[size=32]
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
المايسترو [/size]
نقلا عن البوابه
13 عاما تمر على ذكرى رحيل المايسترو صالح سليم رئيس النادي الأهلي التاريخي والأب الروحي للقلعة الحمراء، كما يطلق عليه جمهور وعشاق النادي الذي وضع فريقه الذي عشقه في قمة الأندية العالمية، بمبادئه وأخلاقياته وعطائه الذي لم يتوقف طوال حياته- سواء لاعبا أو مديرا للكرة- أو حتى بعد خوضه منافسات انتخابات مجلس الإدارة والتي وصل فيها إلى مجلس رئاسة الأحمر لأكثر من مرة.
صالح سليم، الذي غاب عن دنيانا في السادس من مايو سنة 2002، واحد من هؤلاء الذين لا تُنسى أسماؤهم رغم أن الأغلبية العظمى من عشاق كرة القدم بمختلف انتماءاتها لم تشاهده لاعبًا، فإنهم يتعلقون به، ويرون فيه رمزا وعلما هو الأهم والأشهر ممن أنجبهم النادي العريق. شعبية صالح الممتدة ليست وليدة مهاراته الكروية فحسب، لكن جملة من الأسباب قد اجتمعت لتصنع منه ما يشبه الأسطورة: العائلة الأرستقراطية العريقة، الملامح الشكلية الجميلة، التجربة السينمائية التي لم تطل، وقدم فيها "الشموع السوداء" و"الباب المفتوح"، وقبل ذلك كله "كاريزما" مصدرها إلهي، وحضور يليق بالقادة والزعماء، ووقار يصنع بينه وبين الآخرين مسافة لا يمكن تجاوزها.
منذ عرفت مصر كرة القدم كلعبة لها تنظيماتها ومسابقاتها خرجت عددا قليلا من النجوم والمشاهير من طراز صالح سليم، علم زملاءه معنى وقيمة العطاء واللعب الجماعي في الملعب، وعلمهم الإخلاص واتقان العمل وإبعاد الذاتية في إدارة شئون الأهلي، لأنه عرف كيف يزرع الحب والصداقة من القلب في كل من يتعامل معه.
ولد صالح سليم في 11 سبتمبر 1930، كان والده الدكتور محمد سليم ووالدته السيدة زين الشرف من العائلة الهاشمية، ووالدها من أشراف مكة المكرمة.
نشأ صالح سليم في أسرة ارستقراطية عريقة يحيط به الجمال والفن من كل ناحية، ما أثر على شخصيته في ما بعد، فوالده الدكتور محمد سليم أحد رواد أطباء التخدير في مصر حتى صار أكبر وأعظم دكتور تخدير في مصر، عمل الدكتور سليم مع أكبر وأعظم الجراحين في مصر، فكان يقف خلف الستار في العمليات الحساسة والمهمة ومعروف عن الدكتور سليم إنسانيته، فكان يزور مرضاه بعد العمليات للاطمئنان عليهم.
تعرف الدكتور سليم على والدة صالح أثناء إجراء عملية لها بمعرفة الدكتور مورد باشا الذي عمل معه الدكتور سليم مدة طويلة وأعجب الدكتور سليم بها وطلب يدها وتزوجا.
والسيدة والدة صالح من العائلة الهاشمية والدها من أشراف مكة وترك أهلها مكة وهاجروا إلى تركيا، ثم استقروا أخيرا في مصر حيث تزوجت الدكتور سليم وأنجبا ثلاثة أولاد ذكور صالح وعبدالوهاب وطارق.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
بداية المشوار
أحب صالح سليم لعبة كرة القدم منذ صغر سنه، فكان دائما يمارس هوايته مع أطفال حيه.
رغم أن الكثيرين من أقارب عائلة الدكتور سليم كانوا يعتقدون أن الطفل صالح سيتألق مع الرسم بالفرشاة.. غير أن الهواية سرعان ما تحولت إلى كرة القدم لما بدأ يمارسها في حوش مدرسة الأورمان النموذجية وهو في التاسعة من عمره، إلى أن قرأ في لوحة الإعلانات بالمدرسة أن فريق المدرسة يحتاج إلى لاعبين جدد.. تقدم واختاره سيد أفندي ضابط المدرسة ليلعب في الفريق.
وفي المباراة النهائية بين الأورمان والجمعية الخيرية الإسلامية وكان رئيس فريقها المرحوم عبدالعزيز همامي ظهير مصر والأهلي بعد ذلك وقعت عينا المرحوم حسين كامل كشاف الأهلي على صالح "وكان قد بلغ 11 سنة من عمره" وعرض عليه الانضمام إلى فريق الأشبال الذي كونه مختار التتش لأول مرة.
لمع صالح بمواظبته ومواهبه، حتى لعب في الفريق الأول في عام 1948 عندما كان عمره 18 عاما، وبدأ في مركز الجناح الأيسر ولعب أول مباراة رسمية مع النادي المصري ببورسعيد واستهان به جمهور النادي، وقال له البعض: "اخرج العب بعيد يا شاطر" ثم تحولت الاستهانة إلى تصفيق وإعجاب عندما أحرز صالح هدفا صعبا في الزاوية الضيقة قبل نهاية المباراة.
ثم تحول صالح سليم إلى مركز قلب الهجوم وبرز وتألق ووصل للمشاركة في صفوف جميع المنتخبات الوطنية والعسكرية.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
ألقابه ونياشين
كان صالح سليم دائمًا من ضمن القائمة الأساسية للنادي الأهلي والمنتخب المصري حتى اعتزاله عام 1967.
استطاع صالح سليم أن يحقق مع النادي الأهلي 11 بطولة دوري من أصل 15 بطولة شارك فيها صالح منذ بداية الدوري المصري لكرة القدم عام 1948، كذلك حقق مع النادي الأهلي بطولة كأس مصر 8 مرات، كما أحرز مع فريقه كأس الجمهورية العربية المتحدة عام 1961. على المستوى الدولي، انضم صالح سليم إلى منتخب مصر لكرة القدم عام 1950، وكان قائد الفريق الذي فاز بكأس بطولة الأمم الأفريقية عام 1959 ب القاهرة، كما شارك مع المنتخب الوطني في دورة الألعاب الأوليمبية ب روما عام 1960.
سجل صالح سليم 101 هدف في حياته الكروية، منها 9 أهداف سجلها خلال فترة احترافه في النمسا مع فريق جراتس، و92 هدفًا أحرزها مع النادي الأهلي في بطولتي الدوري والكأس.
صحافة العالم تكتب عن "الفرعون"
لفت تألق المايسترو صالح سليم أنظار الصحافة الخارجية في المباريات التي كانت تتابعها لمصر في الخارج أو في القاهرة.
وفي زيارة فريق توتنهام الإنجليزي للقاهرة لخوض مباراة منتخب الزمالك والأهلي في نوفمبر 1962.
كتبت صحيفة "ديلي إكسبريس" اللندنية عمودا بعنوان "المايسترو يسخن استعدادا للسبيرز.
وقالت في تقريرها المطول عن صالح "أنه نجم في السينما ولاعب الكرة الذي يضع فيه المصريون أملهم في غزو مرمى توتنهام وهو في مصر بمنزلة ستانلي ماتيوس عند إنجلترا ممتاز في ضربات الرأس، ويذكرنا بلاعبنا الكبير تومي لوتون.
وأضافت"صالح سليم "32 عاما" هو كابتن مصر والأهلي الذي فاز ببطولة الدوري 12 سنة متتالية.. وهو كذلك كابتن المنتخب الذي سيقابل توتنهام.. وقد أطلقت عليه الجماهير" المايسترو" بعد أول مباراة دولية لعبها منذ عشر سنوات مضت".
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
صالح يغزو أوروبا
رحب صالح سليم بالاحتراف في الدوري النمساوي لإنقاذ فريق جراتز النمساوي من الهبوط، حيث كان يريد أن يؤهل نفسه علميا لمنصب مدير الكرة.
وبعد تألقه في المباريات بالدوري أشادت الصحف النمساوية بأداء الفرعون المصري الذي شارك مع الفريق في أبريل 1963، خاصة في مباراة الفريق أمام نادي فرونلايتن التي انتهت بفوز فريق جراتز بنتيجة 14/ 1 سجل منها صالح أربعة أهداف في الشوط الأول.
وقالت الصحف: لعب مع نادي جراتز لاعبه الجديد صالح سليم الذي أتي من أرض الفراعنة أنه لاعب ممتاز يجيد كل الفنون التي يجب أن يتمتع بها المهاجمون، مكنت جراتز من هذا الفوز الكبير.. أن هذا العربي يجيد اللعب الرقيق واللعب القوى الخشن.. وقد استفاد الفريق كل الفائدة من تفاهمه مع خط الهجوم وخاصة زيكوفيتش اليوغسلافي.. لقد أمسك سليم بزمام الكرة بين يديه.
لعب صالح 8 مباريات حقق الفوز في 7 لقاءات وفي الثامنة والأخيرة خسر جراتز 7-1 وهي المباراة الوحيدة التي أذيعت تليفزيونيا للمايسترو.
وتم اختيار صالح سليم ضمن منتخب اللاعبين الأجانب في النمسا الذي كان مقرر أن يقابل الفريق القومي النمساوي ولم تقام المباراة.
عودة للقلعة الحمراء
تلقى صالح سليم العديد من الخطابات والبرقيات من مسئولي الأهلي وقتها للعودة من جديدة يطلب فيها مدير الكرة بالنادي وقتها شقيقه عبدالوهاب رغم تلقيه عرضا من لاتسيو الإيطالي لخوض معسكر الإعداد مع الفريق، وقرر أن يغالي في طلباته المادية ورفضها فريق جراتز النمساوي ليعود مرة أخرى إلى الأهلي.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
"المايسترو" والسينما
شعبية صالح سليم كانت هي السبيل لجذبه للمجال الفني والسينمائي وشارك في عدة أفلام سينمائية منها فيلم "السبع بنات"، وفيلم "الشموع السوداء" أمام الفنانة نجاة الصغيرة، وفيلم "الباب المفتوح" أمام سيدة الشاشة العربية الفنانة فاتن حمامة.
جدير بالذكر أن صالح سليم تلقى الكثير من العروض من قبل أصدقائه الممثلين والمخرجين للقيام بتمثيل أدوار أخرى في السينما، لكنه رفض كل العروض التي قدمت له بهذا الخصوص مؤكدًا أنه "غير ناجح" على الصعيد الفني.
وقد انتقد أداءه السينما العديد من كبار الكتاب والنقاد أبرزهم موسى صبري في يومياته بجريدة الجمهورية إضافة إلى لويس جريس.
حياته الخاصة
تعرف صالح سليم على زوجته السيدة "زينب لطفي" على متن باخرة متجهة إلى "الحوامدية" فأعجب بها وقررا الزواج، قوبل هذا القرار بالاعتراض من قبل والد صالح ووالد "زينب لطفي" بسبب عدم إكمال صالح لدراسته الجامعية، فقُرر تأجيل إقامة حفل الزفاف إلى إنهاء صالح دراسته.
أنهى صالح دراسته الجامعية وحصل على شهادة "بكالريوس تجارة"، وتزوج "زينب لطفي".
استمر الزواج حتى وفاة صالح سليم، وأنجبت "زينب لطفي" لصالح سليم إبنيه هشام سليم وخالد سليم، وكانت هذه الزيجة الوحيدة في حياة صالح.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
الرئيس التاريخي والأب الروحي
سيرة صالح سليم بالاعتزال، حيث عمل بالنادي كمدير للكرة عام 1971 حتى عام 1972 حين قرر خوض انتخابات مجلس إدارة النادي الأهلي بعد انتخابه لعضوية مجلس الإدارة، وحصل على نسبة 45% من الأصوات بفارق ضئيل عن رئيس النادي الفريق أول عبدالمحسن كامل مرتجى.
لم ييأس صالح سليم، بل خاض الانتخابات للمرة الثانية في عام 1980 واستطاع الفوز برئاسة مجلس إدارة النادي الأهلي، وقد سانده نجوم النادي الأهلي في ذلك الوقت مثل محمود الخطيب، مصطفى يونس، ثابت البطل، مجدي عبدالغني والكثير من أعضاء النادي الذين زاد عددهم بصورة كبيرة.
استمر صالح سليم في رئاسة النادي الأهلي حتى عام 1988 حين قرر الابتعاد عن الساحة وترك الفرصة للآخرين لخوض التجربة، إلا أنه لسوء نتائج النادي الأهلي كان من اللازم عودة صالح سليم لإعادة الاستقرار مرة أخرى للنادي الأهلي وكان ذلك في العام 1990، لا سيما وأنه شهد له الفضل في تحقيق أغلب بطولات النادي خلال فترة تواجده به، قاد صالح سليم الأهلي حتى عام 1992، وجرت الانتخابات أعوام 1996 و2000 واستطاع صالح سليم باسمه وإنجازاته إحلال الاستقرار داخل النادي الأهلي.
المرض والوفاة
توفى صالح سليم في مايو عام 2002 بعد معاناة شديدة مع المرض عن عمر يناهز 72 عامًا، وقد قام بنعيه العديد من الشخصيات الرياضية، والفنية والأدبية المختلفة.
لم تكن العلاقة بين المايسترو صالح سليم والآلام مجرد علاقة بين مرض لعين أدواته الفيروسات الشرسة وجسم مصاب، ولكنها أشبه ما تكون بمعركة تسلح فيها المريض بقوة إرادة ورغبة جارفة في الشفاء حتى نفذت مشيئة الله.
[size=32]تلك هي خلاصة رواية الطبيب المصري البارز محمد الوحش استشاري جراحة وزراعة الكبد في لندن لبعض فصول قصة مرض الكابتن صالح سليم التي استمرت عدة سنوات
[/size]