكة الملابس وأعمال التمريض سرا. ** مضت الأيام والسنوات سريعة.. ومع بداية القرن الرابع الميلادي - 305م - انتهي حكم الإمبراطور دقلديانوس ومعه الأمير مكسيميان.. وتقلد مقاليد الحكم الإمبراطور قسطنطين الكبير الذي اعترف بالمسيحية كواحدة من الديانات المصرح بممارستها في الإمبراطورية الرومانية, وأصدر عام 313م قانون ميلانو الذي يعترف بالمسيحية كدين رسمي.. وانطلقت فيرينا تقوم بأعمال التبشير بالمسيحية. الرحيل.. ** وفيما كانت فيرينا تبشر بالمسيحية لاحظت أن سكان مدينة تسورتساخ السويسرية لا يعرفون المبادئ الأولية للعناية بصحتهم, ولا يعتنون بنظافة أجسامهم, فظلت تتجول بين منازلهم وتشارك الأهالي في تنظيف مساكنهم وتضمد جراح المرضي وتطهرها من الميكروبات بدرايتها وخبرتها الواسعة في العلاج بالأعشاب, وتعلمهم مبادئ الصحة العامة.. وهكذا استطاعت فتاة قرية جراجوس أن تغير العادات والتقاليد القديمة في مجتعات أوربا الوسطي, وأن ترسخ فيهم مفاهيم النظافة والوعي الصحي.. وفي أواخر أيامها اعتكفت في قلاية صغيرة لمدة 11 عاما في زهد وتقشف إلي أن انتقلت عام 344م2 عن عمر يناهز 64 عاما, ودفنت في مدينة تمبورتاخ بسويسرا, وبنيت كنيسة فوق مقبرتها.. وذاع صيتها مع الأيام قبلغت عدد الكنائس التي تحمل اسمها 70 كنيسة في سويسرا وحدها, و30 كنيسة في ألمانيا, وعند منتصف الجسد المقام علي نهر الراين بين سويسرا وألمانيا يوجد تمثال لها وهي تحمل جرة بها ماء. العودة.. ** هذه هي القديسة فيرينا التي عاشت في نهاية القرن الثالث وبدايات القرن الرابع الميلادي, واستطاعت بإيمان كامل بسيدها المسيح وتعاليمه, وبعقلية متفتحة تجاوزت حدود الزمان والمكان أن تخدم شعوب وقبائل وأن تغير عادات وتقاليد بالية, بينما ظل المصريون المسيحيون حتي وقت قريب لا يعرفون كل هذا.. وبعد غياب امتد 16 قرنا من الزمان جاء وفد سويسري عام 1986 وسلم قداسة البابا شنودة الثالث جزءا من رفاتها, وضع في كنيسة باسمها واسم أخيها القديس موريس قائد الكتيبة الطيبية في أعلي مبني أسقفية الخدمات بالأنبا رويس بالعباسية. ** أعود مرة أخري إلي رسالة الدكتور محمد الطحلاوي وأري أنها ليست مصادفة أن تأتي في هذا التوقيت.. فهي فضلا عن أنها جاءت - كما قلت في البداية - قبل بداية سبتمبر وهو الشهر الذي تحتفل فيه سويسرا كل عام بعيدها.. فإنها جاءت لتواكب اليوبيل الفضي 1986-2011 لتدشين قداسة البابا شنودة الثالث لأول كنيسة في مصر للقديسة المصرية فيرينا.
| |
|