ولكن الكل من الله الذي
صالحنا لنفسه بيسوع المسيح
وأعطانا خدمة المصالحة "
( 2كو5 : 18 ) .
أول شئ نتذكره في ميلاد الرب هو عمق محبته للناس . فمن أجل محبته لهم سعي لخلاصهم . ومن أجل محبته لهم أخلي ذاته ، وأخذ شكل العبد ، ونزل من السماء ، وتجسد وصار في الهيئة كإنسان ( في2 : 7 ، 8 ) .
إن التجسد والفداء ، أساسهما محبة الله للناس . فهو من أجل محبته لنا ، جاء إلينا . ومن أجل محبته لنا ، مات عنا . لهذا يقول الكتاب : " هكذا أحب ... حتى بذل إبنه الوحيد ... " ( يو3 : 16 ) . أنظروا ماذا يقول : " هكذا أحب ... حتى بذل " . نحن إذن في تجسده ، نذكر محبته التي دفعته إلى التجسد . وإعترافاً منا بهذه المحبة ، نتغنى بها في بدء كل يوم ، إذ نقول للرب في صلاة باكر : " أتيت إلى العالم بمحبتك للبشر ، وكل الخليقة تهللت بمجيئك " . قبل ميلاد السيد المسيح ، كان هناك خصومه بين الله والناس . فجاء السيد المسيح لكي يصالحنا مع الله ، أو جاء لكي نصطلح معه هو . قبل مجيئه كانت هناك خصومة بين السماء والأرض . ومرت فترة طويلة كانت فيها شبه قطيعة بين السمائيين والأرضيين : لا رؤي ، ولا أحلام مقدسة ، ولا أنبياء ، ولا كلام من الله للناس ، ولا ظهورات مقدسة ... ولا أية صلة واضحة ... !! كانت الأرض بعيدة عن السماء طوال تلك الفترة ...
كانت خطايا الناس كاليالي الشتاء : باردة ومظلمة وطويلة . وكانت تحجب وجه الله عنهم . وكانت الخصومة بينهم وبين الله ، يثلها في الهيكل الحاجز المتوسط اليذ لا يستطيع أحد من الشعب أن يختاره إلى قدس الأقداس ... وزادت خطايا الناس ، وأحتدم غضب الله عليهم ، وإستمر القطيعة . ولم يحاول البشر أن يصطلحوا مع الله .
ثم جاء السيد المسيح ، فأقام صلحاً بين الناس والأرض ، وأرجع الصلة بينهما . وبدأت تباشير الصلح تظهر . ورجعت العلاقات كما كانت من قبل وأكثر ... ولكي أوضح الأمر لكم أقول : تصوروا أن دولتين متخاصمين ، قد رجع الصلح بينهما ، فماذا تكون النتيجة : طبعاً ترجع العلاقات كما كانت : يعود التمثيل السياسي بينهما ، وإرسال السفراء والقناصل ... وفي ظل المودة الجديدة تبرم أتفاقية اقتصادية ، إتفاقية عسكرية ... المهم أنه توجد علاقة وصلة . كذلك لنفرض أن شخصين متخاصمين قد إصطلحا ، في ظل الصلح نري العلاقات قد بدأت ترجع ، تعود التحيات والابتسامات والزيارات والأحاديث ، وتعود المودة ... هكذا حدث بين السماء والأرض . وبدأت تباشير الصلح تظهر بمجئ السيد المسيح أو في خطوات وممهدات مجيئه ..
تباشير الصلح .
وأول شئ شاهدناه من تباشير هذا الصلح هو كثيرة نزول الملائكة إلى الأرض .
في مجئ السيد المسيح وقبيل مجيئه إزداد ظهور الملائكة بشكل واضح ظهورات متوالية ، فردية وجماعية ، كسفراء للرب . وتهلل الملائكة بفرح عظيم ، وأرادوا أن يشتركوا في هذا الحدث العجب وهو تجسد الرب وميلاده فظهر ملاك يبشر زكريا بولادة يوحنا ( لو1 : 11 ) ، وملاك يبشر العذراء بولادة السيد المسيح ( لو1 : 26 ) ، وملاك ظهر ليوسف في حلم يخبره بحبل العذراء ( مت1 : 20 ) . وملاك ظهر للرعاة يبشرهم بالميلاد الإلهي ( لو2 : 9 ) . وملاك ظهر ليوسف في حلم وأمره أن يهرب بالطفل يسوع وأمه إلى مصر ( مت2 : 13 ) . بالإضافة إلى هذا جمهور من الملائكة الذين ظهروا مسبحين الله وقائلين : ط المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " ( لو12 : 23 ، 14 ) .
إن ظهور الملائكة بهذه الكثرة ، يدل على أن العلاقات بدأت ترجع بين السماء والأرض ، وتدل على فرح الملائكة بالخلاص المزمع ، وإشتراكهم مع الأرضيين في هذا الفرح .
وظهور الملائكة في فترة الميلاد كان مجرد طلائع للملائكة الذين ملأوا العهد الجديد ... ملائكة كانوا يخدمون الرب على جبل التجربة ( مر1 : 13 ) ، وملائكة القيامة الذين ظهروا لنسوة ، ومثل الملاكين اللذين طمأنا الرسل وقت صعود الرب ( أع1 : 10 ) ...
كان هؤلاء جميعاً طلائع نعرف بهم الملائكة غير المرئيين المحيطين بنا إن ، الذين قال عنهم القديس بولس الرسول : " أليس جميعهم أرواحاً خادمة ، مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص " ( عب1 : 14 ) .
ولم يكتف السماء في صلحها مع الأرض بظهور الملائكة ، بل إمتدت إلى الأحلام المقدسة بما فيها من توجيه ومن إعلان . إجتمع الأمران معاً بالنسبة ليوسف الصديق : ملاك ظهر له في حلم يخبره بالحبل المقدس ( مت1 : 20 ) . وملاك ظهر له في حلم يأمره بالذهاب إلى مصر ( متت2 : 13 ) . ثم بعد ذلك ظهر له ملاك في حلم أرض مصر يأمره أن يرجع إلى بلدة لأنه " قد قام الذين كانوا يطلبون نفس الصبي " ( مت2 : 20 ) . ولما خاف أن يذهب إلى اليهودية بسبب أن أرخيلاوس كان يملك هناك ، " أوحي إليه في حلم " أن ينصرف إلى نواحي الجليل ، فذهب وسكن في الناصرة ( مت2 : 22 ) . هؤلاء الملائكة الذين ظهروا ليوسف الصديق في الأحلام ، يعطوننا فكرة عن سمو مكانه العذراء . فالعذراء ظهر لها الملائكة عياناً في صحوها ، رأتهم بعينيها وسمعتهم بأذنيها ، أما يوسف الصديق فرأي وسمع في الأحلام . إن هذا يذكرنا بالفرق الكبير بين مركز موسي النبي ومركز هارون ومريم . اللذين وبخهما الرب عندما تقولا على موسي ، فقال لهما : " إن كان منكم نبي للرب ، فبالرؤيا إستعلن له ، في الحلم أكمله . وأما عبدي موسي فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتي . فماً إلى فم وعياناً أتكلم معه " ( عد12 : 6 ـ 8 ) .
لقد كلم الملائكة يوسف الصديق عن طريق الأحلام . وهكذا حدث أيضاً مع المجوس إلى هيرودس ، فانصرفوا إلى كورتهم " ( مت2 : 12 ) .
وحديث المجوس يذكرنا بظهورات مقدسة أخري صاحبت حديث الميلاد ، ونقصد أولاً النجم الذي ظهر للمجوس ، وأرشدهم إلى مكان المزود المقدس( مت2 : 1 ـ 12 ) . لم يكن ذلك النجم عادياً ـ كما شرح القديس يوحنا ذهبي الفم ـ بل كان قوة إلهية أرشدتهم . ذلك أن مساره كان غير عادي من المشرق إلى الغرب ، وكان يظهر حيناً ، ويختفي حيناً آخر ، ويقف حيناً ثالثاً . كذلك يقول عنه أنه : " وقف حيث كان الصبي " . هذا النجم كان ظهوراً مقدساً ولم يكن نجماً كباقي النجوم ...
وفي صلح السماء مع الأرض الذي جبلته بركة الميلاد لم تقتصر الصلة على ظهور الملائكة والأحلام المقدسة والظهورات المقدسة ، بل أيضاً رجعت روح النبوة مرة أخري ، ورجع عمل الروح القدس في الناس وامتلاؤهم منه . نقرأ عن يوحنا المعمدان في بشارة الملاك عنه أنه : " من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس " ( لو1 : 15 ) . ونقرأ في بشارة الملاك للعذراء قوله لها : " الروح القدس يحل عليك ، وقوة العلي تظللك " ( لو1 : 35 ) . ونقرأ في زيارة العذراء للقديسة اليصابات أنه : " لما سمعت اليصابات سلام مريم ، إرتكض الجنين في بطنها ، وإمتلات اليصابات من الروح القدس " ( لو1 : 41 ) . ونقرأ عن زكريا الكاهن ـ بعد إنقضاء فترة صمته ـ " وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلاً ... " ( 1 : 67 ) . ونقرأ أيضاً عن سمعان الشيخ أنه كان رجلاً باراً : " والروح القدس كان عليه وكان قد أوحي إليه بالروح القدس ... " ( لو2 : 25 : 26 ) .
عجيب جداً هذا العمل الواسع للروح القدس في الناس في تلك الفترة المقدسة . وعجيب هذا الإمتلاء من الروح القدس وهذا الحلول ، وهذا التنبوء أيضاً ... لقد تنبأ زكريا الاهن ، وتنبأت إمراته اليصابات ، وتنبأ سمعان الشيخ ، وتنبأت حنة بنت فنوئيل ( لو2 : 36 ) . وبدا أن الله رجع يتكلم في أفواه الأنبياء وكل ذلك كان من بوراد إنتهاء الخصومة بميلاد السيد المسيح ، أو كانت هذه هي تباشير الصلح الذي تم على الصليب .
وكان من تباشير الصلح أيضاً رجوع المعجزات . والمعجزات دليل عمل يد الله مع الناس ... كان إنفتاح رحم اليصابات العاقر هو المعجزة الأولي . وكان صمت زكريا الكاهن ثم إنفتاح فمه بعد تسعة أشهر معجزتين أخريين . وكانت معجزة المعجزات هي ولادة السيد المسيح من عذراء . وكان إرتكاض الجنين بإبتهاج في بطن اليصابات تحيه الإله الذي في بطن العذراء هو معجزة أخري . ولا نستطيع أن نحصي المعجزات التي رافقت ميلاد المسيح وطفولته . أما معجزاته في أرض مصر ، فلعل أبرزها هو ما يشير إليه أشعياء النبي قائلاً : " هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر . فترتجف أوثان مصر من وجه ، ويذوب قلب مصر داخلها " ( إش19 : 1 ) . وفعلاً سقطت أوثان مصر بدخول الرب إليها ...
كل هذا يدل على أن يد الرب قد بدأت تعمل ، وأن ميلاد السيد المسيح كان مقدمة لصلح السماء مع الأرض ، الصلح الذي قلنا إن أولي تباشيره كان ظهور الملائكة . ويحسن أن نقف وقفة تأمل بسيطة عند ظهورات الملائكة هذه ...
· أول ملاك ظهر وذكره الإنجيل المقدس ، كان هو الملاك الذي ظهر لزكريا الكاهن . إنها لفته كريمة من الرب يعطى بها كرامة للكهنوت ، فيكون ظهور الملائكة اولاً للكهنة ، بعد فترة الإحتجاب الطويلة . ولفته كريمة أخري للكهنوت ، أن يظهر الملاك في مكان مقدس : " واقفاً عن يمين مذبح البخور " وفي لحظة مقدسة عندما كان زكريا البار يكهن للرب ويرفع البخور أمامه ( لو1 : 8 ـ 10 ) ...
جميل من الرب أنه عندما أرسل خدامه السمائيين أولاً إلى بيته المقدس وإلى خدام مذبحة الطاهر . ولا شك أن هذا كله يشعرنا بجمال المذبح الذي وقف الملاك عن يمينه في أول تباشير الصلح . كم بالأكثر جداً مذبح العهد الجديد في قدسيته الفائقة للحد ، حيث ملاك الذبيحة الصاعد إلى العلو يحمل إلى الله تضرعنا ...
نعود إلى الملاك الطاهر الذي ظهر لزكريا الكاهن ...
كان ملاكاً يحمل بشارة مفرحة . لقد عاد الرب يفرح وجه الأرض التي حرمت كثيراً من أفراحه في فترة القطعية والخصومة . وهل هناك فرح أعظم من تبشير زوج العاقر بأنها ستلد إبناً : ط لم يقم بين المولودين من النساء من هو أعظم منه " ( مت11 : 11 ) ، إبناً سيكون : " عظيماً أمام الرب " ( لو1 : 15 ) !! عبارات : " الفرح " تدفقت من فم الملاك ، فقال : " لا تخف يا زكريا ، لأن طلبتك قد سمعت ، وامرأتك اليصابات ستلد لك إبناً ، وتسميه يوحنا ، ويكون لك فرح وإبتهاج ، وكثيرون سيفرحون بولادته " .
وكانت إيحاءه جميلة من الرب في تباشير هذا الصلح ، أن يسمي الطفل " يوحنا " ... وكلمة يوحنا معناها : " الله حنان "!!
وكأن الله يقصد أنه وإن تركنا زمناً ، إلا أن محبته دائمة إلى الأبد ، " مياة كثيرة لا تستطيع أن تطفئها " ( نش8 : 7 ) . وأنه وإن حجب وجهه حيناً ، فإنه لا يحجب قلبه الحنون . فعلي الرغم من فترة القطيعة بين السماء والأرض التي سبقت ميلاد السيد المسيح ، وعلى الرغم من الخصومة القائمة ، كان الله ما يزال كما هو ، كله حنان وشفقة ... " الله حنان " أو " الله حنون " . لعل هذا يذكرنا بقول الرب من قبل :
" لأنه كإمراة مهجورة ومخزونة الروح دعاك الرب ، وكزوجة الصبا ... لحيظة تركتك ، وبمراحم عظيمة سأجمعك . بفيضان الغضب حجبت وجهى عنك لحظة وبإحسان أبدي أرحمك "
( إش54 : 6 ـ 8 ) .
إنها نبوءة أشعياء عن مصالحة الرب لشعبه وكنيستة ، قد بدأت تتحقق ... تلك النبوءة العجيبة ، الجميلة في موسيقاها ، التي بدأها الرب بنشيده العذب : " ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد ... " ( إش54 : 1 ) . تري أكاذيب اليصابات : " العاقر التي لم تلد " رمزاً للكنيسة في إفتقاد الرب لها ؟ وهل كان إسم إبنها يوحنا : " الله حنان " رمزاً أيضاً لمصالحة الله لكنيستة ؟ وهل ترنم اليصابات : " العقر التي لم تلد " كان بشيراً يتحقق باقي مواعيد الله إذ يقول لكنيسته في نفس النشيد :
" كما حلفت أن لا تعبر بعد مياة نوح على الأرض ، هكذا حلفت أن لا أغضب عليك ولا أزجرك . فإن الجبال تزول ، والآكام تتزعزع ، أما إحساني فلا يزول عنك ، وعهد سلامي لا يتزعزع ، قال راحمك الرب " .
ط أيتها الذليلة المضطربة غير المتعزية ، هأنذا أبني بالأثمد حجارتك ، وبالياقوت الأزرق أؤسسك . وأجعل شرفاتك ياقوتاً ، وأبوابك حجارة بهرمانية ، وكل تخومك حجارة كريمة . وأجعل كل بنيك تلاميذ الرب ، وسلام بنيك كثيراً " ( إش54 : 11 ـ 13 ) .
هل كان هذا الإصحاح الرابع والخمسون من نبوءة اشعياء موضع تأمل القديسة اليصابات في خلاص الرب القريب ، طوال الستة أشهر التي مرت ما بين بشارة الملاك لزكريا وبشارة الملاك للعذراء ؟! إن هذه الفكرة تملأ قلبي ، وتضغط على عقلي بإلحاح شديد ... ولا شك أن هذه القديسة الشيخة التي كانت تحمل إبناً نذيراً للرب في أحشائها ، كانت تشعر أنه ليس بأمر عادي هذا الذي حدث لها وإذ نتأمل في هذا الفصل من اشعياء ـ الذي ينطبق عليها وعلى الكنيسة ـ يهز كيانها كله هذا " النبي الإنجيلي " إذ يقول : " ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمه عمانؤئيل " ( إش7 : 14 ) .
قلنا إنه من تباشير الصلح بين السماء والأرض كان ظهور الملائكة للبشر . وكان الملاك الأول هو الذي بشر زكريا الكاهن .
· أما الملاك الثاني ، فكان جبرائيل ، الذي بشر السيدة العذراء . نلاحظ أن هذا الملاك كان له مع العذراء أسلوب معين . لقد بدأها بالتحية ، بأسلوب كله توقير وإحترام لها . في بشارة زكريا لم يبدأه الملاك بالتحية ، وإنما قال له " لا تحف يا زكريا فإن طلبتك قد سمعت " . أما في بشارة العذراء فقال لها الملاك :
" السلام لك ايتها الممتلئة نعمة . الرب معك " . وعندئذ ـ بعد هذه المقدمة ـ بدأ الملاك في إعلان رسالته . وحتى هذه الرسالة أدمجها بعبارة مديح أخري فقال : " لا تخافي يا مريم ، لأنك قد وجدت نعمة عند الله " ثم بعد ذلك بشرها بالخبر الذي جاء من أجلة : " ها أنت ستحبلين وتلدين إبناً وتسمينه يسوع ... " .
إنه اسلوب إحترام عجيب يليق بالتحدث مع والدة الإله الممجدة ، المملكة الجالسة عن يمين الملك .
لم يستطع رئيس الملائكة جبرائيل أن ينسى أنه واقف أمام أقدس إمرأة في الوجود ، وإنه واقف أمام أم سيده ، التي ستكون سماء ثانية لله الكلمة . فخاطبها بأسلوب غير الذي خوطب به الكاهن البار زكريا ...
هنا نلاحظ أنه لم يبدأ فقط صلح بين السمائيين والأرضيين ، بل بدأ تقدير وتوقير من سكان السماء لسكان الأرض في شخص أمنا وسيدتنا العذراء مريم ... فمرحباً بهذا الصلح .
· أما الظهور الثالث ، فكان ظهور ملاك الرب للرعاة . هنا نجد تقدماً ملموساً في العلاقات ، إذ لم يقتصر الأمر على أن " ملاك الرب وقف بهم " بل يقول الكتاب أكثر من هذا : " ومجد الرب ... أضاء حولهم " . وبعد أن بشرهم الملاك " بفرح عظيم " يكون " لجميع الشعب " ، وبولادة " مخلص " ، " ظهر بغتة ـ مع الملاك ـ جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة " .
· وهنا نسمع عبارات الفرح ، والمسرة ، والسلام ، والخلاص ... وبدلاً من ظهور ملاك واحد ، نري جمهوراً من الجند السماوي يسبحون .إنها تباشير الصلح العظيم ، المزمع أن يتم على الصليب . ونلاحظ أن هذا الصلح قد بدأه الله لا الناس .