ابو ماضى Admin
عدد المساهمات : 4763 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: الشائعات - من مقالات البابا شنودة في الأهرام بتاريخ 28-8-2011 الأحد أغسطس 28, 2011 6:36 am | |
| الشائعات - من مقالات البابا شنودة في الأهرام بتاريخ 28-8-2011
الشائعات
تحدثنا في المقال الماضي عن الضمير وما يؤثر عليه, ولا شك أن الضمير قد تؤثر عليه أيضا الشائعات إذا قبلها أو صدقها, وهنا أذكر عبارة قالها أحد العقلاء وهي: إذا أردت أن تحرق إحدى المدن, يكفي أن تلقي فيها شائعة, وتتركها تشتعل وتنتشر. † ونود في هذا المقال أن نتحدث عن الشائعات من جهة: مصدر الشائعة أو مؤلفها ـ وأيضا ناقل الشائعة, أو ناشرها ـ ثم قابل الشائعة أو مصدقها ـ وفي كل ذلك لا ننسي هدف الشائعة أي الغرض من تأليفها. † إن الشائعة ـفي موضوعهاـ هي خبر كاذب, وفي نفس الوقت, هي خبر مؤثر ومثير, وقدر إثارته, يكون تأثيره, ويكون انتشاره والشائعات علي أنواع يختلف غرضها: † فهناك نوع طفولي من شخص لا يهدف من إلقاء الشائعة سوي أن يحدث ضجيجاً يتسلي به ويتفرج عليه, ويري كيف أن المجتمع قد هاج وماج, وارتفع فيه الصخب, وتعددت الأقاويل.. وكل ذلك من صنع يديه هو, مصدر الشائعة! وكأنه في موقف بطولي, استطاع أن يلعب بمشاعر المجتمع ولو إلي حين بما ألقاه من شائعة! هذا النوع من الناس يهوي الإثارة والفوضى, ويفرح بها, ويفتخر ـ ولو داخل نفسه ـ بأنه قد عمل عملا يثبت به شخصيته!!
St-Takla.org Image: Too much words (Arabic) صورة في موقع الأنبا تكلا: كلام كتييييير † وهناك نوع آخر من صانعي الشائعات, له خطورته: وهو الذي يهدف إلي إحداث فتنة طائفية, بما يؤلفه ويتحدث عنه من أخبار مثيرة تحدث مثلا خلافاً بين المسلمين والمسيحيين. وربما يؤدي الأمر إلي صراع أو قتال, تكون من نتائجه بعض الضحايا, ويضيع الهدوء والسلام من المكان. ويتحدث الناس عن مشكلة قد حدثت! ويتدخل العقلاء لفض الإشكال! وإذا هي مجرد شائعة لم تكن تستدعي كل ما حدث. وربما مُلقي الشائعة لم يكن يتوقع كل ما حدث, أو كان يقصد ذلك, وفي قلبه ما فيه! † وأحيانا يكون الهدف من الشائعة هو إحداث أنواع من الفضائح سواء كانت أخلاقية أو مالية أو نفسية والغريب أن من يصدر هذه الشائعة, يفتخر بأنه يقولها أو ينشرها, بل يفتخر بالأكثر بأنه ينفرد بذلك! وأحيانا نقرأ في بعض الصحف عنوانا ضخما في الصفحة الأولي هو: إنفراد: فضيحة بجلاجل.. وطبعا يريد الكاتب أن يثبت أنها حقيقة ثابتة, وليست مجرد شائعة وربما من تمسه هذه الفضيحة يستطيع أن يرد علي كل ما نشر لو أتيح له ذلك! † نقطة أخري وهي كثرة الشائعات في المحيط السياسي: في علاقات الدول ببعضها البعض وفي الأخبار المتعلقة بكثير من الكبار ومن الوزراء السابقين: هذا هرب إلي هنا, وذاك إلي هناك, وهذا يعمل علي تغيير جنسيته إلي هذه الدولة أو إلي تلك وأخبار متباينة حول وفاة البعض, وهو لا يزال حيا! وشائعات عن اعتقال البعض أو عدم اعتقاله.. وما تورده قناة فضائية معينة, عكس ما يرد في قناة فضائية أخري, أو يختلف عنها في تفاصيل معينة, والمشاهد حائر أين هي الحقيقة؟ وأين هي الشائعة؟ كثير من الشائعات الأخرى عن بعض رؤساء الدول, وعن أخبار تتصل بالمظاهرات وبالقتل, وعن الموقف الدولي الدقيق من كل ذلك.، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.أنه جو من الغموض في مجالات عديدة يجعل العقل يتساءل هل كل ما يصل إلينا حقائق؟ أم بعض منه شائعات؟ † هناك شائعات أخري كثيرة تتصل بأخبار الرياضة أو بأخبار المحيط الفني من جهة الممثلين والممثلات, وهل سيتم التصريح بهذه الرواية أم لا يتم؟ كذلك الاحتجاجات حول بعض الأفلام أو مناظر فيها.. وأيضا شائعات معينة من جهة بعض مشاهير لاعبي كرة القدم وأخبارهم, وما هو موقفهم الآن؟.. أمور كلها محيرة.
St-Takla.org Image: Ahmed Shawky the Egyptian poet صورة في موقع الأنبا تكلا: الشاعر المصري الكبير أحمد شوقي أمير الشعراء † أمور أخري تدور حولها بعض الشائعات, تتعلق بالزواج والطلاق. والزواج مرة أخري, وآراء يذكرها بعض الكتاب من غير المتخصصين في هذا الموضوع, تثير بلبلة أحيانا بين الناس: هل ما يقوله هؤلاء شائعة لمجرد نشر فكر شخصي! † ننتقل إلي نقطة أخري خاصة بنقل الشائعات أو نشرها وترويجها, إن مؤلف الشائعة لن تكون له أي أهمية كبري, إن لم يجد من ينقلها عنه وينشرها.. إن كانت الشائعة لونا من التضليل الفكري يدان عليه من يؤلفه, فإن ناقل هذا التضليل ربما يكون أكثر وقوعا في الإدانة. ويوجد كثير من الناس, هوايتهم هي نقل الكلام لا يستطيعون مطلقا أن يصمتوا إن عرفوا شيئاً, بل لابد أن ينقلوه من فم إلي أذن.. يسمونهم بلغة المزاح (رويتر) Reuters. † وإن كانت بعض المشاكل تتسبب أحيانا من نقل الكلام, فإن أخفها ضررا من ينقلون الكلام كما هو كما يفعل جهاز التسجيل الأمين الصادق, الذي ينقل الكلام كما قيل تماماً, إنما تأخذ المشكلة وضعا أخطر بسبب الذي ينقل الكلام بعد أن يخلطه برأيه الخاص واستنتاجاته وتصوراته وغرضه الخاص. وهنا يقدم شائعة بصورة معينة, ويتطور الأمر في تعقيد الشائعة, حينما يسمعها شخص, آخر ويضيف عليها ما يشاء, ثم يقدم كل ذلك كأنه حقيقة!! وهكذا تتعقد الشائعات في تطورها. † النقطة الأخيرة هنا حول من يصدقون كل ما يصل إليهم من شائعات.. هؤلاء الذين ينطبق عليهم قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
قد صادفوا أذناً صغواء لينة فأسمَعوها الذي لم يُسْمِعوا أحداً وما أجمل قوله عن مثل الذي يقبل الشائعات ويصدقها:
أثَّر البهتانُ فيهِ.. وانطوي الزور عليهِ يا لهٌ من ببغاءٍ.. عقلهُ في أذنيهِ لذلك يا أخي القارئ نصيحتي لك: لا تصدق كل ما يقال أو كل ما ينشر.. فنحن لسنا في عالم من الملائكة, كلامهم صدق مطلق, إنما نحن نعيش وسط أجواء من الناس, يختلفون في مدي تمسكهم بالحق. فالحكمة إذن تقتضي أن تدقق وتحقق, قبل أن تصدق.. وبهذا يمكن أن تتقي شر الشائعات وقاك الله منها..
| |
|